بايدن وبوتين

عندما أفلتت ملاسنات الرئيسين الأمريكى «جو بايدن» والروسى «فلاديمير بوتين» عن أى قيد معتاد فى التخاطب بين رؤساء الدول تراقصت أشباح الحرب الباردة من جديد فى التغطيات الصحفية الدولية.التاريخ لا يعيد نفسه والحقائق تختلف.هذه حقيقة رئيسية فى أية قراءة موضوعية للمشاهد الهزلية، التى تابعها العالم مستغربا ومشدوها.لا أمريكا هى ذات الإمبراطورية المتفردة بقوتها وثرائها، التى فرضت بعد الحرب العالمية الثانية قيادتها للعالم الغربى.. ولا روسيا هى الاتحاد السوفييتى، الذى تمكن من فرض سيطرته على أوروبا الشرقية ومناطق واسعة من العالم حين انقسم العالم أيديولوجيا واستراتيجيا وعسكريا واقتصاديا إلى معسكرين كبيرين.بانهيار جدار برلين فى (9) نوفمبر عام (1989) انتهت الحرب الباردة وتقوض الاتحاد السوفييتى بعده، انفردت القوة الأمريكية بالنظام الدولى وحدها ونشأت أوضاع خلل فى التوازنات التى تحكم العلاقات الدولية دفع ثمنها فادحا فى العالم العربى.بإيحاء الصور بدت ملاسنات «بايدن» و«بوتين» كأنها استعارة لبعض أجواء الحرب الباردة، فالأول يصف الثانى بأنه «قاتل» و«بلا روح» على خلفية تقرير استخباراتى أمريكى جديد ينسب إليه السماح بالتدخل فى انتخابات الرئاسة الأمريكية، التى جرت الخريف الماضى.. والثانى يوحى بأن الأول فقد سيطرته على عباراته بحكم التقدم فى السن مدعيا أنه يتمنى له الصحة، رغم أنه هو نفسه لم يعد شابا بعدد السنين، قبل أن يزيد بـ«أننا عادة نرى ما بأنفسنا فى الآخرين، ونظن أنهم على ما نحن عليه».لم تكن الأزمة بذاتها مفاجأة بقدر ما كانت فى الطريقة، التى جرت بها والانحدار الذى وصلت إليه.على مدى ولاية الرئيس السابق «دونالد ترامب» دأب الديمقراطيون فى مجلس النواب بأغلبيتهم النسبية على توجيه الاتهامات إلى روسيا بالتدخل فى الانتخابات التى صعدت به عام (2016)، جرت مساءلات مطولة استهدفت عزله غير أنه أفلت بأغلبية جمهورية محدودة فى مجلس الشيوخ، الذى تحول إلى هيئة محاكمة.نفس الاتهامات تكررت بتقرير استخباراتى جديد عن انتخابات (2020)، التى كسبها «بايدن» وشكك فى نزاهتها «ترامب» وشهدت آخر فصولها اقتحام أنصار الأخير مبنى الكونجرس الأمريكى فى مشهد مأساوى شكك فى الديمقراطية الأمريكية.باليقين فإن هذا التقرير الاستخباراتى طلبه الرئيس الأمريكى نفسه لأهداف سياسية عملت فى وقت واحد على المضى قدما فى مطاردة شبح عودة الرئيس السابق للبيت الأبيض إذا ما ترشح فى انتخابات (2024) وإعادة ترتيب أولويات السياسة الخارجية الأمريكية فى عصر جديد باستدعاء العدو الروسى إلى مقدمة المشهد، باستعارة «أزمان القيادة والهيبة»، التى توافرت للولايات المتحدة فى سنوات الحرب الباردة.فى تلك السنوات جرت حروب بالوكالة فى أماكن عديدة بالعالم وأفضى التوازن النووى إلى نوع من الردع المتبادل وكانت الحروب الاستخباراتية والدعائية على رأس العناوين الرئيسية فى ساحات الصراع.بدت القطيعة شبه كاملة.لم يعد ذلك ممكنا الآن، لا موسكو بوارد أن تبنى حول نفسها ستارا حديديا جديدا فى عالم السماوات المفتوحة وتدفق المعلومات وتداخل المصالح الاقتصادية.. ولا بطاقة واشنطن أن تعلن حربا تجارية وسياسية ودعائية على روسيا قادرة على حشد الأنصار فى العالم الغربى، الذى كانت تقوده بلا منازع.