الكتلة الشرقية
الكتلة الشرقية، أو كما عرفت أيضًا بالكتلة الشيوعية أو الكتلة...عرض المزيد
مصراوي
2025-05-07
(بي بي سي) بين أكوام من الوثائق الممزقة داخل السفارة الإيرانية في دمشق، عثرت وكالة رويترز على دراسة رسمية تحمل توقيع وحدة السياسات الاقتصادية الإيرانية في سوريا، مؤرخة في أيار/مايو 2022، تكشف عن خطة شاملة لإعادة إعمار سوريا، مستوحاة بشكل صريح من خطة مارشال الأمريكية التي أُطلقت بعد الحرب العالمية الثانية. بحسب الوثيقة، فإنّ الطموح الإيراني كان أن تتحول سوريا، من خلال مشاريع بمئات ملايين الدولارات، إلى منطقة نفوذ اقتصادي واستراتيجي، تكرّس تبعية سياسية وثقافية واقتصادية مشابهة لما حققته الولايات المتحدة مع أوروبا الغربية بعد الحرب. ما بدأ كمخطط لإعادة الإعمار، انتهى بانهيار نظام "حليف إيران" وانسحاب وتراكم للديون وخسائر بمليارات الدولارات. فما هي خطة مارشال؟ وكيف حاولت إيران محاكاتها في سوريا؟ الخطة الأمريكية الأصلية: جذور المقارنة الإيرانية في 3 نيسان/أبريل 1948، وقّع الرئيس الأمريكي هاري ترومان قانون التعاون الاقتصادي، المعروف باسم خطة مارشال، نسبة إلى وزير الخارجية جورج مارشال الذي اقترحها في خطابه الشهير في جامعة هارفارد في حزيران/يونيو 1947. في ذلك الوقت، كانت أوروبا تعاني من دمار شامل طال البنى التحتية والصناعات والأنظمة المالية، بفعل الحرب العالمية الثانية. كانت المدن مدمرة، الشعوب تعاني من المجاعة، والانهيار الاقتصادي بات يهدّد بوقوع الدول في الفوضى أو تحت النفوذ السوفييتي. خطة مارشال هدفت إلى ضخ 13.3 مليار دولار على مدى أربع سنوات، لتحفيز النمو الاقتصادي، وإعادة بناء المصانع، واستعادة الثقة بالعملات المحلية، وربط أوروبا اقتصادياً بالولايات المتحدة، عبر إعادة إعمارها، ومواجهة النفوذ السوفييتي عبر المساعدات الاقتصادية. "ما ضخته الولايات المتحدة من أموال حينها، يعادل اليوم 150 مليار دولار" بحسب تقديرات الخبير الاقتصادي وليد أبو سليمان في مقابلته مع بي بي سي عربي، معتبراً الرقم "كبيراً جداً". لم تكن الخطة مجرد مساعدات مالية، بل كانت تتطلّب من الدول الأوروبية تقديم خطة موحّدة لإعادة الإعمار، والعمل على خفض الحواجز التجارية وتحقيق استقرار اقتصادي شامل. ومن خلال هذه الخطة، عززت واشنطن تحالفاتها في أوروبا الغربية، وكرّست نموذجها السياسي الليبرالي في مواجهة الكتلة الشرقية. لكن ما جعل من خطة مارشال نموذجاً فريداً وناجحاً، كما يرى أبو سليمان، لم يكن فقط حجم المساعدات المالية، بل أيضاً التوقيت السياسي الدقيق والبيئة الجاهزة للتعاون. فالدول الأوروبية كانت ديمقراطية أو في طريقها إلى الديمقراطية، ومستعدّة للتكامل الاقتصادي، وهو ما سهّل على الولايات المتحدة ترسيخ تحالفات طويلة الأمد. محاولة إيرانية لنسخ الخطة: من الوثائق إلى الواقع الوثائق التي حصلت عليها رويترز من السفارة الإيرانية في دمشق، تكشف أن طهران سعت إلى اعتماد ذات الأسلوب في سوريا. الدراسة الرسمية وصفت الخطة الأمريكية بأنها ناجحة في خلق "اعتمادية اقتصادية وثقافية" لدى الدول الأوروبية تجاه الولايات المتحدة، واعتبرتها نموذجاً لتحقيق "النفوذ الناعم"، في ظلّ العقوبات المفروضة على إيران. وضعت إيران هدفاً واضحاً يتمثل في اقتناص حصة كبيرة من "فرصة بقيمة 400 مليار دولار" لإعادة إعمار سوريا، وكلفت طهران القيادي في الحرس الثوري عباس أكبري بتشكيل "قيادة تطوير العلاقات الاقتصادية مع سوريا"، وأوكلت إليه مهمة توقيع العقود ومتابعة الاستثمارات والديون. لكن إيران، بحسب ما يشرحه أبو سليمان، دخلت إلى بيئة منهارة سياسياً وأمنياً، فوضوية إدارياً، وتعيش انقسامات مذهبية حادة، ما جعل من تطبيق خطة تنموية شبيهة بمارشال ضرباً من المستحيل، ويضيف: "هذه البيئة، غير الجاذبة للاستثمار، لم تكن تحتمل خطة اقتصادية مشروطة بفوائد سياسية". أجرت وكالة رويترز مقابلات مع عدد من رجال الأعمال الإيرانيين والسوريين، وحقّقت في شبكة الشركات الإيرانية التي عملت ضمن مناطق رمادية من العقوبات، وزارت بعض الاستثمارات الإيرانية المهجورة في سوريا، والتي شملت مواقع دينية، ومصانع، ومنشآت عسكرية. بحسب رويترز، فإنّ هذه الاستثمارات واجهت عوائق متعددة، أبرزها هجمات مسلحة، وفساد محلي، وعقوبات غربية، وغارات جوية. من بين تلك الاستثمارات، مشروع محطة كهرباء بقيمة 411 مليون يورو في مدينة اللاذقية الساحلية، تنفذه شركة هندسية إيرانية لكنه متوقف عن العمل. كما تم التخلي عن مشروع لاستخراج النفط في صحراء شرق سوريا. كذلك، انهار جسر سكة حديد على نهر الفرات بلغت كلفته 26 مليون دولار، كانت قد بنته مؤسسة خيرية مرتبطة بالمرشد الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي، وذلك إثر غارة جوية شنها التحالف بقيادة الولايات المتحدة قبل عام، ولم يُرمم أو يُسدّد ثمنه بالكامل. ويرى أبو سليمان أن إيران، بخلاف الولايات المتحدة، لم تملك فائضاً مالياً كبيراً لتمويل هذا النوع من المشاريع، ويضيف: "اقتصادها كان يعاني من عقوبات متراكمة، وانهيارات في العملة، واعتماد على موارد محدودة، ما جعل تمويلها للخطة السورية يبدو غير قابل للاستمرار". وكان من بين المشاريع الممولة من إيران مشاريع في قطاعات الإسكان والنقل والاتصالات والتنقيب عن الفوسفات، إضافة إلى دعم مستمر لمزار ديني في السيدة زينب، وتحويلات مالية لعائلات إيرانية تعيش في المنطقة. كما موّلت إيران خطي ائتمان لسوريا بقيمة 3.6 مليار دولار في 2013 ومليار آخر في 2015، وفق الاتفاقيات الموقعة بين البلدين، بحسب الوثيقة التي عثرت عليها رويترز. عام 2015، صرّحت متحدثة باسم المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا، ستافان دي ميستورا، لوكالة بلومبيرغ، بأن المبعوث يقدّر إنفاق إيران بنحو 6 مليارات دولار سنوياً لدعم حكومة بشار الأسد. لكن مع تقدم المشروع، اصطدمت إيران بمشكلات متعددة. مستحقات الشركات الإيرانية تأخرت، العقود عُدّلت من طرف واحد، شبكات محلية تابعة لعائلة الأسد احتكرت التعاقدات، وعانت المشاريع من تأخير مزمن. شركة مبنا الإيرانية، التي تولت تنفيذ مشروع اللاذقية، شَكَت في عدة رسائل رسمية من اضطرارها لتمويل المشروع كاملاً، خلافاً للعقد. كذلك، شركة "كوبر وورلد" خسرت شحنات ضخمة بسبب الحرب وتقلبات العملة، وتقدمت بشكاوى إلى البنك المركزي السوري. الوثائق أظهرت أيضاً رغبة إيران في تأسيس مؤسسة مشابهة لوكالة التنمية الأمريكية USAID، لتكون ذراعاً ناعمة تدير مشاريع الإعمار، وتُحيّد العقوبات الغربية، وتساهم في ما وصفته الدراسة الإيرانية بـ"تحقيق الأمن الإقليمي". تُمثّل المشاريع الأربعون تقريباً، التي وُجدت تفاصيلها في وثائق السفارة الإيرانية المهجورة في دمشق، جزءاً صغيراً من إجمالي الاستثمارات الإيرانية في سوريا. لكن ضمن هذا الجزء فقط، اكتشفت رويترز أن الديون غير المسددة من الجانب السوري لصالح الشركات الإيرانية بلغت على الأقل 178 مليون دولار مع نهاية الحرب، كما قدّر نواب إيرانيون سابقون أن إجمالي ديون حكومة بشار الأسد لإيران يتجاوز 30 مليار دولار. مع سقوط نظام الأسد في ديسمبر/كانون الأول 2024، وتولي فصيل معارض زمام الحكم، انسحبت القوات والشركات الإيرانية، وتُركت المشاريع معلقة، والديون دون تسديد. نهب مواطنون السفارة الإيرانية، وعُثر على وثائق تذكر ديوناً مستحقة بقيمة 178 مليون دولار على الحكومة السورية لشركات إيرانية. رغم تصريحات الناطق باسم الخارجية الإيرانية بضرورة احترام الحكومة الجديدة للاتفاقيات، فإن تلك الحكومة لم تُبدِ أي التزام، فيما عاد مستثمرون إيرانيون إلى بلادهم بخسائر كبيرة. هنا، يشير أبو سليمان إلى أن افتقار إيران لضمانات سيادية أو دولية جعل من هذه الاستثمارات عبئاً مالياً بلا عائد، معتبراً أن ما حصل يؤكد أن "النفوذ لا يشترى بالديون، ولا تدار المشاريع بنسخ غير مدروسة". أما خطط إدارة ميناء اللاذقية من قبل إيران، فقد استُبدلت لاحقاً بتجديد عقد لشركة فرنسية. في الاجتماعات الداخلية التي عقدها فريق أكبري، تظهر توصيات بفهم "المافيات الاقتصادية" في سوريا وتحديد "المصالح المحلية" من أجل تسهيل التنفيذ، مما يعكس إدراكاً معقداً للواقع السوري. ومع أن إيران واصلت توقيع اتفاقيات جديدة في 2023 و2024، من بينها إنشاء بنك مشترك وإلغاء الرسوم الجمركية وتسهيل المعاملات بالعملات المحلية، فإن تغير موازين القوى في المنطقة - بفعل العمليات العسكرية الإسرائيلية والانسحاب الإيراني - أنهى فعلياً هذا المسار. من بين المتضررين، التاجر الإيراني حسن شاخصي، الذي خسر 16 مليون يورو في قطع غيار سيارات شحنها إلى ميناء اللاذقية قبل فرار الأسد. قال شاخصي للوكالة: "كنت قد أسست مكتباً ومنزلاً في سوريا، لكن كل ذلك اختفى". وأضاف: "لم أتلقَّ ثمن البضاعة التي اختفت. آمل ألا يُمحَى تاريخ إيران الطويل مع سوريا بهذه السهولة. الآن، مضطر للنظر في أماكن أخرى للأعمال". في نهاية المطاف، انتهت آمال إيران في محاكاة خطة مارشال وبناء إمبراطورية اقتصادية تشمل سوريا - لمصير أقرب إلى إخفاقات الولايات المتحدة في العراق وأفغانستان. فقد أدّى تدخل طهران المبكر في الحرب الأهلية السورية إلى تعميق نفوذها في هذا المعبر الحيوي إلى البحر المتوسط، إلا أن قصة الاستثمارات المهدورة تكشف عن حجم المخاطر المالية التي جلبها هذا المسار، وكيف أضرّ الاعتماد المتبادل بين حكومتين "منبوذتين" دولياً - في دمشق وطهران - بكلتيهما. ما حاولت إيران تحقيقه في سوريا، عبر نموذج مستوحى من خطة مارشال الأمريكية، انتهى إلى مصير مغاير. بينما نجحت واشنطن في بناء تحالفات مستقرة في أوروبا من خلال تلك الخطة، فإن التجربة الإيرانية في سوريا لم تخرج بنتائج اقتصادية ملموسة، وواجهت بيئة سياسية وأمنية غير مستقرة، وتضارب مصالح محلي ودولي. وبحسب تحليل أبو سليمان: "خطة مارشال نجحت لأنها صُمّمت لتناسب السياق الأوروبي آنذاك، من حيث البيئة السياسية والمجتمعية والاقتصادية، في حين أن إيران حاولت تطبيق قالب اقتصادي غير قابل للحياة في أرض غير مهيأة، مشيراً إلى أن إعادة إنتاج النماذج السياسية أو الاقتصادية دون إدراك خصوصية السياق المحلي، غالباً ما يؤدي إلى الفشل".
قراءة المزيدالدستور
2024-12-09
تمر اليوم ذكرى وفاة الكاتب والروائي المصري محمد حقي (17 يناير 1905م - 9 ديسمبر 1992م)؛ أحد أبرز رواد القصة القصيرة، تاركًا ورائه عشرات الأعمال الأدبية الروائية والقصصية والمقالات الأدبية والكتب النقدية. وتعد روايتيه "البوسطجي" و"قنديل أم هاشم"؛ من أشهر أعماله الأدبية التي طُبعت في عدة طبعات.. ولكن يبقى فى ذكراه أن نسلط الضوء على وجه إبداعي آخر من وجوه يحيى حقي؛ هو يحيى حقى المترجم الذى نشط فى ترجمة عدد من الأعمال الأدبية العالمية للغة العربية من أبرزها:"دكتور كنوك" لجول رومان، "العصفور الأزرق" لموريس ميترلنك، "الأب الضليل" لأديث سوندرز، "البلطة" لميخائيل سادوفيانو، "لاعب الشطرنج" لستيفان زفايج، "طونيوكر ووجر" لتوماس مان وغيرها، كما ترجمت بعض أعماله الأدبية للغات أخرى وهو ما تحدثنا عنه كريمته الإذاعية نهى يحيى حقي فى ذكراه. قالت الإذاعية نهي حقي، كريمة الكاتب والروائي المصري واحد أبرز رواد القصة القصيرة، إنه بالنظر للأعمال الأدبية العالمية التي ترجمها والدها كلها لكُتاب من الكتلة الشرقية، مثل "العصفور الأزرق"، "البلطة"، مشيرة إلى أنه وبالنظر لترجمته لكتاب «القاهرة» للمستشرق الإنجليزى «ديزموند ستيوارت» أستاذ الأدب الإنجليزى فى كلية الآداب فى بغداد خمسينيات القرن العشرين فى ضوء احتفاء مصر بالذكرى الألفية لبناء قاهرة المعز لدين الله الفاطمى سنة 1969، وصدرت الطبعة الثانية منه عام 1987 عن دار المعارف؛ والذى كتب له مقدمة تُعد من أهم مقدماته لكونها أضفت عمقًا لهذا الكتاب الذى غلب عليه الطابع الإنفعالى لكاتبه الإنجليزي عند تسجيله أبرز الشواهد في القاهرة. وأضافت أنه تعتبر مقدمة يحيى حقي لهذا الكتاب بمثابة كتاب ثاني، لافتة إلى أهمية التعليق على هذا الكتاب أيضًا للجغرافي الدكتور جمال حمدان. وبسؤال كريمة الأديب الكبير يحيى حقي عن أبرز أعماله التي تُرجمت للغات أخرى غير العربية، أشارت إلى أن كل من "البوسطجي" و"قنديل أم هاشم" و"صح النوم" وحقيبة في يد مسافر" من أبرز أعماله الأدبية التي ترجمت للعديد من اللغات غير العربية مثل الإنجليزية والفرنسية ولغات أخرى، سواء عّبر دور نشر أجنبية أو مراكز للترجمة، لافتة أن يحيى حقي هو من وقع عقود ترجمة كل أعماله ماعدا مجموعته القصصية "صح النوم" التي وقعت هي عقد ترجمتها لدار نشر فرنسية فى تسعينيات القرن الماضي. وبسؤالها عن حقوق أعماله الفكرية المترجمة للغات أخرى، أكدت أنها هزيلة ولا ترقى لجودة أعماله؛ مشيرة إلى أنه بالنظر لحقوق مبيعات "صح النوم" لم تتحصل عليها عقب توقيع العقد مع دار النشر الفرنسية حتي اليوم.
