السلطنة العثمانية
هذه تحويلة من اسم يحتوي على ال التعريف إلى الصيغة...عرض المزيد
الشروق
2025-03-25
فى عامى 1814 و1815، اجتمعت الدول الأوروبيّة فى فيينّا (Congress of Vienna) من أجل حل خلافاتها الكثيرة ومعالجة الجرح الكبير الذى سبّبته حروب نابوليون بونابرت. يعتبر الكثير من المؤرّخين والمتخصّصين فى العلوم السياسيّة أن مؤتمر فيينّا شكّل العمود الفقرى لعلاقات مستقرّة بين الدول الأوروبيّة وأسّس للسلام فى القارّة العجوز. الأهم أنّ المؤتمر خلق فكرة الاتّحاد التى لم تبصر النور إلاّ بعد انتهاء الحرب العالميّة الثانية فى منتصف القرن العشرين. غير أن الوقائع تشى بأن المؤتمر فشل فى تحقيق السلام والاستقرار. الدليل على ذلك أنّ الصراعات لم تختفِ، بل زادت، وتغيّر شكل القارة السياسى جذريًّا فى القرن التاسع عشر، مع زوال الكثير من الإمارات والدول، خصوصًا فى ما نعرفه اليوم بكل من إيطاليا وألمانيا، وانهيار الإمبراطوريّتين البروسيّة والهابسبورغيّة، واشتعال الصراع الدموى بين فرنسا وألمانيا. أيضًا ظهرت دول لم تكن موجودة فى زمن المؤتمر، مثل اليونان (1832)، رومانيا (بدءًا من سنة 1858)، هنغاريا (بدءًا من سنة 1866، وفعليًّا فى سنة 1918)، إيطاليا (1870)، ألمانيا (1871)، بلغاريا (بدءًا من سنة 1878)، تشيكوسلوفاكيا (1918)، ويوغوسلافيا (1918). لعب عاملان مهمّان دورًا رئيسيًّا فى إقناع أوروبّا بالاجتماع فى فيينا، وتوفر الإجماع حولهما، وهما: 1) تنامى قوّة وحجم أى من الدول الأوروبيّة يُشكّل تهديدًا مباشرًا للآخرين، وبات هناك حاجة موضوعية للتوحّد لمنعه أو إفشاله بكل الوسائل (نموذج نابوليون فى فرنسا). 2) التوحّد ضد أى عدو خارجى مشترك. واللافت للانتباه أن المجتمعين تقصّدوا عدم دعوة السلطنة العثمانيّة، أكبر دولة أوروبيّة فى تلك الفترة، لحضور المؤتمر. ومع أنّ وضعها كان ضعيفًا، شكّلت الدولة العثمانيّة، برأى الأوروبيّين، خطرًا عليهم، لذلك سحبوا سكاكينهم وبدأوا بسنّها وبوضع الخطط لتقطيعها إلى دويلات صغيرة، فى أوروبّا الشرقيّة وحتّى فى الشرق الأوسط. قراءة مختلفة لسايكس-بيكو من هنا تكمن أهميّة قراءة اتّفاقيّة سايكس-بيكو بالعودة إلى مؤتمر فيينّا. بين عامى 1915 و1916، قام البريطانى مارك سايكس (Mark Sykes) والفرنسى فرانسوا بيكو (François Picot) والروسى سيرجى سازونوف (Sergei Sazonov) بالتفاوض حول تقسيم ما تبقّى من ولايات السلطنة العثمانيّة، ومن دون علم السلطنة. سبق ذلك محاولات كانت السلطنة فيها شريكة فى التفاوض على تقسيمها، كما حصل فى البلقان وفى جبل لبنان مثلًا. وحتّى عندما أرسل الخديو محمّد على جيشه بقيادة ابنه إبراهيم باشا فى ثلاثينيات القرن التاسع عشر وسيطر على فلسطين وبلاد الشام وبعض مناطق الأناضول، وهدّد بتقويض السلطنة العثمانيّة، كان دفاع الأوروبيّين عبارة عن محاولة لإبقاء الضعيف على ضعفه، أى إنقاذه لنهبه. خاف الأوروبيون من قيام دولة قويّة فى الشرق الأوسط يمكن أن تُهدّد مصالحهم (مع العلم أنّ محمّد على وإبراهيم باشا لم يوفّرا حذاءً أوروبيًّا إلا وقبّلاه حتى يرضى عنهما الغرب). وانتشرت حالات تدخّل القوى الأوروبيّة - بغطاء حماية «الأقلّيّات» - لتقطيع أوصال الدولة العثمانية المريضة إلى مناطق نفوذ لها. للأسف، حصل ذلك مع بدء غرام «المثقّفين» العرب والأتراك وغيرهم من شعوب الشرق الأوسط بالحضارة الأوروبيّة والمطالبة بالتمدّن والترقّى. فانطلت عليهم ألاعيب الغرب، واعتقدوا، بل أقنعوا أنفسهم أنّ مصالح الغرب تتلاقى مع تطلّعاتهم وأنّ الغرب يريد حقًّا لهم أنّ يصبحوا أقوياء وأغنياء. من هنا، علينا أن نقرأ التاريخ بأدق تفاصيله حتى نفهم طريقة تفكير الأوروبيّين، والتى يبدو أنّها ما زالت ساريةً حتّى اليوم. فاتّفاقيّة سايكس-بيكو لم تكن بين بريطانيا وفرنسا. هى كانت معاهدة أوروبيّة بامتياز ضدّ عدو مشترك (وخروج روسيا منها لم يكن أساسًا فى الحسبان). وعندما انتهت الحرب العالمية الأولى، اجتمع الأوروبيّون فى مؤتمر سان ريمو (1920) لإقرارها، وأعادوا تأكيدها فى معاهدة لوزان (1923)، مع بعض التغيّيرات التى تطلّبها الواقع الجديد، وتحديدًا ضرورة استخدام الدولة التركية الحديثة سدًّا أمام توسّع نفوذ الاتّحاد السوفياتى الذى أخذ مكان الدولة العثمانيّة عدوًا جديدًا لأوروبّا! مسلسل إضعاف أوروبا ومن سخرية القدر أنّ أوروبّا تواجه حاليًا المعضلة نفسها التى واجهتها الدولة العثمانيّة فى نهايتها. فها هى أوروبا بحاجة لمن يحميها، أما «المدافعون عنها» (أمريكا تحديدًا) فقد أصبحوا مصدر خطر عليها ألعن من خطر «أعدائها» (روسيا). نعم، كشّرت أمريكا عن أنيابها وقرّرت نهب ثروات أوكرانيا الطبيعيّة. قرّرت ذلك من دون الرجوع إلى أوروبّا أو نيل موافقتها، وحتّى من دون إشراك أوكرانيا نفسها فى الأمر. نهبٌ على المكشوف، ينطبق عليه التعبير الشعبى اللبنانى: «حاكمك.. لاكمك». لكن هل إعطاء جزء من أراضى أوكرانيا جائزة ترضية لروسيا من أجل تحييدها لمصلحة أمريكا هو آخر الحبل أم بدايته فى مسلسل إضعاف أوروبّا؟ لا يمكن إعطاء جواب حاليًّا كون المعطيات غير مكتملة بعد، والأمور يمكن أن تتطوّر فى اتجاهات متعددة. لكن إذا قرأنا التاريخ جيّدًا، وبالعودة إلى هزيمة ألمانيا فى الحرب العالميّة الثانية، هناك حقيقة لا يعالجها المتخصّصون ولا يعرفها الكثيرون وهى أنّ هزيمة ألمانيا العسكريّة لم تكتمل إلاّ بهزيمتها عرقيًّا. ما أعنيه هو التطهير العرقى الهائل للألمان من دول شرق أوروبّا، وتحديدًا من دول البلطيق وبولندا وتشيكوسلوفاكيا، وهو الأمر الذى اتخذه النازيّون ذريعة للتوسّع شرقًا وتشكيل ألمانيا الكبرى. هذا القرار أصرّ عليه الأوروبيّون من أجل أن لا يكون لألمانيا أى أمكانيّة مستقبليّة بإعادة تكوين نفسها وتشكيل خطر جديد على التوازن الأوروبّى. تكرّر الأمر مع انهيار الاتّحاد السوفياتى وقرار تقسيمه إلى دويلات، لكى لا يتمكّن الروس من إعادة تكوين دولة كبيرة وبالتالى الهيمنة على قرار أوروبّا. فكان المطلوب - كما حصل مع الألمان بعد الحرب العالميّة الثانية - تطهير عرقى للروس من دول الاتّحاد السوفياتى سابقًا من أجل القضاء على أيّ أمل بإعادة تأسيس روسيا القيصريّة. وهو ما تمّ العمل عليه فى دول البلطيق وأوكرانيا وجورجيا، لكن فلاديمير بوتين تنبّه لهذا المخطّط وأفشله عسكريًّا فى جنوب شرق أوكرانيا، وفى أبخازيا وجنوب أوستيا (جورجيا)، وترانزنيستريا (مولدوفا). وحصل ذلك أيضًا مع تفكيك يوغوسلافيا وتقسيم تشيكوسلوفاكيا وجعلهما مجرد دول صغيرة خاضعة لإملاءات بروكسيل وغير قادرة على تغيير موازين القوى فى القارّة. إلا أنّ حسابات أوروبّا ومصالحها لم تعد فى صلب حسابات أمريكا ومصالحها الآن، وسنشهد فى المرحلة المقبلة تداعيات أوروبية لهذا التغيير فى «العقيدة الأمريكية». فما أرادته أمريكا من أوروبّا بين الأعوام 1945 و1990 تغيّر. والمؤسف أن الأوروبيّين اعتقدوا أنّهم شركاء أمريكا، وها هم الآن يستفيقون على واقع أنّهم أذيال.. لا أسياد. ومن سخرية القدر أنّ أوروبّا التى تآمرت وما تزال على شعوب العالم الثالث لسرقة ثرواتها، ها هى اليوم تجد نفسها على طاولة الذبح، عندما يتآمر عليها من هو أكبر وأقوى منها. فى الخلاصة؛ ينطبق على أوروبا القول الساخر: «طابخ السمّ آكله». فمن جهة، تنتشر الفاشيّة فيها بحلل مختلفة، وأنا لا أعنى فقط الصعود المقلق لليمين العنصرى، بل ثمة فاشيّة تُسيطر على العقل السياسى الأوروبّى بكامله: فاشيّة «الخضر» واليسار فى النموذج الألمانى، وفاشية «يمين-الوسط» فى بولندا وفرنسا، وفاشيّة اليمين العنصرى فى هنغاريا وإيطاليا والنمسا، إلخ.. ومن جهة أخرى، ماذا إذا قرّرت أمريكا أن مصالحها الجديدة تتطلّب تفكيك القارّة العجوز؟ هنا قمّة السخرية بأن تجد أوروبّا نفسها مرغمةً على سماع الموسيقى التى كانت تعزفها للغير وتعتقد متعجرفة أنّها مُحصنة من ألحانها! سليمان مراد موقع 180
قراءة المزيدالكلمات المفتاحية المذكورة في المقال:
الشروق
2024-12-04
من التاريخ نتعلم. تعلمنا فى الجامعات ومن وقائع التاريخ وسجلاته، أن انحسار القوى الاستعمارية التقليدية وصعود كل من الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتى لاحتلال مواقع القيادة الدولية، كلاهما الانحسار والصعود، استلزما ليكتملا فترة طويلة تخللها عنف الحروب الدولية وقسوة إجراءات تدمير بنى ومؤسسات وإقامة هياكل جديدة. • • •حدث هذا كله وأكثر منه خلال فترة بدأت فى نهاية القرن التاسع عشر بحملات توسع استعمارى غربى أخذ شكل السباق فى إفريقيا والشرق الأوسط. تصاعدت وتيرة السباق حتى صارت حربًا عالمية انتهت إلى تحولات اعتمدت نوعًا آخر من العنف. قرأنا أن الفاشية فى نسختيها الإيطالية والألمانية حاولت تعويض الفشل وخسائر الحرب بتحشيد القوى والتخطيط لتوسع إقليمى، انفرطت إمبراطوريات أوروبا الشهيرة، وفى مقدمتها إمبراطورية عثمانية اشتهرت بسمعة رجل أوروبا المريض، ساعد على انهيارها السرعة التى تميز بها صعود تيار يحمل هوية القومية العربية وهويات أخرى عديدة فى المناطق التى وقعت تحت هيمنة السلطة العثمانية.• • •تعلمنا من تفاصيل ما وقع بين الحربين أن بعض التطورات التى حدثت فى الشرق الأوسط ما كانت لتقع دون تخطيط وترتيب من جانب القوتين الأوروبيتين الأهم فى ذلك الحين، بمعنى آخر ما كان يمكن أن تنشأ وقتها دول عربية على الشكل الذى قامت به فعلًا لولا إرادة المملكة المتحدة وفرنسا ومباركة أمريكا القطب الدولى الناشئ بتردد. وما كان يمكن أن تقوم جامعة الدول العربية كإطار غير فاعل تجتمع فى ظله الدول العربية حديثة النشأة والاستقلال لولا انفراط رجل أوروبا المريض، وبالتالى ما كان لينشأ نظام إقليمى عربى، ليؤكد بشكل من الأشكال هويته القومية المختلفة فى الجوهر وفى الحلم عن جوهر وأحلام بقية شعوب الشرق الأوسط.• • •نعرف أيضًا أن الولايات المتحدة سارعت منذ وقت طويل سابق على نشوب الحرب العالمية الثانية إلى اتخاذ إجراءات تضمن بها استمرار تدفق نفط دول الخليج. حدث هذا عندما كانت الولايات المتحدة تعتمد على نفط هذه الدول إلى حد كبير، وفى الوقت نفسه عملت الولايات المتحدة على أن يكون الاعتماد متبادلًا بينها وبين هذه الدول، تعتمد هى على نفط سهل بسعر مقبول وتعتمد دول الخليج على الحماية عند اللزوم. لاحظنا فى السنوات الأخيرة تطبيق وتنفيذ معادلة بين هذه الدول من ناحية وإسرائيل من ناحية أخرى على نفس النمط وإن اختلفت طبيعة وأسس العلاقة. المشترك فى المعادلتين هو الحماية من جانب الطرف الغريب أما المختلف فيها فهو اعتماد هذا الطرف على التطبيع الكامل معها من جانب هذه الدول أو على الأقل الوعد به. بمعنى آخر أن تعتمد الدولة العربية المتعاقدة أو المتعاملة مع إسرائيل على حمايتها ضد أى عدوان خارجى مقابل اعتماد إسرائيل على علاقة وثيقة بكل معانى الثقة والتعاون. أذكر جيدًا درس الاندماج القومى حين كان الأستاذ الأمريكى فى الجامعة ينصحنا بأن نحسب عدد الرسائل البريدية والهاتفية المتبادلة بين شعبين إن شئنا التعرف على درجة الاندماج بينهما. اليوم ينصحون بحساب عدد رحلات الطيران اليومية أو الأسبوعية بينهما.• • •كان منطقيًا ومفهومًا أنه عندما انفرطت الإمبراطورية العثمانية راحت الكيانات العربية تحتمى بعقيدة القومية والهياكل المنبثقة عنها. باستخدام نفس القاعدة قد يبدو للبعض منطقيًا ومفهومًا قبول كيانات عربية راهنة أى عروض حماية جادة ضد تهديد حقيقى أو متوهم فى حال تأكدت هذه الكيانات من حال انحسار الحس القومى ومن خلو الساحة العربية من جهاز أمن جماعى أو نظام تكامل دفاعى إقليمى أو قومى، ومن الواضح أنها بالفعل تأكدت.• • •لفترة غير قصيرة حام الشك، وأحيانًا اليقين، حول نية الصهيونية التوسع فى المساحات التى استولت عليها بالقوة أو بالكذب أو بالتواطؤ مع دول غربية أو باسم الدين والأسطورة أو باسم حق الصهيونية أن تسود فى الشرق الأوسط وتتحكم باعتبارها العقيدة الأوفر تسليحًا وتنظيمًا وثراء ليس فقط فى الشرق الأوسط بل ربما فى العالم. كثيرون، ليس فقط فى الشرق الأوسط لكن أيضًا فى خارجه تساءلوا باستغراب شديد عن صمت إعلام الغرب إزاء فظائع الإبادة الإسرائيلية فى غزة وجنوب لبنان، هو نفس الغرب حامل لواء حقوق الإنسان فى الحرب الروسية الأوكرانية ولواء الديمقراطية والحضارة فى كل الأنحاء.• • •هناك فى شوارع غزة وخان يونس ورفح تعلن إسرائيل كل يوم السقوط المدوى لحضارة الغرب فى رسالة واضحة ومتوحشة بأن مصير كل شوارع العرب صار فى يد طيار إسرائيلى أو آخر إن حاولت هذه الشوارع التمرد على سلطة الصهيونية، المقرر لها أن تهيمن فى شرق أوسط أعلن نتنياهو أنه سيكون مختلفًا.• • •كثيرون أعرفهم تكررت تساؤلاتهم خلال الأسابيع القليلة الماضية عن ترتيب سوريا فى قائمة الدول العربية المرشحة للغزو الإسرائيلى، وعندما بدأ القتال قى حلب وإدلب وراح يتمدد نحو حماة راحوا يسألون عن هويات المتقاتلين وعقائدهم ثم عن أدوار الأطراف الخارجية، مثل تركيا وإيران وروسيا والولايات المتحدة. كانوا فى انتظار من يدلهم على دور إسرائيل قبل أن يخرج إليهم نتنياهو، بصفته اللاعب الأوفر نشاطًا والأقدر تسليحًا، ليعلن أنه يراقب بتمعن، يعنى أن دوره قادم. • • •كنا نعرف أن سوريا ليست طرفًا عاديًا من أطراف أى نظام إقليمى يقوم فى الشرق الأوسط. موقعها سبب وعقائدها أسباب أخرى لا تقل وجاهة وعنادًا. إن نسيت فلن أنسى كلمات مشهودة نطق بها شكرى القوتلى، وهو يرفع علم سوريا لأول مرة بعد الاستقلال. قيل إنه قال إنه يعلى علم سوريا المستقلة ليهبطه فى يوم قريب، يوم يرفع علم الوحدة العربية. ولن أنسى ما أسر به فى أذنى صديق مشترك وعزيز عن دموع عاش يذرفها جمال عبدالناصر إما فى عشق سوريا أو تأسفًا على ضياعها وخوفًا على مصيرها.لا لغز فى الأمر بوضعه الأحدث. تبقى الأسباب لم ينقص منها سبب بل ازدادت سببًا كان كامنًا فى انتظار الانتهاء من مهام فى أماكن أخرى. إنها الأسطورة الصهيونية التى اجتمع لتحقيقها عناصر وتوجهات كانت مؤجلة وصارت بالظروف الجديدة جاهزة لخدمة الأسطورة. نجحت حتى الآن، وإن بصعوبة، من خلال حملات عسكرية وسياسية واتفاقات قانونية شملت فلسطين الصغيرة ولبنان وجارٍ تمددها فى كل اتجاهات فلسطين الأكبر ونحو كل حدود الإقليم.. إقليم الشرق الأوسط.