أقصى ما يملكه «بايدن» الآن فرض عقوبات اقتصادية جديدة على روسيا، كطلقات إنذار محدودة لا تتجاوز المناوشات لتحديد مراكز المتصارعين فى عالم جديد يوشك أن يولد من تحت أطلال جائحة «كورونا».استدعاء «العدو الروسى» من ذاكرة التاريخ يصادم الحقائق المستجدة، فالخطر الأول الذى يتهدد المصالح الأمريكية يأتى من الشرق حيث التنين الصينى، المرجح أن يتساوى ناتجه القومى الإجمالى مع الولايات المتحدة خلال هذا العقد.إذا ما حدث تحالف بين موسكو وبكين، وهو سيناريو مرجح للغاية، فإن المعادلات الدولية قد تميل لغير صالح التحالف الغربى فى عالم ما بعد «كورونا».يقال إن التاريخ لا يعيد نفسه إلا هزليا.شىء من الهزل السياسى شاب استدعاء الحرب الباردة رغم غياب حقائقها منذ أكثر من ثلاثة عقود.من علامات الهزل السياسى أن تبدأ الأزمة بسؤال فى حديث تلفزيونى عما إذا كان الرئيس الأمريكى يعتقد أن نظيره الروسى «قاتل».. ثم يجد معاونو «بايدن» أنه لابد عليهم أن يوضحوا للرأى العام أن ما قاله الرئيس لم تكن فلتة لسان، وأنه كان يقصد ما قاله تماما وغير نادم عليه حتى لا يطعن فى قدرته الذهنية على إدارة مصالح بلاده.ومن علامات الهزل السياسى بحث كل طرف فى الأزمة المستجدة عن مسوغات تبرر موقفه، شرعية أو غير شرعية، صحيحة أو منتحلة، داخل الموضوع أو خارجه.الأمريكيون ينعون على الروس إهدار حقوق الإنسان واضطهاد المعارضين السياسيين، مثل «إليكسى نافالنى»، الذى تعرض للتسميم ثم المحاكمة والسجن، والتدخل العسكرى فى أوكرانيا وشبه جزيرة القرم، فيما الروس يعتبرون التعريض بـ«بوتين» بهذه الطريقة إهانة جماعية.الملاسنات تمددت إلى التاريخ بإشارة «بوتين» إلى طبيعة نشأة الولايات المتحدة، حين ارتكب المستعمرون الأوروبيون الذين وفدوا إلى الأراضى الجديدة مذابح جماعية بحق السكان الأصليين فى أمريكا وإلى أن الولايات المتحدة كانت الدولة الوحيدة التى استخدمت سلاحا نوويا ضد دولة أخرى.إذا دخل العرب فى صياغة لائحة اتهامات القتل فإنها سوف تتمدد إلى ما لا يمكن حصره.ثم وصل الهزل السياسى إلى حد اقتراح «بوتين» إجراء مناظرة مع «بايدن» عبر وسائل التواصل الحديثة يشهدها ويحكم عليها العالم بأسره!بمنطق أو بغير منطق استبيح كل شىء، ما هو تاريخى وما يعوزه الدليل، ما هو شخصى وما يتعلق بمصالح الدول العليا، غير أن طرفى الأزمة المستجدة يدركان أن اللعبة لا تتجاوز التوظيف السياسى، كل لأسبابه الداخلية!لا «بايدن» سوف يمضى فى التصعيد إلى أكثر من العقوبات واستثارة ذكريات الحرب الباردة حين كانت لأمريكا الكلمة الأولى فى المعادلات الدولية.ولا «بوتين» بوارد قطع العلاقات مع الولايات المتحدة، فقد أكد جازما على رغبة بلاده فى «الإبقاء على العلاقات على النحو الذى تراه».الملاسنات فى جوهرها تعبير عن أوضاع قلق وتأزم يستبق نظام دولى جديد يوشك أن يولد من تحت ضربات جائحة «كورونا».«بايدن» يستدعى شبح «ترامب» لإكساب رئاسته ما تحتاجه من شعبية الاقتناع العام بجدارته بالحكم بعيدا عن إرث سلفه الذى نال بفداحة من صورة الولايات المتحدة.و«بوتين» يوظف ما تورط فيه نظيره الأمريكى من تفلت لفظى لإكساب نفسه شرعية جديدة تبرر طول البقاء فى الحكم.