قراءة المزيدالدستور
2024-12-03
يبدو أن انهيار الحضارات كان نمطًا طبيعيًا ومتكررًا فى تطور الثقافات عبر التاريخ.. فغالبًا ما كانت تتبوأ مرحلة الانهيار والضعف مكانتها بعد مرحلة الازدهار.. وأقرب مثال على ذلك، هو ما حدث لإمبراطورية مصر القديمة، والإمبراطورية الرومانية، وحضارة المايا، التى ظهرت فى منطقة أمريكا الوسطى والجنوبية، وأسرة تشينج الصينية، التى شهدت فترات من الازدهار ثم تلاها الانهيار.. ويبدو أن هذا هو المسار الحتمى لأى حضارة.. أما فى الوقت الحاضر، فقد تواجه الحضارة الغربية المصير ذاته، نظرًا إلى وجود علامات واضحة على أزمات متنوعة، مثل اتساع فجوة التفاوتات الاقتصادية والانقسامات السياسية والصراعات العنيفة، فضلًا عن الكوارث البيئية.. ويَعتَبِر بعض المتابعين أن ما يحدث مؤشر على «أزمات عالمية متعددة»، تُشكِّل تهديدًا خطيرًا، ربما يكون وجوديًّا للمجتمعات المعاصرة.. لكن كيف وصلنا لمرحلة التنبؤ هذه، وهل هناك سوابق فى التاريخ، على أن ما نتنبأ به، يمكن أن يُصبح حقيقة؟.فى عام 1976، وفى ذروة الحرب الباردة، كان الاتحاد السوفيتى قوة عظمى، تُنافس الولايات المتحدة فى كل المجالات، تنشر جيوشها فى كل الكتلة الشرقية، ويمتد تأثير سياستها إلى أغلب دول العالم، الذى كان يوصف حينها بعالم القطبين.. لكن فى خريف نفس العام، نشر باحث فرنسى مغمور فى مجال الدراسات الديموجرافية التاريخية وهو علم دراسة خصائص السكان على مدى زمنى طويل لم يكن قد تجاوز الخامسة والعشرين، كتابًا سماه، «السقوط الأخير» The last fall.. هذا الطالب كان هو إيمانويل تود، وكان على وشك أن يُناقش بحثه لنيل درجة الدكتوراه من جامعة كامبريدج فى بريطانيا.. بدت توقعات تود مُضحكة، أو شديدة الغرابة فى أحسن الأحوال، بالنظر إلى القوة التى ظهر عليها الاتحاد السوفيتى حينها.. لكن تمر السنون، وتتحقق نبوءة تود بدقة مذهلة.. فبدلًا من دراسة أوضاع البلاد باستخدام أدوات التحليل السياسى التقليدية، استطاع تود من خلال الدراسات الديموجرافية، أن يُشرِّح المجتمع السوفيتى، وأن يصل إلى استنتاجات، ثبتت صحتها خلال ثلاثة عشر عامًا، وجعلت منه أحد أبرز فلاسفة وعلماء عصره.والديموجرافيا، فرع من علم الاجتماع والجغرافيا البشرية، يقوم على دراسة علمية لخصائص السكان، المتمثلة فى الحجم والتوزيع والكثافة والتركيب والأعراق ومكونات النمو، مثل معدلات المواليد والوفيات والهجرة، ونسب الأمراض، والظروف الاقتصادية والاجتماعية، ومتوسط الأعمار والجنس، ومستوى الدخل، وغير ذلك.. وفى الدراسات الديموجرافية، يستخدم الباحثون، مثل تود، أدوات رياضية وإحصائية ومعادلات جبرية، يمكن من خلالها توقُّع مستقبل الشعوب، بالنظر إلى حاضرها وماضيها.. ولهذا السبب تحديدًا، يعتبر إيمانويل تود، أن الديموجرافيا هو الفرع الوحيد من بين العلوم الاجتماعية الذى يمكن اعتباره علمًا بالتعريف.. اليوم، يعود تود، الذى أصبح مؤرخًا مرموقًا وعالم أنثروبولوجيا واجتماع طبَّقت شهرته الآفاق، بنظرية أكثر إثارة للجدل، وضعها فى كتاب عنوانه، «هزيمة الغرب» Defeat of the West!.سمح صِدق نبوءة تود الأولى للرجل بأن يكتسب قدرًا من النجومية فى العالم البحثى، لكنه ظل موضعًا لإثارة الجدل.. فتنبؤاته وتحليلاته غالبًا ما تكون صادمة لجمهور القراء فى فرنسا والغرب، وآخر تلك النبوءات، هى أن هزيمة الغرب أصبحت وشيكة.. وللعلم، فإن تود مُثقف غير تقليدى إطلاقًا، وآراؤه غير تقليدية أيضًا.. فيمكن أن يقرأ له باحثٌ رأيًا فى مسألة ويظن أنه من أقصى اليسار، ثم يقرأ له فى صفحة لاحقة تحليلًا لظاهرة أخرى، فيظن أنه ينتمى لا محالة لأقصى اليمين، وهذا الأمر هو ما جعله دائمًا موضع اتهامات متعددة.. فمن ناحية، هو المفكر الذى يُهاجم النيوليبرالية والعولمة والسياسات الاقتصادية التى تُعمِق التفاوت الطبقى، بينما يدعم سياسات دولة الرفاه والتدخل الاقتصادى للدولة، من أجل إعادة التوزيع وضمان أساسيات العدالة الاجتماعية.. وهو المُنتقِد الشهير للإمبريالية الأمريكية، بل وسياسات الاتحاد الأوروبى الاقتصادية.. وهو الرجل الذى وقف بعد أحداث «شارلى إيبدو» فى فرنسا، عن الرسوم المُسيئة للرسول الكريم، صلى الله عليه وسلم، ليكتب وينتقد بجرأة التطرف العلمانى الفرنسى، وهى كلها أمور قد تجعله محسوبًا على اليسار.لكن على جانب آخر، يتمسك إيمانويل تود بالمحافظة على التقاليد الثقافية والدينية، وقد أفرد مساحات كبيرة من كتاباته، لتوضيح كيف يُؤثر التخلى عن القيم الدينية والانصياع التام، على سبيل المثال، لأيديولوجيا الهويات الجنسية بشكل سلبى، فى مستقبل الحضارة الغربية، وكيف يمكن أن ينهار الغرب بانهيار البروتستانتية التى قامت عليها حضارته.. بل ويجد أن ازدياد أعداد اليهود والكاثوليك فى صدارة المشهد السياسى فى الولايات المتحدة يؤشر إلى اضمحلال ما.. وهى كلها آراء يمكن أن يضع من خلالها القارئُ إيمانويل تود، فى خانة المثقف اليمينى، إذا ما قرأها بمعزل عن سياقها.. لكن لنفهم ذلك، ينبغى أن نتعرّف أكثر على هذا الرجل.فإيمانويل تود الذى وُلِد لأسرة ذات رأسمال ثقافى كبير فى ضواحى باريس عام 1951، تخرَّج فى معهد باريس للدراسات السياسية، وحصل على درجة الدكتوراه فى التاريخ من جامعة كامبريدج البريطانية.. ولعل خلفيته المتنوعة تلك، هى التى تُفسِر استخدامه مناهج متعددة المشارب لتفسير الظواهر التى يدرسها.. فهو يستخدم الاقتصاد والبيانات الديموجرافية المُعمَقة كثيرًا فى تحليله، إضافة إلى الأدوات البحثية الخاصة بعلم الاجتماع والعلوم السياسية.. ويعطى تود الدين اهتمامًا كبيرًا فى تناوله للظواهر.. وهو مؤرخ ينتمى إلى ما يُعرف بمدرسة «المدى الطويل»، بمعنى أنه لا يدرس الظواهر فى صورها الضيقة وتفاصيلها الدقيقة المباشرة، وإنما يدرس الحقب التاريخية والظواهر الممتدة.وكتاب «هزيمة الغرب» Defeat of the West، الذى صدر بداية العام الجارى، يمكن اعتباره من أهم أعمال تود.. وعلى الرغم من أنه لم يُترجم بعدُ، ولو إلى اللغة الإنجليزية، فإنه أثار الكثير من الجدل فى العالم الغربى، وتناولته الصحف والمنصات المختلفة، من الولايات المتحدة الأمريكية إلى شرق أوروبا.. والسبب، ليس فقط أن تنبؤات تود تحققت بالفعل فى السابق، ولكن أيضًا لتوقيت الكتاب.. فبينما يحارب الغرب فى أوكرانيا، ويساند إسرائيل فى حربها الإبادية ضد الشعب الفلسطينى، يأتى تود ويقول للغربيين، إنهم فى طريقهم إلى الهزيمة.. ويبين لهم، من خلال مؤشرات متعددة وبيانات هائلة، أنهم على شفا الانهيار.. ويقول تود، إنه حاول فى هذا الكتاب، أن يتحرَّر تمامًا من الخوف من الأحكام الأخلاقية، وأن يقرأ المشهد بشكل علمى غير مُؤدلج.●●●قبل الدخول إلى أطروحته الأساسية، من المهم أن نُلقى نظرة واسعة على آراء تود، التى شكَّلت منظاره المستقل المثير للجدل فى العالم.. وعلى إحدى الأفكار الهامة التى شكلت تفرده، وهى نظرته إلى ملفات السياسة الدولية، بعيدًا عن الرواية الغربية الكُلية.. على سبيل المثال، نبه إيمانويل تود منذ تسعينيات القرن الماضى إلى أن ظُلم الغرب للفلسطينيين وتجاهله لمحنتهم لا بد أن يتم تقويمه، وأنه لا يمكن أن يعيش الغرب على ذكريات الحرب العالمية الثانية ألف عام.. فهذا العيش على الذكرى، هو ما يجعل الغرب مُتعاميًا عن الظُلم الواقع على الفلسطينيين، ويجعله مُساندًا لجيش الاحتلال على طول الخط.. هذه الرؤية للملف الفلسطينى، لم ولن تُمكِّن أوروبا حسب وجهة نظر تود من أن تصبح لها كلمة ذات وزن، لحل الصراع الإسرائيلى الفلسطينى.. كذلك، يصل تود إلى درجة القول بأن إيران ينبغى أن تمتلك سلاحًا نوويًّا؛ لأن هذا هو الحل الوحيد لكى يسود السلام فى المنطقة، ويتوقف جيش الاحتلال الإسرائيلى عن طغيانه.. فبالنسبة لتود، فإن امتلاك الأسلحة النووية بالتساوى هو السبيل الأمثل للسلام، وليس أن تمتلكه بعض الدول فقط.. فهو يرى مثلًا، أن امتلاك الاتحاد السوفيتى لأسلحة نووية، هو ما منع الولايات المتحدة الأمريكية من استخدام أسلحتها ضد الأراضى السوفيتية، عكس ما فعلت مع اليابان فى الحرب العالمية الثانية.. وكذلك إذا امتلكت إيران القنبلة النووية، فستتوقف إسرائيل عن القتل والتشريد دون حساب.على جانب آخر، وبعيدًا عن آراء تود التى خالفت الرواية الغربية السائدة عادةً فى السياسة الدولية، فإن أهم مرتكز فى فلسفته، هو الأدوات التى يعتمدها فى تحليله وتنبؤاته.. فبينما يُركز المحللون عادةً على البِنى الاقتصادية والثقافية ليبنوا تحليلاتهم وتوقعاتهم ورؤاهم التاريخية، يتجه تود إلى وحدات أصغر فى الصورة ليحللها، مثل الهياكل الأسرية فى المجتمع.. هل هى ممتدة أم طائفية؟، وهل ما زال الناس مُترابطين أسريًّا فى مجتمع ما أم لا؟، وبأية صورة؟.. وبعد جمع تلك البيانات الصغيرة، يربطها تود بشكل الأنظمة الذى يمكن أن تستقر فى هذا المجتمع، سواء أنظمة استبدادية أو ديمقراطية ليبرالية.. فإذا ما تزايدت أعداد الأسر الطائفية فى مجتمع ما، فربما سيُهدد ذلك نظامًا استبداديًّا على المدى الطويل.وبشكل عام، فإن ما يُميز تحليلات تود، هو استخدامه الواسع لعلم السكان والبيانات الديموجرافية ومعدلات المواليد ومستويات التعليم، ليتوقع التغييرات السياسية والاجتماعية التى يمكن أن تشهدها منطقة ما.. وحين توقع تود عام 1976، فى كتابه «السقوط الأخير» The last fall، انهيار الاتحاد السوفيتى قريبًا، قام بذلك، انطلاقًا من دراسة بيانات لا تمتّ إلى السياسة بصلة مباشرة، مثل إحصائيات معدلات وفيات الأطفال الرُضّع فى الاتحاد السوفيتى، فضلًا عن انخفاض نسبة المواليد.. ومع أنه فى البداية، لم تأخذ طريقة تود فى التحليل والتأريخ اهتمامًا يُذكر، لكن حين حدث ما حدث وسقط الاتحاد السوفيتى، بدأت طريقته، التى تعتمد أساسًا على البيانات السكانية، تنال اهتمامًا كبيرًا.وربما يكون أكثر تحليلات المفكر الفرنسى إثارة للجدل، هو تحليله للمَسِيرات الفرنسية، التى انطلقت للتنديد بالهجوم المسلح على صحيفة «شارلى إيبدو»، بعد نشر المجلة رسومًا مسيئة للنبى محمد، صلى الله عليه وسلم.. إذ بعد أحداث شارلى إيبدو، انطلقت مَسِيرات فى فرنسا للتنديد بما حدث، وللتأكيد على إيمان فرنسا بما يصفونه «حرية الاعتقاد وبقيم التنوير، وبوحدة الشعب الفرنسى أمام الإرهاب الدينى»، وقد نُظر إلى تلك المَسِيرات التى انطلقت فى يوم الحادى عشر من يناير 2015، باعتبارها مُقدسة ورمزًا وطنيًّا فى حد ذاتها، وأصبحت كلمة «روح الحادى عشر من يناير» تعبيرًا يستخدمه الكُتاب والمفكرون فى فرنسا، لوصف روح فرنسا التى لا تُقهر، والتى تجلَّت فى هذا اليوم.. لكن تود أتى فجأة، لينسف كل ذلك ويقول، إن شارلى إيبدو مجلة سيئة، وإن هذه المَسِيرات نضَحَت بالفاشية، وإنها مَسِيرات لا تُثير الإعجاب، قادها «زومبى الكاثوليك» كما وصفهم.. فهى انطلقت من أكثر أحياء فرنسا كاثوليكيةً وأكثرها كراهيةً للإسلام، وهى تحديدًا مناطق الغرب الفرنسى وليون، التى لا يُمارس الناس الذين وصفهم بالزومبى الكاثوليك فيها الكاثوليكية، لكنهم مازالوا مُشبَعين بالأفكار الكاثوليكية اجتماعيًّا وأسريًّا، ومحافظين على نفس الهياكل الهرمية الكاثوليكية، وأبعد ما يكونون عن العلمانية.. وهم بحسب تعبيره، مجموعة من «المُنحرفين المُسنّين الذين تمت تربيتهم اجتماعيًّا على الدين الذى تخلوا عنه»، بحسب تعبيره.