قراءة المزيدالشروق
2024-03-03
تشير بعض الكتابات التي تناولت السلطان العثماني عبد الحميد الثاني، وهو الذي كان عاشقا لفنون الأوبرا والمسرح، إلى روايات عن أنه كان يأمر الموسيقيين والكتاب العثمانيين بتغيير النهايات الحزينة للأعمال الفنية لتحل محلها نهايات سعيدة.وسواء صدقت تلك الرواية أم لا، فإن السلطان العثماني، الذي كان معارضوه يصفونه بـ"الطاغية"، لم يستطع رغم سلطاته الكبيرة أن يغير نهاية حكمه أو يجنب السلطنة العثمانية أو مؤسسة الخلافة نهايتهما.وفي الثالث من مارس 1924 وافق البرلمان التركي على إلغاء الخلافة الإسلامية ليضع نهاية للخلافة العثمانية. فلماذا ألغى المشرعون الأتراك الخلافة العثمانية؟ وهل كان عبد الحميد وأسلافه سلاطين أم خلفاء؟ وما الدور الذي كان يلعبه السلطان العثماني في ذلك الوقت؟تخطى قصص مقترحة وواصل القراءةقصص مقترحةخلفاء ومعارضونتحدثنا كتب التاريخ الإسلامي عن أن وفاة النبي محمد أعقبتها نقاشات بين المسلمين الأوائل حول من يحق أن له أن يكون على رأس الجماعة الوليدة التي تسعى لتحقيق تطلعاتها الدينية والسياسية، وما هي آلية اختيار من سيخلفه، بل وما اللقب الذي سيحظى به. فهل هو خليفة؟ وخليفة لمن؟ أم هو أمير المؤمنين؟لكن النقاشات لم تسفر عن إجابات حاسمة عن تلك الأسئلة بقدر ما تحولت إلى خلافات سرعان ما تطورت بدورها إلى معارك.فبعد نحو 25 عاما من وفاة النبي، يُقتل الخليفة عثمان بن عفان ليخوض خليفته علي بن أبي طالب حروبا لا تنتهي إلا بمقتله عام 661 ميلاديا.ومع تولي معاوية بن أبي سفيان الحكم أمست ولاية العهد في الإسلام تُورث إلى الأقارب، كما كان يحدث في الكثير من المجتمعات الإنسانية في العصور القديمة والوسطى.وحافظ معاوية ومن جاء من بعده من الحكام الأمويين على استخدام لقب الخليفة، لكن هذا لم يحل دون ظهور حركات معارضة كبرى لحكمهم، وهي حركات امتزج فيها ما هو سياسي بالبعد الديني.وجاء سقوط الأمويين عام 750 ميلاديا لتبدأ حقبة جديدة في تاريخ الخلافة الإسلامية لم تخل بدورها من حركات معارضة للحكام الجدد، العباسيين.دور رمزيوبينما تمكنت الخلافة العباسية في بدايتها من فرض سلطتها على مناطق شاسعة، لكن الضعف اعترى حكم العباسيين مع مرور السنوات.فالخلافة العباسية، التي انتقل مقرها من بغداد إلى سامراء ثم إلى بغداد مرة أخرى، تحولت إلى مجرد رمز ديني بينما سيطر حكام إقليميون على السلطة في ولايات مختلفة، كحال الدولة الإخشيدية في مصر والحمدانيين في الشام.بل إن بغداد نفسها كانت خاضعة لسلطة البويهيين طيلة عشرات السنين.ومما زاد من ضعف الدولة العباسية سطوع نجم الفاطميين، الذين يدينون بالمذهب الشيعي الإسماعيلي، بداية من القرن العاشر ميلاديا، فقد شكلت خلافتهم تحديا للخلافة العباسية على المستويين الديني والسياسي، إذ ضمت دولتهم في فترات مختلفة شمال أفريقيا ومصر والحجاز والشام.وهكذا أمسى ضعف سلطة العباسيين واضحا مع مرور السنوات، فبعد نحو 130 عاما من وفاة هارون الرشيد، الذي يجسد رمزا لقوة سلطان الخلفاء العباسيين، يقوم الحرس في بغداد بخلع الخليفة القاهر و فقء عينيه وسجنه لسنوات قبل أن يطلق سراحه ويعيش حياة وُصفت بالبائسة لدرجة أن هناك روايات تاريخية تقول إنه كان "يستجدي الصدقات أمام المساجد في بغداد".وتواصل تراجع الدور السياسي للخلفاء العباسيين إلى أن اجتاح المغول بغداد وقتلوا الخليفة العباسي المعتصم عام 1258.وبسقوط بغداد خلا منصب الخليفة لسنوات قبل أن يقرر الظاهر بيبرس، سلطان المماليك، استقدام أقارب للخليفة المقتول إلى القاهرة وتسميتهم خلفاء للمعتصم.وأمسى الخليفة طيلة حكم المماليك، الذي امتد لأكثر من مائتي عام، صاحب دور رمزي تتم الدعوة إليه في المساجد ويصاحب سلاطين المماليك في حروبهم من دون أي دور حقيقي في أغلب الأوقات، بل إن العديد من الملوك والأمراء في مناطق مختلفة ادعوا لأنفسهم حق الخلافة، كما يقول المؤلف البريطاني توماس أرنولد في كتابه "الخلافة".ويرى مؤرخون أن قرار إحياء الخلافة بشكل رمزي على يد المماليك كان يهدف إلى تثبيت شرعيتهم السياسية، خاصة وأنه لم يكن بمقدورهم إعلان أنفسهم خلفاء بسبب نصوص وردت في كتب الحديث الخاصة بالسنة، والتي تحصر الخلافة أو الإمامة في المنتسبين إلى قريش.العثمانيون.. سلاطين أم خلفاء؟وجاءت نهاية المماليك على يد العثمانيين، وهم قادة قبائل تركية نزحت إلى الأناضول قبل أن تتوسع رقعة دولتهم في شرق أوروبا لتتمكن قواتهم في عام 1453 من اجتياح عاصمة الإمبراطورية البيزنطية، إسطنبول أو القسطنطينية، والتي ظلت عصية على الجيوش الإسلامية لقرون.وواصل العثمانيون توسيع رقعة سلطانهم حتى تمكنوا عام 1517 من وضع نهاية لحكم المماليك ليسيطروا على الشام ومصر ويدخل السلطان العثماني سليم الأول القاهرة منتصرا.وبنهاية حكم المماليك انتهى الدور الرمزي للخليفة العباسي، وهو المنصب الذي كان يشغله الخليفة المتوكل على الله.ويشير المؤرخ التركي خليل إينالجيك في كتابه "تاريخ الدولة العثمانية" إلى أن السلطان سليم الأول لم يتبن لقب خليفة، ربما إدراكا منه لأهمية شرط الانتساب إلى قريش.وحافظ خلفاء سليم الأول على التمسك بلقب السلطان لكن بعضهم استخدم أيضا لقب الخليفة ضمن ألقاب أخرى إضافية كانت تدل على حقيقة أن السلطان العثماني يترأس إمبراطورية تسكنها أغلبية المسلمين في العالم.ويرى مؤرخون أن السلاطين العثمانيين لجأوا إلى التشديد على لقب خليفة ما دعتهم الحاجة إلى ذلك، كحث شعوبهم على القتال.وسار العثمانيون على درب من سبقوهم في نقل ولاية العهد إلى الأقارب، لكن انتقال الحكم في زمن العثمانيين صاحبته ممارسة دموية استمرت لفترة طويلة وتمثلت في قتل السلطان الجديد لإخوته.ويقول إينالجيك في كتابه "تاريخ الدولة العثمانية" إن قتل السلاطين لإخوتهم كان في البداية محاولة لتجنب أي حروب أهلية محتملة أو منافسة على الحكم قبل أن تتوسع تلك الممارسة ليأمر السلطان محمد الثالث بقتل إخوته الـ19 بمجرد توليه السلطة عام 1595.لكن وكما حدث مع أسلافهم، فإن العثمانيين تعرضوا لتحديات منافسين من داخل العالم الإسلامي، لعل من أبرزهم الصفويين في بلاد فارس الذين خاضوا مواجهات طويلة مع العثمانيين. لكن العثمانيين ظلوا القوة الأكبر في عموم العالم الإسلامي طيلة عدة قرون.وتمكن العثمانيون من تحقيق العديد من النجاحات العسكرية في أوروبا وأمسوا قوة مرهوبة الجانب، ووصلت قواتهم إلى أسوار فيينا أكثر من مرة."رجل أوروبا المريض"لكن ومع مرور الوقت، كان على الدولة العثمانية مجابهة أوروبا التي استفادت من منتجات التنوير والثورات العلمية في عدة مجالات، بينما لم يشهد العالم الإسلامي ثورات ثقافية مشابهة، كما يشير إينالجيك في كتابه عن تاريخ الدولة العثمانية.وبدا واضحا منذ القرن الثامن عشر أن ميزان القوى ليس في صالح العثمانيين ودولتهم.ويمكن أن يمثل الموقف من المطبعة والكتاب المطبوع دليلا على اتساع الهوة بين أوروبا والدولة العثمانية، بل والعالم الإسلامي، وهو الذي كان قبل قرون خلت يمثل أحد ابرز المراكز العلمية في العالم.فبينما بدأت الطباعة في أوروبا في منتصف القرن الخامس عشر، لم تسمح الدولة العثمانية إلا لأفراد محدودين من أقليات دينية بإنشاء عدد محدود من المطابع بينما استمرت عملية نسخ الكتب بالطريقة اليدوية.وفي عام 1729، أي بعد 280 عاما من بدء طباعة الكتب في أوروبا، تم إنشاء أول دار طباعة تعود ملكيتها لمسلمين، لتستمر لنحو 14 عاما قبل أن تتوقف عن العمل، لتعود بعد ذلك بعشرات السنوات مع رفع القيود على حركة الطباعة.ومع حلول القرن التاسع عشر بدأت أصوات تعلو داخل الدولة العثمانية مطالبة بإصلاحات كبيرة، خاصة في ظل التراجع العسكري العثماني اللافت أمام القوى الغربية والجارة روسيا.ومما زاد من متاعب العثمانيين تزايد الشعور القومي في أوروبا، ما أذكى الحركات التي تدعو للتخلص من الحكم العثماني مدعومة من قوى غربية أو روسية.فالصرب واليونان يثورون على الحكم العثماني وينجحون في الحصول على الاستقلال في النصف الأول من القرن التاسع عشر، ثم يتكرر الأمر في أكثر من دولة في شرق أوروبا على مدار نفس القرن.كذلك فإن الدولة العثمانية التي كانت قادرة على مدار قرون على وقف أي توسع غربي في مناطق الشرق ذات الأغلبية الإسلامية، أمست في القرن التاسع عشر عاجزة عن حماية ولايتها الإسلامية.فمصر تُحتل من قبل نابليون وجنوده لمدة ثلاث سنوات، وتعود فرنسا وتحتل الجزائر ثم تونس بعد عشرات السنين.ومما زاد من ارتباك المشهد السياسي في داخل الدولة العثمانية أن الدولتين الاستعماريتين الأكبر في العالم، بريطانيا وفرنسا، كانتا هما من دعمتا العثمانيين ضد الروس في أكثر من مرة، لعل أبرزها حرب القرم.في المقابل فإن القوى الغربية كانت ترى في الدولة العثمانية "رجل أوروبا المريض"، وتباينت الآراء حيال الموقف منها بين فريق يدعو إلى القضاء عليها وتقسيم ممتلكاتها وفريق آخر يدعو إلى دعمها لمواجهة المطامع الروسية.وفي ظل هذه التحديات يقرر عدد من السلاطين العثمانيين إدخال إصلاحات قانونية وإدارية، عرفت بالتنظيمات.لكن تلك الإصلاحات لم تتمكن من إيقاف متاعب الدولة العثمانية المتواصلة لدرجة إعلان السلطات في إسطنبول عجز الدولة عن سداد ديونها الخارجية عام 1875.السلطان عبد الحميد الثانيوفي ظل هذا الأجواء يتولى عبد الحميد الثاني منصب السلطان العثماني عام 1876، ويدشن عهده بإقرار دستور ليبرالي وتشكيل برلمان.لكن التجربة الدستورية العثمانية لم تستمر طويلا إذ يقرر عبد الحميد حل البرلمان وتعليق الدستور ونفي الزعماء الإصلاحيين بعد نحو عام فقط من بدء الحرب الروسية ضد الدولة العثمانية عام 1877.ويرى المؤرخ البريطاني يوجين روجان في كتابه "سقوط العثمانيين" إن قرارات السلطان عبد الحميد ترجع في جزء منها إلى عدم تسامحه مع الانتقادات العنيفة التي شنها نواب في البرلمان عليه وعلى حكومته بسبب التعامل مع الحرب الروسية.وأثارت قرارات السلطان انتقادات البعض خاصة من قبل الليبراليين والإصلاحيين الذين وصفوه بـ"الطاغية"، لكن عبد الحميد قرر مواصلة الحكم منفردا ونفذ إصلاحات في مجالات التعليم والبنية التحتية.كما تبنى السلطان العثماني خطابا دينيا إسلاميا يشدد على أهمية الخلافة، ما أثار اهتمام وإعجاب العديد من سكان الولايات العثمانية خاصة مع التهديد الذي مثله الاستعمار للقيم الثقافية التقليدية.ورغم أن رقعة الدولة العثمانية واصلت التراجع مع احتلال فرنسا لتونس عام 1881 وبريطانيا لمصر عام 1882، إلا أن عبد الحميد تمكن بعد ذلك من وقف أو إبطاء عملية انكماش سلطان الدولة العثمانية.