Mentions Frequency Over time
Count of daily Articles over the past 30 Days.
بايدن وبوتين
Sentiment Analysis
Sentiment analysis measures the overall tone (positive, negative, or neutral)
بايدن وبوتين
Top Related Events
Count of Shared Articles
بايدن وبوتين
Top Related Persons
Count of Shared Articles
بايدن وبوتين
Top Related Locations
Count of Shared Articles
بايدن وبوتين
Top Related Organizations
Count of Shared Articles
بايدن وبوتين
Related Articles

الشروق

2021-03-21

عندما أفلتت ملاسنات الرئيسين الأمريكى «جو بايدن» والروسى «فلاديمير بوتين» عن أى قيد معتاد فى التخاطب بين رؤساء الدول تراقصت أشباح الحرب الباردة من جديد فى التغطيات الصحفية الدولية.التاريخ لا يعيد نفسه والحقائق تختلف.هذه حقيقة رئيسية فى أية قراءة موضوعية للمشاهد الهزلية، التى تابعها العالم مستغربا ومشدوها.لا أمريكا هى ذات الإمبراطورية المتفردة بقوتها وثرائها، التى فرضت بعد الحرب العالمية الثانية قيادتها للعالم الغربى.. ولا روسيا هى الاتحاد السوفييتى، الذى تمكن من فرض سيطرته على أوروبا الشرقية ومناطق واسعة من العالم حين انقسم العالم أيديولوجيا واستراتيجيا وعسكريا واقتصاديا إلى معسكرين كبيرين.بانهيار جدار برلين فى (9) نوفمبر عام (1989) انتهت الحرب الباردة وتقوض الاتحاد السوفييتى بعده، انفردت القوة الأمريكية بالنظام الدولى وحدها ونشأت أوضاع خلل فى التوازنات التى تحكم العلاقات الدولية دفع ثمنها فادحا فى العالم العربى.بإيحاء الصور بدت ملاسنات «بايدن» و«بوتين» كأنها استعارة لبعض أجواء الحرب الباردة، فالأول يصف الثانى بأنه «قاتل» و«بلا روح» على خلفية تقرير استخباراتى أمريكى جديد ينسب إليه السماح بالتدخل فى انتخابات الرئاسة الأمريكية، التى جرت الخريف الماضى.. والثانى يوحى بأن الأول فقد سيطرته على عباراته بحكم التقدم فى السن مدعيا أنه يتمنى له الصحة، رغم أنه هو نفسه لم يعد شابا بعدد السنين، قبل أن يزيد بـ«أننا عادة نرى ما بأنفسنا فى الآخرين، ونظن أنهم على ما نحن عليه».لم تكن الأزمة بذاتها مفاجأة بقدر ما كانت فى الطريقة، التى جرت بها والانحدار الذى وصلت إليه.على مدى ولاية الرئيس السابق «دونالد ترامب» دأب الديمقراطيون فى مجلس النواب بأغلبيتهم النسبية على توجيه الاتهامات إلى روسيا بالتدخل فى الانتخابات التى صعدت به عام (2016)، جرت مساءلات مطولة استهدفت عزله غير أنه أفلت بأغلبية جمهورية محدودة فى مجلس الشيوخ، الذى تحول إلى هيئة محاكمة.نفس الاتهامات تكررت بتقرير استخباراتى جديد عن انتخابات (2020)، التى كسبها «بايدن» وشكك فى نزاهتها «ترامب» وشهدت آخر فصولها اقتحام أنصار الأخير مبنى الكونجرس الأمريكى فى مشهد مأساوى شكك فى الديمقراطية الأمريكية.باليقين فإن هذا التقرير الاستخباراتى طلبه الرئيس الأمريكى نفسه لأهداف سياسية عملت فى وقت واحد على المضى قدما فى مطاردة شبح عودة الرئيس السابق للبيت الأبيض إذا ما ترشح فى انتخابات (2024) وإعادة ترتيب أولويات السياسة الخارجية الأمريكية فى عصر جديد باستدعاء العدو الروسى إلى مقدمة المشهد، باستعارة «أزمان القيادة والهيبة»، التى توافرت للولايات المتحدة فى سنوات الحرب الباردة.فى تلك السنوات جرت حروب بالوكالة فى أماكن عديدة بالعالم وأفضى التوازن النووى إلى نوع من الردع المتبادل وكانت الحروب الاستخباراتية والدعائية على رأس العناوين الرئيسية فى ساحات الصراع.بدت القطيعة شبه كاملة.