بالنسبة لتود، فإن المظاهرات لم تكن تدافع فقط عن حرية الاعتقاد والتعبير، وهى الحرية التى يتفق معها بالطبع، بل كانت أيضًا مظاهرات لا مكان فيها لهؤلاء الذين يرفضون «العمل الإرهابى»، لكنهم مع ذلك يعترضون على الرسوم المستفزّة ولا يُشجعونها، ويرون أنها كانت حمقاء، على حدِّ تعبيره.. كانت المَسِيرات من وجهة نظره، فرصة «لاستعراض القوة والبصق على الأقلية المُستضعَفة»، وهى مسلمو فرنسا، الذين يمثلهم أساسًا أبناء المهاجرين والعمال.. كما كانت استعراضًا لكراهية تلك الأقلية، والذى لم يحضره أبناء الطبقة العاملة، وإنما فقط الكاثوليك.. تسبَّب رأى إيمانويل تود حينها، فى موجة عاصفة من الانتقادات، ووصفته الصحافة الفرنسية بأنه «مُثقّف مُزعج»، و«مُجدّف ضد الحادى عشر من يناير»، و«سخيف وكاذب» و«مُتواطئ مع الإرهابيين».. وقد عقّب تود حينذاك، بأنه من المفارقة، أن الداعين إلى تلك المَسِيرات قد انطلقوا للدفاع عن حرية التعبير، وبعد ذلك أرادوا إسكات كل من اختلف معهم فى الرأى، وقال أيضًا، إن السخرية من الدين فى فرنسا لم تعد حقًّا فقط، بل أصبحت واجبًا؛ إذ يتم دفع المسلمين على وسائل الإعلام إلى القول إنهم مؤيدون للرسوم المسيئة لنبيهم، حتى يُظهِروا أنهم فرنسيون حقًّا.●●●بعد سنوات من تنبُّئِه الناجح بانهيار الاتحاد السوفيتى، عاد تود ليستخدم نفس الأدوات الإحصائية بشكل أساسى، ليقدم نبوءة جديدة.. ونبوءتُه هذه المرة هى هزيمة الغرب، فى الكتاب الذى صدر عن دار جاليمار للنشر بداية هذا العام، ومن خلال هذا الكتاب ومادته العلمية الوفيرة، يُبرهن تود على العجز الصناعى فى الولايات المتحدة الأمريكية وانحدار التعليم بها منذ ستينيات القرن الماضى، ويُبرهن أيضًا على السقوط الروحانى والدينى وتفكك الروابط العائلية، وتفضيل دول من العالم لنموذج الدول المُعادية للغرب.. ومن خلال هذه الأشياء، يرسم صورة قاتمة لمستقبل الغرب.. تمامًا كما نظر فى الماضى إلى الإحصاءات السكانية الصغيرة التى توقع من خلالها أن الفساد قد استشرى فى الاتحاد السوفيتى إلى حدٍ يهدد بانهياره، فإنه يعود الآن وينظر إلى نفس الإحصاءات فى روسيا، فيجد الأمر قد تغير تمامًا.. ففى حكم الرئيس فلاديمير بوتين، انخفض معدل الوفيات نتيجة إدمان الكحول فى روسيا من 25.6 فى كل مائة ألف نسمة إلى 8.4 فقط، وانخفضت حالات الانتحار من 56,934 حالة إلى 20,278 حالة، وانخفضت جرائم القتل من 41,090 جريمة إلى 9,048 جريمة قتل، كما انخفض معدل الوفيات السنوية بين الرضع من تسعة عشر من كل ألف طفل عام 2000 إلى 4.4 عام 2020.. وأهمية هذا الرقم بالنسبة لتود، أنه أقل من المعدل الأمريكى البالغ 5.4.. بالنسبة لتود، فإن مؤشرات مثل تلك، أهم بكثير من المؤشرات الغربية السيّئة السمعة، حول الفساد وما إلى ذلك، التى يرى أنها مفتقرة إلى المعايير الموضوعية.. فبينما تُظهِر تلك المؤشرات الغربية أن الغرب متفوق بفارق كبير على خصومه، يُظهِر الفرق بين عدد وفيات الأطفال الرضع فى روسيا والولايات المتحدة الأمريكية، أن الولايات المتحدة أصبحت أكثر فسادًا من روسيا.يُبين تود الذى يتهمه الكثيرون فى الغرب حاليًّا، بأنه صار بوقًا لتلميع روسيا بالأرقام، كيف تقدَّمت روسيا وتخلَّفت الولايات المتحدة الأمريكية؛ فقد صارت الولايات المتحدة تنتج من السيارات ومن القمح، أقل مما كانت تنتجه فى ثمانينيات القرن الماضى، بل إنها أصبحت تُخرِّج مهندسين أقل ممن تُخرِّجهم روسيا، وهذا ليس قياسًا بعدد السكان فحسب، بل وفق الأرقام المطلقة.. هذا فضلًا عن النقص الحاد فى شهادات الدكتوراه التى حصل عليها الأمريكيون فى مجال الهندسة فى العقود الأخيرة.. وبينما يتجه الروس إلى الوظائف التى تتقدم بها الأمم، يتجه الأمريكيون أكثر فأكثر، إلى وظائف قطاع الخدمات والقانون والتمويل، وهى الوظائف التى لا تُوجِد القيمة وإنما تنقلها فقط داخل الاقتصاد، وقد تقضى عليها فى بعض الأحيان.. وبشكل عام، يرى تود أنه بينما كانت الحكومات الغربية المُنتخبة تُركز دائمًا على تحقيق أهداف قصيرة المدى، توفر لها إعادة انتخابها مرّة قادمة، كانت حكومات الدول المنافسة للغرب تتمتع بخطط أطول مدى، جعلتها تحقق تقدمًا ملحوظًا فى بلادها، وعلى الصعيد الدولى.من وجهة نظر تود، ينبغى لنا أن نتأمل بعمق حقيقة أن روسيا استطاعت أن تصمُد فى وجه العقوبات الاقتصادية بعد الحرب على أوكرانيا، دون أن تركع أو تتأثر بشكل حاد؛ ذلك لأن روسيا استطاعت أن تبنى دولتها المستقلة، وقد استعدت لاستقلالها الاقتصادى والتكنولوجى منذ سنوات.. والمُدهش هنا وفقًا لتود، أن الغرب لم يكن قادرًا على تأمين احتياجات أوكرانيا من القذائف فى الحرب، على الرغم من أنه قبل الحرب مباشرة، كان الناتج المحلى الإجمالى لروسيا وبيلاروسيا لا يمثل إلا 3.3%، من الناتج المحلى الإجمالى الذى يتمتع به الغرب.. لكن رغم ذلك، استطاعت روسيا أن تُنتج أسلحة أكثر من العالم الغربى.. ومن هنا، يخلُص تود إلى أن علم الاقتصاد السياسى الغربى الزائف قد انكشف فى تلك الحرب، وأن مفهوم الناتج المحلى الإجمالى لم يعُد قادرًا على تفسير الحقيقة.. كذلك، يخلُص تود، إلى أن الوضع المتعلق بالاقتصاد والتعليم والفساد، يشير إلى أن الغرب على شفا حفرة من الهزيمة أمام خصومه، كما أن تود يُولى مساحة أخرى اهتمامًا كبيرًا، ليستخلص من خلالها اقتراب هزيمة الغرب، وهى مساحة العلاقات الأسرية والحياة الروحية والدين.. يرى تود، كما رأى الكثير من الفلاسفة من قبل، أن الإصلاح الدينى البروتستانتى كان العمود الأساسى، الذى بنى عليه الغرب نهضته التعليمية والاقتصادية، إذ أعلَت البروتستانتية من قيم العمل والتعليم.. والآن يلاحظ تود أمرين أساسيين..أولهما، أن النخبة البروتستانتية التى بُنيَت على أكتافها سابقًا الحضارة الغربية من خلال قيم العمل والعلم، تحولت الآن لتصبح عصابات حاكمة فى العواصم الغربية، مُشبَّعة تمامًا بأفكار النيوليبرالية والجشع، بل إنها قد فقدت وجودها فى واجهة الحكم فى الولايات المتحدة الأمريكية.. على سبيل المثال، لأول مرة فى الحكومة الأمريكية الأخيرة، حكومة جو بايدن، لم يعد هناك وجه بروتستانتى أبيض، بل صار اليهود يسودون الوظائف الحكومية العليا، وهو يؤكد حين يشير إلى تلك الملحوظة، أنه هو نفسه ينتمى لسلالة يهودية، لكنه يحاول أن يوضح كيف يؤثر الأمر فى السياسة.. والآخر، هو ما يسميه تود، الوصول إلى الصفر الدينى فى الغرب، بقطبيه الكاثوليكى والبروتستانتى؛ مما أنتج فوضى فى القيم والمعايير وتغييب معنى الحياة.. فلم تعد المجتمعات الغربية تُعانى فقط من الافتقار إلى الروحانية والقيم والمعانى، بل وصل فيها الاقتناع الدينى إلى الصفر، وهو ما جعل القيم الغربية غير جذابة لبقية العالم بعكس الماضى؛ إذ صار الغرب عنوانًا للعدمية، وأصبح نموذج الأسرة الغربية بعد ما شهد نظامها القائم على الأب تدميرًا كبيرًا فى العقد الأخير نموذجًا يهدد الحياة الاجتماعية، فضلًا عن كونه لا يجذب الاحترام فى عيون العالم.هل كان تود هو الوحيد القائل بهزيمة الغرب؟.. الواقع يقول لا، إذ خرج معه مَنْ يؤكد ذلك، لكن بتصرف.. وهذا حديث المقال التالى.حفظ الله مصر من كيد الكائدين.. آمين.
قراءة المزيدالشروق
2024-04-30
أكدت التشيك دعمها لجولة جديدة من توسع الاتحاد الأوروبي فيما تستعد البلاد لمرور 20 عاما منذ انضمامها إلى التكتل. وقال الرئيس التشيكي بيتر بافل ،في مؤتمر صحفي مع نظيره الألماني فرانك- فالتر شتاينماير بشأن انضمام التشيك وتسع دول أخرى للاتحاد الأوروبي قبل 20 عاما، إن التوسع "ضرورة استراتيجية". وحذر بافل، الرئيس السابق للجنة العسكرية لحلف شمال الأطلسي (ناتو): "إذا تركنا دول البلقان الغربية وأوكرانيا ومولدوفا وجورجيا على عتبة الباب لأمد طويل، سنتركهم تحت رحمة قوى مثل روسيا، التي تضمر سوء النية تجاه الأوروبيين وأوروبا برمتها". وعلى صعيد متصل، قال رئيس الوزراء التشيكي، بيتر فيالا: "ترغب هذه الدول في الانتماء إلى الغرب"، مضيفا: "دعونا نمنحهم هذه الفرصة ونستفيد إلى أقصى حد من الفرص التي يتيحها التوسع". ودعا بافيل الدول المرشحة إلى الاستعداد بجدية للانضمام في المستقبل. وقال إن بلاده يمكنها مساعدة الأعضاء المحتملين من خلال تبادل خبراتها الخاصة. كما ضغط الرئيس من أجل إدخال إصلاحات على الاتحاد الأوروبي، مشيرا إلى أن التكتل يمكن أن يتم تحسينه "قطعا". يشار إلى أنه في الأول من مايو عام 2004، انضمت إلى الاتحاد الأوروبي دول الكتلة الشرقية السابقة، وهي إستونيا ولاتفيا وليتوانيا وسلوفينيا وسلوفاكيا والتشيك والمجر وبولندا بالإضافة إلى مالطا وقبرص، وذلك في أكبر خطوة توسعة في تاريخ التكتل الأوروبي، في خطوة أشاد بها بافل باعتبارها "إنجازا". وذكر بافل: "أن وطننا ليس جمهورية التشيك فحسب، بل أوروبا". وتسعى حاليا ست دول في البلقان الغربية، هي ألبانيا والبوسنة والهرسك وكوسوفو ومقدونيا الشمالية و(مونتينجرو) الجبل الأسود وصربيا، إلى الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي وحققت تقدما متفاوتا نحو الحصول على عضوية التكتل. يشار إلى أن أوكرانيا ومولدوفا وجورجيا، هى جمهوريات الاتحاد السوفيتي السابقة، مرشحة للانضمام للتكتل، بينما تم تجميد مفاوضات انضمام تركيا للاتحاد الأوروبي. ودعا شتاينماير في وقت سابق إلى الدفاع عن الديمقراطية في الاتحاد الأوروبي خلال انتخابات أوروبا. وخلال مؤتمر بمناسبة الذكرى السنوية العشرين لانضمام التشيك وتسع دول أخرى إلى الاتحاد الأوروبي، قال شتاينماير في براغ اليوم الثلاثاء:" تتعرض قيم ديمقراطية أساسية داخل الاتحاد الأوروبي بل والمشروع الأوروبي، للتشكيك من قبل شعبويين غير مسؤولين. لنكن الآن على دراية تامة بما هو على المحك". وأعرب شتاينماير عن اعتقاده بأن الديمقراطية التي تحققت ذات مرة لا تضمن لنفسها البقاء إلى الأبد، وقال :" نعلم أن قوة الديمقراطية الليبرالية وتسامحها يمثلان في الوقت نفسه النقطة الأكثر ضعفا فيها. ونعلم أنه يجب أن تكون لنا منعة وأن نتصرف بشكل دفاعي عندما يستغل من يحتقرون الديمقراطية هذا التسامح من أجل مهاجمتها". ورأى شتاينماير أن التشيك وألمانيا لديهما اليوم كل الأسباب للاحتفال بهذا الانضمام قبل 20 عاما، وقال: "لقد استفدنا جميعا من هذه الخطوة - ليس اقتصاديا فقط، ولكننا استفدنا في المقام الأول كجيران. وستستمر كتابة قصة النجاح هذه". وأشار الرئيس الألماني إلى أن جمهورية التشيك لم تطبق استخدام اليورو، لكنه قال إن العملة المشتركة ستظل مفتوحة للجميع، وأضاف أنه يجب أن تبت التشيك بنفسها في هذا الأمر، وأردف:"ولكن رسالتي هي: إذا قرر الشعب التشيكي مثل هذا الأمر ذات يوم، فإننا جميعا سنرحب بكم بأشد درجات الحفاوة في منطقة اليورو".
قراءة المزيدالكلمات المفتاحية المذكورة في المقال:
الشروق
2024-04-30
صرح الرئيس الألماني فرانك- فالتر شتاينماير بأن توسيع الاتحاد الأوروبي بعشر دول قبل 20 عاما كان بمثابة "لحظة سعادة أوروبية". وخلال مؤتمر صحفي مشترك مع نظيره التشيكي بيتر بافيل، قال شتاينماير في براغ اليوم الاثنين إن عدد الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي ارتفع آنذاك من 15 إلى 25 دولة عضو، وزاد عدد المواطنين الأوروبيين بمقدار 75 مليون شخص. وأضاف شتاينماير : " أرى أن توسيع الاتحاد الأوروبي آنذاك كان مثالًا بارزا على تحول أوروبا الناجح والذي كان له تأثير كبير حيث تم التغلب نهائيا على التقسيم الذي نشأ في السابق جراء الحرب الباردة في أوروبا". يشار إلى أنه في الأول من أيار/مايو عام 2004، انضم إلى الاتحاد الأوروبي دول الكتلة الشرقية السابقة، وهي إستونيا ولاتفيا وليتوانيا وسلوفينيا وسلوفاكيا والتشيك والمجر وبولندا بالإضافة إلى مالطا وقبرص، وذلك في أكبر خطوة توسعة في تاريخ التكتل الأوروبي. كان شتاينماير وصل إلى براغ في وقت مبكر من بعد ظهر اليوم للمشاركة في احتفال التشيك بمرور الذكرى السنوية العشرين على انضمامها للاتحاد الأوروبي. وقال شتاينماير:" أنا على يقين أن عضوية الاتحاد الأوروبي غيرت جمهورية التشيك، لكن التشيك غيرت الاتحاد الأوروبي أيضا". وأعرب شتاينماير عن اعتقاده بأن توسيع الاتحاد الأوروبي لا يزال يمثل اليوم أيضا أهمية استراتيجية محورية بالنسبة لألمانيا والتشيك والاتحاد الأوروبي. وأكد الرئيس الألماني أن " ألمانيا تدعم فرص انضمام دول غرب البلقان التي لديها استعداد للانضمام وأوكرانيا ومولدوفا وجورجيا".
قراءة المزيدالكلمات المفتاحية المذكورة في المقال:
الشروق
2024-03-19
اتهمت اللجنة الأولمبية الدولية روسيا بالقيام "بمحاولة ساخرة لتسييس الرياضة" من خلال دورة ألعاب الصداقة التي تستعد لاستضافتها، وطالبت جميع الأطراف المعنية لعدم المشاركة فيها أو دعمها. يذكر أنه تم عزل روسيا بشكل أساسي بعدما تم منعها من المشاركة في الفعاليات الرياضية الدولية منذ بدء غزوها لأوكرانيا عام 2022، رغم سماح اللجنة الأولمبية الدولية للرياضيين من روسيا وبيلاروس بالمنافسة في أولمبياد باريس هذا العام، كمحايدين وفي ظل معايير أهلية صارمة. ومن المقرر أن يتخذ المجلس التنفيذي للجنة الأولمبية الدولية اليوم الثلاثاء قراره عما إذا كان سيتم السماح لروسيا وبيلاروس بالمشاركة في حفلي الافتتاح والختام في أولمبياد باريس 2024 هذا الصيف، من عدمه. وأثناء اجتماع المجلس التنفيذي بمدينة لوزان السويسرية، نشرت اللجنة الأولمبية الدولية بيانا شديد اللهجة يعارض تماما ألعاب الصداقة التي ذكرت روسيا أنها ستجري نسختها الصيفية في وقت لاحق من هذا العام في العاصمة الروسية موسكو وكذلك في مدينة إيكاتريننبرج، بالإضافة لنسخة أخرى شتوية ستقام عام 2026 في سوتشي. وجاء في بيان للجنة: "تشير اللجنة الأولمبية الدولية إلى أنه، خلافا للمبادئ الأساسية للميثاق الأولمبي وقرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة، تعتزم الحكومة الروسية تنظيم فعاليات رياضية ذات دوافع سياسية بحتة في روسيا". أضاف البيان أن الحكومة الروسية شنت "هجوما دبلوماسيا مكثفا للغاية" لجذب المشاركين بالدورة، و"لجعل دوافعهم السياسية البحتة أكثر وضوحا، فإنهم يتحايلون عمدا على المنظمات الرياضية في البلدان المستهدفة". وتابعت اللجنة الأولمبية الدولية "هذا انتهاك صارخ للميثاق الأولمبي ولقرارات الأمم المتحدة المختلفة في نفس الوقت. إنها محاولة ساخرة من جانب الاتحاد الروسي لتسييس الرياضة". وكشفت مقاطع فيديو في روسيا أن الرياضيين من جميع أنحاء العالم سيجتمعون ويتنافسون للحصول على جوائز مالية كبيرة في ألعاب الصداقة التي ينظر إليها منتقدوها على أنها محاولة لتقويض العقوبات الرياضية المفروضة بعد غزو أوكرانيا. وأقيمت ألعاب الصداقة لأول مرة في الاتحاد السوفييتي ودول الكتلة الشرقية الأخرى عام 1984، وشملت بشكل رئيسي الدول التي قاطعت الألعاب الأولمبية في ذلك العام التي استضافتها مدينة لوس أنجليس الأمريكية. ومن المقرر أن تلعب روسيا أيضا مباراة ودية لكرة القدم هذا الأسبوع ضد صربيا، بينما يظل قرار المنع عن المشاركة في المنافسات الكروية الدولية ساريا على الأندية والمنتخبات الوطنية الروسية. وسبق للمنتخب الروسي لكرة القدم خوض مباريات ودية أمام عدد من المنتخبات عقب غزو أوكرانيا، كان من بينها لقاءات ضد العراق وإيران وكوبا والكاميرون. وفي يونيو القادم، تستضيف روسيا أيضا ألعاب البريكس في مدينة كازان، والتي تجمع رياضيين من المنظمة التي تضم البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب إفريقيا ومصر وإثيوبيا وإيران والإمارات العربية المتحدة. وفيما يتعلق بألعاب الصداقة، أشارت اللجنة الأولمبية الدولية إلى أن لجنة الرياضيين التابعة لها "إجبار الرياضيين من قبل حكوماتهم على المشاركة في مثل هذا الحدث الرياضي المسيس بالكامل، وبالتالي استغلالهم كجزء من حملة دعائية سياسية". وشددت اللجنة الأولمبية الدولية في بيانها على أن "الحكومة الروسية تظهر أيضا عدم احترام تام للمعايير العالمية لمكافحة المنشطات ونزاهة المسابقات". وأوضحت "هذه هي نفس الحكومة التي تورطت في برنامج المنشطات المنهجي في دورة الألعاب الأولمبية الشتوية سوتشي 2014، ولاحقا، التلاعب ببرامج وبيانات مكافحة المنشطات". وتحدثت اللجنة أيضا عن "عدم احترام الرياضيين ونزاهة المسابقات الرياضية"، وخلصت إلى أن "الحركة الأولمبية تدين بشدة أي مبادرة لتسييس الرياضة بشكل كامل، ولا سيما إقامة أحداث رياضية مسيسة بالكامل من جانب الحكومة الروسية". وشددت اللجنة في ختام بيانها "تحث اللجنة الأولمبية الدولية بقوة جميع أصحاب المصلحة في الحركة الأولمبية وجميع الحكومات على رفض أي مشاركة أو دعم لأي مبادرة تهدف لتسييس الرياضة الدولية بشكل كامل".
قراءة المزيدالكلمات المفتاحية المذكورة في المقال:
الشروق
2024-03-11
قبل 25 عاما -بالتحديد في 12 مارس 1999- أصبحت جمهورية التشيك وبولندا والمجر أعضاء في حلف شمال الأطلسي (الناتو) بعدما كانت هذه الدول مجرد أعضاء في حلف وارسو الشرقي. يقول البريجادير جنرال التشيكي المتقاعد فرانتسيك ميكانيك إن هذا الحدث كان "نقلة نوعية استراتيجية" تماما مثل الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي بعد خمس سنوات. وفي ضوء الحرب الواقعة في أوكرانيا، من غير المرجح أن يكون المواطنون والساسة في براغ ووارسو وبودابست في حالة تسمح لهم بالاحتفال. وكان وزير الخارجية التشيكي آنذاك، يان كافان، قد وعد في عام 1999 عند تسلم وثيقة التصديق على الانضمام للحلف في الولايات المتحدة قائلا: "نحن مصممون على ألا نكون عبئا على الناتو، بل على العكس من ذلك: نحن مستعدون لتحمل نصيبنا من المسئولية والوفاء بجميع الالتزامات الناشئة عن العضوية". شعر مواطنو الدول الثلاث بالسعادة بانتمائهم أخيرا إلى الغرب، لكن الشعور المتزايد بالأمان رافقه في بعض الأحيان تراجع في القدرات العسكرية خلال السنوات التالية، بيد أن هذا التراجع كان يمكن رصده أيضا في جميع أنحاء أوروبا، حسبما أوضح الخبير في شئون الدفاع ميكانيك، الذي أردف قائلا: "بعد تأسيس الناتو في عام 1949 اعتادت أوروبا على الدور القيادي للولايات المتحدة الأمريكية وانغمست في شعور مؤقت بالأمان - وهو أسطورة أدت الآن إلى إفاقة غير سارة ومؤلمة". طبقت جمهورية التشيك والمجر آخر تجنيد إلزامي للمواطنين عام 2004، وتبعتهما في ذلك بولندا عقب أربع سنوات. بحسب ميكانيك، طرأت في الفترة التي تلت ذلك العديد من الأسئلة الجديدة، مثل "كيف نعزز ثقة الرأي العام في الجيش المحترف الجديد؟ ما نوع ميزانية الدفاع التي يمكننا تحملها؟ هل نريد قواعد عسكرية أجنبية على أراضينا؟". ولا تزال العديد من هذه الأسئلة تشغل البال حتى يومنا هذا. قبل توسع حلف شمال الأطلسي شرقا كانت هناك تحفظات حول ما إذا كان من الممكن دمج قوات الكتلة الشرقية السابقة بنجاح في الهياكل الديمقراطية الغربية. ويرى ميكانيك أن هذه المخاوف لم تتأكد، قائلا: "الجنود كانوا وما زالوا مرنين"، موضحا أن أولئك الذين ارتبطوا بشكل وثيق بالحزب الشيوعي تركوا الجيش، مشيرا في المقابل إلى أن المشكلة التي لا تزال قائمة حتى اليوم هي تحويل التقنيات العسكرية من المعايير السوفييتية السابقة إلى المعايير الغربية. ويؤدي التمرير الحالي للتقنيات القديمة إلى كييف إلى تعزيز التحديث، على سبيل المثال: تلقت التشيك من ألمانيا عبر ما يسمى بالتبادل الدائري دبابات من طراز "ليوبارد 2 إيه 4" لتحل محل دبابات "تي-72" التي سلمتها التشيك إلى أوكرانيا. ومنذ بداية الحرب الروسية على أوكرانيا زادت بولندا والتشيك من إنفاقهما على التسليح بشكل كبير، رغم أن حقبة جديدة من السياسة الروسية التوسعية والعدوانية كانت قد بدأت بالفعل منذ ضم شبه جزيرة القرم عام 2014، حسبما يرى ميكانيك منتقدا. وفي الذكرى السنوية الخامسة والعشرين لأول توسع لحلف شمال الأطلسي شرقا، من المتوقع أن يلقي الرئيس الأمريكي الأسبق بيل كلينتون - الذي كان في المنصب في ذلك الحين - كلمة في مؤتمر يُعقد في براغ. قال كلينتون ذات مرة في تصريحات للإذاعة التشيكية متذكرا هذا الحدث إنه كان يرى في ذلك الحين أنه من المهم للغاية الترحيب بجمهورية التشيك والمجر وبولندا بأذرع مفتوحة، بل وكان يعتقد - عندما كان بوريس يلتسين لا يزال رئيسا لروسيا - أنه "من الممكن في يوم ما أن يكون لدينا تحالف مشترك يضم روسيا". لكن الأمور سارت بشكل مختلف تماما؛ فمسألة كيفية التصرف تجاه روسيا تثير الخلافات بين الحلفاء اليوم، ويرجع السبب الرئيسي في ذلك إلى موقف المجر، التي لا يزال رئيس وزرائها الشعبوي اليميني فيكتور أوربان يقيم علاقات جيدة مع الكرملين. يثير إعجاب أوربان – الذي يدعو إلى "ديمقراطية غير ليبرالية" - أسلوب الحكم الاستبدادي لفلاديمير بوتين ويتبنى أجزاء منه، مثل التضييق على المنظمات الممولة من الخارج. في الماضي كان للمجر ذاتها تاريخ من المعاناة مع الإمبراطورية السوفيتية: ففي عام 1956 تدخلت الدبابات السوفيتية لإخماد الانتفاضة الشعبية ضد الستالينية. ورغم أن أوربان وافق على فرض عقوبات على روسيا، فإنه يرفض السماح بمرور شحنات أسلحة لأوكرانيا عبر بلاده. وفي الآونة الأخيرة استغل أوربان موضوع حلف شمال الأطلسي للضغط على الغرب الليبرالي الذي يكرهه: فتحت إدارته أخرت المجر التصديق على انضمام السويد إلى الناتو لعدة أشهر. وعزا حزب الاتحاد المدني المجري "فيدس" الذي يتزعمه أوربان ذلك التأخير إلى "الشعور بالإهانة" من الانتقادات الموجهة من السويد بشأن سيادة القانون في المجر، ورأى الحزب في ذلك فقدانا "للثقة"، التي بدونها لن يكون من الممكن البقاء في تحالف عسكري مشترك. ورغم تسوية هذا النزاع حاليا، صار النزاع التالي قاب قوسين أو أدنى: فقد أعلن وزير الخارجية المجري بيتر سيارتو مؤخرا أنه يعتزم استخدام حق النقض ضد المرشح الهولندي مارك روته، الذي تفضله الولايات المتحدة وألمانيا وبريطانيا، لمنصب الأمين العام لحلف شمال الأطلسي.
قراءة المزيدالكلمات المفتاحية المذكورة في المقال:
المصري اليوم
2024-02-25
تحل اليوم الذكرى الـ33 لتفكيك ، المعروف رسميًا بمعاهدة الصداقة والتعاون والمعونة المشتركة، إذ جاء تشكيل الحلف ليكون معاهدة أمن مشترك وقعت في وارسو عاصمة بولندا بين الاتحاد السوفييتي وسبع جمهوريات اشتراكية أخرى من الكتلة الشرقية في مايو 1955 خلال الحرب الباردة. تشكيل حلف وارسو في الذكرى الـ33 لتفكيك حلف «وارسو».. كيف بدأت الحرب الباردة مع «الناتو»؟ تشكَّل عام 1955 كرد فعل على قرار الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها الأوروبيين بإدراج ألمانيا الغربية ضمن منظومة «حلف شمال الأطلسى»، والذي يعرف اختصارًا باسم «ناتو»، وتم تشكيل الناتو عام 1949 بوصفه تحالفًا عسكريًا بين الولايات المتحدة وكندا والعديد من الدول الأوروبية لمواجهة التهديد التوسعي البري الداهم للسوفيات على أبواب أوروبا الغربية. ففي عام 1954، صوت الناتو لصالح قبول ألمانيا الغربية؛ ما سمح بإعادة تسليحها، عضوًا في الحلف، ما حدا بموسكو إلى الرد عن طريق، الذي ضم في عضويته التأسيسية: «الاتحاد السوفياتي وألمانيا الشرقية وبولندا والمجر ورومانيا وبلغاريا وتشيكوسلوفاكيا، وألبانيا التي انسحبت لاحقًا عام 1968». وفي عام 1963، سعت منغوليا للانضمام إلى حلف وارسو، لكنها حصلت على وضعية «عضو مراقب» إثر ضغوط سياسية مارستها الصين التي أرادت إبقاء جارتها الشمالية في وضع حياديّ، لكن السوفيات ما لبثوا أن نشروا قواتهم في وقت لاحق عام 1966 في هذه الدولة الآسيوية. تشكيل حلف الناتو في الذكرى الـ33 لتفكيك حلف «وارسو».. كيف بدأت الحرب الباردة مع «الناتو»؟ جدير بالذكر أن الناتو هو تحالف عسكري أسسته 12 دولة، من بينها الولايات المتحدة وبريطانيا وكندا وفرنسا، عام 1949. وكان هدف الناتو في الأصل هو مواجهة تهديد التوسع السوفييتي في أوروبا بعد الحرب العالمية الثانية، فكان هناك اتفاق بين الدول الأعضاء على مساعدة بعضهم بعضا في حالة وقوع أي هجوم مسلح. وفي عام 1955، رد الاتحاد السوفيتي على الناتو بإنشاء تحالف عسكري خاص به يتكون من دول أوروبا الشرقية الشيوعية، أطلق عليه حلف وارسو، إلا أنه بعد انهيار الاتحاد السوفيتي عام 1991، غيّرت عدد من دول حلف وارسو مواقفها، وأصبحت أعضاء في الناتو. الحرب الباردة بين حلف وارسو وحلف الناتو على مدار الستة وثلاثين سنة التي سبقت انهيار الاتحاد السوفيتي، وهى الفترة التي شهدت وجود ، لم يشهد العالم أي مواجهات مباشرة بين حلف شمال الأطلسي وحلف وارسو، حيث اكتفى الحلفان بوضع سياسة اقتصرت على احتواء توسع ونفوذ الطرف الآخر، وبالحرب الباردة، اتجه حلف وارسو للتدخل بشكل غير مباشر وغير معلن بعدد من النزاعات كانت أبرزها: «حرب فيتنام والحرب الفيتنامية الكمبودية والحرب القذرة بالأرجنتين». وفي المقابل، تدخل الحلف بشكل مباشر بتشيكوسلوفاكيا خلال شهرأغسطس 1965، بالإضافة إلى التدخل العسكري السوفيتي بالمجر، ضمن ما عرف بالثورة المجرية عام 1956. بحلول عام 1989، شهدت أوروبا تغييرات سياسية هامة، فخلال تلك السنة، عرفت مناطق عدة من أوروبا الشرقية والوسطى اضطرابات سياسية عقب حادثة «النزهة بعموم أوروبا» التي مثلت تظاهرات سلمية على الحدود النمساوية المجرية بشهر أغسطس 1989، وقد لقيت حادثة فتح الحدود بين النمسا والمجر حينها تفاعلا كبيرا بالمعسكر الشرقي الذي سرعان ما انهار تحت وطأة التحركات الشعبية. بداية انهيار الاتحاد السوفيتي في الذكرى الـ33 لتفكيك حلف «وارسو».. كيف بدأت الحرب الباردة مع «الناتو»؟ جاءت بداية، عندما أحس قادة دول المعسكر الشرقي تدريجيا بخروج الأمور عن السيطرة بدولهم تزامنا مع غياب الدور السوفيتي بالمنطقة بسبب السياسة الخارجية الجديدة المعتمدة من قبل ميخائيل جورباتشوف، الزعيم السوفيتي. وما بين عامي 1989 و1991، انهارت الأنظمة الشيوعية بكل من: «ألبانيا وتشيكوسلوفاكيا ورومانيا وبولندا والمجر وبلغاريا ويوغوسلافيا وألمانيا الشرقية»؛ لينهار الاتحاد السوفيتي في عام 1991، تاركا مكانة لروسيا الاتحادية، فبحلول يوم 25 فبراير 1991، اجتمع وزراء دفاع الدول الأعضاء بحلف وارسو بالمجر واتفقوا على إنهاء العمل المشترك ضمن حلف وارسو معلنين بذلك نهاية هذا الحلف الشيوعي. وفي مطلع يوليو 1991، أعلن رئيس تشيكوسلوفاكيا فاتيسلاف هافيل (Václav Havel) عن نهاية منظمة الصداقة والتعاون المشتركة، صلب حلف وارسو؛ ليؤكد بذلك زوال هذا الحلف الذي استمر وجوده حوالي 36 عامًا.
قراءة المزيدالكلمات المفتاحية المذكورة في المقال:
الدستور
2024-02-11
بالاتفاق على العمل سويًا من أجل ترفيع التعاون إلى مستوى أعلى، وعلى الالتزام بمواصلة تعزيز الحوار السياسى والعلاقات ذات المنفعة المتبادلة.. وبتوافق الطرفين على عقد الاجتماع الثانى، خلال السنة المقبلة، فى العاصمة البلغارية صوفيا، انتهى الاجتماع الأول لـ«لجنة التعاون المشتركة بين جمهورية مصر العربية وجمهورية بلغاريا»، الذى ترأسه سامح شكرى، وزير الخارجية، وماريا جابرييل، نائبة رئيس الوزراء، وزيرة الخارجية البلغارية، التى ستصبح، فى مارس المقبل، رئيسة وزراء الدولة الصديقة. لجنة التعاون المصر البلغارية واحدة من ٦٨ لجنة، تجمع بين مصر ودول من مختلف قارات العالم: ٣٠ لجنة مع دول أوروبية، و١٤ لجنة مع الدول العربية، و٩ لجان إفريقية، و٨ لجان مع دول آسيوية، إلى جانب ٧ لجان مع دول أمريكا اللاتينية. ومنذ منتصف ٢٠١٤، أعيد تفعيل هذه اللجان، فى ظل الجهود التى قامت وتقوم بها دولة ٣٠ يونيو، لتحقيق التنمية الشاملة والمستدامة، وتعزيز العلاقات مع مختلف الشركاء الدوليين، وتقوية الروابط الاقتصادية من خلال الاستثمارات المشتركة فى المجالات ذات الأولوية. تقع بلغاريا جنوب شرقى أوروبا، وتطل على البحر الأسود من جهته الغربية، وتحدها رومانيا شمالًا، وتركيا واليونان جنوبًا، وصربيا ومقدونيا غربًا، وانضمت إلى الاتحاد الأوروبى فى أول يناير ٢٠٠٧، وبعد ١٢ سنة من المفاوضات، أعلنت مع المفوضية الأوروبية، فى ٣١ ديسمبر الماضى، عن انضمام بلغاريا، جزئيًا، إلى منطقة شنجن، التى تسمح بحرية السفر والتنقل داخل وعبر الدول الأعضاء فيها. بدأت العلاقات الدبلوماسية بين مصر وبلغاريا، منذ ٩٩ سنة، إذ تبادل البلدان التمثيل الدبلوماسى على المستوى القنصلى، سنة ١٩٢٥، وتطور إلى مستوى المفوضية فى ١٩٢٩. لكن عندما قررت بلغاريا أن تخوض الحرب العالمية الثانية إلى جوار ألمانيا، تم قطع العلاقات بين البلدين، ولم تعد إلا سنة ١٩٤٧، وبعد ١٠ سنوات، و٥ سنوات من قيام ثورة ٢٣ يوليو، ارتفع التمثيل الدبلوماسى إلى مستوى السفراء. نتيجة توتر العلاقات المصرية مع دول الكتلة الشرقية، جرى قطع العلاقات بين البلدين، مرة أخرى، سنة ١٩٧٨، ومع أنها أعيدت، فى ديسمبر ١٩٨٤، لكنها لم تشهد تقدمًا، حتى سنة ٢٠٠٥ تقريبًا. كما لم يلتقِ رئيسا البلدين إلا فى ١٥ أبريل ٢٠٠٨، حين زار الرئيس البلغارى الأسبق جورجى بارفانوف القاهرة. ثم كان اللقاء الثانى بين رئيسى البلدين، فى ٢٣ سبتمبر ٢٠١٤، حين استقبل الرئيس عبدالفتاح السيسى، فى نيويورك، الرئيس البلغارى السابق روزين بلفنلفيك، على هامش أعمال الدورة التاسعة والستين للجمعية العامة للأمم المتحدة، وخلال اللقاء توافقت رؤى الرئيسين على أهمية توثيق التعاون الثنائى. المهم، هو أن وزيرة خارجية بلغاريا، رئيسة الوزراء المقبلة، زارت القاهرة، أمس الأول السبت، على رأس وفد يضم وزراء الدفاع، والنقل والاتصالات، والاقتصاد والصناعة، والابتكار والنمو، والطاقة. وخلال اجتماع لجنة التعاون المشتركة، أكد الجانبان أهمية تبادل الخبرات فى مجال تكنولوجيا المعلومات، وتعزيز التعاون فى مجال السياحة، و... و...، واستعرض الجانب المصرى الفرص المتاحة فى المنطقة الاقتصادية لقناة السويس. وقبل الاجتماع، كان الدكتور مصطفى مدبولى، رئيس الوزراء، قد استقبل وزير الخارجية البلغارية، وأكد إمكانية توفير منطقة متخصصة للشركات البلغارية فى المنطقة الاقتصادية للقناة. توفير منطقة متخصصة لشركات الدولة الصديقة فى المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، سيتيح لمصر أن تصبح مركزًا لانطلاق التجارة البلغارية إلى دول الشرق الأوسط وإفريقيا. وفى المقابل، ستكون بلغاريا مركزًا لتوجه الصادرات المصرية نحو دول الاتحاد الأوروبى. وطبعًا، ستستفيد الشركات البلغارية من توافر الأيدى العاملة المؤهلة، وفرص النفاذ إلى الأسواق الإقليمية من خلال اتفاقيات التجارة الحرة الموقعة بين مصر والتكتلات الاقتصادية الإقليمية والدولية، وأبرزها اتفاقية التجارة الحرة القارية الإفريقية. .. وتبقى الإشارة إلى أن الجانبين، المصرى والبلغارى، تناولا، أيضًا أو طبعًا، خلال الاجتماع الأول للجنة التعاون المشتركة، التوترات الجيوسياسية المتزايدة التى تهيمن على الساحة الدولية، وتبادلا وجهات النظر والتحليلات حول التطورات فى أوروبا ومنطقة البلقان، والتوترات المتصاعدة فى منطقة الشرق الأوسط مع التركيز بشكل خاص على العدوان الإسرائيلى المستمر على قطاع غزة وتداعياته المحتملة.
قراءة المزيدالكلمات المفتاحية المذكورة في المقال:
الشروق
2013-02-08
تعتقد واشنطن أن الجيوش المزودة بسلاح أمريكى لا تحارب بعضها البعض، وتعتقد أيضا أن حصول الجيوش على أسلحة أمريكية يضمن لها قدرا مناسبا من التأثير المباشر وغير المباشر فى شئون تلك الدول. من هنا يمكن تفهم ما أقدم عليه مجلس الشيوخ الأمريكية قبل ايام قليلة من رفض وقف توريد صفقة أسلحة أمريكية كبيرة لمصر من بينها عشرون طائرة متقدمة من فئة أف 16، وصلت منها أربع طائرات بالفعل للقاهرة يوم الأحد الماضى. وأيـَّد حصول مصر على الصفقة أغلبية 79 عضوا مقابل رفض 19 عضوا فقط، وهذا على الرغم من الزوبعة التى أثارها عدد محدود من الأعضاء على خلفية نشر تصريحات الرئيس محمد مرسى المناوئة لليهود وللولايات المتحدة. كذلك لم يكن من المستغرب أن ترفض منظمة آيباك AIPAC، أكبر مؤسسات اللوبى المؤيد لإسرائيل، تأييد وقف صفقة الطائرات لمصر. وأكد أحد المسئولين بها «نحن قلقون من مشروع تعديل القرار والذى يدعو لوقف توريد الطائرات لمصر، فهذا من شأنه أن يقلل النفوذ الأمريكى فى مصر، وهى الدولة المهمة التى لعبت دورا كبيرا فى حل النزاع الأخير مع تنظيم حماس. عندما نعطى الجيش المصرى سلاح، يكون لدينا نفوذا أكبر». ••• ولعقود طويلة ترجع لمنتصف القرن الماضى، ظل هدف تسليح جيش مصر أحد أهم الأهداف التكتيكية الأمريكية، ولم يمانع مطلقا كل حكام مصر. فى أبريل 1947، زار رئيس أركان الجيش المصرى قواعد عسكرية ومصانع أمريكية، ثم طلبت مصر رسميا بعثة عسكرية أمريكية لتدريب القوات المصرية فى سبتمبر 1947. ثم جاء تأسيس دولة إسرائيل منتصف عام 1948 ليقضى مؤقتا على محاولات واشنطن لتسليح جيش مصر. واتجهت مصر عبد الناصر للبحث عن السلاح فى دول الكتلة الشرقية وبدأت بصفقة كبيرة مع تشيكوسلوفاكيا عام 1955 قبل أن تعتمد كليا على السلاح السوفييتى. ثم عادت العلاقات العسكرية مع واشنطن من جديد عام 1976، وتطورت هذه العلاقات حتى أحتلت مصر المركز الثانى فى قائمة الدول التى تتلقى معونات عسكرية بعد توقيع معاهدة السلام مع إسرائيل عام 1979. وقضت المعاهدة بوجود مئات من العسكريين الأمريكيين فى شبه جزيرة سيناء ضمن قوات حفظ السلام الدولية. وبلع ما حصلت عليه مصر من مساعدات عسكرية واقتصادية أمريكية منذ ذلك الحين وحتى الآن ما يزيد على 70 مليار دولار طبقا لتقارير صادرة عن الكونجرس. وأصبح مكتب التعاون العسكرى OMC الملحق بالسفارة الأمريكية فى القاهرة، والمعنى بالتعاملات العسكرية بين الدولتين، يمثل ثانى أكبر مكتب من نوعه فى العالم. ••• ويأخذ التعاون العسكرى بين مصر والولايات المتحدة عدة صور تتمثل فى مبيعات السلاح، ونقل التكنولوجيا العسكرية، والمناورات والتدريبات العسكرية المشتركة وتأتى معظم مبيعات السلاح من خلال المعونات العسكرية السنوية والتى تبلغ نحو 1.3 مليار دولار. ومنذ 1994 بدأت المناورات العسكرية المشتركة المعروفة باسم «النجم الساطع» بمشاركة قوات مصرية وأمريكية، وقوات دول حليفة بهدف التدريب على العمليات القتالية فى الظروف الصحراوية القاسية فى الشرق الأوسط. وتمنح العلاقات العسكرية المصرية الأمريكية واشنطن مزايا عسكرية ولوجستيكية شديدة الأهمية مثل استخدام الأجواء المصرية، أو تسهيلات عبور قناة السويس للسفن والبوارج الحربية الأمريكية حتى حال حملها أسلحة نووية. ولا يتخيل الخبراء الاستراتيجيون الأمريكيون عدم وجود علاقات خاصة مع جيش مصر، فهم يتذكرون جيدا دور جيش مصر فى حرب الخليج الأولى، تلك التى شارك فيها بما يزيد على 30 ألف عسكرى حاربوا بجوار الأمريكيين، وهو ما سهل من انضمام دول عربية أخرى للتحالف. ولا تريد أن تتخيل واشنطن وجود جيش مصرى عقيدته إسلامية متشددة، ويسعى للحصول على سلاح نووى مثل نظيره الإيرانى. ولا أن يكون موقفه رماديا من قضية الحرب على الإرهاب مثل الجيش الباكستانى. وقطعا لا تريد واشنطن جيشا مصريا يحصل على سلاحه من دول أخرى منافسة مثل روسيا أو الصين، أو حتى صديقة مثل فرنسا وبريطانيا. لذا لم تتأثر مبيعات السلاح الأمريكية لمصر بالإطاحة بنظام الرئيس الأسبق حسنى مبارك، ولم تتأثر بوقوع مصر تحت حكم عسكرى مباشر لمدة تزيد على عام ونصف، كذلك لم تتأثر مبيعات السلاح الأمريكى بوصول نظام حكم إسلامى للسلطة فى مصر. ••• ورغم أن البرقيات الدبلوماسية التى نشرها موقع ويكيليكس أظهرت خلافات فى وجهات النظر بين واشنطن والقاهرة بشأن تطوير مهمة الجيش المصرى مع إصرار القيادة المصرية على إعداده فى المقام الأول لمواجهة عسكرية تقليدية تحسبا لنزاع محتمل مع اسرائيل فى المستقبل، رغبت واشنطن فى تطوير الجيش المصرى لتوسيع نطاق مهمته وزيادة تركيزه على التهديدات الجديدة مثل القرصنة وأمن الحدود ومكافحة الارهاب. ويقلل التسليح الأمريكى لمصر أى فرص لخوض نزاع عسكرى مستقبلى ضد إسرائيل. ويرى الخبير الأمريكى أنتونى كوردسمان، من مركز الدراسات الدولية الاستراتيجية، فى تعليقة على وصول طائرات إف 16 لمصر «أن الطائرات الأمريكية لن يتم استخدامها لا ضد الولايات المتحدة، ولا ضد حلفائها، كما أن هذه الطائرات شديدة التعقيد ولا يمكن أن يتم استخدامها دون الصيانة الأمريكية». ويضيف «لا يمكن لأى دولة أن توفر ذخيرة وقطع غيار هذه الطائرات، إضافة لأجهزتها الالكترونية، إلا بوجود علاقات شراكة مع المصنع الأمريكى». وهكذا فالأسلحة الأمريكية لمصر لا يمكن استعمالها إلا فى المواجهات العسكرية التى تدعمها أمريكا.
قراءة المزيداليوم السابع
2023-04-05
ربما كانت حالة "البحث عن صراع" بمثابة الشعار الذي تبنته القوى الدولية الحاكمة، خلال العقود الماضية، سواء في مرحلة ما قبل الحرب العالمية، عندما هيمنت القوى الاستعمارية، والتي اعتمدت إشعال المناطق المستهدفة بالصراعات، سواء على المستوى الإقليمي، أو الداخلي لتكون ذريعتها، عبر مفهوم "الحماية"، والذي ارتبط بالدول المستضعفة تارة، أو الأقليات في الداخل تارة أخرى، للدخول المباشر، عبر قواتها العسكرية، والسيطرة على مواردها وتوسيع دوائر نفوذها، بينما شهدت تلك الحالة، تغييرا جزئيا، مع الصعود الأمريكي، عبر مزيج من النهج السابق، القائم على فكرة "الاحتلال"، مع خلق أدوات جديدة، على غرار العقوبات الاقتصادية والحصار، وغيرها من الأدوات، مع العمل على تقديم ذرائع جديدة، ربما قدمت غطاءً أيديولوجياً للحجج التقليدية، منها الدفاع عن الديمقراطية وحقوق الإنسان وحرية الرأي والتعبير وغيرها. إلا أن حالة "البحث عن صراع"، وفقا للرؤية الأمريكية، ربما شهدت العديد من المراحل، في مرحلة ما بعد الحرب الباردة، والتي كان من المفترض أنها أنهت أكبر الصراعات الدولية على قمة النظام العالمي، بين الغرب، بقيادة الولايات المتحدة، والاتحاد السوفيتي في الشرق، لتخرج واشنطن على العالم، بمصطلح جديد، وهو "صراع الحضارات"، عبر مقالة نشرها السياسي الأمريكي الأبرز صموئيل هنتنجتون، بعد عام تقريبا من انهيار الكتلة الشرقية، يعتمد فيها على تحول وجهة الصراع العالمي، من الأيديولوجية (الرأسمالية والشيوعية)، نحو صورة جديدة، تقوم على التناحر بين الحضارة الغربية ونظيرتها الإسلامية، لتتحول النظرية إلى الواقع العملي، مع أحداث 11 سبتمبر في عام 2001 وما ترتب عليها من حروب دامت لسنوات ومازالت تداعياتها قائمة، بينما تحولت الدفة بعد ذلك نحو تأجيج الحالة الصراعية في نطاق أهلي، عبر ما يسمى بـ"الحروب بالوكالة"، بالإضافة إلى اندلاع "الربيع العربي"، والذي يمثل شرارة كادت أن تتسبب في إعادة رسم خريطة دول بأكملها. وهنا يبقى "البحث عن صراع"، بمثابة استراتيجية تبنتها واشنطن، للحفاظ على موقعها المهيمن على قمة النظام العالمي، حيث لم تقتصر في نطاق التطبيق على المناطق البعيدة جغرافيا أو دول الخصوم، وإنما امتدت إلى الحلفاء، وهو ما يبدو مؤخرا في الأزمة الأوكرانية، والتي انتقلت بالحالة الصراعية إلى قلب مناطق الغرب جغرافيا، وما حمله ذلك من تداعيات كبيرة، منها ما هو أمني واقتصادي، وسياسي، جراء مخاوف من احتمالات امتداد المعركة، وتفاقم أزمة اللاجئين، وصعود أزمات التضخم والغلاء، وتهديد أمن الطاقة والغذاء، وذلك بهدف إجبارهم على الاستمرار في الدوران في الفلك الأمريكي. إلا أن رؤية واشنطن تبدو غير مجدية إلى الحد المتوقع في الآونة الأخيرة، خاصة مع صعود قوى جديدة، على رأسها الصين، والتي تحمل لواء استراتيجية جديدة، تقوم على مبدأ "إرساء الاستقرار"، عبر تقديم نفسها كوسيط يمكنه الوصول إلى حلول جذرية لأزمات طويلة الأمد، وهو ما بدا في الاتفاقية التي أبرمتها المملكة العربية السعودية مع إيران، برعاية بكين، ناهيك عما تحظى به من قبول روسي، للدخول على خط الأزمة الأوكرانية، وهو ما يمثل ورقة مهمة من شأنها منح الصين قدر من الثقة من قبل أوروبا في المرحلة الحالية، للقيام بدور الوسيط، خاصة مع عدم امتلاك واشنطن للمقومات التي طالما تمتعت بها لسنوات للقيام بالدور نفسه، وأهمها كونها القوى الوحيدة التي يمكنها تقديم الضمانات لأطراف الصراعات الدولية، في ظل حقبة الهيمنة الأحادية، وهو ما ساهم في غض الطرف عن مدى حيادية واشنطن تجاه أطراف النزاعات المختلفة، كما فتح أمامها مساحة للتحكم في وتيرتها، بحيث تحتفظ به عند حد معين، ولديها في الوقت نفسه القدرة على تأجيجه. ولعل مبدأ "إرساء الاستقرار" بمثابة الاستراتيجية الصينية المضادة لحالة "البحث عن صراع"، حيث تسعى إلى تدشين عالم متعدد الأقطاب عبر تقديم نفسها للمجتمع الدولي كبديل للقيادة الأمريكية، أو على الأقل كـ"ضامن" جديد، في التعامل مع الأزمات الدولية، وهو ما يحمل العديد من الصور، ربما بدأت بعضها قبل سنوات، منها تبني مواقف الدول النامية، في مواجهة المعسكر الأخر، في قضايا المناخ، بينما يبقى الدخول المباشر والمنفرد على خط الصراعات الدولية في صورتها التقليدية، بمثابة نهجا آخر، يعزز قدرتها والثقة الدولية بها سعيا نحو دور أكبر في إطار الأزمة الدولية الأهم والأخطر في المرحلة الحالية، وهو ما يبدو قريبا للغاية، في ظل مباركة روسية، وارتباك أوروبي، يصب في صالح بكين. وهنا يمكننا القول بأن رؤية بكين تعمد نهجا مناوئا لاستراتيجية واشنطن، القائمة على تأجيج الصراعات، عبر مبدأ "إرساء الاستقرار"، لتجد أرضية دولية من شأنها إضفاء الشرعية العالمية لدورها في المستقبل، على الأقل خلال المرحلة الحالية، وهو الأمر الذي لا يعني تقويض الصراعات بصورة مطلقة، بما يناقض طبيعة العلاقات الدولية، وإنما على الأقل من شأنه تهدئة وتيرتها في المرحلة الحالية، تمهيدا للحقبة الجديدة، التي يتمخض عنها النظام الدولي الجديد.
قراءة المزيدالكلمات المفتاحية المذكورة في المقال:
اليوم السابع
2020-10-28
عقد المجلس الأعلى للثقافة، بأمانة الدكتور هشام عزمى، ندوة "نصر أكتوبر والتحولات الإقليمية والدولية"، والتى نظمتها لجنة الاقتصاد والعلوم السياسية بالمجلس، بمشاركة اللواء أركان حرب ناجى شهود، مستشار أكاديمية ناصر للعلوم العسكرية وأحد أبطال حرب أكتوبر ١٩٧٣، واللواء طيار أركان حرب مجد الدين رفعت، طيار مقاتل منذ ١٩٦٤ وشارك فى حرب الاستنزاف وحرب أكتوبر ١٩٧٣، وعمرو الخولى، باحث فى العلاقات الدولية وحاصل على ماجستير العلاقات الدولية بجامعة حلوان وتخصص فى الأمن القومى بأكاديمية ناصر العسكرية، وأدارها الدكتور محمد أحمد مرسى أستاذ العلوم السياسية، وقد روعى تطبيق الإجراءات الاحترازية المقررة بهدف الوقاية من فيروس كورونا. جانب من الندوة قال اللواء طيار أركان حرب مجد الدين رفعت، إن الحرب فى حد ذاتها ليست غاية، والهدف والغرض من الحروب هو الوصول إلى هدف محدد سواء صراع على محور معين، فمثلا: منذ 1956 والإسرائيليين يفكرون ويخططون لنا وبدراسة تفصيلية وهذا ما أدى إلى النكسة وأننا هزمنا فى معركة ولكننا كشعب وجيش فى حقيقة الأمر لم نهزم وهذا كان الدافع، وظللنا نتدرب على القتال وفنياته وكنا وقتها لا نملك السلاح الكافى المتقدم، وكان اعتمادنا وكل الاعتماد على إمدادنا بالسلاح من الكتلة الشرقية بعد خذلان الكتلة الغربية لنا، ورغم كل المقارنات التى بين طائراتنا وطائراتهم التى لا تقارن، ولكن الرئيس السادات يحسب له المغامرة والحقيقى كل القيادات حينها، رغم معرفتهم إننا ثلث القوى التى نواجهها والإصرار لسلاح الطيران على إسقاط طائرات العدو التى كانت أقوى وأحدث بكثير. وقال اللواء أركان حرب ناجى شهود، كانت معركتنا شاملة وكاملة الأطراف، "اقتحام القناة، والضرب فى العمق، ونزول القوات، وغلق باب المندب، وتحرك الطائرات الهليكوبتر، ونقل الصاعقة المصرية فى العمق خلف خطوط العدو" وكان أهمها مشاركة المدنيين المواطنين بكل ما أوتو من إمكانيات أو قدرات، وكان الأهم هو عنصر المفاجأة التى كنا نعتمد عليها، وكان لدينا خسائر ولكنها كانت خسائر فى الأرواح وكنا نعد نفسنا للشهادة، وأيضاً كان لدينا خسائر فى المعدات ولكن كانت عقيدتنا "لم ولن نخسر الحرب"، والخداع العسكرى له الجزء الأكبر للنجاح، فمثلاً: "إعلان وزير البترول على القنوات المصرية "أننا لا نملكه" والإعلان فى الصحف عن "تسريح جزء كبير من الجيش"، والإعلان أيضا "عن المخزون الاستراتيجى لمصر إنه لا يكفى"، وهذا التخطيط الاستراتيجى الذى ساعدنا كثيرًا قبل التخطيط للجزء العسكري، وكان النصر حليفنا. وأضاف عمرو الخولى، أن حرب أكتوبر كانت حرب كاشفة للواقع قبل 1973، كما كان يشاع أن مصر لن تشارك فى الحرب وكنا فى فترة ما يطلق عليها استرخاء دولى، وأن الجيش المصرى والرئيس السادات كان أمامهم صعوبات كثيرة منها "الحالة النفسية، وعبور خط بارليف المنيع" ثم كانت المفاجأة، عبور خط بارليف وتحطيمه وكان حينها يعد من أكبر خطوط الدفاع فى التاريخ، وكان الجيش له دور فى فرض الخيار العسكرى رغم كل ما بذل من تعب وشقاء فى حرب الاستنزاف، إلا أنه ليس هناك حدث نوعى آخر ولكن إصرار الجيش قد مارس حينه على صناع القرار رغم الاستهداف الذى كان يمارسه العالم على الجيش المصرى والجيش السورى، وأن الازدهار الحقيقى للأمم يأتى من التعليم والثقافة مثلما شاهدنا فى سنغافورة، ومن منا لم يتأثر بالثقافة والفن الهاتف مثل أم كلثوم والعقاد ونجيب محفوظ وطه حسين.
قراءة المزيدالكلمات المفتاحية المذكورة في المقال:
اليوم السابع
2021-12-10
على مدار عقود طويلة، لم تسلم الرياضة وفعالياتها الكبرى من ضغوط السياسة وصراعاتها، فلم تكن المقاطعة الدبلوماسية التى تتبناها دولا غربية واحدة تلو الأخرى لـ أولمبياد بكين الشتوية العام المقبل هى الأولى، ولن تكون الأخيرة. فقد أعلنت الولايات المتحدة، وتبعتها بريطانيا واستراليا، مقاطعة دورة الألعاب التى تستضيفها الصين فى فبراير المقبل، كنوع من الاحتجاج على بعض السياسات التى تتبناها الحكومة الصينية. لكن السؤال هو: هل تنجح مثل هذه الضغوط والمقاطعات لأسباب سياسية فى تحقيق أهدافها؟.. وهل تراجعت دول من قبل عن سياسات أو مخططات بسبب التهديد بمقاطعة حدث رياضى تنظمه. الإجابة على هذا السؤال تستدعى نظرة للوراء، لعقود، إن لم يكن قرونا، استخدمت فيها الرياضة كأداة ضغط سياسى. قالت مجلة إيكونوميست البريطانية فى تقرير لها هذا الأسبوع إن المقاطعات الرياضية قديمة قدم الرياضة نفسها. ففى عام 332 قبل الميلاد، هددت مدينة أثينا بالانسحاب من الأولمبياد القديمة بسب مزاعم ترتيب أحد المباريات ضد أحد رياضيها. وفى العصور الحديثة، كانت المقاطعات مرتبطة بالسياسة، لكنها نادرا ما حققت هدفها بحسب الصحيفة البريطانية. وقبل أولمبياد برلين عام 1936، بحثت العديد من الدول الانسحاب بدلا من أن تكون ضيوفا على نظام ألمانيا النازية، لكن فى النهاية شاركت 49 دولة فيها، وكان هذا أكبر مشاركة فى أى أولمبياد حتى هذا الوقت. ومؤخرا فى عام 2018، هددت بريطانيا وألمانيا بمقاطعة كأس العالم فى روسيا عام 2018، لكن هذا لم يحدث فى نهاية الأمر. ووفقا للإيكونوميست، فإن حتى المقاطعات المتكررة والأكثر جذبا للانتباه لم يكن لها تأثير كبير، وكان هذا واضحا أثناء الحرب الباردة. ففى عام 1980 قررت الولايات المتحدة و66 دولة عدم المشاركة فى أولمبياد موسكو احتجاجا على الغزو السوفيتى لأفغانستان. ورد الاتحاد السوفيتى ودول الكتلة الشرقية فى هذا الوقت بمقاطعة دورة الألعاب الصيفية بعد أربع سنوات والتى أقيمت فى مدينة لوس أنجلوس. ولم يغير أى من القرارين دينامكيات الحرب الباردة، وكان تأثيرهما مجرد حرمان عشرات من الرياضيين من المجد الرياضى. كما أن هناك بعض اللاعبين الذين ذهبوا إلى موسكو رغم مقاطعة دولهم الرسمية. وهناك مرات قليلة نجحت فيها مثل هذه المقاطعات، كان أبرزها من حركة مناهضة الأبرتايد فى جنوب أفريقيا. فعلى مدار أكثر من ثلاثة عقود، ظلت جنوب أفريقيا، تحت حكم البيض، منبوذة رياضية وحرمت من المشاركة فى كل الألعاب الأولمبية بين عامى 1964 و1992، وكان هذا إلى حد كبير بسبب ضغوط من دول أخرى وليس بمبادرة من اللجنة الأولمبية الدولية. وكان أبرزها مقاطعة الدول الأفريقية لأولمبياد مونتريال عام 1976، احتجاجا على مشاركة نيوزيلندا بعدما قام فريقها للرجبى بجولة فى جنوب أفريقيا فى عصر الفصل العنصرى. ربما يختلف موقف المقاطعة الدبلوماسية لأولمبياد بكين الشتوية 2022 قليلا فى كونه مقاطعة دبلوماسية، بمعنى أن لاعبى الدول المقاطعة لن يتأثروا، وسيقتصر الأمر على عدم مشاركة وفود رسمية. وأوضحت وكالة أسوشيتدبرس إن كبار المشرعين الأمريكيين والمسئولين الدبلوماسيين سيغيبون عن حفل افتتاح الأولمبياد الشتوية المقرر فى الرابع من فبراير. وتشير إلى رغم عدم وجود التزام دبلوماسى على رؤساء الدول بحضور دورة الألعاب، إلا أن حضور الألعاب الشتوية دائما ما يكون أكثر جدلا مقارنة بالنسخة الصيفية. وذكّرت الوكالة بأن الرئيس الأمريكى الأسبق جورج دبليو بوش ذهب إلى بكين فى افتتاح أولمبياد 2008 الصيفية، التى كانت يفترض أن تكون بداية لعلاقات أقل توترا. كما أن الذهاب إلى الأولمبياد يمكن أن يخلق مأزق دبلوماسى، بحسب أسوشيتدبرس، كذلك الذى واجهه نائب الرئيس الأمريكى السابق مايك بنس عندما وجد نفسه يجلس بالقرب من وفد كوريا الشمالية.
قراءة المزيداليوم السابع
2022-03-10
لو استخدمت محرك البحث العملاق جوجل لتعرف كم تبعد الحرب الروسية الأوكرانية عن مصر ستجد الإجابة حوالي 2.600 كيلو متر، وهذه مسافة بعيدة نسبياً عن مجريات الحرب، وتفصلنا عنها حدود وبلاد وتضاريس مختلفة، إلا أن هذه الحرب بالطبع تؤثر علينا، خاصة في النواحي الاقتصادية، ارتباطاً بما تساهم فيه روسيا وأوكرانيا من واردات الحبوب والزيوت لمصر، لكن النظرة ليست كما يتصور البعض، فالأمر لا يخل من تهويل أو مبالغة. بدأت وسائل الإعلام الغربية على مدار الأيام الماضية تتحدث عن مصر وكأن الحرب تدور على أراضيها، لدرجة أن بنك "جيه. بي مورجان" ذكر أن المالية العامة لمصر قد تواجه ضغوطا في ضوء ارتفاع أسعار السلع الأولية والغذاء، والانخفاض المحتمل في أعداد السياح الروس، مرجحا أن تكون هناك حاجة إلى خفض كبير في قيمة الجنيه المصري، وأن الحكومة المصرية قد تحتاج مزيدا من المساعدة من صندوق النقد الدولي إذا استمر تزايد ضغوط الأسواق المالية. الغريب والعجيب أن بنوك الاستثمار الأجنبية، ووسائل الإعلام الغربية، تركت الدول التي تدور الحرب على أراضيها، وتوقفت تقاريرها وتوقعاتها عن مستقبل الاقتصاد الأوكراني، ومستويات التراجع في الـ "هريفنا" – العملة الأوكرانية - بعد إغلاق المصانع والشركات وهجرة الملايين من السكان إلى الدول المجاورة، تفرغوا فقط للحديث عن مصر ووضع الجنيه المصري، والاقتصاد المصري، دون مؤشرات أو دلائل حقيقية تكشف النتائج التي وصلوا إليها غير تخويف المستثمرين وزيادة حالة الهلع والفوضى التي ظهرت في الأسواق خلال الأيام الماضية. قد تواجه مصر صعوبات اقتصادية خلال الفترة المقبلة، لكن هذا الأمر لا يرتبط بمصر وحدها، بل النظام العالمي بالكامل، الذي يشهد تغيرات حادة خلقتها الحرب الروسية الأوكرانية، والعقوبات غير المسبوقة التي تتخذها دول أوروبا وأمريكا ضد موسكو، والحرب الإعلامية الشرسة، التي تدار ضد دول الكتلة الشرقية، لذلك يجب أن ننتبه جيداً للتقارير التي يتم تصديرها في الوقت الراهن للتأثير على أداء الاقتصاد المصري، بهدف إثارة حالة من الفوضى في أسواق المال، تؤثر بصورة مباشرة على استثمار الأموال الساخنة. حجم الاحتياطي النقدي المصري من العملات الأجنبية لدى البنك المركزي بلغ 40.9 مليار دولار، حتى نهاية الشهر الماضي، بما يؤكد أن موقف استيراد السلع الأساسية والاستراتيجية آمن تماماً، كما أن الالتزامات الدولية لمصر يتم سداداها في المواعيد المقررة دون تأخير أو مشكلات، كما أن احترافية مصر في التعامل مع جائحة كورونا على مدار 3 سنوات توافرت فيها السلع ولم يشعر المواطن بأي نقص أو مشكلات، تؤكد أن الدولة قادرة على إدارة الأمور بصورة احترافية، لذلك علينا أن نثق في الحكومة ونقدم الدعم لها، ونحرص على اتباع أنماط استهلاكية تتناسب مع الوضع الراهن، تتمثل في التخلي عن السلع الاستفزازية، وتقليل معدلات الاستهلاك بصورة تضمن تقليل الهدر. جزء كبير من حالة اللغط والفوضى التي تعيشها الأسواق مرتبط بالسوشيال ميديا، وحالة الاسترسال المستمرة لدى البعض عن الأسعار ومستوى وفرة السلع والغلاء، فالقضايا الافتراضية سرعان ما تتحول إلى قضايا عامة ومشكلات، ويتم ترجمتها على أرض الواقع لاحتكارات واستغلال، لذلك يجب أن نهدأ ونتحمل المسئولية في ظل هذه الظروف، ونبدأ بأنفسنا، فصلاح المجموع في صلاح الفرد، ونطمئن أنفسنا بأن الوضع آمن ومستقر، والدولة تؤمن احتياجات المواطنين ببدائل وسيناريوهات مختلفة، ولا داع للقلق.
قراءة المزيداليوم السابع
2023-05-01
يحتفل العالم بعيد العمال الذي يُطلق عليه أيضًا يوم العمال أو يوم العمال العالمي وهو يوم لإحياء ذكرى النضالات والمكاسب التاريخية التي حققها العمال والحركة العمالية وقد جرى الاحتفال به في العديد من البلدان في 1 مايو من كل عام. البداية كانت عام 1889 حين حدد الاتحاد الدولي للجماعات الاشتراكية والنقابات العمالية يوم 1 مايو يومًا لدعم العمال إحياءً لذكرى هايماركت ريوت في شيكاغو وهو إضراب عمالى تحول لفوضى نتج عنها الكثير من الضحايا عام 1886. بعد خمس سنوات وقع رئيس الولايات المتحدة جروفر كليفلاند، بسبب عدم ارتياحه للأصول الاشتراكية لعيد العمال تشريعًا لجعل عيد العمال عطلة رسمية في الولايات المتحدة تكريما للعمال وحذت كندا حذوها بعد فترة وجيزة وفقا لموسوعة بريتانيكا. في أوروبا ارتبط الأول من مايو تاريخياً بالمهرجانات الوثنية الريفية ولكن تم استبدال المعنى الأصلي لهذا اليوم تدريجياً بالارتباط الحديث بالحركة العمالية. في الاتحاد السوفيتي أقر القادة العيد الجديد معتقدين أنه سيشجع العمال في أوروبا والولايات المتحدة على الاتحاد ضد الرأسمالية أصبح هذا اليوم عطلة مهمة في الاتحاد السوفيتي وفي دول الكتلة الشرقية مع مسيرات رفيعة المستوى بما في ذلك واحدة في الساحة الحمراء في موسكو برئاسة كبار موظفي الحكومة والحزب الشيوعي للاحتفال بالعمال وعرض القوة العسكرية السوفيتية. أصبح عيد العمال في ألمانيا عطلة رسمية في عام 1933 بعد صعود الحزب النازي ومن المفارقات أن ألمانيا ألغت النقابات الحرة في اليوم التالي لتأسيس العطلة، مما أدى فعليًا إلى تدمير الحركة العمالية الألمانية. مع تفكك الاتحاد السوفيتي وسقوط الحكومات الشيوعية في أوروبا الشرقية في أواخر القرن العشرين تراجعت أهمية احتفالات عيد العمال على نطاق واسع في تلك المنطقة ومع ذلك تم الاعتراف بيوم العمال في عشرات البلدان حول العالم باعتباره عطلة عامة.
قراءة المزيدالكلمات المفتاحية المذكورة في المقال:
اليوم السابع
2023-05-01
يحتفل العالم بعيد العمال الذي يُطلق عليه أيضًا يوم العمال أو يوم العمال العالمي وهو يوم لإحياء ذكرى النضالات والمكاسب التاريخية التي حققها العمال والحركة العمالية وقد جرى الاحتفال به في العديد من البلدان في 1 مايو من كل عام، وضمن سلسلة أسرار القاهرة نسلط الضوء على تاريخ عيد العمال البداية كانت عام 1889 حين حدد الاتحاد الدولي للجماعات الاشتراكية والنقابات العمالية يوم 1 مايو يومًا لدعم العمال إحياءً لذكرى هايماركت ريوت في شيكاغو وهو إضراب عمالى تحول لفوضى نتج عنها الكثير من الضحايا عام 1886. بعد خمس سنوات وقع رئيس الولايات المتحدة جروفر كليفلاند، بسبب عدم ارتياحه للأصول الاشتراكية لعيد العمال تشريعًا لجعل عيد العمال عطلة رسمية في الولايات المتحدة تكريما للعمال وحذت كندا حذوها بعد فترة وجيزة وفقا لموسوعة بريتانيكا. في أوروبا ارتبط الأول من مايو تاريخياً بالمهرجانات الوثنية الريفية ولكن تم استبدال المعنى الأصلي لهذا اليوم تدريجياً بالارتباط الحديث بالحركة العمالية. في الاتحاد السوفيتي أقر القادة العيد الجديد معتقدين أنه سيشجع العمال في أوروبا والولايات المتحدة على الاتحاد ضد الرأسمالية أصبح هذا اليوم عطلة مهمة في الاتحاد السوفيتي وفي دول الكتلة الشرقية مع مسيرات رفيعة المستوى بما في ذلك واحدة في الساحة الحمراء في موسكو برئاسة كبار موظفي الحكومة والحزب الشيوعي للاحتفال بالعمال وعرض القوة العسكرية السوفيتية. أصبح عيد العمال في ألمانيا عطلة رسمية في عام 1933 بعد صعود الحزب النازي ومن المفارقات أن ألمانيا ألغت النقابات الحرة في اليوم التالي لتأسيس العطلة، مما أدى فعليًا إلى تدمير الحركة العمالية الألمانية. مع تفكك الاتحاد السوفيتي وسقوط الحكومات الشيوعية في أوروبا الشرقية في أواخر القرن العشرين تراجعت أهمية احتفالات عيد العمال على نطاق واسع في تلك المنطقة ومع ذلك تم الاعتراف بيوم العمال في عشرات البلدان حول العالم باعتباره عطلة عامة. وقررت مصر فى عام 1964 الأول من مايو عطلة رسمية ويلقى رئيس الجمهورية فيه خطابًا أمام قيادات العمال واتحادات العمال يوجه فيه التحية للعمال في عيدهم اعترافا بدورهم في نهضة الوطن وتقدمه، فهم من أهم الركائز التي ترتقي بها الدولة لتتبوأ مكانها في مصاف الدول المتقدمة وتتمكن من تحقيق مجتمع الرفاهية والعدل والسلام. وعلى مستوى التاريخ والحضارات نجد على جدران المعابد نقشت رسومات تشير إلى قيمة العمل لدى المصريين باختلاف الطبقات الاجتماعية، ووضع نظام إداري تتدرج فيه الوظائف، بداية من الملك على رأس الدولة والمسؤول عن إدارة شؤون البلاد، وصولا إلى الوزير والكهنة والعمال الذين شاركوا في بناء الحضارة الفرعونية. وامتلك الحاكم الفعلي للبلاد "الملك" مقاليد السلطات التشريعية والتنفيذية والعسكرية، إضافة للإشراف على الكهنة والسلطة الدينية والنيابة عن الآلهة بمصر القديمة، ما مكن ملوك الفراعنة من بناء دولة قوية على مدار الأسرات المختلفة. وعلى الرغم من أن أغلب السلطات كانت بيد الملك، فإن كبار الموظفين كانوا يمثلون الطبقة الوسطى الفعالة بالمجتمع وتتكون من الأشراف والوزير والكتبة والكهنة والأطباء والفنانين، بحسب كتاب "100 حقيقة مثيرة في حياة الفراعنة"، لعالم المصريات زاهي حواس. وكان الوزير يعمل كرئيس جهاز الحكومة المركزية، وهي أعلى رتبة بعد الملك، وهو المسؤول عن العاملين في الدولة ومتابعة الحياة اليومية. وأوكل للكهنة مهمة الوقوف أمام المعابد وتقديم الطقوس والشعائر الدينية، وأسند للكاتب دور بالغ الأهمية لتسجيله جميع تفاصيل الأعمال الإدارية، لذا نحتت تماثيل الكاتب المصري وهو جالس لتدوين الحياة اليومية وممسكا بالورق البرد والقلم. كما اهتمت طبقة الأعيان بتحديد مهام الخدم الذي يعملون في منازلهم، وأسند إليهم الأعمال المنزلية من الطبخ والتنظيف وغسل الملابس، ولا يستطيع أحد أن يغفل دور العمال في بناء الحضارة المصرية وتخليدها حتى يومنا هذا، بتشييد الأهرامات والمقابر والمعابد في مختلف المدن المصرية ببراعة. ونظرا لحب الفراعنة الجم للعمل، فكان أسبوع العامل يتكون من 9 أيام، واليوم العاشر للراحة، وتصبح الشهور الثلاثة الأخيرة من كل عام هي فترة البناء والتشييد لتوقف العمل في الحقول. نقوش على جدران المعابد صور العمال على جدران المعابد الملك فؤاد فى زيارة لعمال مناجم البحر الأحمر 1926 مناجم الحديد فى السبعينات عمال مصانع الحديد والصلب النصر للسيارات 1962 عمال مصنع نسيج كفر الدوار عمال بلدية القاهرة، إزالة آثار الأمطار من شارع إبراهيم باشا الجمهورية حاليا بعد أمطار غزيرة عام 1899 المصانع عمال مصانع الغزل والنسيج مصانع النسيج المهندسين المصريين داخل مصنع سكر أبو قرقاص، المنيا 1870 عمال مصنع تليمصر عمال مصنع تليمصر فى ستينات القرن الماضي عمال نقل وتحميل القطن فى رصيف الإسكندرية عام 1922
قراءة المزيدالكلمات المفتاحية المذكورة في المقال:
اليوم السابع
2023-05-01
يحتفل العالم بعيد العمال الذى يُطلق عليه أيضًا يوم العمال أو يوم العمال العالمى وهو يوم لإحياء ذكرى النضالات والمكاسب التاريخية التى حققها العمال والحركة العمالية وقد جرى الاحتفال به فى العديد من البلدان فى 1 مايو من كل عام، وضمن سلسلة أسرار القاهرة نسلط الضوء على تاريخ عيد العمال البداية كانت عام 1889 حين حدد الاتحاد الدولى للجماعات الاشتراكية والنقابات العمالية يوم 1 مايو يومًا لدعم العمال إحياءً لذكرى هايماركت ريوت فى شيكاغو وهو إضراب عمالى تحول لفوضى نتج عنها الكثير من الضحايا عام 1886. بعد خمس سنوات وقع رئيس الولايات المتحدة جروفر كليفلاند، بسبب عدم ارتياحه للأصول الاشتراكية لعيد العمال تشريعًا لجعل عيد العمال عطلة رسمية فى الولايات المتحدة تكريما للعمال وحذت كندا حذوها بعد فترة وجيزة وفقا لموسوعة بريتانيكا. فى أوروبا ارتبط الأول من مايو تاريخيًا بالمهرجانات الوثنية الريفية ولكن تم استبدال المعنى الأصلى لهذا اليوم تدريجيًا بالارتباط الحديث بالحركة العمالية. فى الاتحاد السوفيتى أقر القادة العيد الجديد معتقدين أنه سيشجع العمال فى أوروبا والولايات المتحدة على الاتحاد ضد الرأسمالية أصبح هذا اليوم عطلة مهمة فى الاتحاد السوفيتى وفى دول الكتلة الشرقية مع مسيرات رفيعة المستوى بما فى ذلك واحدة فى الساحة الحمراء فى موسكو برئاسة كبار موظفى الحكومة والحزب الشيوعى للاحتفال بالعمال وعرض القوة العسكرية السوفيتية. أصبح عيد العمال فى ألمانيا عطلة رسمية فى عام 1933 بعد صعود الحزب النازى ومن المفارقات أن ألمانيا ألغت النقابات الحرة فى اليوم التالى لتأسيس العطلة، مما أدى فعليًا إلى تدمير الحركة العمالية الألمانية. مع تفكك الاتحاد السوفيتى وسقوط الحكومات الشيوعية فى أوروبا الشرقية فى أواخر القرن العشرين تراجعت أهمية احتفالات عيد العمال على نطاق واسع فى تلك المنطقة ومع ذلك تم الاعتراف بيوم العمال فى عشرات البلدان حول العالم باعتباره عطلة عامة. وقررت مصر فى عام 1964 الأول من مايو عطلة رسمية ويلقى رئيس الجمهورية فيه خطابًا أمام قيادات العمال واتحادات العمال يوجه فيه التحية للعمال فى عيدهم اعترافا بدورهم فى نهضة الوطن وتقدمه، فهم من أهم الركائز التى ترتقى بها الدولة لتتبوأ مكانها فى مصاف الدول المتقدمة وتتمكن من تحقيق مجتمع الرفاهية والعدل والسلام. وعلى مستوى التاريخ والحضارات نجد على جدران المعابد نقشت رسومات تشير إلى قيمة العمل لدى المصريين باختلاف الطبقات الاجتماعية، ووضع نظام إدارى تتدرج فيه الوظائف، بداية من الملك على رأس الدولة والمسؤول عن إدارة شؤون البلاد، وصولا إلى الوزير والكهنة والعمال الذين شاركوا فى بناء الحضارة الفرعونية. وامتلك الحاكم الفعلى للبلاد "الملك" مقاليد السلطات التشريعية والتنفيذية والعسكرية، إضافة للإشراف على الكهنة والسلطة الدينية والنيابة عن الآلهة بمصر القديمة، ما مكن ملوك الفراعنة من بناء دولة قوية على مدار الأسرات المختلفة. وعلى الرغم من أن أغلب السلطات كانت بيد الملك، فإن كبار الموظفين كانوا يمثلون الطبقة الوسطى الفعالة بالمجتمع وتتكون من الأشراف والوزير والكتبة والكهنة والأطباء والفنانين، بحسب كتاب "100 حقيقة مثيرة فى حياة الفراعنة"، لعالم المصريات زاهى حواس. وكان الوزير يعمل كرئيس جهاز الحكومة المركزية، وهى أعلى رتبة بعد الملك، وهو المسؤول عن العاملين فى الدولة ومتابعة الحياة اليومية. وأوكل للكهنة مهمة الوقوف أمام المعابد وتقديم الطقوس والشعائر الدينية، وأسند للكاتب دور بالغ الأهمية لتسجيله جميع تفاصيل الأعمال الإدارية، لذا نحتت تماثيل الكاتب المصرى وهو جالس لتدوين الحياة اليومية وممسكا بالورق البرد والقلم. كما اهتمت طبقة الأعيان بتحديد مهام الخدم الذى يعملون فى منازلهم، وأسند إليهم الأعمال المنزلية من الطبخ والتنظيف وغسل الملابس، ولا يستطيع أحد أن يغفل دور العمال فى بناء الحضارة المصرية وتخليدها حتى يومنا هذا، بتشييد الأهرامات والمقابر والمعابد فى مختلف المدن المصرية ببراعة. ونظرا لحب الفراعنة الجم للعمل، فكان أسبوع العامل يتكون من 9 أيام، واليوم العاشر للراحة، وتصبح الشهور الثلاثة الأخيرة من كل عام هى فترة البناء والتشييد لتوقف العمل فى الحقول. نقوش على جدران المعابد صور العمال على جدران المعابد الملك فؤاد فى زيارة لعمال مناجم البحر الأحمر 1926 مناجم الحديد فى السبعينات عمال مصانع الحديد والصلب النصر للسيارات 1962 عمال مصنع نسيج كفر الدوار عمال بلدية القاهرة، إزالة آثار الأمطار من شارع إبراهيم باشا الجمهورية حاليا بعد أمطار غزيرة عام 1899 المصانع عمال مصانع الغزل والنسيج مصانع النسيج المهندسين المصريين داخل مصنع سكر أبو قرقاص، المنيا 1870 عمال مصنع تليمصر عمال مصنع تليمصر فى ستينات القرن الماضي عمال نقل وتحميل القطن فى رصيف الإسكندرية عام 1922
قراءة المزيدالكلمات المفتاحية المذكورة في المقال:
اليوم السابع
2022-02-25
فى الوقت التى تعيش فيها القارة الأوروبية الرعب بسبب احتمالية قيام حرب كبرى، بعد التدخل العسكرى الروسى فى أوكرانيا، فى أعقاب إعلان الرئيس الروسى فلاديمير بوتين، بدء عملية عسكرية فى إقليم دونباس شرق أوكرانيا، بالتزامن مع بدء التحرك البرى العسكرى فى مدن أوكرانية خلال الساعات القليلة الماضية، تمر اليوم الذكرى الـ31 على تفكيك حلف وارسو، فما هو تلك الحلف؟. وحلف وراسو وهو منظمة معاهدة وارسو، التي عُرفت رسميًا بمعاهدة الصداقة والتعاون والمعونة المشتركة، وبشكل عام بحلف وارسو، معاهدة أمن مشترك وقعت في وارسو عاصمة بولندا بين الاتحاد السوفييتي وسبع جمهوريات اشتراكية أخرى من الكتلة الشرقية في مايو من عام 1955 خلال الحرب الباردة. انسحبت ألمانيا الشرقية من الحلف في أعقاب إعادة توحيد ألمانيا في عام 1990، خلال اجتماع في المجر في 25 فبراير من عام 1991، أعلنت نهاية الحلف من قبل وزراء الدفاع والخارجية للدول الأعضاء الست المتبقية. في الرابع عشر من مايو عام 1991، انهار "حلف وارسو" نهائيا، الذي أرعب بعدته وعديده القارة الأوروبية طيلة 36 عاماً، في أعقاب إعلان أعلى هيئة عسكرية سوفياتية تخليها عن قيادة جيوش دول أوروبا الشرقية السابحة في فلك موسكو، وقد شكل ذلك الحدث آنذاك، أحدث علامات فقدان سيطرة الاتحاد السوفيتى السابق على حلفائه الأوروبيين عقب انتهاء الحرب الباردة مع دول المعسكر الغربي. تشكَّل "حلف وارسو" عام 1955 كرد فعل على قرار الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها الأوروبيين إدراج ألمانيا الغربية ضمن منظومة "حلف شمال الأطلسى"، الذي يعرف اختصاراً باسم "ناتو"، وتم تشكيل الناتو عام 1949 بوصفه تحالفاً عسكرياً بين الولايات المتحدة وكندا والعديد من الدول الأوروبية لمواجهة التهديد التوسعى البرى الداهم للسوفيات على أبواب أوروبا الغربية. ففى عام 1954، صوت الناتو لصالح قبول ألمانيا الغربية، التي سمح بإعادة تسليحها، عضواً في الحلف، ما حدا بموسكو إلى الرد عن طريق تشكيل "حلف وارسو"، الذي ضم في عضويته التأسيسية: الاتحاد السوفياتي وألمانيا الشرقية وبولندا والمجر ورومانيا وبلغاريا وتشيكوسلوفاكيا، وألبانيا التي انسحبت لاحقاً عام 1968. وفي عام 1963، سعت منغوليا للانضمام إلى حلف وارسو، لكنها حصلت على وضعية "عضو مراقب" إثر ضغوط سياسية مارستها الصين التي أرادت إبقاء جارتها الشمالية في وضع حياديّ. لكن السوفيات ما لبثوا أن نشروا قواتهم في وقت لاحق عام 1966 في هذه الدولة الآسيوية.
قراءة المزيدالكلمات المفتاحية المذكورة في المقال:
اليوم السابع
2021-11-09
فى 9 نوفمبر من عام 1989 بعد أكثر من 28 عاما على بناء جدار برلين أشهر الجدر العازلة فى العالم، الذى اعتبر تقسيما لمدينة وتقسيما لشعب، أعلن جونتر شابوفسكى للصحافة وهو الناطق الرسمى وسكرتير اللجنة المركزية لخلية وسائل الإعلام وعضو المكتب السياسي للحزب الاشتراكي الألماني أن قيود التنقل بين الألمانيتين قد رُفعت أثناء حوارٍ إعلامى عن طريق الخطأ، إذ لم يكن متثبّتاً من توقيت الإعلان، ما تسبب فى فوضى عارمة أمام نقاط العبور فى الجدار، فتوجهت أعداد كبيرة من الألمان الشرقيين عبر الحدود المفتوحة إلى برلين الغربية، واعتبر هذا اليوم يوم سقوط جدار برلين. وجدار برلين كان عبارة عن جدار طويل يفصل شطرى برلين الشرقى والغربى والمناطق المحيطة فى ألمانيا الشرقية، ولقد كان الغرض منه تحجيم المرور بين ألمانيا الغربية وألمانيا الشرقية، وبدأ بناؤه فى 13 أغسطس 1961، وجرى تحصينه على مدار الزمن، ولكن تم فتحه فى 9 نوفمبر 1989 وهدم بعد ذلك بشكل كامل. وقد أشارت سلطات جمهورية ألمانيا الديمقراطية رسميًا إلى جدار برلين باسم رامبرت للحماية ضد الفاشية بينما أشارت حكومة برلين الغربية فى بعض الأحيان إلى أنه "جدار العار"، وهو مصطلح صاغه العمدة ويلى براندت فى إشارة إلى تقييد الجدار لحرية الانتقال، وقد أصبح يرمز ماديًا إلى "الستار الحديدى" الذى يفصل أوروبا الغربية عن الكتلة الشرقية أثناء الحرب الباردة، جنبًا إلى جنب مع الحدود الألمانية الداخلية المستقلة والأكثر طولًا، والتى رسمت الحدود بين ألمانيا الشرقية والغربية. وتسببت سلسلة من الثورات فى دول الكتلة الشرقية القريبة فى عام 1989 - فى بولندا والمجر على وجه الخصوص - فى سلسلة من التداعيات فى ألمانيا الشرقية ما أسفر فى النهاية عن إزالة الجدار، حيث أعلنت حكومة ألمانيا الشرقية فى 9 نوفمبر عام 1989 بعد عدة أسابيع من الاضطرابات المدنية، عن إمكانية جميع مواطنى جمهورية ألمانيا الديمقراطية زيارة ألمانيا الغربية وبرلين الغربية. وهنا عبرت حشود من مواطنى ألمانيا الشرقية وتسلقت الجدار، انضم إليها مواطني ألمانيا الغربية على الجانب الآخر في جو احتفالي حيث اقتطع الأشخاص المبتهجون أجزاءً من الجدار على مدى الأسابيع القليلة التالية كما افتتحت بوابة براندنبورج في جدار برلين في 22 ديسمبر عام 1989، وبدأ هدم الجدار رسميًا في 13 يونيو عام 1990 وتم الانتهاء من هدمه في نوفمبر عام 1991 وقد مهد سقوط جدار برلين الطريق إلى إعادة توحيد ألمانيا، والذي حدث رسميًا في 3 أكتوبر عام 1990.
قراءة المزيدالكلمات المفتاحية المذكورة في المقال:
اليوم السابع
2023-02-22
قالت الدكتورة إيمان زهران، أستاذة العلاقات الدولية، إن خريطة اللاجئين الأوكرانيين بدأت من دول الجوار وامتدت من دول الكتلة الشرقية، ودول الكتلة الغربية على اختلاف الدول الأوروبية. وأضافت إيمان زهران خلال مداخلة استضافتها بقناة إكسترا نيوز، أن الدولة الأوروبية كانت مستجيبة فى بداية الأمر للاجئين الأوكرانيين، ولكن بعد ذلك أصبح هناك اضطراب فى خريطة تسكين اللاجئين الأوكرانيين، وبالتالى فإن هذا الاضطراب كان فى معيار الهوية، رغم استجابة العديد من الدول وفتح الأراضى الوطنية الخاصة بها. وأكدت أستاذة العلاقات الدولية أنه حدث نوعا من التنصل للمهاجرين الأوكرانيين مع زيادة موجات الهجرات مقابل اضراب المعدلات الاقتصادية، تصاعد أنماط سياسية مختلفة ونزاعات شعبوية فى معيار الهوية، لافتة إلى أن تلك الأمور ساهمت فى اضطراب ترسيم خريطة اللجوء فى القارة الأوروبية.
قراءة المزيد