وشهد حكم عبد الحميد توترا بين الدولة العثمانية والأرمن سرعان ما تطور إلى أعمال عنف راح ضحيتها أعداد كبيرة من الأرمن- إذ تتراوح التقديرات ما بين عشرات الآلاف إلى مئات الآلاف- ما جعل الصحف الغربية تطلق على عبد الحميد لقب "السلطان الأحمر".كما ارتبط عهد عبد الحميد بإرث دولة بوليسية توسعت في التجسس على معارضيها بشكل كبير، لكن هذه الممارسات لم تكن كافية لمنع نهاية تلك الحقبة.الباشوات الثلاثةتمكن أعضاء جمعية الاتحاد والترقي المعارضة، التي ضمت ضباطا ومثقفين وطلابا ثوريين ذوي أفكار قومية تركية، من إشعال انتفاضة شعبية أجبرت السلطان عام 1908 على تقليص صلاحياته وإعلان عودة العمل بالدستور وتشكيل برلمان مثّل أنصار الاتحاد والترقي -الاتحاديين- الأغلبية فيه.وتسارعت الأحداث بشكل كبير في إسطنبول، فعودة الحياة الدستورية لم تسفر عن تحقيق الآمال المرجوة بل تدهورت الأوضاع الاقتصادية، وعارض رجال دين أيدلوجية الاتحاديين العلمانية.كذلك أعلنت بلغاريا استقلالها عن الدولة العثمانية، وضمت الإمبراطورية النمساوية-المجرية البوسنة والهرسك.هذه الإخفاقات مهدت الطريق لأعداء الاتحاديين الذين قاموا بشن هجوم معاكس في أبريل عام 1909، حيث يتمرد جنود وضباط موالون للسلطان على قادتهم وينضموا إلى رجال دين ويدخلوا العاصمة مطالبين بإبعاد الاتحاديين عن الحكم وإعادة السلطة للسلطان عبد الحميد.لكن سرعان ما قامت قوات عسكرية يقودها ضباط من أنصار التوجهات القومية التركية بالتوجه إلى إسطنبول وقمع انتفاضة أنصار السلطان عبد الحميد الذي صوت البرلمان على خلعه وتنصيب شقيقه محمد رشاد سلطانا تحت اسم محمد الخامس.وبسقوط حكم السلطان عبد الحميد الثاني عام 1909 انتهى الدور الحقيقي للسلاطين العثمانيين حيث سيواصل الاتحاديون السعي للسيطرة على الحكم، ويبرز من بينهم ثلاثة قادة، هم أنور باشا وجمال باشا وطلعت باشا، سيهيمنون على الساحة السياسية للبلاد خلال الأعوام المقبلة التي ستشهد الكثير من التقلبات.وبينما نجح الاتحاديون في تنحية السلطان العثماني، فإنهم واجهوا معارضة من قبل الليبراليين الذين كانوا من أنصار عدم الدخول في مواجهات عسكرية مع القوى الغربية أو روسيا حتى لا تخسر الدولة العثمانية المزيد من الأراضي.وبدا هذا التباين واضحا خلال الغزو الإيطالي لليبيا عام 1911، فبينما أبدت الحكومة التي يقودها الليبراليون رغبة في عدم مقاومة الغزو الإيطالي قرر الاتحاديون خوض الحرب وإرسال الجنود للدفاع عن ليبيا.وانتهت الحرب بخسارة ليبيا، كما خسرت الدولة العثمانية أراضٍ أخرى في أوروبا، لكن أنور باشا قاد حملة تمكنت من استعادة بعض المناطق من قبضة البلغاريين، مما مهد الطريق أمام سيطرة الاتحاديين على الحكم بشكل كامل.جهاد صنع في ألمانيامع إعلان الدولة العثمانية دخول الحرب العالمية الأولى عام 1914 بجانب ألمانيا والإمبراطورية النمساوية المجرية ضد إنجلترا وفرنسا وروسيا، أدرك أصحاب السلطة في إسطنبول أن الدولة العثمانية أمام اختبار صعب ستكون عاقبة الفشل فيه هي نهاية تلك الإمبراطورية.ولم تكن المواجهات العسكرية الخارجية فقط شاغل الأتراك، فقد أدت سياسات "التتريك" إلى إثارة حفيظة القوميات الأخرى كالعرب والأرمن ليتطور الأمر إلى انتفاضات كالثورة العربية التي دعمتها بريطانيا أو أعمال عنف كتلك التي وقعت بحق الأرمن وأسفرت عن مقتل أعداد ضخمة منهم.وفي مسعى إلى شن هجوم مضاد على بريطانيا وفرنسا قرر الأتراك وحلفاؤهم الألمان الاستعانة بأيديولوجيا بعيدة كل البعد عن توجهات السلطة الحاكمة في إسطنبول.إذ دُشنت حملة جهادية تدعو المسلمين في المستعمرات الخاضعة لحكم بريطانيا وفرنسا إلى الثورة ضد مستعمريهم نصرة للخليفة العثماني.وفي النهاية أخفقت كل تلك المحاولات، إذ خسر معسكر الدولة العثمانية الحرب عام 1918 وبدا المنتصرون مستعدين لوراثة تركة الرجل المريض، التي تم بالفعل ابرام اتفاقيات لتقسيمها أكثر من مرة خلال الحرب - لعل أبرزها اتفاقية سايكس بيكو عام 1916 التي تقسم ممتلكات الدولة العثمانية في الشرق بين بريطانيا وفرنسا وروسيا.أتاتوركومع خسارة الحرب ودخول الجيوش الأوروبية إسطنبول التي فر منها القادة الاتحاديون، وقفت الحكومة العثمانية والسلطان محمد السادس، الذي تولى المنصب قبل أشهر بعد وفاة أخيه، في انتظار ما ستسفر عنه مداولات المنتصرين.وفي مواجهة وجود الجيوش الغربية في أراضي الدولة العثمانية بدأت تتشكل حركة وطنية تركية لا تعارض خسارة الولايات العربية لكن ترفض تماما أي تقسيم للأراضي "التي تسكنها أغلبية تركية مسلمة، وهي الحركة التي بدأت في الاحتشاد خلف قائد عسكري سيكون له دور مهم في المستقبل، ألا هو مصطفى كمال الذي سيعرف لاحقا بلقب أتاتورك.شارك أتاتورك وهو ضابط شاب في الحرب ضد الإيطاليين في ليبيا قبل أن يبرز اسمه لدوره في النصر العسكري الذي حققته القوات العثمانية على الحلفاء في معركة غاليبولي خلال الحرب العالمية الأولى.وحظي أتاتورك بتأييد القوميين الأتراك برفضه الأوامر الصادرة من الحكومة العثمانية التي تقضي بتسريح الجيش ليقوم في عام 1919 بتأسيس حركة معارضة للاتفاقيات مع الحلفاء وللحكومة العثمانية، متخذا من مدينة أنقرة مقرا له.وجاءت توصيات مؤتمر سان ريمو ومعاهدة سيفر عام 1920 بوضع سوريا ولبنان تحت الانتداب الفرنسي وفلسطين والأردن والعراق تحت الانتداب البريطاني ومنح السيطرة على مناطق مختلفة من هضبة الأناضول للأرمن والأكراد لتزيد من الانقسام في تركيا العثمانية.وبينما لقيت تلك الشروط ترحيبا من قبل الجماعات غير التركية، فإنها لم تترك للأتراك سوى مساحة صغيرة من الأرض لتتقلص الإمبراطورية العثمانية إلى أجزاء في وسط الأناضول لم يرغب فيها الآخرون، على حد قول المؤرخ البريطاني يوجين روجان.وجاء تصديق الحكومة العثمانية على معاهدة سيفر ليثير غضب أتاتورك والقوميين الأتراك.في المقابل، فإن الساسة العثمانيين في إسطنبول كانوا يخشون من أن رفض شروط الحلفاء قد يؤدي إلى مواجهة عسكرية جديدة تخسرها القوات العثمانية وتكون النتيجة خسارة إسطنبول ذاتها.وهكذا بدا هناك انقسام كبير بين أتاتورك والقوميين الأتراك من جهة والساسة العثمانيين من جهة لدرجة أن محكمة عسكرية في إسطنبول ستصدر حكما غيابيا بالإعدام على أتاتورك.وخاضت القوات التابعة لأتاتورك حربا ضد الأرمن في القوقاز والفرنسيين في كيليكيا واليونانيين في الأناضول قبل أن تحقق انتصارات كبيرة.وجاءت الانتصارات التي حققتها القوات التركية عام 1923 لتعزز مكانة أتاتورك الذي صار يحظى بدعم النواب الذين انتُخبوا قبل سنوات واستقروا في أنقرة التي أمست مقرا لحكومة منافسة للحكومة في إسطنبول.لا سلطنةوهكذا صبت الانتصارات التركية في مصلحة سلطة أنقرة على حساب الحكومة في إسطنبول، ليدعو أتاتورك، الذي تولى رئاسة البرلمان، وأنصاره إلى توحيد القرار السياسي مطالبا بإلغاء السلطنة كسلطة سياسية مع الإبقاء على منصب الخليفة كرمز ديني.وينقل الكاتب البريطاني أندرو مانغو في كتابه عن سيرة أتاتورك ما جاء على لسان الزعيم التركي أمام البرلمان عندما طالب بإلغاء السلطنة: "سيصبح شعب تركيا أكثر قوة، إذ ستكون دولة حديثة ومتحضرة، ليحقق إنسانيته وهويته من دون التعرض لخطر الخيانة الفردية. ومن ناحية أخرى ستسمو مؤسسة الخلافة باعتبارها همزة الوصل المركزية لروح العالم الإسلامي وضميره".وهكذا صوت البرلمان التركي في الأول من نوفمبر 1922 على إلغاء حكومة السلطان العثماني، على أن تكون الخلافة منوطة بالأسرة العثمانية لكن يكون للبرلمان حق اختيار الخليفة، وهو قرار أحجم عدد من النواب عن تأييده.وبعد أن أعرب السلطان محمد السادس عن خوفه على حياته على خلفية التطورات الأخيرة، تولى البريطانيون نقله هو وعدد من أفراد عائلته وحاشيته إلى سفينة حربية بريطانية أبحرت بهم إلى خارج البلاد في السابع عشر من نوفمبر 1922.وفي أعقاب هروب السلطان محمد السادس، انتخب البرلمان ابن عمه عبد المجيد الثاني خليفة.وأصر أتاتورك على أن يرتدي الخليفة الجديد سترة طويلة وليس جبة أو عمامة أو أي ملابس عسكرية خلال حفل تنصيبه.ولا للخلافةوفي يوليو عام 1923 يتم إبرام معاهدة لوزان التي حددت شكل تركيا الحديثة.وفي أكتوبر عام 1923 يتم إعلان الجمهورية التركية ويتولى أتاتورك منصب الرئيس.وهكذا استحوذ أتاتورك على المنصب السياسي الأهم في تركيا بينما بقى الخليفة عبد المجيد الثاني في قصره بإسطنبول من دون أي صلاحيات على الإطلاق.لكن يبدو أن حتى هذه القسمة لم تعد ترضي أتاتورك.ففي ديسمبر 1923، تسرب الصحف التركية رسالة وقعها زعماء مسلمون هنود يطالبون فيها الحكومة التركية بالحفاظ على منصب الخلافة، ليستغل أنصار أتاتورك الأمر ويصفون الخطاب بمحاولة التدخل في الأمور الداخلية لتركيا.ويوجه أتاتورك سهام النقد لعبد المجيد الثاني قائلا إن الخليفة "يسير على خطى السلاطين السابقين، وإنه على اتصال بالسفراء الأجانب".وفي الأول من مارس عام 1924 تحدث أتاتورك أمام البرلمان عن أن "الدين الإسلامي سيسمو بالتوقف عن استخدامه كأداة سياسية".وسرعان ما التقط البرلمان التلميح، حيث تقدم النواب الموالون لأتاتورك في الثالث من مارس عام 1924 بثلاثة مشاريع لإلغاء وزارة الأوقاف وإنشاء نظام تعليم موحد وإلغاء الخلافة.ووقف وزير العدل في الحكومة، سيد بك، ليقول إن "الخلافة مترادفة مع السلطة الزمنية. ولا أساس لبقائها بعد انفصالها عن السلطة".وانتهت النقاشات بتصويت البرلمان بالموافقة على القوانين الثلاثة، ليُجبر الخليفة عبد المجيد الثاني في الرابع من مارس على مغادرة البلاد.ولكن لماذا سعى أتاتورك إلى إلغاء الخلافة وهو الذي كان قد أقر بوجودها كسلطة رمزية تماما قبل أقل من عامين؟يقول الدكتور بشير نافع في دراسته عن إلغاء الخلافة أن الأمر لا يتعلق بحادثة الرسالة التي بعث بها الزعماء الهنود رغم أهميتها، بل هو نتيجة لتوجهات أتاتورك وأصوله الفكرية التي تنتمي إلى حركة الحداثة الفكرية التي رأت في الخلافة العثمانية سببا لضعف البلاد، بجانب سعيه لتغليب القومية التركية كأساس للدولة الوليدة.وبعد إلغاء الخلافة حاول عدد من الزعماء في العالم الإسلامي، كالملك فؤاد في مصر والشريف حسين في مكة، إحياء الفكرة لتحقيق مآرب سياسية، لكن تلك المحاولات باءت بالفشل.وهكذا فإن تتبع تاريخ الخلافة قد يظهر أن حديث الزعماء والقادة عنها، حتى وإن كان بعضهم يؤمن بالفعل بضرورة اتحاد المسلمين، لا يتطابق مع الفكرة التي تسود في أذهان عدد من المسلمين المؤمنين بها، فهي عند كثير من الملوك والسلاطين ليست سوى أداة لإضفاء شرعية دينية على الحكم.
قراءة المزيدالشروق
2017-06-14
نشرت دورية «بدايات» مقالا للكاتب «فواز طرابلسى» ذكر فيه أن «سايكس بيكو» كانت المفردة الأكثر استخداما فى المنطقة وعن المنطقة خلال السنوات الأخيرة، والموضوع الذى أثار أكبر مقدار من المقالات والتعليقات، خصوصا بعد ظهور داعش عبر الحدود العراقية ــ السورية. فمنذ مطلع الحرب العالمية الأولى، تداولت حكومتا بريطانيا وفرنسا مشاريع تدخّل عسكرى ضدّ السلطنة العثمانية فى عقر دارها بتركيا كما فى ولاياتها الأوروبية والعربية.وبعد سنة من تبادل الرسائل بين مسئولين فى خارجية البلدين، كلّفت الحكومة البريطانية السير آرثر سايكس، النائب المحافظ فى مجلس العموم، والعائد من مهمّة استطلاع عن المصالح البريطانيّة فى مصر والعراق كمسئول للتفاوض المباشر مع الطرف الفرنسى «جورج بيكو» قنصل فرنسا فى بيروت، حيث تقدّم بمشروع طموح لربط بغداد بساحل المتوسط عن طريق خطّ سكّة حديد إلى حيفا، أو يعبر الصحراء السورية مباشرة إلى قناة السويس. وسايكس، الكاثوليكيّ المؤمن، من أوائل الداعين إلى إنشاء منطقة يهوديّة فى فلسطين، يرى إلى احتلال بريطانيا للقدس انتقاما من الحروب الصليبيّة. وقد استخلص من المجازر التركية ضدّ الأرمن أنّه لا يؤتمن للأتراك بالنسبة إلى الأقليّات.الخط الذى رسمه آرثر سايكس وجورج بيكو بجرّة قلم على خريطة المنطقة من عكا على ساحل المتوسط إلى كركوك شمال ما بين النهرين، قسّم الولايات العربية من السلطنة العثمانية بين منطقة نفوذ بريطانية جنوبية حمراء ومنطقة نفوذ فرنسية شمالية زرقاء. وأكّدت وثيقة الاتفاقية التى عرفت لاحقا باسم الديبلوماسيَّين «استعداد الدولتين للاعتراف بدولة عربيّة مستقلّة أو بكونفيدرالية حكومات عربية فى المنطقتين (أ) و(ب) فى ظل سيادة قائد عربى» على أن تتمتّع فرنسا وبريطانيا فى كل من المنطقتين بأفضليّات فى العلاقات الاقتصاديّة والتجاريّة والاستثمار وتقديم المستشارين والموظفين الأجانب للدولة العربية أو لكونفيدراليّة الدول العربيّة.وقّع بيكو وسايكس الاتفاقية فى ٩ أيار/مايو ١٩١٦ ولكن بعد أن زارا سان بطرسبرغ لإبلاغ الخارجية القيصرية بالاتفاق وتثبيت دور روسيا فيه على اعتبار أنّها سوف تقتطع المضائق على الضفتين الأوروبية والآسيوية لتركيا وبحر مرمرة ومنطقة إسطنبول. طالب الطرف الروسى بالحضور فى إدارة شئون القدس، فاشترط بيكو الاعتراف الروسى المسبق بحقّ فرنسا فى فلسطين. وانتهى الأمر بتسوية يقرّ فيها الطرف الفرنسى باقتطاع الأراضى التركية لروسيا مقابل تعهّد روسى بالموافقة على مطالبة فرنسا بالقدس إذا تمّت الموافقة البريطانيّة عليه. ••• أضاف الكاتب أن «المَنهبة الكبرى» هو الاسم الذى أطلقه المسئولون البريطانيّون والفرنسيّون على الولايات العربية من السلطنة العثمانية خلال الحرب العالميّة الأولى. ولمّا كان الشاغل الغالب باتفاقية سايكس بيكو يكاد يُختزل بثنائى وحدة/تجزئة، فغالبا ما تجرى التعمية على حقيقة أنّ السيطرة على المنطقة وتقاسمها انطوت على عمليّة نهب واستغلال استعمارية متكاملة لعبت المصالح الاقتصادية والاستراتيجية دورا حاسما فيها، فى رأس الأغراض الاقتصاديّة السيطرةُ على تجارة المنطقة. كانت أوروبا لا تزال تحتاج إلى المشرق العربى كمورد للموادّ الخام والمنتجات الزراعية والحبوب. فى المقابل كان المطلوب أن تبقى أسواق المنطقة مفتوحة أمام السلع الأوروبية من أقمشة ومنسوجات ومحروقات ومعادن وآلات ومنتجات صناعية، تتولّى حركة المبادلات شركات نقل وتأمين بَحرية فرنسيّة وبريطانيّة. كما تركزت مصالح بريطانيا فى قطاع النفط المكتشف حديثا فى إيران والموصل وفتح أسواق المنطقة أمام منتجاتها الصناعية، وهى المصدّر الأول للمنطقة، وتنمية استثماراتها، وتأمين وصْل العراق ومصر وساحل المتوسط بخطّ سكّة حديد حسب توصيات سايكس. وكانت أبرز المصالح البريطانية الاقتصادية ــ الإستراتيجية هى طبعا قناة السويس التى سوف يلعب النزاع عليها دورا حيويّا فى تلك الفترة.سايكس ــ بيكو ووعد بلفوريجرى التعاطى غالبا مع اتفاقية سايكس بيكو ووعد بلفور بشىء من الانفصال والتوازى أو توزيع العمل بين الحدثين: «الاتفاقية» للتجزئة والسيطرة، و«الوعد» للمسئوليّة البريطانية عن قيام دولة إسرائيل. وهى نظرة إلى وعد بلفور تكتب تاريخ الحدث من نهايته وترسم خطا بيانيا حتميا بين الوعد وتحقيقهالأطروحة التى نودّ الدفاع عنها هنا هى الدور الأساسى لوعد بلفور فى انتزاع فلسطين من المطالبة الفرنسية بها على اعتبارها «سورية الجنوبية»، وانتزاع حقّ الانتداب عليها بعد نزع شرعيّة الحكم العربى والشعبى عنها، واستخدام الاستيطان اليهودى ضد الأكثريّة العربيّة فيها على طريقة الاستراتيجيّات الاستعمارية الاستيطانية المعهودة فى سائر المستعمرات البريطانية. وليس من دليل أبلغ على هذا الدور لوعد بلفور من ردّ فعل جورج بيكو عندما أبلغه سايكس فى ١٣ آذار/ مارس ١٩١٥ عن نيّة بريطانيا «تقديم فلسطين لليهود»، فكان ردّ بيكو «لن توافق فرنسا أبدا على أن تصير فلسطين بريطانيّة.بعبارة أخرى، لم يكن الغرض من رسالة اللورد بلفور إلى اللورد روثتشايلد، فى الثانى من نوفمير ١٩١٦، إزاحة فرنسا عن المطالبة بفلسطين لمنح اليهود «وطنهم القومى». كان المطلوب منح اليهود وعدا بوطن قومىّ من أجل إزاحة فرنسا عن فلسطين ونيل بريطانيا الانتداب عليها. يتناول الكاتب بعد ذلك دوافع الحكومة البريطانية فى تقديم وعد لليهود بوطن قومىّ فى فلسطين فيذكر أن ثمّة عربون وفاء لأثرياء اليهود الذين موّلوا المجهود الحربى البريطانى أو مكافأة حاييم وايزمان على اختراعه مادة الآسيتون اللازمة لفتائل المتفجّرات.غير أنّ هذه الاعتبارات الظرفية، على أهمّيتها، تنضوى فى إطار المصلحة الأبرز لبريطانيا فى تأمين قناة السويس بالسيطرة على ضفّتيها. ••• مع إطلالة العام ١٩١٧ كانت التصريحات البريطانيّة قد بدأت تتنصّل من سايكس ــ بيكو. حيث وصفتها بأنّها مجرّد مشروع وضعه جورج بيكو لا يمكن للحكومة البريطانية قبوله دون تعديلات عميقة. وصرّح لويد جورج رئيس الوزراء البريطانى بأنّ بريطانيا أقدر على حماية الأراضى المقدّسة من أى كان وجزم، ربّما لأوّل مرّة، بأنّ موضوع فلسطين الفرنسية «ليس واردا أصلا».كان لويد يتحدّث من موقع الشريك الاستعمارى الأقوى. فبريطانيا هى التى قادت عمليّا قوى «الائتلاف» خلال الحرب الكونية وقدّمت العدد الأكبر من القتلى.، إضافة إلى أنّ قوّاتها باتت تحتّل القدس بقيادة الجنرال أللنبى فى كانون الأول/ ديسمبر ١٩١٧ الذى فرض الحكم العسكرى على فلسطين ضدّ إرادة جورج بيكو المطالِب بإدارة مدنيّة مشتركة، ولم يترك للفرنسيين غير المشاركة فى إدارة الأماكن المقدّسة فى القدس..يُذكر أن اتفاقيّة سايكس ــ بيكو المعدّلة أعادت رسم حدود «سورية التاريخيّة»، بعد أن انتزعت منها كيليكيا والموصل شمالا وفلسطين جنوبا، كما حجمت الاتفاقية المعدلة الوطن القومى لليهود حيث أجرت بريطانيا تعديلين على خريطة فلسطين، وبالتالى على خريطة «الوطن القومى اليهودى» كما وضعتها المنظمة الصهيونية. يُذكر أن اتفاقية سايكس ــ بيكو هى مسار استغرق أكثر من عقدين من الزمن على صياغته وتنفيذه وقد تعرّض لكمّ لا يُحصى من المراجعات والتعديلات، ومن أبرز محطّاته مؤتمرا باريس وسان ريمو والعام ١٩٢٦ وتكريس الانتدابات فى عصبة الأمم، وإقرار الدساتير، وصولا إلى العام ١٩٣٦واتفاقيات استقلال سورية ولبنان التى ما لبثت أن تراجعت فرنسا عن تنفيذها.اختتم الكاتب المقال بالجدل الذى دار حول تلك المرحلة التاريخية التأسيسية والذى اشتمل على عدد من الثنائيات المانعة الواحدة منهما للأخرى.هل كانت عمليّة سايكس ــ بيكو مجرّد عمليّة تجزئة؟ وبأيّ معنى؟ وإذا صحّ القول فما الذى جزّأته؟ وبالقياس إلى أية وحدة؟إذا كانت التجزئة قد تمّت بالقياس إلى وحدة السلطنة العثمانية، فما هى وحدة السلطنة؟ وأين هي؟ فى الفترة التى نحن بصددها، وقد تقلّصت إلى تركيا والولايات العربية المشرقية. أمّا إذا كان المقصود تجزئة التقسيمات الإدارية العثمانية، فالأحرى الحديث عن عمليّات ضمّ وفرز نشأت بموجبها كيانات جديدة: نشأ العراق بدمج ثلاث ولايات عثمانيّة سابقة فى كيان واحد (كانت الخرائط العثمانية منذ نهاية القرن التاسع عشر تدمجها تحت تسمية «العراق العربى»)، وتكوّنت فلسطين بضمّ سناجق عكا ونابلس والقدس، ونشأ شرق الأردن بدمج القسم الجنوبى من سنجق حوران وسنجق معان، ووُلدت الفيدرالية السورية، التى ضمّت أجزاء من ولاية الشام وأجزاء من ولاية بيروت، وأخيرا لبنان الذى قام على ضمّ أجزاء من ولاية بيروت وأربعة أقضية من ولاية الشام إلى متصرّفية جبل لبنان، التى تمتّعت بقدْر من الحكم الذاتى بين ١٨٦١و ١٩١٥.النص الأصلي على هذا الرابط
قراءة المزيدالكلمات المفتاحية المذكورة في المقال:
الشروق
2015-04-19
افتتح البابا فرنسيس الأحد الماضى الاحتفالات بمرور مائة سنة على مجازر الأرمن فى ظل السلطة العثمانية ولأول مرة يصف حبر رومانى وفى إطار رسمى بأنها «أول إبادة جماعية فى القرن العشرين» وكان رد الفعل الرسمى التركى هو سحب سفيرها لدى الفاتيكان للتشاور واعتبرت كلمات البابا سبب «أزمة ثقة» وكتب وزير الخارجية على موقع توتير: «لا يمكن قبول تصريح البابا الذى لا يمت للوقائع القانونية والتاريخية بصلة والسلطات الدينية ــ يجب ألا تكون جهة تحريض على الحقد والكراهية». وكذلك عملت الحكومة التركية على تلاوة آيات من القرآن الكريم داخل متحف أجيا صوفيا بإسطنبول لأول مرة منذ 85 سنة، هذا الصرح الذى كان فى الأساس كاتدرائية ثم تحول إلى مسجد على أيدى العثمانيين وطمست أيقوناته بالجبس ثم بعد ثورة أتاتورك تحول إلى متحف ونجد فيه أيقونات للسيد المسيح والسيدة العذراء جنبا إلى جنب مع آيات القرآن الكريم وكان البابا القديس الراحل يوحنا بولس الثانى وقع عام 2000 بيانا مشتركا مع البطريرك الأرمنى يديـن «الإبادة الأرمنية». وتحيى أرمينيا الذكرى المئوية للمجازر فى 24 أبريل وهو يوم شهد عام 1915 اعتقال مئات من الأرمن تم قتلهم فى إسطنبول، وشكل بداية المجازر التى ترفض تركيا الاعتراف بأنها كانت عملية تصفية ممنهجة نفذتها السلطة العثمانية، معتبرة أن الأرمن الذين توفوا فى تلك الفترة سقطوا نتيجة للجوع أو معارك ساندوا خلالها روسيا عدوة السلطنة العثمانية فى الحرب العالمية الأولى. ويقدر عدد الأرمن الذين قتلوا بين 1915 و1917 قبل سقوط الإمبراطورية العثمانية بـ5. 1 مليون شخص، واعترفت دول بينها فرنسا وإيطاليا وروسيا، بالمجازر بوصفها «إبادة» لكن الولايات المتحدة ودولا حليفة لتركيا تمتنع عن استخدام هذه الكلمة، لئلا تسوء علاقاتها مع أنقرة. وكان الرئيس التركى رجب طيب أردوغان قدم فى 2014 تعازى بلاده «إلى أحفاد الأرمن الذين قتلوا عام 1915» متحدثا عن «آلام مشتركة» لكن رفضت تعازيه، ومطالبته بالاعتراف بإبادة الأرمن والتعبير عن «الندم» عليها، وتركيا لا تريد أن تعترف «بالإبادة الجماعية» لأسباب رئيسية أهمها: 1 ــ ألا ترتبط الإبادة الأرمنية التى نفذها العثمانيون بالإبادة اليهودية التى نفذها النازيون رغم أن التاريخ يحكى لنا أن هتلر قال لجنرالاته فى عام 1939 عن«الإبادة اليهودية» من يتذكر «إبادة الأرمن» الآن. 2 ــ منذ أكثر من 85 سنة وتركيا ترفض الاعتراف بالإبادة الأرمنية ولوت الحقائق التاريخية فلا يمكن أن تظهر بمظهر الكذاب الآن. 3 ــ تركيا لا تريد أن تعترف بهذه الإبادة حتى لا تقع تحت العواقب الجنائية ودفع التعويضات المالية وإرجاع المسروقات التى نهبت من بيوت الأرمن ومتاحفهم وكنائسهم وأديرتهم. 4 ــ تتحجج تركيا بأن الإبادة الأرمنية كانت فى عهد الحكم العثمانى وهم الآن تحت حكم جمهورية تركيا وذلك للتهرب من كل ما سبق. وحرص البابا على استخدام كلمة «إبادة» فى الإطار الرسمى لكاتدرائية القديس بطرس وأضاف أن «أساقفة وكهنة ورجال دين ونساء ورجالا ومسنين وحتى أطفالا ومرضى بلا حماية، قتلوا فى حملة تصفية رهيبة وجنونية تذكرهم ضرورى، بل واجب، إذ كلما تخفت الذكرى يبقى الجرح مفتوحا. إن إخفاء الشر أو إنكاره مثل ترك جرح ينزف ولم يندمل». وخلال القداس، منح البابا فرنسيس القديس جريجوريوس الناريكى الذى عاش فى القرن العاشر لقب «معلم الكنيسة الجامعة» وذكر بأن أرمينيا هى أول أمة مسيحية أعلنت المسيحية دين الدولة عام 301. لقد عاش الأرمن فى مصر وسوريا والأردن وفلسطين بل انتشروا فى أرجاء المعمورة بل كانوا لهم تواجد فى مصر فى عصر محمد على وكان أول رئيس وزراء إنذاك نوبار باشا الذى كان أرمينيا وهم فى كل كتبهم ووثائقهم ممتنون للبلاد العربية التى استقبلتهم وإلى اليوم وبرغم أن أرمينيا أصبحت دولة مستقلة إلا أنهم لم يتركوا بلادنا التى انثقفوا فيها وتعايشوا معنا بل انصهروا فينا.
قراءة المزيدالكلمات المفتاحية المذكورة في المقال:
المصري اليوم
2024-02-10
في الحادي والعشرين من شهر سبتمبرعام ١٨٤٢، وُلد السلطان العثمانى عبدالحميد الثانى، الذي لايزال موضع اختلاف بين المؤرخين والمحللين، فمنهم من هو متعاطف معه، ومنهم من هو ساخط عليه ومعارض لسياساته وعهده، وقد تولى عرش السلطنة العثمانية في ٣١ أغسطس ١٨٧٦، فأظهر نزوعًا إصلاحيًا وأعلن الدستور، وكان الغرب قد وصفه باسم السلطان الأحمر لاتهامه بمذابح الأرمن، فيما اعتبره المسلمون آخر خليفة لهم لما تمتع به من همة فيما يتعلق بالقضايا الإسلامية، وحين تولى كانت السلطنة في منتهى الاضطراب، وكانت مطمعًا للغرب ومثقلة بالديون، فقام بتنظيم المحاكم وقضى على الفساد، وأنشأ المدارس والكليات، واهتم بتدريب الجيش، وعمل على تقليل النفقات والاستثمار لتقليل الديون، وهناك أمر مهم وقع في عهده، فحين عقد اليهود مؤتمرهم الصهيونى الأول في (بازل) في عام ١٨٩٧ برئاسة هرتزل، رئيس الجمعية الصهيونية واتفقوا على تأسيس وطن قومى لهم في فلسطين، اتصل هرتزل به ليسمح لليهود بالانتقال لفلسطين، ولكنه رفض، فقام هرتزل بتوسيط كثير من أصدقاء السلطان الأجانب وبعض أصحاب النفوذ بالدولة لكنه أصرعلى الرفض، فلوّحوا له بإغراءات مالية كإقراض الخزينة العثمانية أموالًا طائلة مع هدية له قيمتها خمسة ملايين ليرة ذهبية، لكنه قال: «إنكم لو دفعتم ملء الدنيا ذهبًا فلن أقبل. إن أرض فلسطين ملك الأمة الإسلامية، وما حصل عليه المسلمون بدمائهم لا يمكن أن يُباع»، وطردهم من مجلسه، فأدركوا أن ما يريدونه لن يتحقق ما بقى السلطان على عرشه،واستعانوا بالقوى المختلفة من الخارج والداخل للإطاحة به، ونجحوا وخلعوه في ١٩٠٩وظل تحت الإقامة الجبرية حتى وفاته «زى النهارده» فى ١٠ فبراير ١٩١٨.
قراءة المزيدالكلمات المفتاحية المذكورة في المقال:
سكاي نيوز
2023-11-28
وقال ميستوتاكيس في بيان مقتضب "أعرب عن استيائي من قيام رئيس الوزراء البريطاني بإلغاء لقائنا (المقرر ظهر الثلاثاء في لندن) قبل بضع ساعات فقط من انعقاده". وكان من المفترض أن يلتقي رئيسا الوزراء ظهر الثلاثاء في لندن التي يزورها ميتسوتاكيس منذ الأحد. وأشار رئيس الوزراء اليوناني إلى أن "مواقف اليونان في قضية رخاميات البارثينون معروفة. كنت آمل أن تسنح الفرصة للتباحث فيها مع نظيري البريطاني". وتابع ميتسوتاكيس "من يؤمن بعدالة وصوابية مواقفه لا يخاف أبدا من مواجهة الحجج"، حسبما نقلت "فرانس برس". ونقلت وكالة الأنباء اليونانية عن مصادر حكومية قولها إن رئيس الوزراء البريطاني استاء على ما يبدو من تصريحات أدلى بها نظيره اليوناني لشبكة بي بي سي البريطانية الأحد. وكان ميتسوتاكيس قد اعتبر أن بقاء قسم من رخاميات البارثينون خارج اليونان أشبه بـ"شطر لوحة الموناليزا إلى نصفين". وأوضح ميتسوتاكيس: "ليست مسألة ملكية بالنسبة لي بل مسألة إعادة جمع الرخاميات الموجود قسم منها في متحف الأكروبوليس فيما القسم الآخر في المتحف البريطاني في لندن". وأشار متحدث باسم سوناك في وقت سابق الإثنين إلى أن رئيس الوزراء البريطاني "لا يعتزم" تسهيل إعادة المنحوتات الرخامية إلى أثينا. وتطالب أثينا منذ عقود باسترداد منحوتات البارثينون الموجودة في المتحف البريطاني في لندن، إذ تشدد على أن المنحوتات تعرّضت "للنهب" عندما كانت البلاد تحت السلطنة العثمانية. وتؤكّد سلطات لندن أن الاستحصال على المنحوتات حصل "عام 1802 بشكل قانوني" عبر الدبلوماسي البريطاني اللورد إلجين الذي باعها إلى المتحف البريطاني. وأفاد الناطق باسم سوناك للصحافيين بأن رئيس الوزراء كان دائما "ثابتا" في موقفه، ويعتبر أن رخاميات البارثينون "مهمة" للمملكة المتحدة التي "حافظت" على هذا التراث "لأجيال". وتعرّض معبد البارثينون الذي بني في القرن الخامس قبل الميلاد لتكريم الإلهة أثينا، للتدمير الجزئي والنهب العام 1687. وأعاد الفاتيكان في وقت سابق هذا العام إلى اليونان ثلاث منحوتات رخامية من معبد البارثينون كان قد احتفظ بها لقرون. وقال ميستوتاكيس في بيان مقتضب "أعرب عن استيائي من قيام رئيس الوزراء البريطاني بإلغاء لقائنا (المقرر ظهر الثلاثاء في لندن) قبل بضع ساعات فقط من انعقاده". وكان من المفترض أن يلتقي رئيسا الوزراء ظهر الثلاثاء في لندن التي يزورها ميتسوتاكيس منذ الأحد. وأشار رئيس الوزراء اليوناني إلى أن "مواقف اليونان في قضية رخاميات البارثينون معروفة. كنت آمل أن تسنح الفرصة للتباحث فيها مع نظيري البريطاني". وتابع ميتسوتاكيس "من يؤمن بعدالة وصوابية مواقفه لا يخاف أبدا من مواجهة الحجج"، حسبما نقلت "فرانس برس". ونقلت وكالة الأنباء اليونانية عن مصادر حكومية قولها إن رئيس الوزراء البريطاني استاء على ما يبدو من تصريحات أدلى بها نظيره اليوناني لشبكة بي بي سي البريطانية الأحد. وكان ميتسوتاكيس قد اعتبر أن بقاء قسم من رخاميات البارثينون خارج اليونان أشبه بـ"شطر لوحة الموناليزا إلى نصفين". وأوضح ميتسوتاكيس: "ليست مسألة ملكية بالنسبة لي بل مسألة إعادة جمع الرخاميات الموجود قسم منها في متحف الأكروبوليس فيما القسم الآخر في المتحف البريطاني في لندن". وأشار متحدث باسم سوناك في وقت سابق الإثنين إلى أن رئيس الوزراء البريطاني "لا يعتزم" تسهيل إعادة المنحوتات الرخامية إلى أثينا. وتطالب أثينا منذ عقود باسترداد منحوتات البارثينون الموجودة في المتحف البريطاني في لندن، إذ تشدد على أن المنحوتات تعرّضت "للنهب" عندما كانت البلاد تحت السلطنة العثمانية. وتؤكّد سلطات لندن أن الاستحصال على المنحوتات حصل "عام 1802 بشكل قانوني" عبر الدبلوماسي البريطاني اللورد إلجين الذي باعها إلى المتحف البريطاني. وأفاد الناطق باسم سوناك للصحافيين بأن رئيس الوزراء كان دائما "ثابتا" في موقفه، ويعتبر أن رخاميات البارثينون "مهمة" للمملكة المتحدة التي "حافظت" على هذا التراث "لأجيال". وتعرّض معبد البارثينون الذي بني في القرن الخامس قبل الميلاد لتكريم الإلهة أثينا، للتدمير الجزئي والنهب العام 1687. وأعاد الفاتيكان في وقت سابق هذا العام إلى اليونان ثلاث منحوتات رخامية من معبد البارثينون كان قد احتفظ بها لقرون.
قراءة المزيداليوم السابع
2021-06-24
تمر، اليوم، الذكرى الـ182 على نشوب معركة نسيب بين الدولة العثمانية ووالى مصر محمد على باشا والتى انتهت بهزيمة العثمانيين وفتحت الطريق أمام إبراهيم باشا للوصول إلى عاصمة دولة الخلافة لولا تدخل الدول الأوروبية الذى حال دون ذلك، وكان ذلك فى 24 يونيو عام 1839. وفتح الانتصار فى هذه المعركة الطريق أمام جيش محمد على إلى العاصمة العثمانية، وبحسب كتاب "الجزيرة العربية والعراق فى استراتيجية محمد علي" تأليف على عفيفى على غازى، أصبح الخيار أمام القائد إبراهيم باشا فى أن يسير بجيشه نحو القسطنطينية، لكن إبراهيم باشا لم يهنأ بذلك النصر إذ عقب المعركة مباشرة وصل إليه المسيو كابى الفرنسى حاملا إليه تعليمات محمد على بعدم المضى قدما فى دخول الأناضول. الدول الأوروبية تدخلت لمنع مصر من دخول الدولة العثمانية واحتلالها ومن ثم فرض هيمنتها على وحدة من الإمبرطوريات الكبرى فى العالم آنذاك، وخافت أوروبا على مصيلحها ونفوذها، ومن زيادة نفوذ محمد على عليهم. وأوضح المؤرخ عبد الرحمن الرفاعى، فى كتابه "عصر محمد على"، أن مطامع الدول الأوروبية أبت على مصر أن تجنى ثمار تضحياتها وانتصاراتها، فقدم سفراؤها فى الاستانة مذكرة إلى الباب العالى فى 27 يوليو 1839 يطلبون باسم الدول الخمس "النمسا، روسيا، إنجلترا، فرنسا، روسيا" ألا يبرم أمرا فى شأن المسألة المصرية إلا باطلاعهم واتقاقهم، وكان الكونت مترنيخ وزير النمسا الأكبر هو المقترح لهذه المذكرة، ووجهة نظره أن يحول دون انفراد روسيا بالتدخل فى المسألة الشرقية. ويرى "الرفاعى" فى كتابه سالف الذكر، أن مذكرة الدول إلى الباب العالى، كانت بمثابة إلغاء لنتائج معركة نصيبين، وكانت من هذه الناخية انتصارًا لوجهة نظر إنجلترا، أما تركيا فوضعتها تحت وصاية الدولة الأوروبية وفقدت استقلالها الفعلى. وأشار "الرفاعى" إلى أن روسيا انتهزت فرصة لبسط حمايتها الفعلية على تركيا بحجة الدفاع عنها، أما إنجلترا فقد جاهرت بعدائها لمصر، وأعلنت وجهة نظرها فى وجوب المحافظة على كيان السلطنة العثمانية، وأن هذا الكيان لا يقوم إلا برد سوريا إلى تركيا، وإخضاع محمد على بالقوة، واخذت تؤلب الدول الأخرى على مصر ليشتركن معها فى أخضاعها، أما فرنسا فكانت تميل إلى إقرار محمد على بشا والى على سورية وجزيرة العرب طبقا لاتفاق كوتاهيه ولما أدت إليه معركة "نصيبين".
قراءة المزيدالكلمات المفتاحية المذكورة في المقال:
اليوم السابع
2020-08-13
على مدار نحو 6 قرون، تولى سلطنة الدولة العثمانية 36 سلطانا، لم يقم أحدهم بأداء فريضة الحج ولا مرة، بل أن واحد من السلطان الغازى محمد خان الثانى، الشهير بـ"الفتح" والذى يروج له أن النبى محمد صلى الله عليه وسلم تنبأ بمجيئه لم يقم بأداء الفريضة ولا مرة ولم يذكر أنه أناب أحدا عنه، واعتاد المسلمون رؤية خلفائهم وسلاطينهم في ملابس الإحرام عبر تلك القرون المتطاولة، حتى انقطع ذلك أخيرًا بسقوط العالم العربي في قبضة العثمانيين، إذ قضت السلطنة العثمانية أربعمائة عامًا كاملة تحكم مكة المكرمة حكمًا مطلقًا، كما حمل سلاطينها لقب خادم الحرمين الشريفين بعد أن ورثوه من المماليك، ورغم ذلك لم يجسر سلطان عثماني واحد على أداء الحج. وكانت الوكالة الرسمية التركية، اعترفت فى وقت سابق بأن 33 سلطانًا عثمانيًّا لم يحاولوا الحج أصلاً، إلا أنها زعمت أيضًا أن ثلاثة آخرين أرادوا الحج لكنهم لم يتمكنوا من الوصول للأراضي المقدسة لأسباب مختلفة، وبررت إحجام السلاطين عن رحلة الحج بالقول إنها كانت طويلة، والغياب عن السلطنة أشهرًا كان يعرضها للخطر، كما أنهم انشغلوا بالصراعات مع العدو الخارجى، ومن ثمّ أفتى لهم علماؤهم بعدم الذهاب للحج وأجزاء النيابة. وحاولت "الأناضول" إثبات أن عدداً كبيراً من سلاطين الدولة العثمانية قاموا بالحج فعلاً، لكنها لم تتمكن من ذلك إلا بخصوص سلطان واحد هو السلطان بايزيد بن محمد بن مراد الثاني، وهو ما تشكك به الكتب والمراجع التاريخية أيضاً، بل أنها زعمت أن السلطان عبد الحميد الثانى حج مكة متخفيا!. ووفقا لموقع الأحوال التركية المعارض لا يذكر العرب من إنجازات العثمانيين سوى السفربرلك، وكارثة التهجير الجماعى لأهالي المدينة المنورة التى كان سببها فخر الدين باشا، وإنجازات جمال باشا السفاح في إعدام شهداء مايو من رموز الفكر والثقافة في كل من دمشق وبيروت، وفشل السلطان عبدالحميد الثاني في الحفاظ على القدس على عكس ما يدعيه الأتراك، وغير ذلك الكثير من مُمارسات الظلم والقمع الإرهاب عبر نهب أموال الفقراء بمبررات مختلفة، فضلاً عن ابتكار أبشع أساليب التعذيب للحفاظ على الولاء والطاعة للسلاطين. ولم يشتهر أهم السلاطين والأمراء العثمانيين إلا بالتنافس على امتلاك الجواري، وبإعدام أشقائهم وأبنائهم، وتم وصفهم بالهمجية والبربرية في وثائق التاريخ؛ إذ كان قتل الإخوة مباحًا للظفر بالسلطنة، ومشرعًا بشكل قانوني، وكان لذلك آليات معتمدة ووسائل مباحة.
قراءة المزيداليوم السابع
2017-04-25
أثارت الولايات المتحدة غضب حليفتها تركيا أمس الاثنين، عبر انتقادها لمجازر عام 1915 ضد الأرمن بوصفها "إحدى أسوأ الفظائع الجماعية التى ارتكبت فى القرن العشرين، " لكن دون الإشارة إليها بأنها إبادة جماعية. وتعد هذه المسألة حساسة فى الولايات المتحدة خاصة فى أوساط الأرمن الأمريكيين، الذين يعيش معظمهم فى لوس أنجلوس. ويقدر الأرمن عدد ضحايا هذه المجازر بين مليون ومليون ونصف شخص. وكان الرئيس السابق باراك اوباما وعد بالاعتراف بعمليات القتل على أنها إبادة جماعية. إلا أنه لم يف بوعده بعد ثمانية أعوام فى الحكم حيث أنه احتاج إلى تعاون تركيا معه خصوصا لمكافحة تنظيم داعش. وأصدر الرئيس الجديد دونالد ترامب بيانا قال فيه بوضوح "نتذكر اليوم ونكرم ذكرى هؤلاء الذين عانوا من ميدز يغرن (المصطلح الأرمنى للمجازر)، إحدى أسوأ الفظائع الجماعية التى ارتكبت فى القرن العشرين". وفر عدد كبير من الأرمن إلى دول مثل فرنسا والأرجنتين والولايات المتحدة. وقال ترامب "بدءا من العام 1915، تم ترحيل مليون ونصف مليون أرمنى وقتلهم واقتيدوا إلى الموت خلال السنوات الخيرة من حكم السلطنة العثمانية". وأضاف "أشارك المجتمع الأرمنى فى أميركا وحول العالم فى الحداد على مقتل الأبرياء والعذاب الذى تحمله كثيرون. علينا تذكر الفظائع لمنع حدوثها مجددا." وتابع "نرحب بجهود الأتراك والأرمن فى الاعتراف بالتاريخ المؤلم، والذى يشكل خطوة حاسمة نحو بناء أسس مستقبل أكثر عدالة وتسامحا". ازاء الانتقادات التركية للتصريحات، أشارت وزارة الخارجية إلى أن الرئيس الأمريكى لم يأت على استخدام وصف "إبادة جماعية". وقال المتحدث باسم البيت الأبيض شون سبايسر إن "بيان (ترامب) متناسق مع البيانات السابقة التى أصدرتها على الأقل عدة إدارات سابقة". لكن وزارة الخارجية التركية اعتبرت أن تصريحات ترامب هى "تضليل" و"تعريفات كاذبة". وأكدت "نتوقع من الإدارة الأمريكية الجديدة إلا تعتمد الرواية التاريخية من جانب واحد المأخوذ عن هذه المجموعات المعروف عنها ميلها إلى العنف وخطابات الكراهية، واعتماد نهج يأخذ بعين الاعتبار معاناة جميع الأطراف".
قراءة المزيداليوم السابع
2016-06-03
اكد النظام التركى ان المانيا لا تزال حليفاَ اساسيا لها رغم أن إعتراف النواب الالمان بابادة الأرمن في عهد السلطنة العثمانية، أثار غضب انقرة، مشددة على ان ذلك لن يؤثر على العلاقات الثنائية على المدى القصير.وفي محاولة لابقاء الخلاف محدودا وتفاديا لتحوله الى أزمة دبلوماسية، أكد رئيس الوزراء التركي "بن علي يلديريم" اليوم الجمعة، أن تركيا والمانيا "حليفان مهمان"، وأن العلاقات بين البلدين ستستمر.وصوت البرلمان الالماني أمس الخميس على قرار غير ملزم يعترف بتعرض الأرمن للابادة في 1915 في عهد السلطنة العثمانية ما حمل انقرة على استدعاء سفيرها في برلين للتشاور.واشاع الخلاف مخاوف من تضرر العلاقات بين تركيا والمانيا في مرحلة حساسة في وقت يعمل الجانبان معا للتوصل الى اتفاق لوقف تدفق المهاجرين غير الشرعيين الى الاتحاد الاوروبي.وكان الرئيس التركي رجب طيب اردوغان حذر الخميس من ان اعتراف البرلمان الالماني بالابادة الأرمنية سيؤثر بشكل كبير على العلاقات بين البلدين، مؤكدا انه سيتخذ خطوات لدى عودته الى تركيا في ختام زيارة لكينيا.
قراءة المزيدالكلمات المفتاحية المذكورة في المقال:
اليوم السابع
2018-06-26
ألغى التصويت على مشروع قانون يعترف بـ"إبادة الأرمن" على أيدى السلطنة العثمانية إبان الحرب العالمية الأولى والذي كان مقررا الثلاثاء في الكنيست الاسرائيلي بسبب معارضة الحكومة لهذه المبادرة. وقالت النائبة تمار زاندبرغ من حزب ميريتس اليسارى المعارض التي كانت وراء المبادرة، على حسابها على تويتر مساء الاثنين "ان الحكومة والائتلاف يرفضان الاعتراف بالابادة الجماعية للأرمن لذلك اجبرت على الغاء التصويت". وفي نهاية مايو وافق اعضاء في البرلمان الإسرائيلى على اقتراح بعقد جلسة مناقشة "للاعتراف بابادة الارمن" على ايدي قوات السلطنة العثمانية اثناء الحرب العالمية الاولى وسط تدهور العلاقات بين إسرائيل وتركيا. ورغم ان ذلك لن يعتبر خطوة للحكومة الاسرائيلية، الا انه يمكن ان يزيد من تدهور العلاقات المتوترة حاليا مع تركيا. وانتقد الرئيس التركى رجب طيب أردوغان إسرائيل بسبب العنف على الحدود مع غزة والذى اسفر عن مقتل عشرات الفلسطينيين، مع نقل السفارة الأمريكية إلى مدينة القدس، متهما الدولة العبرية بأنها "دولة إرهاب" تمارس "الإبادة". وكانت الحكومة الاسرائيلية ارجات التصويت على مشروع القانون بداية الشهر الجاري بسبب الانتخابات التركية وذلك خشية قيام الرئيس التركي باستغلال ذلك لمساعدته في الانتخابات التي جرت الاحد الماضى وحقق فيها فوزا كبيرا. واضافت زاندبرغ "الاعتراف بالابادة الجماعية للارمن مسالة عدالة تاريخية واخلاقية تاريخية، كان يتعين على الدولة اليهودية ان تكون اول من يدركها". وكانت زاندبرغ قالت "ان توقيت الاقتراح ليس له علاقة بزيادة التوترات مع تركيا". ومنذ 1989 يحاول حزب ميريتس انتزاع الموافقة على الاعتراف بأن عمليات القتل الجماعية التي ارتكبتها القوات العثمانية ضد الارمن ابتداء من العام 1915 هي عمليات "ابادة" في حين ترفض الحكومات الاسرائيلية المتعاقبة تلك المساعي بسبب علاقاتها مع تركيا. وشبه اردوغان سلوك اسرائيل بالاضطهاد النازي لليهود خلال الحرب العالمية الثانية، وذلك بعد مقتل اكثر من 60 فلسطينيا بنيران الجيش الاسرائيلي خلال تظاهرات على حدود قطاع غزة فى 14 مايو. واستدعت انقرة سفيرها في اسرائيل وطردت السفير والقنصل الاسرائيليين، كما امرت اسرائيل القنصل التركي في القدس بمغادرة المدينة. ويقول الارمن ان 1,5 مليون منهم قتلوا خلال الحرب العالمية الاولى قبيل انهيار الامبراطورية العثمانية. واعترف نحو 30 بلدا حتى الان بأن عمليات القتل هي ابادة. وتنفي تركيا تهمة ارتكاب ابادة، وتقول ان 300 الى 500 الف ارمني ومثلهم تقريبا من الاتراك قتلوا في الحرب الاهلية عندما انتفض الارمن ضد الحكام العثمانيين وتحالفوا مع القوات الروسية.
قراءة المزيدالكلمات المفتاحية المذكورة في المقال:
اليوم السابع
2015-01-30
أكد الرئيس التركى رجب طيب أردوغان استعداد تركيا لدفع الثمن إذا ما أثبت مؤرخون مستقلون أنها ارتكبت مجازر الأرمن ابتداء من 1915، مكررا رفضه وصفها بأنها إبادة.وقال أردوغان فى مقابلة تلفزيونية بثتها مساء أمس الخميس شبكة "تي.آر.تي" الرسمية "إذا بينت نتائج الأبحاث أننا اقترفنا جريمة، وإذا تعين علينا دفع الثمن، فسنتخذ التدابير الضرورية".وتنفى السلطات التركية نفيا قاطعا أن تكون السلطنة العثمانية أقدمت على تدبير المجزرة المنهجية التى استهدفت الأرمن خلال الحرب العالمية الأولى.وتعترف أنقرة بمقتل حوالى 500 ألف أرمنى وقفوا إلى جانب عدوتها روسيا خلال المعارك، أو بسبب المجاعة. أما الأرمن فيتحدثون عن إبادة حوالى 1,5 مليون منهم.وقال أردوغان مساء أمس الخميس "لسنا مرغمين على الاعتراف بالإبادة الأرمنية المزعومة بناء على أوامر أى جهة"، مضيفا "إننا لا نقبل أمورا مشابهة".وخلص الرئيس التركى إلى القول "لقد فتحنا محفوظاتنا ووضعنا أكثر من مليون وثيقة فى تصرف المؤرخين. وإذا كانت أرمينيا تحتفظ بأرشيف أيضا، فمن الضرورى أن تفتحه كذلك، ثم يستطيع المسئولون السياسيون الجلوس معا والتحدث" فى هذه المسألة.
قراءة المزيدالكلمات المفتاحية المذكورة في المقال:
اليوم السابع
2020-12-12
مصر الجديدة، يقودها زعيم أفعال، لا أقوال، استطاع خلال 6 سنوات، أن يبهر العالم بإنجازاته، الشبيهة بالمعجزات، مقتحما كل الملفات، ولم يترك ملفا واحدا، لم يفتحه ويحقق فيه إنجازا مبهرا، وصار المواطن المصرى، يلهث تعبا من متابعة ما يتحقق على الأرض من مشروعات عملاقة، ولم تستوعب ذاكرته عدد هذه المشروعات، ولا يمر أسبوع إلا وتجد الرئيس، يطمئن بنفسه على معدلات العمل فى كافة المشروعات. ولكن يبقى، مصدر الفخر والاعتزاز وعامل الثقة والطمأنينة والأمان، فى الطفرة الكبيرة التى أحدثها فى القوات المسلحة المصرية، تسليحا وتدريبا، فى قفزة كبرى، دفع بها إلى المرتبة التاسعة كأقوى الجيوش على سطح الكرة الأرضية. جيش قوى، سطر مجداً مدهشاً، فى عهد تحتمس الثالث، وكان أحد أضلاع القوة فى العالم، واستطاع أن يصنع إمبراطورية مترامية الأطراف، وقف التاريخ أمامها بكل اعتزاز وفخر، ثم عاد فى عهد محمد على، ليسجل انتصارات مدوية، ووصل إلى حدود الأستانة _عاصمة تركيا القديمة_ وكان قاب قوسين أو أدنى من احتلال تركيا، لولا تدخل أوروبا لحماية السلطنة العثمانية. وبعد مرور أكثر من 200 عام من وجود الجيش المصرى العظيم على حدود تركيا، عاد مؤخرا ليرسم خطا أحمر فى سرت للجيش التركى وميليشياته الإرهابية، ممنوع الاقتراب منه، ولم يكتف جيش الكنانة بوضع الخط الأحمر على لسان قائده الأعلى، الرئيس عبد الفتاح السيسى، وإنما حذر الجيش التركى أيما تحذير، بعدم العربدة فى منطقة شرق المتوسط، وأن أية محاولة للاقتراب من ثروات الغاز المصرية، سيكون الرد موجعاً. بل لم يكتفِ الجيش المصرى بكل ذلك، وإنما ذهب إلى شمال تركيا، وتحديدا فى البحر الأسود، للمشاركة فى مناورة عسكرية قوية، مع الجيش الروسى، عابرًا مضيق البوسفور والدردنيل، بسفنه وبوارجه، ومن فوقها علم مصر يرفرف خفاقا فى السماء، ووسط عيون تركية تشاهد فقط، عملية المرور. ولم يكتفِ أيضا جيش مصر بأن يعبر فى قلب تركيا، ليذهب إلى شمالها، ويناور مع الجيش الروسى، وإنما وهو عائد، شارك فى مناورة مع الجيش اليونانى فى بحر إيجة، الواقع غرب تركيا، بل وكشر عن أنيابه لسفينة تركية حاولت الاقتراب من المناورة، ما دفعها للهروب مسرعة، خوفا من البارجة المصرية، التي تحركت باتجاهها لإنذارها بعدم الاقتراب. هكذا هى مصر، عندما تكشر عن أنيابها، ترسم خطوطا حمراء، لا يمكن الاقتراب منها، وتعبر حدود الأعادى، وتظهر قوتها فى الحق، وتدافع عن مصالحها ومصالح أمتها، وتردع كل معتد على أمنها القومى، ولم تكن يوما دولة محتلة، طامعة فى ثروات الغير، منذ بدء الخليقة وحتى كتابة هذه السطور.
قراءة المزيدالكلمات المفتاحية المذكورة في المقال:
اليوم السابع
2020-07-20
شن أذناب جماعة الإخوان حملة تعليقات مسيئة للدولة المصرية وتهاجم تحركاتها فى ملف ليبيا، وتنحاز فى المقابل للطرف التركى وهو ما يدخل فى إطار جريمة الانحياز للأعداء فى زمن الحرب وهى جريمة تستوجب المحاكمة بتهمة الخيانة العظمى. حملة التعليقات الإخوانية المسيئة تصاعدت خلال الساعات الماضية، عبر شبكات التواصل الاجتماعى مع قرب تحركات حكومة الوفاق الإخوانية نحو سرت. خلت التعليقات الإخوانية من اى انتماء لمصر وانحازت بالكامل للجانب التركى بل وصلت إلى تمنى الهزيمة العسكرية على الأرض، وتأتى هذه الحملة متزامنة مع استضافة المنابر الإخوانية لشخصيات تركية هاجمت مصر بشدة خلال الأيام الماضية. من ناحيته، اعتبر محمد حامد الخبير في الشؤون التركية، أن الحملة الإخوانية هى ممارسات تؤتمر بها جماعة الإخوان من قبل تركيا وقطر لتخدم على الأجندة الخاصة بهم وتروج أن مصر غير قادرة على الحرب وغير قادرة على المواجهة فى إثيوبيا ومحاولة إحباط المواطنين والمصريين. وأشار إلى أن الإخوان لم يعد لديهم مسار سوى التخديم على تركيا وقطر، لأنه منذ اليوم الأول الذى قرر فيه الخروج من مصر أصبحوا مثل قطعة الشطرنج فى يد هذه القوى وأصبحوا مجرد أدوات سياسية تستخدمها هذه الأنظمة، وهذا ليس غريبا عليهم فهم يتجنسون بجنسيات أخرى ولم تعد مصر هى وطنهم. بينما أكد هشام النجار الخبير فى شؤون الجماعات الإسلامية، أنه جرى تتريك جماعة الإخوان قلبا وقالبا فهي ليست فقط كما كانت أيام مؤسسها حسن البنا ومن بعده الذين سعوا لأحياء شكل السلطنة العثمانية البائدة عن طريق مشاريع محلية أولا أي تنطلق من مصر إلى خارجها ورفض هذا المشروع المصريون وحكمت عليه الدولة المصرية بالطرد في يونيو 2013. وأضاف : "أما اليوم فالمشروع عكسي أي أنه من خارج مصر لداخلها بمعنى أن الأتراك أنفسهم بزعامة المغامر المهووس أردوغان يقومون باستخدام جماعة الإخوان الإرهابية الخائنة، وهم من يسعون لاستعادة هذا النموذج بغزو جديد للبلاد العربية وصولا لحصار مصر من جميع الجهات كمقدمة لإسقاطها لاحقا، كما يتوهمون..وجماعة الاخوان الخائنة العميلة الآن في قلب هذا المخطط الخبيث وأحد أدواته".
قراءة المزيداليوم السابع
2022-05-02
اجتمع الشيوخ وزعماء الجند، واجتمعت آراؤهم على تعيين «خورشيد باشا» محافظ الإسكندرية واليا على مصر، وتعيين محمد على «قائم مقام»، وحرروا محضرا بذلك وأرسلوه إلى الباب العالى العثمانى للتصديق عليه، فأرسل بذلك فرمانا مخصوصا، حسبما يذكر محمد فريد فى كتابه «البهجة التوفيقية فى تاريخ مؤسس العائلة الخديوية». حضر «خورشيد» من الإسكندرية إلى القاهرة ليشغل منصب الولاية فى آواخر مارس 1804، وفقًا لعبدالرحمن الرافعى، فى الجزء الثانى من موسوعته «تاريخ الحركة القومية»، مشيرًا إلى أنه خامس من تقلد ولاية مصر فى نحو سنتين، أولهم «خسرو باشا» وقد خلع، ثم «أحمد باشا» وقد طرد، ثم «على باشا الجزائرلى» وقد قتل، ثم جاء خورشيد باشا، وقامت الثورة ضده التى أدت إلى خلعه، وتولى محمد على باشا فى 13 مايو 1805. استحضر «خورشيد» طائفة من «الدلاة» ليجعلهم حرسا لنفسه فكانت سببا للثورة ضده، ويعطى «الجبرتى» نبذة عنهم فى موسوعته «عجائب الآثار فى التراجم والأخبار»، قائلا: «الدلاة طائفة تنتسب إلى طريقة سيدنا عمر بن الخطاب رضى الله عنه، وأكثرهم من نواحى الشام وجبال الدروز والمتاولة «جنوب لبنان»، يركبون الأكاديش وعلى رؤوسهم الطراطير السود مصنوعة من جلود الغنم الصغار، طول الطرطور نحو ذراع، وهذه الطائفة مشهورة فى دولة العثمانيين بالشجاعة والإقدام فى الحروب، ويوجد فيهم من هم على طريقة حميدة ومنهم دون ذلك»، ويذكر «الرافعى»: «عددهم فى القاهرة كان ثلاثة آلاف مقاتل من أردأ عناصر السلطة العثمانية، فأخذوا يعيثون فى الأرض فسادا ويرتكبون الجرائم، ويعتدون على الأموال والأرزاق والأرواح». يستشهد «الرافعى» بقول «الجبرتى» عما فعله «الدلاة»، قائلا: «دخلوا بيوت الناس بمصر وبولاق، وأخرجوا منها أهلها وسكنوها، وكانوا إذا سكنوا دارا أخربوها، وكسروا أخشابها وأحرقوها لوقودهم، فإذا صارت خرابا تركوها وطلبوا غيرها ففعلوا بها كذلك، وهذا دأبهم من حين قدومهم إلى مصر حتى عم الخراب سائر النواحى وخصوصا بيوت الأمراء والأعيان، وباقى دور «بركة الفيل» وما حولها من بيوت الأكابر وقصورهم»، ويذكر محمد فريد: «انتشروا فى البلد كالجراد ينهبون، وفى العالم يقتلون، وفى النساء يهتكون، ويأخذون أموال الناس ظلما وبهتانا، وصار محمد على يحرض الناس على رفع شكواهم إلى الوالى، فاتبعوه وتظلموا لخورشيد باشا، فكان يعدهم بالنظر فى شكواهم والتأمل فى بلواهم، ولا يمكنه الوفاء بوعده مراعاة للجند حتى مل الأهالى من ازدياد الجور، والتعدى، وانتشر الهياج فى كل أنحاء البلد، وخاف كل فريق من الآخر». كان «خورشيد باشا» مضطرًا إلى إغفال سيئات «الدلاة» ليستعين بهم فى محاربة «محمد على»، وفقًا لمحمد فريد، حتى كان أول مايو 1805، ويذكر الرافعى عنه: «اعتدى الجنود الدلاة على أهالى مصر القديمة، وأخرجوهم من بيوتهم ونهبوا مساكنهم، وأمتعتهم وقتلوا بعض الأهالى الآمنين، فحضر جميع سكانها رجالا ونساء إلى جهة الجامع الأزهر، وانتشر خبر الاعتداء والهياج بسرعة البرق فى أنحاء المدينة، واجتمع العلماء وذهبوا إلى الوالى وخاطبوه فى وضع حد لفظائع الجنود الدلاة، فأصدر الوالى أمرا للجنود بالخروج من بيوت الناس وتركها لأصحابها، وكان هذا الأمر صوريا، لأن الجنود لم يخضعوا ولم ينفذوا، فخوطب الوالى ثانيا فى الأمر فطلب مهلة ثلاثة أيام ليرحل الجنود من المدينة قاطبة، فلما علمت الجماهير بهذا الجواب اشتد ضجيجهم وتضاعف سخطهم وتألبت الجموع، وبدأت علائم الثورة تلوح فى أفق المدينة». عمت الثورة فى اليوم الثانى، الخميس، 2 مايو، مثل هذا اليوم، 1805، وفقا للرافعى، مضيفا: «اجتمع العلماء بالأزهر وأضربوا عن إلقاء الدروس، وأقفلت دكاكين المدينة وأسواقها، واحتشدت الجماهير فى الشوارع والميادين يضجون ويصخبون، فأدرك الوالى خطر الحالة، وأرسل وكيله صحبة رئيس الانكشارية «المحافظ» إلى الأزهر لمقابلة العلماء ومفاوضتهم لوقف الهياج، ولم يجدهم فى الأزهر، فذهب إلى بيت الشيخ الشرقاوى، وهناك حضر عمر مكرم وزملاؤه، فأغلظوا له فى القول، فانصرف على غير جدوى، ومضى يقصد القلعة «مقر إقامة الوالى خورشيد باشا»، لكن الجماهير لم تكد تبصره حتى انهالوا عليه رجما بالأحجار، ورفض العلماء أن يتدخلوا لإيقاف الهياج، وطلبوا جلاء الجنود الدلاة عن المدينة، وكانت إجابة الطلب صعبة التحقيق لأن الوالى يستحيل عليه أن يبعد الجنود عن القاهرة وهم من جهة عدته فى القتال، ومن جهة أخرى فإن لهم رواتب متأخرة والخزانة خالية من المال، فظل العلماء مضربين عن إلقاء الدروس، وبقيت الدكاكين والأسواق مقفلة أكثر من أسبوع، وامتنع العلماء عن مقابلة الوالى طوال هذه المدة».. وشهدت الأحداث تطورا آخر فى اليوم التالى.
قراءة المزيداليوم السابع
2021-05-24
تمر اليوم الذكرى 180 على إصدار السلطان عبد المجيد الأول "فرمان مصر" الذى نص على تولى محمد على باشا ولاية مصر والسودان وراثيًا، وقد بقى هذا الفرمان مرعيا فى مصر كدستور حتى نهاية عام 1914 حين أعلنت الحماية البريطانية. خلف السلطان عبد المجيد الأول أباه السلطان محمود الثاني، وهو صبى لم يبلغ الثامنة عشرة من عمره، وسرعان ما سارع إلى إجراء مفاوضات مع محمد على ، فاشترط محمد علي، لعقد الصلح، أن يكون الحكم فى الشام ومصر حقًا وراثيًا فى أسرته. وكاد السلطان عبد المجيد يقبل شروط محمد على لو لم تصله مذكرة مشتركة من بريطانيا وروسيا وبروسيا والنمسا، تطلب منه قطع المفاوضات مع محمد على، وكانت الدول الأربع قد اتفقت على منع محمد علي، القوى، من أن يحل محل السلطنة العثمانية، الضعيفة، فى المشرق العربي، الذى تمر فيه طريق بريطانيا إلى الهند. أما فرنسا فقد انفردت فى سياستها الشرقية عن الدول الأربع، ورأت أن تستمر فى تأييد محمد على، على أمل أن تضمن لها مقامًا ممتازًا فى المنطقة، ولم تلبث الدول الأربع أن عقدت عام 1840 مع الحكومة العثمانية مؤتمرا فى لندن بحث فيه المجتمعون ما دعى "بالمسألة الشرقية"، وأسفر المؤتمر عن توقيع معاهدة التحالف الرباعي، وفى هذه المعاهدة عرضت الدول الأوروبية الأربع على محمد على ولاية مصر وراثيًا، وولاية عكا مدى حياته. واشترطت هذه الدول أن يُعلن محمد على قبوله بهذا العرض خلال عشرة أيام ، فإن لم يفعل تسحب الدول الأربع عرضها الخاص بولاية عكا، أما إذا لم يُجب فى مدة عشرين يومًا فإن الدول الأربع تسحب عرضها كله، تاركةً للسلطان حرية حرمانه من ولاية مصر. كان محمد على باشا من جهته مصمما على التمسك بالبلاد التى فتحها وأقرته عليها اتفاقية كوتاهيه، وأخذ يراهن على مساعدة فرنسا وعلى حرب أوروبية ينتظرها بين ساعة وأخرى، ولمّا أبلغته السلطنة العثمانية وقناصل الدول الأوروبية فى مصر شروط المعاهدة، ترك الأيام العشرة تمر من دون أن يصدر أى رد رسمي، فأبلغه قناصل الدول الأوروبية، فى اليوم الحادى عشر، الإنذار الثاني، وأمهلوه عشرة أيام أخرى، كما أبلغوه أنه لم يعد له الحق فى ولاية عكا. ومرت الأيام العشرة الثانية من دون أن يقبل صراحة تنفيذ بنود الاتفاقية، فعدّ قناصل الدول الأوروبية أن ذلك يعنى الرفض، عندئذ أصدر السلطان فرمانًا بخلعه من ولاية مصر . أمام هذا الأمر شرعت الدول الأوروبية باتخاذ إجراءات تمهيدية لتنفيذ تعهداتها، فأمرت بريطانيا أسطولها فى البحر المتوسط أن يقطع المواصلات البرية والبحرية بين مصر والشام وضرب موانئ هذه البلاد، وأوعزت إلى سفيرها فى الآستانة بإشعال نار الثورة ضد محمد على فى المدن والقرى الشاميّة، كما قطعت الدول الأوروبية الأربع علاقاتها بمصر . استقبل محمد على باشا نبأ عزله بهدوء، وأعرب عن أمله بالتغلب على هذه المحنة، ثم جنح للسلم عندما ظهر أمير البحر البريطانى "نابييه" أمام الإسكندرية، مهددًا بلغة الحديد والنار، ورأى أن فرنسا غير قادرة على مقاومة أوروبا كلها، لذلك وقّع اتفاقية مع أمير البحر المذكور وعد فيها بالإذعان لرغبات الدول الكبرى والجلاء عن بلاد الشام بشرط ضمان ولايته الوراثية لمصر، لكن الدولة العثمانية رفضت هذا الشرط بإيعاز من بريطانيا. ساندت فرنسا محمد على باشا فى موقفه، وتشددت فى ذلك حتى خيف من وقوع حرب أوروبية، عندئذ تدخلت كل من النمسا وبروسيا فى هذه القضية وأجبرتا بريطانيا وروسيا على تبنى وجهة نظر محمد على باشا وفرنسا، فاجتاز والى مصر مأزق الخلع وإن أُرغم على الاكتفاء بولاية مصر فى المستقبل، وفعلاً أصدر السلطان فرمانًا بجعل ولاية مصر وراثية لمحمد على باشا، وانتهت بذلك الأزمة العثمانية - المصرية، وجلا المصريون عن الشام.
قراءة المزيداليوم السابع
2020-10-18
قال عميد الصحفيين الخليجيين رئيس تحرير جريدة "السياسة" الكويتية أحمد الجارالله، إن السياسة التركية تحولت في عهد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان من صفر مشكلات إلى صفر علاقات، وأضاف الجارالله - في افتتاحية جريدة "السياسة" اليوم الأحد، تحت عنوان (تركيا الأردوغانية .. من صفر مشكلات إلى صفر علاقات) - أنه عندما تم إعلان الجمهورية التركية على أنقاض السلطنة العثمانية، رفع مؤسسها مصطفی کمال أتاتورك شعار : "السلام في الوطن والسلام في العالم"، وسارت السياسة الخارجية على هذا المنوال طوال العقود الماضية، مشيرا إلى أنه في 2013، أعاد وزير الخارجية التركي آنذاك أحمد داود أوغلو، تأكيد الأمر عبر نظرية "سياسة صفر مشکلات مع دول الجوار"، رغم أن شهية التدخلات الإقليمية كانت حينها مفتوحة على كل الاتجاهات، لاسيما التدخل الإيراني في العراق، سوريا، ولبنان، فيما نهض غول "الإخوان" ليلتهم الدول العربية واحدة تلو الأخرى تحت ستار "الربيع العربي". ولفت إلى أنه في تلك الفترة، بلغ الناتج القومي التركي 784 مليار دولار، فيما أعلنت أنقرة خطتها لتحقيق تريليون دولار في 2023، وتوسيع علاقاتها مع مختلف دول العالم، مشيرا إلى أن كل هذه الآمال الممكنة التحقق، تبخرت إثر التغيير الواضح في سياسة "حزب العدالة والتنمية"، بعد أن بدأ الرئيس رجب طيب أردوغان السعي إلى التعويض عن الفشل في إدخال بلاده الاتحاد الأوروبي، بإحياء مشروع سلطنة بني عثمان؛ حيث تدخل في الصراع السوري، والعراق، وكذلك لبنان، ولاحقا الصومال، واليمن، وأذربيجان، فيما بدأ حشد قواته على الحدود مع اليونان، ما أدى إلى تحول سياسة "صفر مشکلات مع الجوار"، إلى صفر علاقات مع العالم. وتابع أنه بعد ذلك، انخفض التبادل التجاري التركي الأوروبي في الأشهر الماضية بنحو 30%، وكذلك الحال مع شمال أفريقيا، خاصة الدول العربية منها، ليتراجع إلى الحدود الدنيا؛ حيث أعلنت المغرب أخيرا فرض ضريبة على 1200 منتج تركي، فيما تراجع التبادل مع بعض دول الخليج بنحو 65%، لافتا إلى الدعوة الشعبية في السعودية لمقاطعة المنتجات التركية، والتي بدأت تغير معالم العلاقات الاقتصادية بين الدولتين بشكل جذري. وأكد الجارالله أن انخفاض التبادل التجاري لتركيا مع العديد من دول العالم، أدى إلى ارتفاع معدل الجريمة في تركيا إلى 51.6%، بسبب عدم الاستقرار المعيشي، بعدما تدهور سعر صرف الليرة من 2.5 مقابل الدولار الأمريكي إلى 7.94، فيما ارتفع معدل البطالة إلى 13.6%، ما يعني زيادة في الضغط على الاقتصاد المريض أساسا، ما يدفع إلى المزيد من القلاقل السياسية، فضلا عن الإنفاق العبثي على العسكرة في الدول التي تحارب فيها القوات التركية والمرتزقة المستخدمة فيها، مثل ليبيا أو أذربيجان. وأضاف عميد الصحفيين الخليجيين رئيس تحرير جريدة "السياسة" قائلا "أمام هذا الوضع، لم يجد المارد التركي الذي كان يعتبر من أقوى اقتصادات العالم، واحتل المرتبة 18 بين الدول العشرين، إلا قطر، أصغر دولة خليجية .. يلجأ إليها ليسد العجز في دعم حروبه وصراعاته، لاسيما أن النظام السابق فيها توهم قدرته السيطرة على الدول العربية المهمة من خلال "الإخوان" الإرهابيين، فيما جعل الدوحة مأوى لهم .. صحيح أن تركيا استغلت هذا الوضع، وأخذت توظف الأموال التي تحصل عليها في تلك الحروب، لكن بعد تغير النظام، ومجيء الأمير تميم بن حمد، تحولت قطر دولة طاردة لكل ما يمكن أن يشكل مصدر تهديد لها، وكأنها تعيد بذلك عقارب الساعة إلى القرن التاسع عشر، حين طردت الحامية العثمانية منها، في وقت اعتقدت في اسطنبول حينذاك، أنها سيطرت على الساحل الغربي للخليج، من خلال إمساكها بزمام قطر، لكن بني تميم رأوا في ذلك تفريطا كبيرا بحريتهم، ونهبا عثمانيا لأموالهم". وتابع الجارالله قائلا، :"من شاهد تعابير رجب طيب أردوغان وهو يستعرض حرس الشرف القطري في ختام زيارته للدوحة إلى جانب الأمير الشيخ تميم بن حمد، يدرك جيدا أن الرجل قد عاد إلى أنقرة بخفي حنين، فصنبور المال الذي كان مفتوحا في العهد السابق قد أقفل، وقطر حاليا ليست في وارد الخروج على الإجماع الدولي في تصفية البؤر الإرهابية وخفض التوترات إقليميا، والتي تكون في ليبيا وأذربيجان، وإن كان بعض إعلامها منحازا إلى التدخل التركي هناك".
قراءة المزيدالكلمات المفتاحية المذكورة في المقال:
اليوم السابع
2023-01-09
دخلت الباخرة «مريوتس» ميناء «كولومبو» بجزيرة سيلان فى غروب يوم الأربعاء 9 يناير، مثل هذا اليوم، 1883، وعلى متنها سبعة رجال هم من قادوا الثورة العرابية يتقدمهم زعيمها أحمد عرابى، مع 48 من رفاقهم وأبنائهم، حسبما يؤكد عرابى فى مذكراته. يصف صلاح عيسى، فى كتابه «الثورة العرابية.. المنفيون السبعة»، قائلا: «هم الذين عبر بهم القلب المصرى عن أنقى نبضاته وأطهر عواطفه، وصنع بهم ومعهم أروع انتفاضات القرن التاسع عشر، وأكثرها أصالة.. هؤلاء الرجال جلجلت أصواتهم تحت قبة البرلمان بعدما انتزعوه من صلف الخديو توفيق وجبروت الجراكسة الأغبياء، تعلن أن الإرادة للشعب، وأن حرية الإنسان وكرامته وحياته لا يمكن أن تظل رهينة إرادة الفرد المتسلط ونزوات البطانة والحاشية، ولكن يحميها القانون وينظم سلبها، وتعلن أن أخلاط السلطنة العثمانية واتباع الباب العالى ومرتزقة الأجانب هم مجرد ضيوف يكرمون بمقدار ما يحسنون أدب الضيافة، وبمقدار ما يخضعون للقانون الذى يضعه ممثلو الشعب المصرى فى مجلسهم التشريعى». كان عدد سكان سيلان وقتئذ نحو ثلاثة ملايين منهم مائتان وخمسون مسلما، وسكانها الأصليين من قبائل السهاليز وأصلهم من الهنود، ثم قبائل التاميل وجاءوا إليها من جنوب الهند وديانتهم «الهندوكية»، ويصف أحمد عرابى، السهاليز والتاميل، بأنهم «أهل دعة وسكون ويكرمون الغريب ويحسنون معاملته». أقلعت السفينة من السويس يوم 27 ديسمبر 1882، بالزعماء السبعة الذين سيقضون حياتهم فى المنفى، تنفيذا للحكم الذى صدر ضدهم بديلا عن إعدامهم وهم، أحمد عرابى، محمود سامى البارودى، محمود باشا فهمي، طلبة باشا عصمت، عبدالعال باشا حلمى، على باشا فهمى، يعقوب باشا سامى، ويصف عرابى شعورهم لحظة إقلاع الباخرة، قائلا: بعد قيامها ولينا وجوهنا شطر مصر ننظر إلى جمالها وحسن منظرها ونودعها بقولنا: «يا كنانة الله صبرا على الأذى، حتى يأتى الله لك بالنصر». استمرت الرحلة أربعة عشر يوما، مرت فيها السفينة على باب المندب ثم على جزيرة سقطرة، ثم عدن، وأخيرا سيلان، ويكشف عرابى فى مذكراته، أنهم حين وصلوا هو وزملائه إلى المنفى، حضر وكيل حكومة سيلان لاستقبالهم، وأخبر الكولونيل موريس قائد الحرس الذى رافق الباخرة بأن الحكومة أعدت أربعة بيوت لذوى العائلات، وفيها الخدم وكل ما يلزم من أسباب الراحة «كالسرر المفروشة اللازمة للنوم والكراسى وأدوات المطبخ والسفرة والدواليب وغير ذلك وذخيرة ثلاثة أشهر ضيافة»، ويؤكد أنها «على حساب مصر، وثمن تلك الأدوات ثلاثة آلاف جنيه»، ويضيف: «أمضينا تلك الليلة «9 يناير» فى الباخرة المذكورة، وفى صباح الخميس 10 يناير 1883، خرجنا إلى البر فوجدنا رصيف الميناء مزدحما أيما ازدحام بإخواننا المسلمين من أهل الجزيرة والشنكليز أهل البلاد من عباد الأوثان على «مذهب البوذا» وكلهم يشيرون إلينا بالسلام وزيادة الاحترام». يواصل عرابى: «تقدمت لنا العربات فركبنا وتوجهنا إلى البيوت المذكورة، وكان قد خصص لنا بيت عظيم يسمى «ليك هاوس»، ومساحة بستانه 14 فدانا، ومعظم أشجاره من جوز الهند والموز وغيره، فتوجهنا إليه والناس مزدحمون على جانبى الشوارع من الميناء إلى البيت المذكور يهتفون لنا بالترحيب والإكرام إلى أن وصلنا إلى المنزل المذكور، وأخذنا معنا طلبة باشا عصمت وعبدالعال باشا حلمى لإقامتهما معنا، حيث إنهما تركا عائلتيهما بمصر، وتوجه محمود باشا سامى مع محمود باشا فهمى لإقامتهما فى منزل واحد لكون الأول ترك أهله وأولاده بمصر أيضا، وانفرد كل من على باشا فهمى، ويعقوب باشا سامى فى بيت على حدته لوجود عائلتيهما معهما، ولما دخلنا البيوت المعدة لنا، أخذت تلك الطوائف تتوارد علينا للسلام بوجوه باشة، وقلوب طافحة بالمحبة والحنان ليلا ونهارا، فجزاهم الله خير الجزاء على ما قابلونا به من الاحتفاء والإكرام». يذكر عرابى، أن الذين رافقوهم كانوا 48 موزعين إلى ستة أفراد معه «3 ذكور و3 إناث»، واصطحب على باشا فهمى 14 ستة ذكور و8 إناث، واصطحب يعقوب سامى 9 أربعة ذكور وخمسة إناث، واصطحب محمود فهمى 9 أفراد موزعين إلى ستة ذكور و3 إناث، واصطحب محمود سامى ثلاثة ذكور، واصطحب عبدالعال حلمى 4، وطلبة عصمت 3. بعد ثلاثة أيام من دخول الزعماء السبعة إلى سيلان، بدأت الولائم من أهلها، وكانت البداية من «محمد حنيفة» العضو فى مجلس الشورى عن المسلمين، وأقام عرابى وأصحابه وليمة كبيرة حضرها مائتا شخص من مختلف الأجناس والمذاهب والمعتقدات، وفى فبراير 1883 قررت الحكومة المصرية تخصيص 50 جنيها كل شهر لعرابى، ولكل من أصحابه ثمانية وثلاثين، وبدأت معاناتهم الإنسانية الكبيرة مع المنفى التى استمرت سنوات.
قراءة المزيداليوم السابع
2016-06-02
قال رئيس وزراء تركيا بن على يلدريم اليوم الخميس إن أنقرة استدعت سفيرها من ألمانيا للتشاور بعد موافقة مجلس النواب الألمانى على قرار يصف مذابح الأرمن على يد القوات العثمانية فى عام 1915 بأنها "إبادة جماعية".وفى خطاب فى العاصمة التركية قال يلدريم "جماعات الضغط الأرمينية العنصرية" تقف وراء القرار البرلمانى الألمانى الذى وصفه بالخاطئ.وقال الناطق بأسم الحكومة التركية نعمان كورتولموش على حسابه على تويتر أن "اعتراف ألمانيا ببعض المزاعم المحرفة والتى لا أساس لها يشكل خطأ تاريخيا" مضيفا إنه بالنسبة لتركيا "هذا القرار باطل ولاغ". فيما قال متحدث باسم حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا اليوم الخميس إن تصديق البرلمان الألماني على قرار رمزي يصف مقتل الأرمن على أيدي القوات العثمانية عام 1915 بأنه "إبادة جماعية" أضر بشدة بالعلاقات بين برلين وأنقرة.و صوت النواب الألمان بغالبية ساحقة الخميس على قرار يعترف بإبادة الارمن فى عهد السلطنة العثمانية، فى نص نددت به بشدة أنقرة، الشريك الرئيسى لكن الصعب فى مسالة حل أزمة الهجرة فى أوروبا. وصوت نائب واحد ضد النص وأمتنع آخر كما أعلن رئيس مجلس النواب الألمانى نوربرت لامرت. وبما أن التصويت جرى برفع الأيدي، لم يتم احتساب الأصوات المؤيدة.
قراءة المزيد