لم يعد ذلك ممكنا الآن، لا موسكو بوارد أن تبنى حول نفسها ستارا حديديا جديدا فى عالم السماوات المفتوحة وتدفق المعلومات وتداخل المصالح الاقتصادية.. ولا بطاقة واشنطن أن تعلن حربا تجارية وسياسية ودعائية على روسيا قادرة على حشد الأنصار فى العالم الغربى، الذى كانت تقوده بلا منازع.أقصى ما يملكه «بايدن» الآن فرض عقوبات اقتصادية جديدة على روسيا، كطلقات إنذار محدودة لا تتجاوز المناوشات لتحديد مراكز المتصارعين فى عالم جديد يوشك أن يولد من تحت أطلال جائحة «كورونا».استدعاء «العدو الروسى» من ذاكرة التاريخ يصادم الحقائق المستجدة، فالخطر الأول الذى يتهدد المصالح الأمريكية يأتى من الشرق حيث التنين الصينى، المرجح أن يتساوى ناتجه القومى الإجمالى مع الولايات المتحدة خلال هذا العقد.إذا ما حدث تحالف بين موسكو وبكين، وهو سيناريو مرجح للغاية، فإن المعادلات الدولية قد تميل لغير صالح التحالف الغربى فى عالم ما بعد «كورونا».يقال إن التاريخ لا يعيد نفسه إلا هزليا.شىء من الهزل السياسى شاب استدعاء الحرب الباردة رغم غياب حقائقها منذ أكثر من ثلاثة عقود.من علامات الهزل السياسى أن تبدأ الأزمة بسؤال فى حديث تلفزيونى عما إذا كان الرئيس الأمريكى يعتقد أن نظيره الروسى «قاتل».. ثم يجد معاونو «بايدن» أنه لابد عليهم أن يوضحوا للرأى العام أن ما قاله الرئيس لم تكن فلتة لسان، وأنه كان يقصد ما قاله تماما وغير نادم عليه حتى لا يطعن فى قدرته الذهنية على إدارة مصالح بلاده.ومن علامات الهزل السياسى بحث كل طرف فى الأزمة المستجدة عن مسوغات تبرر موقفه، شرعية أو غير شرعية، صحيحة أو منتحلة، داخل الموضوع أو خارجه.الأمريكيون ينعون على الروس إهدار حقوق الإنسان واضطهاد المعارضين السياسيين، مثل «إليكسى نافالنى»، الذى تعرض للتسميم ثم المحاكمة والسجن، والتدخل العسكرى فى أوكرانيا وشبه جزيرة القرم، فيما الروس يعتبرون التعريض بـ«بوتين» بهذه الطريقة إهانة جماعية.الملاسنات تمددت إلى التاريخ بإشارة «بوتين» إلى طبيعة نشأة الولايات المتحدة، حين ارتكب المستعمرون الأوروبيون الذين وفدوا إلى الأراضى الجديدة مذابح جماعية بحق السكان الأصليين فى أمريكا وإلى أن الولايات المتحدة كانت الدولة الوحيدة التى استخدمت سلاحا نوويا ضد دولة أخرى.إذا دخل العرب فى صياغة لائحة اتهامات القتل فإنها سوف تتمدد إلى ما لا يمكن حصره.ثم وصل الهزل السياسى إلى حد اقتراح «بوتين» إجراء مناظرة مع «بايدن» عبر وسائل التواصل الحديثة يشهدها ويحكم عليها العالم بأسره!بمنطق أو بغير منطق استبيح كل شىء، ما هو تاريخى وما يعوزه الدليل، ما هو شخصى وما يتعلق بمصالح الدول العليا، غير أن طرفى الأزمة المستجدة يدركان أن اللعبة لا تتجاوز التوظيف السياسى، كل لأسبابه الداخلية!لا «بايدن» سوف يمضى فى التصعيد إلى أكثر من العقوبات واستثارة ذكريات الحرب الباردة حين كانت لأمريكا الكلمة الأولى فى المعادلات الدولية.ولا «بوتين» بوارد قطع العلاقات مع الولايات المتحدة، فقد أكد جازما على رغبة بلاده فى «الإبقاء على العلاقات على النحو الذى تراه».الملاسنات فى جوهرها تعبير عن أوضاع قلق وتأزم يستبق نظام دولى جديد يوشك أن يولد من تحت ضربات جائحة «كورونا».«بايدن» يستدعى شبح «ترامب» لإكساب رئاسته ما تحتاجه من شعبية الاقتناع العام بجدارته بالحكم بعيدا عن إرث سلفه الذى نال بفداحة من صورة الولايات المتحدة.و«بوتين» يوظف ما تورط فيه نظيره الأمريكى من تفلت لفظى لإكساب نفسه شرعية جديدة تبرر طول البقاء فى الحكم. ...قراءة المزيد

الكلمات المفتاحية المذكورة في المقال:

اليوم السابع

2021-06-17

فى أجواء طغى عليها الإيجابية رغم خفض التوقعات، عقد الرئيسان الأمريكى جو بايدن والروسى فلاديمير بوتين قمتهما الأولى أمس الأربعاء، فى مدينة جنيف السويسرية، التى جاءت فى ختام جولة بايدن الخارجية الأولى منذ توليه الحكم. ورغم أجواء التوتر التى تسود العلاقات بين موسكو وواشنطن فى الفترة الأخيرة، والتصريحات الهجومية السابقة التى تبادلها مسئولو الطرفين على مختلف المستويات، إلا أن القمة خرجت بنتائج غير متوقعة بحديث إيجابى من كلا الرئيسين عن لقائهما وتوصلهما لاتفاق حول عدد من القضايا، وإن كانت الخلافات لا تزال قائمة فى قضايا أخرى. فقد اتفق بايدن وبوتين على إعادة السفراء بين البلدين، وكان السفير الأمريكى لدى روسيا جون سوليفان والسفير الروسى لدى واشنطن أناتولى أنتونوف بعيدين عن سفارتيهما منذ أشهر، مما قوض الدبلوماسية فى وقت التوتر السياسى بين البلدين، واتفق الجانبان أيضًا على استئناف محادثات الاستقرار الاستراتيجيى المتوقفة منذ فترة طويلة لتخفيض مخاطر الصراع بين القوتين النوويتين، بحسب ما جاء فى البيان المشترك الصادر بعد الاجتماع. وقرر الجانبان عقد اجتماعات خبراء لإجراء مشاورات حول الأمن الإلكترونى، لاسيما لتحديد أنواع البنية التحتية التى يجب أن تكون خارج حدود الهجمات الإلكترونية المدمرة، بحسب ما قال مسئولون أمريكيون أفادوا بأنه تم تسليم بوتين قائمة من 16 قطاعا تشمل الأغذية والزراعة والخدمات المالية والاتصالات وغيرها. وعلقت صحيفة واشنطن بوست على القمة، وقالت إن استراتيجية بايدن للتشاؤم ساعدت على إظهار التقدم مع نظيره الروسى. وقالت الصحيفة إن بايدن طوال مسيرته السياسية الممتدة على مدار أربعة عقود رأى الرؤساء الأمريكيين، واحدا تلو الآخر، يحاولون إحداث تحول فى العلاقات مع روسيا قبل أن يتركوا المنصب بخيبة أمل، ولذلك حاول فى أول اجتماع له كرئيس مع الرئيس الروسى ألا يكرر نفس الخطأ، فلم يقدم أى بوادر لإعادة ضبط العلاقة، كما أن تشاؤمه بشأن تغيير موقف بوتين فى قضايا مثل حقوق الإنسان كان يوجه أفعاله، وقال بايدن فى المؤتمر الصحفى بعد القمة إن هذا لا يتعلق بالثقة بل بالمصلحة الشخصية. ولم يترك مساعدو بايدن شيئا للصدفة فى التجهيز لاجتماعه مع بايدن،كما تقول الصحيفة. فلتجنب إخفاق التوقعات، قللوا من احتمالية تحقيق إنجازات حتى ولو متواضعة، ولتجنب الظهور فى مظهر الضعف، تفاوضوا على أن يصل بوتين لمقر القمة أولا، وأنهوا فرص أن يبقى بوتين بايدن منتظرا بالظهور متأخر، وهى حيلة نفسية متكررة استخدمها بوتين. ولتجنب أى مفاجآت، قرروا عدم عقد مؤتمر صحفى مشترك. ومع إبقاء التوقعات منخفضة، وهو ما تعزز بإنهاء المحادثات مبكرا، خرج بوتين وبايدن من الاجتماع بمفاجئة سارة وهى إحراز تقدم تدريجى حول عدة قضايا. وقال بوتين بعد القمة، لم يكن هناك عداوة، على العكس، حدث اجتماعنا بروح بناءة، بينما وصف بايدن اللقاء بأنه كان جيدا وإيجابيا. وتقول واشنطن بوست إنه على الرغم من الاتفاقات التى توصل إليها الرئيسان فيما يتعلق بتبادل السجناء وغيرها، فاللقاء لا يشكل لحظة فاصلة، لكن المحللون يرون أنه يمثل تقدما فى قضايا مهمة للبلدين، وقال سام شاراب، المحلل الروسى فى مؤسسة راند الأمريكية، إنها كانت خطوات واضحة إلى الأمام، وبشكل عام، ربما تكون هذه أفضل نتيجة كانوا يتوقعونها. من ناحية أخرى، وصفت وكالة أسوشيتدبرس قمة الرئيسين الأمريكى والروسى بأنها كانت بلا لكمات أو أحضان من الطرفين، وأنها كانت قمة "الكلمة العملية". وأشارت الوكالة إلى أن بايدن وبوتين تبادلا الكلمات الودية، وخطا خطوات متواضعة بشأن الحد من التسلح والدبلوماسية، لكنهما خرج من القمة باختلافات عميقة بشان حقوق الإنسان والهجمات الإلكترونية والتدخل فى الانتخابات وقضايا أخرى. ورأت الوكالة أن اتفاق عودة الدبلوماسيين الذى توصل إليه كلا الرئيسين مهم، لكنه بالكاد ما يغير العلاقة بين بلديهما، وأشارت إلى أن المحادثات التى استمرت ثلاث ساعات على ضفاف بحيرة جنيف تركت الرجلين واقفين بثبات فى نفس المواقف التى بدآ فيها. فقد قال بايدن فى مؤتمر صحفى بعد القمة إنه ليس واثقا أن بوتين سيغير سلوكه، وأن ما سيغيره هو رد فعل باقى العالم إزائه. وتابعت أسوشيتدبرس قائلة، إن بايدن جاء إلى القمة ليضغط على بوتين لاتخاذ إجراءات صارمة ضد تصاعد هجمات الأمن الإلكترونى وهجمات برامج الفدية الروسية، التى استهدفت الشركات والوكالات الحكومية فى الولايات المتحدة وحول العالم، لكن عندما انتهت القمة، لم يكن من الواضح أنه تم إحراز أكثر من تقدم سطحى. إلا أن بايدن، وبرغم الخلافات الواضحة، أصر على أنه قد تم إحراز تقدم، ووصف الصحفيين بأنهم متشائمين للغاية خلال نقاش قبل أن يستقل طائرة الرئاسة للعودة إلى الولايات المتحدة، حيث قال بايدن: هناك قيمة لتكون واقعيا وتضع وجها متفائلا. وقال بايدن أنه وبوتين أمضيا وقتا كبير فى مناقشة الأمن الإلكترونى ويعتقد أن بوتين يفهم الموقف الأمريكى. ...قراءة المزيد

الكلمات المفتاحية المذكورة في المقال:

اليوم السابع

2021-12-06

وصف الكرملين اليوم الاثنين العلاقات الثنائية بين الولايات المتحدة وروسيا بالـ "مؤسفة" ، قبل يوم واحد من استعداد الرئيس بايدن والرئيس الروسي فلاديمير بوتين للتحدث عبر مكالمة فيديو وسط تصاعد التوترات بين البلدين، حيث أعلنت السكرتير الصحفي للبيت الأبيض جين ساكي أنه من المقرر أن يتحدث بايدن وبوتين يوم الثلاثاء ، حيث تتزايد المخاوف بشأن زيادة القوات الروسية على الحدود الأوكرانية.   وقال المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف يوم الاثنين إن "التوتر حول أوكرانيا" سيكون محور التركيز الأساسي للمكالمة بين الرئيسين ، بالإضافة إلى ما أشارت إليه روسيا على أنه حلف الناتو يقترب من حدودها، وقال بيسكوف إن الضمانات الأمنية ستكون أيضًا على جدول الأعمال.   بالطبع (جدول الأعمال) هو العلاقات الثنائية التي لا تزال في حالة يرثى لها. ثم تأتي الأسئلة التي تلوح في الأفق على جدول الأعمال. وقال بيسكوف ، وفقا لرويترز ، "التوتر الأساسي حول أوكرانيا ، موضوع تقدم الناتو نحو حدودنا ، ومبادرة الرئيس بوتين بشأن الضمانات الأمنية".   وبحسب وكالة رويترز قال بوتين إنه يريد أن تحصل موسكو على ضمانات قانونية بأن الناتو لن يندفع نحو الشرق ، وكذلك تعهد بعدم توزيع أسلحة معينة في دول قريبة من روسيا ، مثل أوكرانيا، ومن المتوقع أيضًا أن يطرح الرئيس الروسي فكرة عقد قمة أخرى مع بايدن.   كما قال بيسكوف إن على بايدن وبوتين مراجعة "التفاهمات" التي تم التوصل إليها في جنيف، وقال بيسكوف إنهم سيحتاجون إلى مناقشة كيفية تنفيذ التفاهمات التي توصلوا إليها في جنيف ، ومراجعة ما يتم تنفيذه بالكامل ، وما يحتاج إلى عمل إضافي.   وقالت بساكي إن الرئيسين سيناقشان "مجموعة من الموضوعات" المتعلقة بالعلاقة بين الولايات المتحدة وروسيا ، بما في ذلك الاستقرار الاستراتيجي والقضايا الإلكترونية والإقليمية، وأضافت بساكي في بيان أن "الرئيس بايدن سيؤكد مخاوف الولايات المتحدة بشأن الأنشطة العسكرية الروسية على الحدود مع أوكرانيا ويعيد تأكيد دعم الولايات المتحدة لسيادة أوكرانيا ووحدة أراضيها".   وأظهرت وثيقة استخباراتية أمريكية حصلت عليها صحيفة واشنطن بوست أن روسيا تخطط لشن هجوم عسكري على أوكرانيا يشارك فيه 175 ألف جندي بالقرب من الحدود يمكن أن يحدث في وقت مبكر من العام المقبل، كما تضخم الحشد العسكري الروسي على الحدود إلى حوالي 90 ألف جندي ، وهي إشارة مقلقة للكثيرين على أن موسكو ربما تستعد لغزو البلاد.     ...قراءة المزيد

الكلمات المفتاحية المذكورة في المقال:

الوطن

2023-02-25

مع دخول الحرب الروسية الأوكرانية عامها الثاني، أصيب العالم بخيبة أمل من زيارة الرئيس الأمريكي بايدن الأخيرة إلى كييف، والرد الروسي عليها في خطاب بوتين، فكلاهما (بايدن وبوتين) أكدا بأن الحرب مستمرة وأنه لا تراجع من جانب واشنطن والغرب عن استنزاف روسيا، وأن روسيا لن تتراجع عن تحقيق أهدافها بإخضاع أوكرانيا. في ظل هذا التحدي من طرفي الصراع، جاءت المبادرة الصينية، التي تتضمن 12 بندًا، أبرزهم وقف إطلاق النار والعودة إلى طاولة المفاوضات.رغم أن روسيا لم تتفاجأ بالمبادرة ولا بمضمونها، إلا أن التعاطي معها جاء باهتًا. أما الرد الأوكراني على المبادرة الصينية، كان عمليًا، فلم تكتف برفضها، بل صعّدت من عملياتها في الشريط الجنوبي الذي ضمته واحتلته روسيا مؤخرًا، كما شرعت في رسم خطط تمركز الدبابات الغربية التي بدأت تتسلمها من الولايات المتحدة والدول الأوروبية الحليفة، وتعجلت وصول مزيد من الأسلحة الغربية، استعدادًا لمعركة الربيع المرتقبة لتحرير كامل أراضيها بما فيها شبه جزيرة القرم! من جانبها طبقت الولايات المتحدة والدول الغربية حزمة جديدة من العقوبات الاقتصادية على روسيا، أملًا في أن تؤثر العقوبات على حياة الروس، مما يشكل ضغطاً على القيادة السياسية ومن ثم تتوقف المعارك. في ظل هذا التعقيد للأزمة كانت أعين الولايات وحلف الناتو منصبة على بكين، محذرين الصين من مغبة تقديم أي شكل من أشكال الدعم العسكري إلى روسيا. من هنا تأتي أهمية التحرك الصيني كمبادرة لوقف القتال، وبما أن أوكرانيا ومن خلفها الولايات المتحدة والناتو تقريبًا رفضوا التجاوب مع المبادرة مشككين في حياد بكين، فلم يبقَ أمام الصين سوى تعديل بنود مبادرتها، وإعادة طرحها من جديد خلال زيارة مرتقبة سيقوم بها الرئيس الصيني إلى موسكو.فهل تنجح الجهود الصينية في وقف الحرب بخروج كريم لروسيا من المأزق الأوكراني، أم تتحدى بكين أوروبا والولايات المتحدة وتتحالف علنًا مع روسيا؟ حينها سنكون أمام تحول جذري للحرب الأوكرانية، وبذلك يصبح العالم على أبواب حرب عالمية ثالثة، لا يعلم نتائجها إلا الله.   ...قراءة المزيد

الكلمات المفتاحية المذكورة في المقال:

الوطن

2022-02-20

قال وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، اليوم، إن الرئيس الأمريكي جو بايدن لا يزال على استعداد للتحدث مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، على الرغم من تقييم الحكومة الأمريكية بأن بوتين قرر بالفعل غزو أوكرانيا. وقال «بلينكن» في تصريحات لبرنامج «حالة الاتحاد» على شبكة «سي إن إن»: «نعتقد أن الرئيس بوتين اتخذ القرار، ولكن إلى أن تتحرك الدبابات بالفعل، وتطير الطائرات، سنستغل كل فرصة وكل دقيقة، علينا أن نرى ما إذا كانت الدبلوماسية لا تزال قادرة على إثناء الرئيس بوتين عن المضي قدمًا في هذا الأمر». وبحسب صحيفة نيويورك تايمز الامريكية، أضاف بلينكن بعد ساعات من عودته من مؤتمر ميونيخ للأمن حيث حاول هو ونائب الرئيس كامالا هاريس حشد الدول للضغط على روسيا لنزع فتيل الأزمة، إن روسيا لا تزال تتخذ جميع الخطوات التي تتوقعها الولايات المتحدة لما يمكن أن يكون توغلاً عنيفًا وواسع النطاق في أوكرانيا. كما انتقد بلينكن قرار روسيا الإبقاء على القوات الروسية في بيلاروسيا لما بعد نهاية هذا الأسبوع، عندما كان من المقرر أن تنتهي التدريبات العسكرية المشتركة بين الحلفاء، وأعلنت وزارة الدفاع البيلاروسية اليوم مد التدريبات، وحذر المسؤولون الأمريكيون من أن التدريبات يمكن أن تكون بمثابة غطاء لروسيا لوضع قوات قتالية بالقرب من العاصمة الأوكرانية كييف، وقال بلينكين: «إنهم يبررون الآن استمرار التدريبات التي قالوا إنها ستنتهي الآن»، واصفًا ذلك بأنه جزء من التصعيد الروسي «التي تواصل تصعيد التوترات».  وكانت آخر مرة تحدث فيها بايدن وبوتين عبر الهاتف لمدة ساعة واحدة في 12 فبراير الجاري، وفي تلك المكالمة حذر بايدن بوتين من أن غزوًا جديدًا لأوكرانيا سيؤدي إلى تكاليف سريعة وشديدة بالنسبة لروسيا، كما وعد بايدن بفرض عقوبات اقتصادية قاسية على روسيا إذا قام بوتين بالغزو، على الرغم من أن بكين، التي عززت علاقاتها مع موسكو، يمكن أن تساعد في تخفيف تلك العقوبات. ...قراءة المزيد

الكلمات المفتاحية المذكورة في المقال: