Logo

جان بول سارتر

جان-بول شارل ايمارد سارتر (بالفرنسية: Jean-Paul Sartre)‏ (21 يونيو 1905...عرض المزيد

Mentions Frequency Over time
This chart displays the number of articles over time
Articles Count
Breakdown of article counts by source. Each card below shows the number of articles from a specific source.
الشروق
1
Total Articles
1
Sentiment Analysis
Sentiment analysis helps understand whether the coverage is mostly positive, negative, or neutral.
Top Related Events
Events are most frequently mentioned with the entity.
Top Related Persons
Persons are most frequently mentioned with the entity.
Top Related Locations
Locations are most frequently mentioned with the entity.
Top Related Organizations
Organizations are most frequently mentioned with the entity.
Related Articles
A list of related articles with their sentiment analysis and key entities mentioned.

الشروق

2025-06-21

Neutral

«أنا لا أحاول الحفاظ على حياتي من خلال فلسفتي فهذا شيء حقير، ولا أحاول إخضاع حياتي لفلسفتي فهذا شيء متحذلق، لكن في الحقيقة الحياة والفلسفة شيء واحد».. ضم الفيلسوف الوجودي الأشهر الفرنسي جان بول سارتر، هذه الكلمات إلى كتاب «دفاتر الحرب الغريبة»؛ إذ كان يحاول دائمًا على مدار حياته أن يصيغ فلسفته، ويربطها بالحياة العادية اليومية، لذلك ظل تأثيره وحضوره كبيرا ليس فقط عند الفلاسفة والمثقفين، بل حتى عند الناس العاديين. وفي ذكرى ميلاد شاعر الوجودية، والذي ولد في يونيو من عام 1905 ورحل في 15 أبريل من عام 1980، نحاول استعادة سيرة وأفكار الفيلسوف والروائي والناقد المسرحي الذي صنع من الوجودية فلسفة حية تتجاوز جدران الأكاديميا إلى باريس العادية وشوارعها المضطربة سياسيا، قليلون من استطاعوا أن يكونوا فلاسفة وأدباء ومناضلين في آن واحد، وسارتر أحدهم. ووُلد "سارتر" في باريس لعائلة برجوازية، وفقد والده صغيرا فعاش في كنف أمه وجده، درس الفلسفة في مدرسة الأساتذة العليا في باريس، ومنذ سنواته الأولى بدا شغوفا بحرية الفكر، رافضا لأي سلطة تحد من قدرة الإنسان على الفعل والاختيار. وجاءت الحرب العالمية الثانية لحظة فارقة في حياته، حيث شارك فيه وخاض تجربة الأسر في معسكر ألماني، ثم عاد إلى باريس؛ ليكتب ويفكر ويقاوم بالمعنى الوجودي لا العسكري فقط. هنا تبلورت الفكرة الجوهرية لفلسفته الوجودية: «الوجود يسبق الماهية» أي أن الإنسان لا يُخلق ومعه وصفة جاهزة لحياته، بل يُلقيه الوجود عاريًا ليخترع ذاته عبر قراراته وأفعاله اليومية. ويعتبر سارتر، أن الحرية ليست شعارا بل قدرا لا مفر منه: «الإنسان محكوم عليه أن يكون حرًا»، هذه الحرية مرعبة لأنها تجعلك مسئولا وحيدا عن كل ما تختار وما تتجاهل وما تفعل وما لا تفعل، "لا إله" ولا قدر ولا مجتمع يتحمل عنك وزرك. وجعل سارتر من هذه الفلسفة أسلوب حياة وسلوك كتابة، فكتب رواياته ومسرحياته؛ ليجسد فيها الإنسان الحر القلق المتردد الذي لا يجد إجابات جاهزة، بل يصنع معناه بمعانة الروح، وعلاقة سارتر بالكتابة الأدبية علاقة ملتبسة، فهو يكتب بشكل عفوي كبير. وتميزت موضوعات سارتر الدرامية بالتركيز على حالة أقرب إلى المأزق أو الورطة، ومسرحياته «الذباب»، و«لا مخرج»، و«المنتصرون» تدور في غرف التعذيب أو في غرفة في جهنم أو تحكي عن طاعون مصدره الذباب. وتدور معظمها حول الجهد الذي يبذله الفرد؛ ليختار حياته وأسلوبها كما يريده هو، وسط محاولات العالم التقليدي تقييد البطل ووضعه في مأزق وتشويهه وتشويه حياته. ولم يفصل سارتر بين كرسي الفيلسوف ومنبر الناشط، إذ شارك في التظاهرات ضد الاستعمار الفرنسي للجزائر، ووقف إلى جوار الثورات رغم تناقضاتها، وظل مناهضا لأي شكل من أشكال القمع أو الرقابة. وفي عام 1964، فجر سارتر، الحدث الأكبر برفضه لجائزة نوبل في الأدب؛ استنادا لأفكاره الوجودية، التي تقول إن أي شخص لا يستحق أن يكرم وهو على قيد الحياة، ولأن الجوائز الرسمية ستعيق الكاتب والفيلسوف وتحوله إلى مؤسسة. - شريكته في الفكر والحياة وحين يُذكر سارتر تُذكر معه بكل تأكيد شريكته في الفكر والحياة سيمون دي بوفوار، المرأة التي كسرت بدورها كثيرا من أصنام التقاليد، ورفعت لواء النسوية في زمن محافظ، كانا معًا نموذجًا لحب خارج القوالب ولشراكة فكرية حرّة لم تهزمها الألسنة ولا النميمة ولا الزمن. بعد أكثر من 4 عقود على رحيله، لا يزال سارتر حيا في النقاشات الأكاديمية وحياة القراء الشباب، يخرج كل مرة من بين صفحات كتبه؛ ليذكرنا أننا أحرار بقدر ما نتحمل من مسئولية لحريتنا.

قراءة المزيد

الشروق

2025-06-14

Very Positive

برحيل سيدة المسرح العربى؛ الفنانة الكبيرة سميحة أيوب (1930-2025) التى غادرت عالمنا الأسبوع الماضى، ينطوى عصر من الفن والجمال والإبداع، عصر من الرقى والفخامة والأداء الرصين والموهبة المتفجرة والأعمال الرائعة..فى نظرى لم تكن السيدة سميحة أيوب مجرد ممثلة عظيمة وقامة شامخة من قامات المسرح القومى إحدى أذرعنا الثقافية الناعمة، ذات التاريخ وذات العراقة وذات المجد، ولم تكن مجرد ممثلة أدت أدوارًا لا تُنسى فى السينما والتليفزيون والراديو، لقد كانت جماعًا لعصر اكتملت فيه أركان الموهبة والإجادة والإتقان، فكان هذا التاريخ الباذخ الذى صنعته سميحة أيوب قرابة القرن من الزمان.حباها الله الموهبة فطرية فى التمثيل والأداء والتقمص والتشخيص، وحباها الله القدرة على العمل المتواصل والدؤوب ومواجهة الظروف والتحديات، والوقوف بثبات فى وجه الأزمات، وحباها الله صوتا مميزا، عميقا، قادرًا على الوصول إلى قلب مستمعه بكل بساطة وشغف وقبول (لا أنسى دورها المذهل فى المسلسل الإذاعى الجميل المأخوذ عن رائعة نجيب محفوظ «الحرافيش»؛ الحكاية الأولى عاشور الناجى).ومنحها الله حضورًا واستجابة واسعة من قبل الجمهور؛ سواء كان جمهور المسرح أم السينما أم التليفزيون أم الإذاعة، وأظن أن المساحة تضيق على حصر أدوارها الرائعة التى لا تنسى منذ أول ظهور لها على الشاشة أو الخشبة أو من خلال أعمالها حتى المتأخرة فى السنوات العشر الأخيرة قبل الرحيل.(2)قامة كبيرة بكل ما تعنيه الكلمة، وتاريخٌ حى وعامر بالأعمال المبدعة؛ مسرحيات كلاسيكية وحديثة ومعاصرة، وأفلام ومسلسلات.. وعمر امتد ليشهد ويعاصر تاريخ مصر فى القرن العشرين؛ منذ عصرها الملكى، ومرورًا بما تعاقب عليها بعد يوليو 52 وحتى رحيلها فى 2025.على صفحته الزاخرة على «فيسبوك»، ينشر صديقى الناقد الكبير محمود عبد الشكور صورة نادرة لسميحة أيوب، والفيلسوف الفرنسى الشهير «جان بول سارتر» يتقدم لمصافحتها بحرارة وإعجاب غامر، بعد أن شاهدها وهى تقوم ببطولة مسرحيته الشهيرة «الذباب» أثناء زيارته للقاهرة فى مارس 1967.ويعلق عبد الشكور قائلًا «انبهر سارتر بأداء سميحة، تلميذة زكى طليمات النجيبة، وتفاصيل الحكاية تجدونها كاملة فى مذكراتها الضخمة والمهمة الصادرة عن الهيئة المصرية العامة للكتاب والتى أعتبرها من أبرز ما كتب عن مسيرة الفن والحياة فى عيون ممثلة مصرية وعربية استثنائية».هذه اللقطة (إن جاز التعبير) تمثل مفتاحًا أساسيًا فى فهم تجربة سميحة أيوب الفنية والإبداعية، إنها فنانة من طراز رفيع، تربت فى حجر «المسرح، أبو الفنون»، واكتملت أدواتها وقدراتها فى رحابه، وبلغت ذروة النضج فى الأداء والتشخيص وهى ما زالت فى ريعان الشباب (كانت فى السابعة والثلاثين وهى تقوم ببطولة مسرحية سارتر).. ولك أن تراجع أدوارها التى لا تُنسى فى: «سكة السلامة»، و«السبنسة»، و«فيدرا»، و«الوزير العاشق»، و«السلطان الحائر».. وغيرها الكثير والكثير. ولا ننسى أنها تولت إدارة المسرح الحديث عام 1972، ثم إدارة المسرح القومى لمدة 14 عامًا، لتكون أول سيدة تتولى هذا المنصب فى تاريخ المسرح المصرى وربما العربى أيضًا.(3)أما إذا أردتَ أن تعرفَ المزيدَ عن حياتها الخاصة، وتجربتها الإنسانية العامرة، فأعاود الإحالة إلى مذكراتها الضخمة، وسيرتها الذاتية المهمة الصادرة قبل سنوات عن هيئة الكتاب. لكنى أضيف إلى هذا المصدر الخصب والغنى مصدرًا آخر مهما راكمته سيدة المسرح العربى على مدى سنواتها العشر الأخيرة، وهو حواراتها الحية المسجلة على شاشات الفضائيات؛ ما من حوار لها خلال هذه السنوات إلا وتحدثت فيه بروح الحكمة والصدق والتأمل؛ صريحة جريئة لا تهاب الحقيقة، لا تخشى الاعتراف بالخطأ، تراجع تجربتها كلها إنسانيا وفنيا وعمليا وكل شىء بعين فاحصة، ونفس راضية، وثقة من يعلم أنه ترك ما لا يندم عليه، بل يفخر به ويعتز به أيما اعتزاز.تاريخ حى ومشرف ومتخم بالأعمال الرفيعة؛ على المسرح (بيتها الأول والخشبة التاريخية العريقة التى شهدت سنوات تألقها ومجدها وذروة إبداعها)، وعلى شاشة السينما (وبخاصة كلاسيكياتها الخالدة)، وفى الدراما التليفزيونية، وما لا يُعد من المسلسلات الإذاعية (أعمالها فقط فى هذه الدائرة تستحق كتابًا بأكمله). سيدة عظيمة، مثقفة، راقية، بدأبها وجهدها استحقت ذات يوم أن ينحنى فيلسوف الوجودية الفرنسى سارتر والمسرحى الكبير كى يقبل يدها.(4)سميحة أيوب لم تكن فنانة كبيرة فقط ولا أستاذة قديرة من أساتذة المسرح (وبخاصة القومى) وعمالقته فى زمن ازدهاره وتألقه، بل كانت «شاهدًا على العصر» بكل ما تعنيه الكلمة..فنانة تعى تمامًا قيمة هذه الكلمة ومعناها، ولوازمها، فنانة «مثقفة» بالمعنى الحقيقى والأصيل، دون ادعاء أو تصنع (وما أكثر المدعين والمتصنعين فى هذا الزمان!)، كتبت شهادتها وسيرتها فى عمل ضخم يندر أن نقرأ عملًا مثله بهذه القيمة والأصالة والأمانة والنزاهة الفكرية والخلقية..رحم الله سميحة أيوب، وأسكنها فسيح جناته..  

قراءة المزيد

الشروق

2025-06-14

Very Positive

  برحيل سيدة المسرح العربى؛ الفنانة الكبيرة سميحة أيوب (1930-2025) التى غادرت عالمنا الأسبوع الماضى، ينطوى عصر من الفن والجمال والإبداع، عصر من الرقى والفخامة والأداء الرصين والموهبة المتفجرة والأعمال الرائعة.. فى نظرى لم تكن السيدة سميحة أيوب مجرد ممثلة عظيمة وقامة شامخة من قامات المسرح القومى إحدى أذرعنا الثقافية الناعمة، ذات التاريخ وذات العراقة وذات المجد، ولم تكن مجرد ممثلة أدت أدوارًا لا تُنسى فى السينما والتليفزيون والراديو، لقد كانت جماعًا لعصر اكتملت فيه أركان الموهبة والإجادة والإتقان، فكان هذا التاريخ الباذخ الذى صنعته سميحة أيوب قرابة القرن من الزمان.حباها الله الموهبة فطرية فى التمثيل والأداء والتقمص والتشخيص، وحباها الله القدرة على العمل المتواصل والدؤوب ومواجهة الظروف والتحديات، والوقوف بثبات فى وجه الأزمات، وحباها الله صوتا مميزا، عميقا، قادرًا على الوصول إلى قلب مستمعه بكل بساطة وشغف وقبول (لا أنسى دورها المذهل فى المسلسل الإذاعى الجميل المأخوذ عن رائعة نجيب محفوظ «الحرافيش»؛ الحكاية الأولى عاشور الناجى).ومنحها الله حضورًا واستجابة واسعة من قبل الجمهور؛ سواء كان جمهور المسرح أم السينما أم التليفزيون أم الإذاعة، وأظن أن المساحة تضيق على حصر أدوارها الرائعة التى لا تنسى منذ أول ظهور لها على الشاشة أو الخشبة أو من خلال أعمالها حتى المتأخرة فى السنوات العشر الأخيرة قبل الرحيل.(2)قامة كبيرة بكل ما تعنيه الكلمة، وتاريخٌ حى وعامر بالأعمال المبدعة؛ مسرحيات كلاسيكية وحديثة ومعاصرة، وأفلام ومسلسلات.. وعمر امتد ليشهد ويعاصر تاريخ مصر فى القرن العشرين؛ منذ عصرها الملكى، ومرورًا بما تعاقب عليها بعد يوليو 52 وحتى رحيلها فى 2025.على صفحته الزاخرة على «فيسبوك»، ينشر صديقى الناقد الكبير محمود عبد الشكور صورة نادرة لسميحة أيوب، والفيلسوف الفرنسى الشهير «جان بول سارتر» يتقدم لمصافحتها بحرارة وإعجاب غامر، بعد أن شاهدها وهى تقوم ببطولة مسرحيته الشهيرة «الذباب» أثناء زيارته للقاهرة فى مارس 1967. ويعلق عبد الشكور قائلًا «انبهر سارتر بأداء سميحة، تلميذة زكى طليمات النجيبة، وتفاصيل الحكاية تجدونها كاملة فى مذكراتها الضخمة والمهمة الصادرة عن الهيئة المصرية العامة للكتاب والتى أعتبرها من أبرز ما كتب عن مسيرة الفن والحياة فى عيون ممثلة مصرية وعربية استثنائية».هذه اللقطة (إن جاز التعبير) تمثل مفتاحًا أساسيًا فى فهم تجربة سميحة أيوب الفنية والإبداعية، إنها فنانة من طراز رفيع، تربت فى حجر «المسرح، أبو الفنون»، واكتملت أدواتها وقدراتها فى رحابه، وبلغت ذروة النضج فى الأداء والتشخيص وهى ما زالت فى ريعان الشباب (كانت فى السابعة والثلاثين وهى تقوم ببطولة مسرحية سارتر).. ولك أن تراجع أدوارها التى لا تُنسى فى: «سكة السلامة»، و«السبنسة»، و«فيدرا»، و«الوزير العاشق»، و«السلطان الحائر».. وغيرها الكثير والكثير. ولا ننسى أنها تولت إدارة المسرح الحديث عام 1972، ثم إدارة المسرح القومى لمدة 14 عامًا، لتكون أول سيدة تتولى هذا المنصب فى تاريخ المسرح المصرى وربما العربى أيضًا.(3)أما إذا أردتَ أن تعرفَ المزيدَ عن حياتها الخاصة، وتجربتها الإنسانية العامرة، فأعاود الإحالة إلى مذكراتها الضخمة، وسيرتها الذاتية المهمة الصادرة قبل سنوات عن هيئة الكتاب. لكنى أضيف إلى هذا المصدر الخصب والغنى مصدرًا آخر مهما راكمته سيدة المسرح العربى على مدى سنواتها العشر الأخيرة، وهو حواراتها الحية المسجلة على شاشات الفضائيات؛ ما من حوار لها خلال هذه السنوات إلا وتحدثت فيه بروح الحكمة والصدق والتأمل؛ صريحة جريئة لا تهاب الحقيقة، لا تخشى الاعتراف بالخطأ، تراجع تجربتها كلها إنسانيا وفنيا وعمليا وكل شىء بعين فاحصة، ونفس راضية، وثقة من يعلم أنه ترك ما لا يندم عليه، بل يفخر به ويعتز به أيما اعتزاز.تاريخ حى ومشرف ومتخم بالأعمال الرفيعة؛ على المسرح (بيتها الأول والخشبة التاريخية العريقة التى شهدت سنوات تألقها ومجدها وذروة إبداعها)، وعلى شاشة السينما (وبخاصة كلاسيكياتها الخالدة)، وفى الدراما التليفزيونية، وما لا يُعد من المسلسلات الإذاعية (أعمالها فقط فى هذه الدائرة تستحق كتابًا بأكمله). سيدة عظيمة، مثقفة، راقية، بدأبها وجهدها استحقت ذات يوم أن ينحنى فيلسوف الوجودية الفرنسى سارتر والمسرحى الكبير كى يقبل يدها.(4)سميحة أيوب لم تكن فنانة كبيرة فقط ولا أستاذة قديرة من أساتذة المسرح (وبخاصة القومى) وعمالقته فى زمن ازدهاره وتألقه، بل كانت «شاهدًا على العصر» بكل ما تعنيه الكلمة.. فنانة تعى تمامًا قيمة هذه الكلمة ومعناها، ولوازمها، فنانة «مثقفة» بالمعنى الحقيقى والأصيل، دون ادعاء أو تصنع (وما أكثر المدعين والمتصنعين فى هذا الزمان!)، كتبت شهادتها وسيرتها فى عمل ضخم يندر أن نقرأ عملًا مثله بهذه القيمة والأصالة والأمانة والنزاهة الفكرية والخلقية..رحم الله سميحة أيوب، وأسكنها فسيح جناته..  

قراءة المزيد

الشروق

2025-06-04

Very Positive

قررت إدارة مهرجان إيزيس الدولي لمسرح المرأة إطلاق اسم سيدة المسرح العربي سميحة أيوب على الدورة الثالثة للمهرجان، المقرر عقدها في الفترة من 25 سبتمبر وحتى 1 أكتوبر 2025. أكدت المخرجة والممثلة عبير لطفي أن إطلاق اسم سيدة المسرح العربي، الفنانة الكبيرة سميحة أيوب، على الدورة الثالثة يضيف إلى قيمة المهرجان ويدعم دوره في الاحتفاء بصانعات المسرح المصري، حيث كانت أيوب نموذجًا يُحتذى به وأثرت في الحركة الفنية والثقافية في مصر والوطن العربي، وتركت بصمة واضحة سواء كممثلة أو مخرجة. كانت أول مديرة للمسرح القومي، وهي أيضًا أول سيدة قامت بإخراج عرض مسرحي على خشبة المسرح القومي، وكان تحديًا كبيرًا في زمن تألق فيه عدد من عمالقة المسرح المصري. وأضافت أنها ستظل حاضرة بفنها وأعمالها العظيمة التي رسخت قيمة الفن المصري وشكلت وعي أجيال متتالية، ومنها "السبنسة" و"فيدرا" و"سكة السلامة" و"الفتى مهران" و"دماء على ستار الكعبة" و"الدرس انتهى لموا الكراريس" و"العباسة أخت الرشيد" وغيرها. يذكر أن سميحة أيوب تولت أيضًا عددًا من المناصب الإدارية المهمة وأثرت من خلالها في المشهد الثقافي المصري، حيث تولت إدارة المسرح الحديث عام 1973، وإدارة المسرح القومي في فترتين من 1975 إلى 1982 ومن 1984 إلى 1988. اهتمت بتقديم نصوص عالمية مهمة وعقد شراكات فنية مع فرق وفنانين عالميين، مما عزز مكانة المسرح المصري على الساحة الدولية، من بينها "فيدرا" تأليف جان راسين، والذي عُرض في باريس لمدة 15 يومًا، وحظي بإشادة النقاد الفرنسيين، و"أنطونيو وكليوباترا" تأليف ويليام شكسبير، وإخراج فيرنر بوس. كما حضر الكاتب والفيلسوف الفرنسي جان بول سارتر إلى مصر خصيصًا ليشاهدها على خشبة المسرح، وبعد انتهاء العرض، علق على أدائها قائلًا: "أخيرًا وجدت إلكترا في القاهرة". مهرجان إيزيس الدولي لمسرح المرأة تنظمه مؤسسة جارة القمر، وتتشكل إدارته من المخرجة والممثلة عبير لطفي (رئيسة المهرجان)، والكاتبة والمخرجة عبير علي حزين، والكاتبة والناقدة رشا عبد المنعم (مديرتا المهرجان)، ومصطفى محمد ومنى سليمان (المديرين التنفيذيين)، ويقام تحت رعاية ودعم وزارة الثقافة.

قراءة المزيد

الشروق

2025-03-08

حوّل الروس الشقة التى عاش فيها شاعرهم الكبير ألكسندر بوشكين إلى متحف. فى هذه الشقة أيضا مات بوشكين بعد يومين من مبارزة مع الفرنسى جورج دانتس يقال إنها مدبرة لقتله. يقصد محبّو الشاعر على مرّ الأجيال المتحف الذى نجا من الحصار النازى على مدينة ليننجراد، سانت بطرسبورج حاليا، واستمرّ 872 يوما، دُمّرت خلالها المدينة، ومات الكثير من أهلها جوعا، وما كانت نجاة هذه الشقة ممكنة لولا الأولوية التى منحها الروس للأدب.قصد الكاتب الإنجليزى أدريان موبى سانت بطرسبورج فى يومٍ بارد، أحاط فيه الثلج المتناثر من السماء بلحيته، ولفحت خدّه ريح وصفها بالشريرة لشدة برودتها، لزيارة الشقة – المتحف. وهو يجول فيها قال له الحارس بتعبير شعرى: «أشياء كثيرة هنا تتذكر ملمس بوشكين». نظر موبى إلى مقعد الشاعر المصنوع من الجلد وأريكته، إلى جانب مكتب الكتابة الخاص به والورق الذى كان يكتب عليه، ووجد كذلك قلم حبر أسود، وصورة لرجل زنجى يقال إنه سلف بوشكين حبشى الجذور.لم تكن غرفة بوشكين سوى واحدة من خمسين غرفة موزعة على مُدن فى مختلف بلدان العالم: إيطاليا، إنجلترا، فرنسا، ألمانيا، روسيا، شرق آسيا، شمال إفريقيا، قصدها الكاتب ليضع عنها كتابا أسماه «غُرف تنتمى لأصحابها»، مذيلا إياه بعنوان فرعى: «ماذا تقول الأمكنة التى لم يلتفت إليها أحد؟»، ترجمه إلى العربية عبدالله عبيد؟ وغاية الكتاب التعرف على الغرف التى عاش فيها مشاهير من أدباء العالم، أو اعتبروها مكانهم المفضل للكتابة، لذلك اقترنت تلك الغرف بروائع خلّدها تاريخ الأدب العالمى، ومن بين الخمسين كاتبا وكاتبة الذين اختار الكاتب زيارة غرفهم، نورد بعض الأسماء: إرنست همنغواى، تشارلز ديكنز، مارسيل بروست، أوسكار وايلد، جان بول سارتر، ديستوفسكى، بولجاكوف، جراهام جرين، برنارد شو، فرجينيا وولف وغيرهم.لاحظ الكاتب أن كثيرًا من غرف الكتّاب التى زارها يشوبها الحزن، خاصة عندما ينسحب أصحابها من الحياة مبكرا، كما هى حال بوشكين ذاته الذى مات وهو لما يزل فى السابعة والثلاثين من عمره، وحال فيرجينيا وولف التى حملها الاكتئاب على أن تُغرق نفسها فى نهر أوس وفيه تموت.لم يكن النهر بعيدا عن البيت الريفى الذى اختارته مع زوجها مسكنا بعيدا عن ضجيج لندن، حتى إنها كتبت لزوجها: «سيكون هذا البيت عنواننا إلى الأبد»، كأنّها عثرت أخيرا على الغرفة التى تخصّها، لو استوحينا القول من عنوان كتابها: «غرفة تخصّ المرء وحده»، وهو ما لم تفعله، ففى رسالةٍ أخرى لزوجها قالت: «لقد فقدتُ كل شىء إلا يقينى بك، لذا لم يعد بوسعى الاستمرار فى إفساد حياتك لفترة أطول»، ثم قصدت النهر وتوغلت فى مياهه حتى غرقت.حسن مدنصحيفة الخليج الإماراتية

قراءة المزيد

الشروق

2025-03-07

 نشر الكاتب الساخر محمد عفيفى هذه الرواية فى منتصف الستينيات مسلسلة على صفحات مجلة الكواكب، والحقيقة أنى تابعت هذا النص بشغف شديد، إعجابا باللغة، والمواقف الظريفة، وكم تخيلت شخصا أمامى ينطق اسم الممثلة زازا «ظاظا»، بطريقته الخنفاء، كنا نعرف محمد عفيفى كاتبا ساخرا فى مؤسسة أخبار اليوم، وقد قرأت له أيضا رواية باسم «حكاية بنت اسمها مرمر» التى تحولت أيضا إلى فيلم أخرجه بركات، بطولة محمود ياسين وسهير المرشدى، وكان فيلما واقعيا عاطفيا، ثم نشرنا له فى سلسلة روايات الهلال رواية باسم «تمارا» بعد وفاته، إذن فنحن أمام كاتب جذبته الصحافة أكثر من الإبداع الأدبى، وفى كل رواية كان هناك مذاق خاص يتسم به الكاتب، وأغلب هذا المذاق أنك قليلا ما تجد السخرية، حتى أبطال التفاحة والجمجمة «الذين يتصرفون بما يثير الفكاهة»، لكنهم فى مأساة تكشف ضعف كل منهم أيا كانت قوته. هذا النوع من النص يصلح له الكتابة التى يمكن تسميتها بالخلاص، أو تصفية الحساب مع النفس، فنحن أمام عدد قليل جدا من الأشخاص تحبسهم جغرافيا فى مكان محدود، وعليهم أن يواجهوا بعضهم البعض من أجل التواجد، خاصة أن واحدا منهم يمتلك مسدسا، هذا المسدس به طلقة واحدة، ما يعنى سلطة القتل والتخلص من الغريم، حتى وإن كان هذا الغريم هو عدد قليل من الأشخاص، أما «زازا» فهى ممثلة تخيلها المؤلف على غرار نساء بالغات الحسن والجمال والفتنة، خاصة مارلين مونرو أو هند رستم، خاصة أن هذا الدور جسدته ممثلة جميلة هى إيمان، أو ليز ساركسيان، فى الفيلم الذى أخرجه محمد أبوسيف عام 1986، وشارك فى البطولة حسن يوسف وأنور إسماعيل وعبدالله سعد وإبراهيم نصر. هذا النوع من الأعمال الأدبية أقرب فى صورته إلى مسرحية «الجحيم هو الآخر» التى كتبها جان بول سارتر، وفيها رجلان وامرأة فى زنزانة ويدور الصراع حول امتلاك المرأة غريزيا وفكريا، ويكون تواجد الآخر دائما بمثابة تعذيب حقيقى للطرفين الأساسيين، والجدير بالذكر أن صلاح أبوسيف والد المخرج قد أعجبته مثل هذه الفكرة فقام بكتابة سيناريو فيلم «البداية» 1986، مع لنين الرملى، مع بعض الاختلافات حيث سقطت طائرة فوق جزيرة، ودار صراع حول معنى الديمقراطية بين هؤلاء الناجين الذين وقعوا تحت سيطرة نبيه الذى سعى إلى تكوين دولة تخص مفهومه السياسى الخاص. فى التفاحة والجمجمة، يحاول كل الرجال السيطرة على الجزيرة «هى مؤنث» والأنثى، المرأة التى تعيش فى العراء لا تطمع سوى فى جسد يحميها ويضمن لها الأمان، رغم أنها تحب المهندس الذى يرمز إلى الرقى والثقافة، فإنها تنجذب إلى غريزتها الأنثوية وتقبل الزواج من المعلم، ثم لا مانع أن تتزوج من شخص آخر، إلى أن تأتى النجاة فى النهاية بعد أن يكون كل منهم قد كشف إلى أى مدى هو وغد، وإلى أى حد هو غير إنسان. بالنسبة لى، فعندما قرأت هذا النص فى الثمانينيات، لم أكن أتصور أبدا أن أبطال الفيلم كما شاهدناه فيما بعد يصلحون لتلك الشخصيات، لكن أحمد مظهر فى أوائل السبعينيات جسّد دور المهندس فى مسرحية مأخوذة عن هذا النص، وللآسف لم أشاهدها فبالتالى لا أستطيع الكتابة عنها، لكن كل ما يمكن قوله أن الفيلم بدا شبيها بطبق دسم متكامل تنقصه «المزة والملح»، وإن كنت دائما شديد الإعجاب بالممثلة إيمان التى ظلمتها السينما المصرية ومنحتها أدوارا أقل من موهبتها. ترى ماذا كان يمكن أن يحدث لهذا النص لو تولى صلاح أبوسيف بعينيه الراصدتين، وعقليته العاشقة للأدب العالمى والمصرى، وحمل مسئولية هذه الرواية، لا شك أن حبه الشديد لابنه جعلنا نفتقد إلى مذاق الأب الذى اعتدنا عليه فى أغلب أفلامه التى غيرت خريطة السينما المصرية، والآن وبعد 40 عاما من إنتاج هذا الفيلم فمازلت أرى أن النص الأدبى كان أعظم بكثير من الفيلم الذى تحول إلى عمل كارتونى.

قراءة المزيد

المصري اليوم

2024-05-01

توفي الروائي الأمريكي بول أوستر، صباح اليوم، متأثرا بمضاعفات ناجمة عن سرطان الرئة، عن عمر يناهز 77 عاما. أوستر، الذي نشر 34 كتابًا طوال حياته المهنية، لم يجعل الأمور سهلة دائمًا على القراء، حيث واجه قضايا الحياة الكبرى من خلال ارتباكاته الأدبية المتعمدة ونشر قصصه في جمل مركبة، ومع ذلك اجتذبت كتبه جمهورًا كبيرًا. مشقات وصعوبات في حياة أوستر ولد أوستر في 3 فبراير 1947 في نيوارك بولاية نيوجيرسي لأبوين من أصل يهودي نمساوي، كان مفتونًا بالكتب منذ سن مبكرة وبدأ في كتابة الشعر عندما كان طفلًا. حصل على درجات علمية في اللغة الإنجليزية والأدب المقارن من جامعة كولومبيا في مدينة نيويورك قبل أن ينضم إلى البحرية التجارية لمدة ستة أشهر، ثم سار على خطى جيمس جويس في أيرلندا واستقر في فرنسا عام 1971. عمل أوستر كمترجم في باريس لعدة سنوات والتقى خلالها بالكاتب الأيرلندي صموئيل بيكيت، الذي كان له تأثير كبير على كتاباته. بداية مسيرة أوستر في الكتابة كانت وعرة بعد عودته إلى الولايات المتحدة عام 1974، حيث كتب مسرحيات ونشر دواوين شعرية فشلت في العثور على جمهور واسع. أول نجاح لفيلم الكاتب لكسب لقمة العيش، قام أوستر بالتدريس في جامعة كولومبيا ولاحقًا في جامعة برينستون، وعمل في ترجمة ونشر المؤلفين الفرنسيين، بما في ذلك جان بول سارتر. أرسل مخطوطة رواية «مدينة الزجاج» إلى 17 ناشرًا، رفضوها جميعًا. إلى أن صدرت عن طريق ناشر صغير في كاليفورنيا عام 1985 وسرعان ما وصلت إلى قائمة الكتب الأكثر مبيعًا، كما فعلت روايتيه التاليتين «الأشباح» (1986) و«الغرفة المغلقة» (1986). تشكل هذه الكتب الثلاثة «ثلاثية نيويورك»، والتي تبدأ جميعها وكأنها قصص بوليسية كلاسيكية ولكنها تتطور بعد ذلك إلى حبكات تطرح أسئلة وجودية. وقد أكسبت أوستر سمعة جيدة باعتباره كاتب رفيع المستوى في الأدب الأمريكي المعاصر. وواصل الكتابة بلا كلل، حيث أطلق؛ «في بلد الأشياء الأخيرة» عام 1987 هي رواية رسائلية بائسة تصف العالم من وجهة نظر امرأة بلا مأوى. وتتناول رواية «قصر القمر» عام 1989 البحث عن الهوية. وتشمل الأعمال الأخرى «ليفياثان» عام 1992، «كتاب الأوهام» 2002، «ليلة أوراكل» عام 2003، «رجل في الظلام» عام 2008، «حديقة الغروب» عام 2010، و«4 3 2 1» عام 2017. الطابع العام لكتابات أوستر تدور أحداث العديد من كتب أوستر في نيويورك، حيث كان يعيش وغالبًا ما تشير هذه الكلمات إلى أحداث من الحياة الواقعية مثل الحروب في فيتنام أو العراق، أو أزمة العقارات في عام 2007 التي دفعت العديد من الأميركيين إلى الخراب المالي. كان تدوين القصص على الورق هوسه، وقال ذات مرة لصحيفة «دي تسايت» الألمانية الأسبوعية: «الكتابة ليست عملاً من أعمال الإرادة الحرة بالنسبة لي، إنها مسألة بقاء». واعترف بأنه كان يشعر باستمرار بالضغط لمواصلة الكتابة ومواصلة العمل. أدى هذا الضغط إلى إنتاج أعمال كبيرة تشتمل على الروايات والمقالات ورسومات السيرة الذاتية والترجمات والقصائد. تشمل أعماله غير الخيالية «Burning Boy»، وهو سيرة ذاتية صدرت عام 2021 عن الكاتب الأمريكي ستيفن كرين الذي عاش في القرن التاسع عشر، والذي توفي بسبب مرض السل عن عمر يناهز 28 عامًا فقط. تُرجمت كتب أوستر إلى أكثر من 30 لغة وحصلت على العديد من الجوائز، بما في ذلك جائزة أمير أستورياس المرموقة في إسبانيا عام 2006. ويمكن القول إن أعماله تحظى بشعبية أكبر في أوروبا منها في الولايات المتحدة، وكثيرًا ما كانت هناك تكهنات بأنه قد يفوز بجائزة نوبل في الأدب. لم يكتف بول أوستر بالاقتصار على الأدب فحسب، بل تحول أيضًا إلى السينما. كتب سيناريو فيلم «Smoke» للمخرج واين وانغ، والذي فاز بجائزة الدب الفضي في مهرجان برلين السينمائي عام 1995 حتى أنه أخرج أفلامًا بنفسه، بما في ذلك فيلم «The Inner Life of Martin Frost» عام 2007، والذي نشأ كفيلم سينمائي. خيالي، يحكي عن مؤلف ورد وصفه في رواية أوستر «كتاب الأوهام». نشرت زوجته هوستفيت عن تشخيص زوجها بالسرطان على انستجرام في مارس 2023 وتوفيت أوستر في 30 أبريل بسبب مضاعفات ناجمة عن سرطان الرئة، حسبما أكد أصدقاء العائلة.

قراءة المزيد

المصري اليوم

2024-04-15

جان بول سارتر واحد من أهم الفلاسفةبمنتصف القرن العشرين وهو من مؤسسى الوجودية والتى تقوم على رؤية الإنسان الذي يرى في وجوده أنه أهم الصفات وأنه غاية بذاته، ولا أهداف «ما ورائية» لوجوده، بل هو الذي يحدد أهدافه بنفسه وسارتر أيضا روائى ومؤلف مسرحى ودرس الفلسفة في ألمانيا خلال الحرب العالمية الثانية، وبعد الحرب أصبح رائدًا لمجموعة من المثقفين في فرنسا، وقد أثرت فلسفته الوجودية على أدباء تلك المرحلة وحصل على جائزة نوبل للآداب في ١٩٦٤كانت أعماله المسرحية تعبرعن فكرة الورطة أو المأزق الذي يقع فيه أبطال العمل وأبطاله مشوشون في مواجهة القوى التقليدية ومن هذه المسرحيات الذباب ««اللامخرج» «المنتصرون» وله مسرحيات سياسية مثل «سجناء التونا» و«نكيرا زوف» وهو مولود في باريس في الحادي والعشرين منشهر يونيو عام ١٩٠٥ وكان والده موظفا بالبحرية، وقد توفى وسارتر صغيرا فأدخلته والدته «ليسيه لويس الكبير» ثم التحق بدار المعلمين العليا وتخرج في عام ١٩٢٩ وواصل تعليمه حتى عام ١٩٤٥ وأثناء دراسته بدار المعلمين قد التقى بالأديبة الفرنسية سيمون دو بوفوار. وصارا صديقين وتطورت العلاقة بينهما فكانا يكتبان معًا ويعيشان معًا من دون زواج. كان التحق بالجيش الفرنسى في عام ١٩٣٩ أثناء الحرب العالمية الثانية، واعتقلته القوات الألمانية في العام التالى وسجنته في ألمانيا وتمكن من الهروب ثم التحق بالمقاومة في باريس، وصار يكتب في صحف ومجلات المقاومة وبعد الحرب ترك التعليم وخصص وقته للكتابة والنشاطات السياسية وأسس مجلة «الأزمنة الحديثة» التي صارت منبرا عالميا لنشر الفكر اليسارى التقدمى وتوفى «زى النهارده» في ١٥ إبريل ١٩٨٠.

قراءة المزيد

المصري اليوم

2024-04-14

«زي النهارده» في ١٤أبريل ١٩٨٦ توفيت سيمون دى بوفوار عن عمر يناهز الـ٧٨ عاما، أثرتها بمجموعة من الكتب الفلسفية،وقادت الحركة النسوية في فرنسا خلال العديد من سنى حياتها ووالدهاسيمون دى بوفوار في باريس في الـ٩ من يناير ١٩٠٨، ووادها هو وزير العدل السابق برنارد بوفوار. وعانت عائلتها كثيرا من أجل الحفاظ على مستوى لائق للحياة في أعقاب الحرب العالمية الثانية وخسارة العائلة جزءا كبيرا من ثورتها وتقول سيمون إنها كانت طفلة شديدة التدين حتى إنها فكرت جديا في أن تترهبن، وذلك حتى سن الـ١٤ حين قررت أن تصبح ملحدة، ونشرت سيمون أولى رواياتها «المدعوة» عام ١٩٤٣، وذلك بعد أن أمضت أعواما عديدة بعد تخرجها من جامعة السوربون التي درست فيها الفلسفة، وهى تقوم بتدريس العلوم الفلسفية وتفرغت سيمون بعد ذلك للدراسة والبحث والقراءة سعيا لمنح نفسها ثقلا في مجال الفلسفة، كما أصدرت سيمون كتابها الشهير «الجنس الآخر» وهو الكتاب الذي يعتبر بمثابة أحد أهم الإصدارات المدافعة عن حقوق المرأة لتصدر بعدها كتاب «المرأة الحديثة» أيضًا. وخلال عقدى الخمسينيات والستينيات قدمت سيمون العديدمن المقالات والقصص القصيرة حول الولايات المتحدةوالصين،وفى بداية الثمانينيات، قدمت سيمون أيضا كتاب «الانفصال عن سارتر» الذي يروى قصة السنوات الأخيرة في حياة الفيلسوف الفرنسى جان بول سارتر، وطالبت سيمون أيضا بأن يتم دفنها بالقرب من سارتر الذي يرى الكثير من المفكرين والفلاسفة أنه كان أحد أشد الشخصيات المؤثرة في تكوين اتجاهاتها الأدبية والفلسفية.

قراءة المزيد

الشروق

2018-01-01

نشرت مؤسسة الفكر العربى مقالا للباحثة «لبنى الأمين» ــ أستاذة العلوم السياسية فى جامعة نورثويسترن ــ شيكاغو؛ والذى يتناول الحديث حول الفلسفة الكونفوشيويسية فى إطار بحث الكاتبة عن تاريخٍ للفلسفة مختلف، ليس حكرا على الغرب كما كانت الفلسفة وما زالت، فى البلدان الغربية كما فى البلدان الشرقية، بالإضافة إلى فكرة الطقوس والموروثات التى يقوم عليها هذا الفكر بدلا من فكرة القوانين.فى البداية تقول الكاتبة يجيبنى كثيرون، ردا على قولى إننى أدرسُ الفكر الكونفوشيوسى السياسى القديم، أنهم لا يعرفون شيئا عن الكونفوشيوسية. لكننى أنا كذلك لم اكتشف الكونفوشيوسية إلا عندما بدأتُ الدراسات العليا فى الولايات المتحدة، أى فى وقت متأخر إلى حدٍ ما، وقد يبدو الاكتشاف، بحسب وجهة النَظر، إما صدفة أو نتيجة ضرورية لشىء كنتُ أبحث عنه.كنتُ أبحث عن تاريخٍ للفلسفة مختلف، ليس حكرا على الغرب كما كانت الفلسفة وما زالت، فى البلدان الغربية كما فى البلدان الشرقية. نتعلم فى صفوفنا أن الفلسفة تبدأ مع سقراط وأفلاطون وأرسطو، وتنتهى فى القرن العشرين مع جان بول سارتر وميشال فوكو وجون رولز، مرورا بفلاسفة ذوى شهرة كبيرة كجون لوك وجان جاك روسو وكارل ماركس. رواية كاملة مُحكَمة نتلقنها عن أفكار هؤلاء الفلاسفة حول الحياة والأخلاق والسياسة والمجتمع وعن العلاقات المعقدة التى تربط بينهم وبين أفكارهم، حتى يبدو أنها تفسِر الإنجازات البشرية المفصلية كلها وتلخِص جوهر الفكر الإنسانى.وترى الكاتبة أن المفكرين هؤلاء لا يمثلون إلا جزءا محدودا من شعوب العالَم، فهل يُمكن أن شعوبا بأكملها، عربية وآسيوية وإفريقية، لم تُنتِج فكرا يرتقى إلى مرتبة الفلسفة خلال أكثر من ألفَى سنة؟ ***هذا السؤال هو الذى شغل الكاتبة، كواحد من الأسئلة التى نطرحها على أنفسنا، نحن الذين كبرنا فى الشرق وتعلمنا عن الغرب فسعينا إلى فهم العلاقة بينهما. وكان من المُمكن أن يحملنى هذا السؤال إلى دراسة عالَمنا العربى والإسلامى، وقد يبدو بالفعل هذا الخيار الأكثر طبيعية، إنْ بسبب اللغة أو بسبب الألفة التى تربطنى بهذا العالَم وتفصل بينه وبين الصين. فباستثناء مبادراتٍ للتواصل فى منتصف القرن العشرين بين بعثاتٍ صينية وجامعة الأزهر فى مصر، بقى التواصل الفكرى والثقافى بين الصين والعالَم العربى محدودا فى القرن الأخير. وتوضح الكاتبة أسباب اختيارها طلب العلم عن الصين. السبب الأول هو أنها أرادت أن تخرج من العالَم العربى قليلا وعن المسار الذى يتبعه كثيرون فى دراسة بلادهم وقيَمهم، أى أنفسهم، وهى ظاهرة فى العمل الأكاديمى والبحثى لا تقتصر على العالَم العربى بل هى شائعة فى بلاد الشرق، وتُشجِعها الجامعات الغربية التى غالبا ما تطلب من الطلاب الشرقيين دراسة المناطق التى ينتمون إليها، والتى يفتقر الغرب المعرفة عنها.أما السبب الثانى فهو أن الفلسفة الصينية ظهرت فى الفترة التى ظهرت فيها الفلسفة اليونانية القديمة، أى بين القرن السادس والقرن الثالث قبل الميلاد. وهى منذ ظهورها، ولمدة تُقارِب الألفَى سنة، نمت بمعزل عن الغرب، إذ لم يبدأ تأثير الأخير على التيارات الفكرية فى الصين إلا مع وصول الإرساليات اليسوعية إليها فى القرن السادس عشر. وهذه العزلة الفكرية الصينية، على الأقل بالنسبة إلى الغرب (إذ كان للصين تواصلٌ فكرى كبير مع الهند مثلا)، تسمح بإعادة التفكير بتاريخ الفكر، وبإعادة التفكير ببداياته بالتحديد. فبحسب الرواية الغربية، ليس سقراط وأفلاطون وأرسطو أوائل الفلاسفة فقط، ولكنهم أيضا مشيدوها. بدأت معهم كل الأفكار الفلسفية المحورية من فكرة الفلسفة نفسها إلى أفكار كالحقيقة والعدالة والفضيلة والحرية. وهذه السردية تجعل من الأفكار هذه ليس بديهية فقط ولكن ضرورية أيضا، إذ هى كانت وما زالت الوحيدة. ولكن أفكارا أخرى لم تكُن مُمكنة بالمبدأ فقط، بل كانت مُمكنة فعليا. ففيما كان سقراط وأرسطو وأفلاطون ينتجون أفكارهم هذه التى أصبحت ضرورية، كان فلاسفة مختلفون، فى بقعة بعيدة من العالَم، ينتجون أفكارا أخرى ويؤسِسون لتاريخٍ فكرى مختلف. ***وقبل تقديم بعض المقتطفات من هذا الفكر، أتوقف هنا عند نبذة تاريخية سريعة لعلها تفسِر الوسط السياسى والاجتماعى الذى تجلى خلاله. وكما ذكرت سابقا، فإن الكونفوشيوسية ظهرت نحو القرن السادس قبل الميلاد، بظهور كونفوشيوس نفسه. والفترة الفاصلة بين القرن السادس والقرن الثالث قبل الميلاد، والتى ظهر فيها أيضا المُريدان الأساسيان لفكر كونفوشيوس وهُما منسيوش وشونزى، كانت حقبة تحولات سياسية واقتصادية واجتماعية كبيرة فى بلاد الصين (التى تضمنت وقتها مساحة كبيرة تقع على ضفتَى النهر الأصفر، فى شمال شرق جمهورية الصين الشعبية اليوم). أتت هذه الفترة فى أعقاب انهيار حكم سلالة الجو، التى حكمت المنطقة نحو ٨٠٠ عام، وحلت محلها دويلات صغيرة تنازعت على السلطة. وبسبب انهيار النظام الإقطاعى الذى حكمت من خلاله سلالة الجو، عرفت هذه الفترة حراكا اجتماعيا كبيرا مهَد لظهور حركاتٍ فكرية متعددة كانت الكونفوشيوسية تيارا واحدا منها (ولكنه التيار الذى فاز بتبنيه من قبل السلالات الحاكِمة اللاحقة). ولم تتوحد الدويلات الصينية تحت حُكمٍ إمبراطورى من نوعٍ جديد إلا سنة ٢٢١ قبل الميلاد تحت حكم التشين الذين لحقهم سريعا الهان، والهان هُم الذين جعلوا من الكونفوشيوسية أساسا لشرعية حكمهم فاستمر الحكام الصينيون فى ذلك أكثر من ألفَى سنة، أى حتى الحقبة الماوية فى القرن العشرين. ومع فشل الشيوعية كأساس للحُكم، تعود الكونفوشيوسية تدريجا إلى واجهة الحُكم فى الصين اليوم، والدليل على ذلك، على صعيد العلاقات الدولية، اهتمام الحكومة الصينية فى السنوات الأخيرة بإنشاء المعاهد الكونفوشيوسية فى بلدان كثيرة، منها بلدان عربية.يصعب تصنيف الكتابات الكونفوشيوسية فى ميدانٍ معرفى محدَد. فهى ليست فلسفية بمعنى أنها لا تقدِم حججا تدافع من خلالها عن أفكارها كما يفعل أفلاطون مثلا. وهى ليست دينية إذ هى تخلو بصورة شبه كاملة من الميتافيزيقيات، فتكون بذلك مختلفة أشد الاختلاف عن التيارات الآسيوية الأكثر شهرة كالبوذية. هى أقرب ما تكون إلى فكرٍ مجتمعى يرنو إلى توسيع علاقة الأفراد الواحد بالآخر. وستركز الكاتبة هنا على إحدى أهم ركائز الفكر الكونفوشيوسى، ألا وهو فكرة الطقوس.***الطقوس ركيزة الفكر الكونفوشيوسىيفضِل كونفوشيوس حُكم الطقوس على حُكم القانون، أى أن يتم تنظيم المجتمع من خلال تقاليد مُتوارَثة من جيلٍ إلى جيلٍ بدلا من أن يتم من خلال تعليمات يُطلقها الحاكِم. والمنظومتان، أى القانون والطقوس، مبنيتان على الإكراه، ولكن القانون مَبنى على أنواعٍ مادية من العقاب (كالسجن مثلا) تفرضه الدولة، بينما الطقوس يفرضها المجتمع نفسه على أعضائه، من خلال أنواعٍ من العقاب غير مادية مثل «العار»، تثنى أفراد المجتمع عن الخروج عن الطقوس. ومفهوم الطقوس هذا أساسه تفاؤل فى قدرة الإنسان على التماثل بالقيَم الأخلاقية والمجتمعية، على الأقل إلى درجة ما.وعلى سبيل المثال، فإن طقوس العزاء هى من أهم الطقوس التى يشجعها الكونفوشيوسيون. وهدفها من جهة تسهيل ألم الفقدان من خلال التركيز على خطواتٍ ومَراسِم معينة تستمر لأشهر عديدة. ومن جهة ثانية، فإن هدفها تشجيع الفضيلة والعلاقات بين الناس، وكذلك احترام الأهل والتماثُل بهم حتى بعد رحيلهم؛ إذ تتمثل أهم الفضائل التى يشدِد عليها الكونفوشيوسيون فى كون طقوس العزاء بالنسبة إلى الأهل أهم من طقوس العزاء نفسها. ولكن هنا ينبغى الذكر أن طقوس العزاء نفسها تختلف بحسب الرتبة التى يحتلها المُعزى به، فكلما علت رتبته طالت فترة العزاء، وزاد اللباس المطلوب ترفا وحتى نوع القبر المُستخدَم أيضا. والهدف من ذلك الدلالة على المستوى الاجتماعى وإظهاره واضحا للآخرين. إذن التفاؤل بقدرات الإنسان الأخلاقية لا تفضى إلى المساواة، بل إلى التراتبية.لقد ارتبطت الصين والكونفوشيوسية فى الصورة التى بناها عنها الغرب، فى كتابات ماكس ويبر مثلا، بالتراتبية الجامدة وبالجمود الاجتماعى. وقد تؤدى هذه الصورة إلى الاعتقاد بأن الكونفوشيوسيين تبنوا التمييزات الإقطاعية نفسها التى كانت شائعة فى الصين القديمة قبل دخولهم الساحة الفكرية. ولكنهم وبالعكس، كانوا، كغيرهم من مفكرى الصين فى تلك الحقبة، من مشجعى الحراك الاجتماعى الذى واكبها. وقد عبر كونفوشيوس عن رفضه القاطع للتمييزات الإقطاعية، مؤكدا على غياب الفوارق بين البشر عند الولادة، ومن الأقوال المنسوبة إليه: «فى الطبيعة مُتشابهين، فى المُمارسة مُختلفين» (أقوال كونفوشيوس ١٧:٢). التراتبية التى ترتكز عليها المنظومة الكونفوشيوسية هى فى الحقيقة تراتبية مبنيَة على الجدارة الأخلاقية وليس على الموروثات الاجتماعية أو الاقتصادية.والسؤال الجوهرى الذى يطرحه هذا الجانب من الفكر الكونفوشيوسى هو كيفية التوفيق بين المساواة عند الولادة والتراتبية فى المجتمع. فالفكر اليونانى القديم يركِز فى المقابل على الاختلافات فى الطبيعة من جهة (من هنا قبول أفلاطون وأرسطو بمفهوم العبودية، بينما ليس لدى المفكرين الصينيين مفهوم مشابه)، وعلى المساواة فى الحياة السياسية من جهة أخرى (من هنا الفكرة الديمقراطية لدى اليونانيين والتى لا نجدها فى الصين القديمة). وختاما تطرح الكاتبة إجابة للسؤال الذى قد يطرحه القارئ هنا عما إذا كانت لهذه الأفكار، ولهذه الفوارق بين الفِكر اليونانى والفكر الصينى القديم، أهمية تتعدى الحشرية الفكرية. والجواب واضح لدى العديد من المثقفين الصينيين اليوم الذين يطالبون بنِظامٍ مَبنى على الجدارة، والتراتبية التى تنتج عنها، بدلا من النظام الديمقراطى الليبرالى الذى يعتبرونه غربيا. ولكن الأفكار القديمة لا تكمن أهميتها فى الماضى وفى الحاضر فقط، ولكن أيضا فى المستقبل. فهى تسمح لنا، كما لمحتُ أعلاه، بإعادة التفكير بضرورية الحاضر وبالتالى بتخيل مستقبل يختلف عنه. من ثوابت عالَمنا اليوم التعايش (وقد يقول البعض، الارتباط الوثيق) بين المساواة والحرية من جهة، والإقصاء وأشكال مختلفة من العبودية من جهة أخرى. لذا قد يكون الاطلاع على منظومات فكرية لا تتبنى هذه الثنائية نوعا من التحرر من هذه الثابتة. النص الأصلى   

قراءة المزيد

الشروق

2015-10-25

ذبابة تقف أعلى القدم، تلتصق بالجلد، تدغدغه بالملامسة، ثم تأتى أخرى لتزاحمها، وثالثة ورابعة. للحظات تشعر وكأنك أصبحت محور الكون بالنسبة لذباب الحجرة والحجرات المجاورة. لها ما يشبه الأظافر متناهية الصغر التى تسمح لها بأن تمشى على الحائط دون أن تسقط، فتطير إلى أعلى وتستريح على زجاج النافذة. تفرك ساقيها الأماميتين كى تنظفهما مما قد يكون قد علق بهما من أتربة أو حبوب لقاح وخلافه، فعلى عكس ما نظن الذباب حشرة لا تحب أن تتسخ فيضطرب إدراكها الحسى. وعندما تكره أنت حياتك بسبب مطاردتها لك، هى والأخريات، فتقرر اغتيالها، تراك وأنت تصوب سهامك نحوها، حتى لو أتيتها مباغتة من الخلف، لأن عينيها المركبتين تسمحان باتساع مجال الرؤية ليشمل أحيانا كل ما يحيط بها. ••• تجذبها رائحة العرق بما تحتوى عليه من أملاح معدنية، خاصة الصوديوم الموجود على الجلد وفى البول والبراز والدموع. لذا أصبح مشهد الطفلة الباكية، منبوشة الشعر، والذباب متراص على طرف عينها، من كلاسيكيات مشاهد مصر المحروسة التى صار الذباب القارص من أهم ملامح الحياة فيها. مصدر ضمن مصادر الإزعاج اللامتناهية. يبدأ فى الأزيز واللف والدوران فوق الرءوس، حتى يعرف الفرد منا أن الله حق ويندم على ما فعل، كأننا شخوص مسرحية «الذباب» للكاتب الوجودى جان بول سارتر. أصابت مدينته المتخيلة لعنة الذباب، فجاء بالآلاف لمطاردة أهل البلدة كى يتوبوا عما فعلوا ويكفروا عن ذنبهم. سكان هذه المدينة، التى استلهمها الكاتب من الأساطير الإغريقية ليجعل رمزيتها صالحة لكل مكان وزمان، سكتوا عن الحق فعاقبتهم الآلهة. أيقنوا أن زوجة الملك تآمرت عليه هى وعشيقها، لكنهم لم يهبوا لإنقاذه فمات أمام أعينهم، وظل دمه معلقا فى رقابهم جميعا. تنازلوا عن حريتهم واستسلموا لسلطان الملك الجديد طواعية فافترستهم الحسرة يوما بعد يوم، وهم لا يدركون أنهم يعيشون فى أسفل سافلين. خلال عيد الأموات تحاصرهم الأرواح من كل جانب، لكى تقتص منهم، إذ ارتضوا الظلم والخنوع. كل من فى هذه المدينة يشعر بالذنب، يجلد ذاته، دون أن يتحرك لتحمل مسئولياته أو ليتصالح مع الواقع ويحاول تغييره، يهربون إلى الندم ويفضلون التعايش مع الذباب عن الاعتراف بالخطيئة والتحرر منها. سلطت عليهم الآلهة الذباب، ولم ترد أن تغيرهم قبل أن يغيروا هم من أنفسهم. ••• الذباب يتكاثر بسرعة، فالأنثى الواحدة تبيض نحو ألف بيضة خلال 12 يوما، تلك فقط هى الفترة اللازمة ليظهر جيل جديد من الذباب يعكر صفو حياتنا، ويكفر سيئاتنا، خاصة عندما «تطلع ريحتنا». يطوف الذباب الأزرق خاصة على المقابر، حيث يقوم بوضع بيضة على الجثث، فتفقس يرقات تقوم بالتغذية على الجيفة. يعيش هذا النوع من الذباب تحديدا على الفضلات واللحوم والجثث المتعفنة والنافقة. يكشف أماكن الجثث وبالتالى جرائم القتل بسرعة كبيرة، بواسطة قرون الاستشعار التى تشبه اللاسلكى. أراقب الذباب المنتشر فى كل مكان من حولى، وأحاول التفرقة بين أنواعه وأشكاله. أتأمله حينا، بدلا من أن أكتفى دوما بالقصاص منه. أرغب بالأحرى فى القصاص ممن جعله منتشرا لهذه الدرجة، ممن لا يضايقهم انتشاره وممن يفضلون جلد الذات عن التغيير، ممن يتعايشون مع الندم، ويتركون الذباب يتكاثر وهم فى غيبة من أمرهم، ممن يجعلون الحياة مستحيلة أو مكروهة أو شر لابد منه.

قراءة المزيد

الكلمات المفتاحية المذكورة في المقال:

الدستور

2024-01-31

قال الشاعر والناقد شعبان يوسف، إن أول حجر ضربه جمال الغيطاني كان عبر مقاله الذي انتقد فيه رواية "الطريق" لنجيب محفوظ وتيمتها التي كانت مأخوذة عن الأدب العالمي، لافتا إلى أن المقال كان في إطار الرد على علي الراعي أحد أساطين الأدب والنقد. وأضاف "يوسف" ضمن فعاليات ندوة "جمال الغيطاني" ضمن فعاليات محور "مشروعات السرد العربي" في الصالون الثقافي ببلازا ٢ بمعرض القاهرة الدولي للكتاب بدورته ال٥٥، ويشارك فيها الإعلامي الدكتور محمد الباز رئيس مجلسي إدارة وتحرير جريدة الدستور، ويديرها الكاتب حسن عبد الموجود، أنه في عام ١٩٦٥ عندما تم اعتقال جمال الغيطاني مع صلاح عيسي وغالب خاليا ومحجوب عمر وعلى شلش، وغيرهما، وأنه وقتها كانت انتهى جمال الغيطاني من كتابة ٣ روايات. وأشار "يوسف" إلى أنه تزامن مع زيارة جان بول سارتر لمصر أفرج عن جمال الغيطاني في مارس ١٩٦٧، موضحا أنه مع وقوع نكسة ١٩٦٧ وقف هؤلاء مع الدولة في تلك الأزمة بأعمالهم وأشعارهم وأغنياتهم وغيرها من الأعمال الثقافية متجاوزين خلافاتهم مع الوطن ٱئنذاك. وتقام الدورة الخامسة والخمسون من معرض القاهرة الدولي للكتاب في الفترة من 24 يناير إلى 6 فبراير 2024، بمشاركة أكثر من 1200 دار نشر من مصر والدول العربية والأجنبية.  واختيرت مملكة النرويج ضيف شرف الدورة، وشخصية المعرض هي سليم حسن، أحد رواد علم المصريات، وشخصية معرض الطفل هي يعقوب الشاروني، كاتب وصحفي مصري من رواد أدب الأطفال في مصر والعالم العربي.

قراءة المزيد

الشروق

2021-11-28

مرة بعد أخرى تتأكد الحاجة الماسة إلى مشروع ثقافى جديد ينير الطرق المعتمة بالتجديد والإبداع والانفتاح على العصر وتأكيد الحريات العامة.لا يعقل فى بلد عريق كمصر أن تكون أزماته الثقافية والفنية أقرب إلى فرقعات فى الهواء تغيب عنها البديهيات وتأخذ وقتها بالضجيج قبل أن تنسى كأنها لم تحدث.غابت البديهيات فى أزمة «أغانى المهرجانات»، تمنع بالمصادرة أو تترك بالتجاوز.فى الرقابة بالمنع وصاية تناقض النصوص الدستورية التى تصون الإبداع.وفى التجاوز بالألفاظ خروج عن أية قيمة فنية أو أخلاقية.إذا كانت هناك قواعد قانونية فإن الحرية هى الأصل والتجاوز محله القضاء.بالضجيج الزائد غابت البديهيات مرة أخرى فى أزمة أن تعرض أو تمنع مسرحية للمفكر الفرنسى «جان بول سارتر»، باسم الدفاع عن الأخلاق العامة وقيم المجتمع.لم يكن الذين دعوا للمنع على علم بموضوع المسرحية الذى يناهض العنصرية دون أن يمس أى أخلاق، ولا بأفكار «سارتر» فيلسوف الوجودية الأكبر فى القرن العشرين، ولا وصل إلى علمهم أن المسرحية بعنوانها المباشر «المومس الفاضلة» عرضت قبل ستين سنة فى مصر دون أن تثير أدنى ضجيج، كأننا أمام نوع من التراجع الفادح عن إرث الستينيات فى الحريات الثقافية.كان التراجع الثقافى هو الوجه المكمل للانقلاب السياسى والاجتماعى على ثورة يوليو.فى مطلع يوليو كان يتصدر المشهد الثقافى ثلاثة أدباء كبار؛ الدكتور «طه حسين» و«عباس محمود العقاد» و«توفيق الحكيم».كان «طه حسين» الأكثر حماسا لحركة «الضباط الأحرار»، فيما بدا «العقاد» متحفظا، لا أيّد بحماس ولا عارض بوضوح، فيما كان «الحكيم» ملهما لـ«جمال عبدالناصر» بروايته «عودة الروح».فى الخيارات الرئيسية استندت «يوليو» إلى جوهر مشروع «طه حسين» فى مجانية التعليم، والنظر إلى أوضاع وأزمات الثقافة المصرية، التى نقلتها من حال إلى حال.لم يكن مشروعه معلقا فى الهواء، فقد أصدر كتابه الأشهر «مستقبل الثقافة فى مصر» عام (1938) بعد عامين بالضبط من توقيع اتفاقية (1936)، التى اعترفت بريطانيا بمقتضاها أن مصر دولة مستقلة.حاول بكتابه الصغير فى حجمه المدوى بأثره أن يؤسس لمستقبل الثقافة المصرية فى ظروف سياسية جديدة، رغم إحباط الرهان على تلك الاتفاقية إلا أن الفكرة نفسها بدت ملهمة للمستقبل بأكثر من أى توقع.لم تكن مصادفة أن أغلب الذين تصدوا للمهام الثقافية فى حقبتى الخمسينيات والستينيات هم من تلاميذ عميد الأدب العربى، الذى يعد رمزا للاستنارة والروح النقدية، غير أن التوجهات بدت مختلفة بشأن دوائر الحركة، حيث تبنت «يوليو» التوجه شرقا إلى العالم العربى، فيما كانت نظرة العميد التوجه غربا عبر المتوسط إلى القارة الأوروبية.كان «طه حسين» ثوريا فى تفكيره الثقافى والعقلانى، لكن لم يُعهد عنه ميل إلى تعديلات جذرية فى بنية العلاقات الاجتماعية.بالمقابل كان «محمود عباس العقاد» محافظا فى تفكيره ونظرته الثقافية، هو مثقف موسوعى عَلّم نفسه بنفسه واكتسب نفوذا استثنائيا بارتباطه بزعيم ثورة (١٩١٩) «سعد زغلول» حتى إنه وصف بـ«قلم الوفد الجبار»، غير أنه اصطدم بخليفة «سعد» وخرج عليه مقتربا من الملك «فاروق».لم يقترب «العقاد» من يوليو ولا كان له تأثير يذكر فى مشروعها الثقافى.فى العلاقة بين الرجلين، «طه حسين» و«العقاد»، تعقيدات بلا حد ومساجلات معلنة ساهمت فى إثراء الحياة الثقافية والفكرية.وكان «توفيق الحكيم» وسطيا، وهو يوصف عن حق برائد المسرح العربى.نظراته الثقافية جديدة بمعايير زمانه فى تعقيدات العلاقة بين الشرق والغرب، على ما صورها فى روايته «عصفور من الشرق».بدت اجتهاداته الأدبية والفكرية مثيرة وسجالية دون أن تتوافر فيها مقومات مشروع ثقافى كـ«طه حسين» و«العقاد».حاور قائد «يوليو» أكثر من «طه حسين» فيما لم يلتقه «العقاد».وقد ساعدت تجربة الأستاذ «محمد حسنين هيكل» فى «الأهرام» على احتضان القامات الثقافية الكبيرة. «أردت بوجودهم أن أؤسس لصحافة القيمة والارتفاع بمستوى الحوار العام، وأن يكون المثقفون والأدباء والمفكرون الكبار فى قلب المشهد يتابعون ما يجرى فيه ويكتبون عن معرفة».سألته: «لماذا غاب عن الدور السادس عميد الأدب العربى الدكتور طه حسين؟».هنا تبدت ذكريات قديمة وأسباب خفية.استقر بذاكرته ذلك اللقاء، الذى نشر تفاصيله فى أول يوميات كتبها لـ«أخبار اليوم» عام (١٩٥٥) تحت عنوان: «صومعة عقل».بعد سنوات من هذا المقال ذهب إلى نفس المكان للقاء جديد مع عميد الأدب العربى، ولديه طلب محدد أن يأخذ موقعه على رأس كبار المفكرين والمثقفين والأدباء بالدور السادس من «الأهرام».قال الدكتور «طه»: «لماذا.. وأنت عندك الأخ توفيق؟».أدرك رئيس تحرير «الأهرام» أن هناك مشكلة ما بين الأديبين الكبيرين يصعب تجاوزها.عندما وصلت إلى مسامع «الحكيم» قصة اللقاء الذى جرى سأل «هيكل»: «لماذا لم تبلغنى؟».ـ «بأية صفة؟!».أجابه «الحكيم»: «بصفتى رئيس الدور السادس»!كان عميد الأدب العربى يدرك حساسيات كبار المثقفين فهو كبير وهم كبار، فنأى بنفسه عن أية منازعات من هذا النوع.كانت العلاقة بين الرجلين «طه حسين» و«توفيق الحكيم» بالغة التعقيد، فيها حب وتقدير، إلى درجة أنهما ألّفا معا رواية «القصر المسحور»، أحدهما يكتب فصلا والآخر يرد عليه، على خلفية مسرحية «شهر زاد» لـ«الحكيم»، وفيها مشاعر غيرة ومشاحنات.وقد كان «طه حسين» أول من استخدم كلمة «ثورة» لوصف ما حدث فى (٢٣) يوليو.. و«توفيق الحكيم» أول من هاجمها فى «عودة الوعى» بعد رحيل «جمال عبدالناصر».غير أن قيمة الأدباء لا تحددها مواقفهم السياسية المتغيرة وإن كانت تضفى، أو تسحب من أوزانهم العامة.العودة إلى «طه حسين» ضرورية للتدبر والتعلم، لكنها لا تصلح وحدها للتقدم إلى المستقبل بأوراق اعتماد جديدة.إذا لم يكن هناك مشروع ثقافى جديد، يدرك حقائق عصره واحتياجات مجتمعه فإننا سوف نظل ندور فى حلقة مفرغة من الجهل والتجهيل.

قراءة المزيد

الشروق

2017-11-12

فى مئوية الثورة الروسية بدت احتفالات الكرملين خجولة وخافتة، كأن المناسبة لا تتعلق بواحدة من أهم الثورات فى التاريخ الحديث.كان ذلك مقصودا؛ خشية أن تفضى إلى نوع من الشرعية على التغيير بالقوة وهز الاستقرار، بعد سنوات من الاضطرابات التى أعقبت سقوط الاتحاد السوفيتى السابق، كما أنها قد تؤثر ــ بالسلب ــ على صورة الرئيس «فلاديمير بوتين»، الذى يتطلع لدورة جديدة مطلع العام المقبل.حسب تصريحات منسوبة للمسئولين عن احتفالات المئوية، فإن الثورات ترادف الخراب وتجلب الموت والدمار.التصريحات ــ ذاتها ــ تسطيح ممنهج للثورة الروسية، ولأى ثورة كبيرة أخرى فى التاريخ الحديث.بإيقاع عدد السنين، قرن كامل، فإن مثل هذه المناسبات تمثل فرصة جدية للمراجعة والتساؤل عن الثورة وأسبابها، كيف نجحت ولماذا انكسرت، حوادثها وتحولاتها، أزماتها الداخلية وآثارها فى بنية النظام الدولى.لم يحدث شىء من ذلك، وكاد التجاهل أن يكون كاملا.على العكس تماما تبارى الفرنسيون، باختلاف توجهاتهم ومواقفهم من ثورة بلادهم عندما مر عليها قرنان، فى فتح كل الملفات والبحث عن أى وثائق جديدة تكشف وتنير ما غمض من أحداث وإعادة النظر فى أدوار رموزها المتصارعة والتراجيديات الإنسانية، التى صاحبت صعودها قبل الذهاب إلى المقصلة.إذا ما لخصت الثورة الفرنسية فى مشاهد المقصلة، فإننا لا نكاد نعرف عنها شيئا، فقد كانت نقطة تحول فاصلة فى التاريخ الإنسانى كله، حيث أفضت إلى صعود طبقات جديدة وأفكار جديدة، وذبول طريقة فى الحكم تنتسب إلى القرون الوسطى الأوروبية.بعد سنوات طويلة من الاضطرابات والانقلابات فى بنية السلطة استقرت فرنسا كجمهورية دستورية حديثة، وسرت مبادئها فى أنحاء العالم، كما ساعدت على إرساء العهد الدولى لحقوق الإنسان، السياسية والمدنية.كان ذلك أفضل ما تخلف عن الثورة الفرنسية.بذات القدر فإن أفضل ما ينسب للثورة الروسية أنها ساعدت على إرساء العهد الدولى لحقوق الإنسان، الاجتماعية والاقتصادية.كانت أول ثورة اشتراكية فى التاريخ الإنسانى.ذات مرة كتب الفيلسوف الوجودى الفرنسى «جان بول ساتر» أن «لكل قرن فلسفة تهيمن عليه».وكان تقديره أن الماركسية الفلسفة الأكثر تأثيرا ونفاذا فى قصة القرن، رغم أنه يقف على الجانب الآخر فى صراع الأفكار الكبرى.صعود وتراجع الماركسية داعٍ بذاته لإعادة النظر والتفكير.لعقود طويلة أثرت وألهمت نصف البشرية تقريبا قبل أن تنكسر شوكتها بانهيار سور برلين يوم (٩) نوفمبر عام (١٩٨٩).فى شريط سينمائى ألمانى أنتج عام (٢٠٠٣) باسم «وداعا لينين» لخص مشهد واحد بعض تراجيديا ما جرى بعد انهيار ذلك السور، الذى أعقبه سقوط الاتحاد السوفيتى نفسه.ظهرت فى المشهد الرمزى مروحية تحلق فوق العاصمة الألمانية برلين متدليا منها بحبال من صلب تمثال ضخم لزعيم الثورة البولشيفية «فلاديمير لينين»، بينما ناشطة فى الحزب الشيوعى الألمانى تؤمن بأفكاره ترقب المشهد غير مصدقة.المروحية مالت قليلا فبدت حركة التمثال كأن «لينين» يريد أن يصافح تلك السيدة الألمانية المصافحة الأخيرة.أراد الشريط السينمائى أن يقول إن كل شىء انتهى، وأن عصرا ألمانيا جديدا بدأ للتو بإعلانات الـ«كوكاكولا» والمنتجات الغربية فى شوارع الشق الشرقى من برلين.هذه الحقيقة كان يخشى على الناشطة المصدومة من أن تواجهها بعد أن أصيبت بغيبوبة امتدت لشهور، تغيرت فيها ألمانيا وتغير العالم.باليقين لا توجد ثورة واحدة فى التاريخ خالدة.من زاوية ما ــ صحيحة وموضوعية ــ انقضت الثورة الروسية بكل ما حملته من تجربة فى الحكم خلف الأستار الحديدية، ومن تراجيديات سياسية وفكرية وإنسانية فى الصراع على السلطة بعضها دموى، وما تولد عنها من سياسات أسست قبل نهاية الحرب العالمية الأولى بعام واحد لتحول جوهرى فى بنية النظام الدولى أخذ مداه عقب الحرب العالمية الثانية.بعد تلك الحرب انقسم العالم أيديولوجيا واستراتيجيا واقتصاديا إلى معسكرين كبيرين، وتصارع على النفوذ قطبان هما الاتحاد السوفيتى والولايات المتحدة؛ فيما يعرف بـ«الحرب الباردة»، التى انتهت بانهيار سور برلين وحلف «وارسو»ــ الذى يقابل حلف «الناتو» على الجانب الآخر مع تفكك ما كان يطلق عليه المنظومة الاشتراكية.بين نهاية الحرب العالمية الثانية وانهيار سور برلين شمل نفوذ الاتحاد السوفيتى شرق أوروبا، التى اجتاح دولها الجيش الأحمر، كما الشرق الأقصى حيث انتصرت الثورة الصينية، وحاربت الثورة الفيتنامية، ونهضت ثورات أخرى تحت رايات «لينين»، واصلا إلى القارتين الإفريقية بدعم حركات التحرير الوطنى التى تطلب الاستقلال، واللاتينية بالتضامن مع حركة السلاح ضد الهيمنة الأمريكية ــ كما حدث فى كوبا.وقد حاولت مجموعة دول عدم الانحياز بقيادة «جمال عبدالناصرــ مصر» و«جواهر لآل نهرو ــ الهند» و«جوزيب بروز تيتوــ يوغوسلافيا» اختراق القطبية الثنائية وفق مبادئ «باندونج».لم يمكن يعنى ذلك الوقوف على مسافة متساوية بين المعسكرين المتصارعين، فقد كان التحرر الوطنى القضية الأكثر مركزية على أجندة الدول المستقلة حديثا.بانفراد القوة الأمريكية بالنظام الدولى تعرض العالم العربى ــ أكثر من غيره ــ لما يشبه التحطيم الكامل لصالح ما تطلبه إسرائيل، على ما جرى فى العراق مثالا.كان مثيرا أن أكثر من ابتهجوا لسقوط الاتحاد السوفيتى هم أنفسهم الذين دفعوا أغلب الفواتير.لم يعد لإرث «لينين» ذات الأثر الفكرى والسياسى، الذى ساد أغلب سنوات القرن العشرين.لكنه أسس لنظرة أخرى تتجاوز شخصه إلى حركة المجتمعات فى طلب العدالة الاجتماعية.بأثر أفكاره وتجربته طورت الرأسمالية من نفسها ونشأت فى كنف الدول الغربية حركات جديدة أطلق عليها «الشيوعية الأوروبية«ــ أبرزها فى إيطاليا بقوة أفكار رجال من حجم «تولياتى» و«جرامشي«ــ دمجت ما بين الاشتراكية والديمقراطية.كما نشأت فى أوروبا الشرقية نزعة قوية أطلق عليها «الاشتراكية بوجه إنسانى»، قبل أن يدب التفكك فى المنظومة كلها.ما لا يدركه «بوتين»، الذى كاد أن يكون قد تجاهل مئوية الثورة فى بلاده، أن الثورات تنقضى لكن آثارها تبقى تحت الجلد السياسى.هو نفسه أسير ظلال رجلين فى الكرملين أسسا لاستراتيجية الأمن القومى الروسى، التى يتبع خطوطها الرئيسية، لبناء قوة إمبراطورية واسعة النفوذ والتأثير، حتى لو اختلفت المقاربات والأهداف: «بطرس الأكبر» أهم القياصرة وأكثرهم إلهاما.. و«فلاديمير لينين» قائد الثورة ومفكرها الأبرز.قد يصح ــ من زاوية واقعية مباشرة ــ رثاء الثورة الروسية بعنوان: «وداعا لينين»، غير أن إرث التاريخ يستحيل حذفه على هذا النحو المبسط والمخل.

قراءة المزيد

الشروق

2016-11-11

لم يكن «دونالد ترامب» نفسه يتوقع انتخابه رئيسا للولايات المتحدة الأمريكية.هو أول مرشح رئاسى يشكك، بلا أى معطيات، فى نزاهة الانتخابات قبل إجرائها متوعدا بعواصف عنف تجتاح أمريكا. وهو أول رئيس تخرج بمجرد انتخابه تظاهرات حاشدة فى أرجاء مدن كبرى تعلن الاستعداد لمواجهات طويلة ومكلفة: «أوقفوا ترامب» و«ليس رئيسى»، كأنها مشاهد مقتطعة من العالم الثالث. ولأول مرة يخوض رئيس أمريكى بصورة كاملة صراعا معلنا مع أحد المتنافسين على خلافته بحسبانه خطرا على الديمقراطية ولا يصلح لمسئولية الحقيبة النووية. وقد كانت إشارة «باراك أوباما» عن «نقل سلس للسلطة» مثيرة بذاتها، فهذه هى القواعد الأمريكية الراسخة، التى لا تحتاج تأكيدات. فى مؤتمر صحفى جمعهما فى البيت الأبيض كان لافتا تصريح آخر للرئيس المنتهية ولايته يدعو إلى «الوحدة لمواجهة التحديات». تلك التفاتة إلى تهديد وجودى لم يعد خافيا لوحدة الولايات الأمريكية وللتعايش بين أعراقها. احتمالات الصدام العرقى واردة، تبدت مقدماتها بين الشرطة والأمريكيين الأفارقة أثناء حكم رجل أسود، وقد تتسع أخطارها مع صعود رجل يدعو للعنصرية والتمييز ضد النساء والتحريض على كراهية الأجانب وتشق تصريحاته وحدة بلد متنوع الأعراق. فى أجواء الاحتجاجات ارتفعت أصوات تدعو لانفصال بعض الولايات، وهذا خطر وجودى يلوح فى الأفق الأمريكى. بتعبير شهير للفيلسوف الفرنسى «جان بول سارتر»: «الآخرون هم الجحيم»، وقد كانت نظرته فلسفية لمعنى الوجود الإنسانى. أما بالنسبة لرجل أعمال، ثقافته متواضعة وطموحه بلا حد، فإن الآخرين هم نصف مجتمعه، كما أغلبية دول العالم. المعنى أن الرئيس المنتخب فى حرب مفتوحة مع القطاعات الحديثة الأكثر تعليما، المتمركزة فى المدن الكبرى لا فى الضواحى والأرياف حيث أغلب الذين انتخبوه، ومع الميديا والنخب السياسية والبحثية الأكثر تأثيرا، التى حاربت صعوده وخسرت توقعاتها، لكن معاركها مع أفكاره لن تتراجع ومرشحة للتصعيد كلما مضى فيها. كل ذلك متوقع من الجانب المضاد لصعود رجل بمواصفات «ترامب» إلى البيت الأبيض، غير أن السؤال هنا: إلى أى حد تنضبط سلوكياته وتصريحاته بعد أن أصبح رئيسا منتخبا؟ هناك ثلاث إشارات أولية لها دلالاتها. الأولى ـ التصرف المنضبط على القواعد الرئاسية المعتادة فى لقائه الأول مع الرئيس «أوباما» بالبيت الأبيض، للبحث فى ترتيبات نقل السلطة. الثانية ـ حذف ما دعا إليه من حظر دخول المسلمين إلى الولايات المتحدة من على موقعه الإلكترونى، وهذه رسالة طمأنة للأقلية الإسلامية وللعالم الإسلامى بصفة عامة. والثالثة ـ حذف ما تعهد به من إلغاء اتفاق المناخ على الموقع الإلكترونى نفسه، وهذه رسالة طمأنة أخرى للعالم المتقدم، ولباريس على وجه الخصوص. من غير المستبعد فى وقت لاحق تراجعا مماثلا عن بناء جدار عازل على الحدود مع المكسيك، وهذه مسألة محتمة فالتكاليف السياسية والاستراتيجية باهظة وتأثيراته فى تزكية النعرات العرقية فوق طاقة الولايات المتحدة ومصالحها فى الجوار المباشر.الإشارات أقرب إلى محاولات «تطبيع الرئيس على حقائق الموقف»، غير أن الطبع قد يغلب التطبع. بذات القياس فإن تصريحاته الصادمة فى الشأن الخارجى ليست القول الفصل ولا الأخير.بتقدير أولى أوروبا نقطة البداية لأى تعديل محتمل. لا تحتمل الولايات المتحدة خسارة أغلب حلفائها فى القارة العجوز، ولا التضحية بعلاقات طبيعية مع الاتحاد الأوروبى، أو دورها المركزى فى حلف «الناتو».المرشح الأحمق غير الرئيس المسئول، فالأول ـ يستطيع أن يصرح بما يطرأ على باله، كأنه مشهد من تليفزيون الواقع الذى شارك بالتمثيل فى بعض حلقاته، والثانى ـ كل كلمة تصدر عنه تتابعها مراكز صناعة القرار فى العالم وتحلل أبعادها وخلفياتها وما يترتب عليها. لم يتردد قادة أوروبيون مثل الرئيس الفرنسى «فرانسوا أولاند» والمستشارة الألمانية «أنجيلا ميركل» فى إبداء انزعاجهما البالغ من صعود «ترامب»، خشية ـ أولا ـ أن تزكى ظاهرته صعودا كبيرا لليمين العنصرى فى أوروبا، وفى البلدين على وجه الخصوص. وخشية ـ ثانيا ـ أن تفضى سياساته إلى تقويض الاتحاد الأوروبى وحلف «الناتو» واصطناع خصومة غير مسبوقة بين الولايات المتحدة وأوروبا فى النظر إلى القضايا والملفات الدولية. غير أن ما أبداه «ترامب» من اتزان نسبى فى «خطاب النصر» أدى إلى وقف جزئى للتصعيد انتظارا للسياسات العملية.كما لم تتردد دول فى الإقليم بدرجات مختلفة فى التعبير عن دواعى قلقها. وكانت إيران الأكثر وضوحا خشية أن يلتزم القادم الجديد إلى البيت الأبيض بما تعهد به فى حملته الانتخابية من إلغاء الاتفاق النووى، غير أن مخاوفها تنازعها حسابات عكسية دعتها إلى شىء من التهدئة المبكرة. فهناك تعهد لـ«ترامب» بفتح صفحة جديدة مع روسيا ورئيسها القوى «فلاديمير بوتين» تتمدد بالطبيعة إلى تنسيق أكبر فى الحرب على «داعش» بسوريا دون أن يكون مطروحا ـ بحسب تعهد آخر ـ إطاحة الرئيس «بشار الأسد»، وذلك يوافق الحسابات الإيرانية.كما أن الاتفاق النووى لم تكن الولايات المتحدة الطرف الوحيد فيه، فقد شاركت أطرافا أوروبية فضلا عن روسيا فى التوقيع عليه واعتمدته الأمم المتحدة كوثيقة دولية لها حجيتها النافذة. الملف الروسى الأكثر حساسية وأهمية فى أوروبا والإقليم وسؤاله الجوهرى: ما طبيعة أية تفاهمات مقبلة.. ومدى تقبل المؤسسات العسكرية والاستخباراتية الأمريكية لها؟‫«‬بوتين» المحنك أبدى شيئا من الحذر، فهو يدرك أن التفاهمات ليست سهلة، وأن نوايا «ترامب» ليست الكلمة الأخيرة. يعرف من موقعه أن اتفاقا جرى فى جينيف بين وزير خارجيته «سيرجى لافروف» مع نظيره الأمريكى «جون كيرى» يفصل بين المعارضة المسلحة والجماعات التكفيرية فى حلب، لم ينفذ منه حرف واحد باعتراض شبه معلن من الاستخبارات المركزية والبنتاجون تحسبا لخلل فى التوازن العسكرى على الأرض يقلص النفوذ الأمريكى فى أية تسوية سياسية متوقعة. السعودية حاولت بقدر ما تستطيع أن تضبط مخاوفها، ولا شك أن صعود «ترامب» يمثل تهديدا جديا لأمنها ومستقبلها فى ظل مناخ أمريكى معاد لخصه قانون «جاستا»! الذى صدر بما يشبه الإجماع فى الكونجرس ويسمح بمقاضاتها من أسر الضحايا الأمريكيين فى أحداث (١١) سبتمبر (٢٠٠١)، والأمر لم يكن يختلف لو أن «كلينتون» فازت. وهذا يعنى أن السعودية فى مأزق حرج تحتاج فيه إلى مصر بأكثر مما تحتاج مصر إليها. وقد كان تعليق شركة «أرامكو» السعودية إمداد مصر وفق عقود موقعة باحتياجاتها النفطية بتسهيلات فى الدفع خطيئة استراتيجية تصورت أن بوسعها استضعاف الدولة العربية الأكبر ودفعها تحت ضغط أزمتها الاقتصادية إلى تسريع تسليم جزيرتى «تيران» و«صنافير» المصريتين.تحت ضغط الأزمات من غير المستبعد فى مدى منظور تصحيح العلاقات المصرية السعودية، وذلك ضرورى ومفيد للعالم العربى بأسره، لكننا نحتاج ـ هذه المرة ـ إلى مصارحات لا مقايضات وعلاقات ندية لا إملاء فيها ولا استعلاء من شقيق على شقيق. أرجو أن نلتفت ـ فى صخب الرهانات المتضاربة على صعود «ترامب» ـ أن هناك احتمالا لنقل السفارة الأمريكية إلى القدس، غير أن ذلك مرهون بمدى احتجاج العالم العربى، فقد جمدت هذه الخطوة على مدى عقود رغم إعلان الالتزام بها من أغلب الرؤساء الأمريكيين، وأن نلتفت إلى أن اليمين الإسرائيلى سوف يسعى إلى اقتناص الفرصة للتوسع الاستيطانى والمضى قدما فى تهويد القدس وضم الجولان السورية. يتبقى بعد ذلك الرهان المصرى على «ترامب». باليقين فإن هناك شهور عسل مقبلة، قد تطول أو تقصر بحسب التحولات والمتغيرات الإقليمية والداخلية، فالدول تحكمها مصالحها على الأرض لا الأمنيات المعلقة فى الفضاء.فى شهور العسل سوف تتراجع أية ضغوط بملفات الحريات وحقوق الإنسان، وهذه مسألة مشاحنات متوقعة بين إدارة «ترامب» والميديا فى بلاده، ومع شركائه فى الاتحاد الأوروبى. كما سوف تتراجع أية ضغوط أخرى لإعادة دمج جماعة الإخوان فى الحياة السياسية وربما تصنف الجماعة بقانون يصدره الكونجرس كـ«تنظيم إرهابى»، وهذه مسألة ستخضع بدورها إلى مراجعات فى مراكز الأبحاث والجمعيات الحقوقية، التى اعتادت انتقاد السجل المصرى.المعنى فى ذلك كله أن مصر تحتاج قبل أية رهانات على أية أطراف دولية أن تقف على أرض صلبة، أن تلتحق بالحقائق الجديدة لعصرها لا بمخلفات عصور سبقت فى النظر إلى الحريات وحقوق الإنسان، وأن تؤكد قوتها بتوافق وطنى على قاعدة احترام الدستور يحصنها من أية أخطار محتملة. فى مصر، كما أمريكا الآن، القضية الأولى بالرعاية مدى سلامة الوضع الداخلى.

قراءة المزيد

الشروق

2016-06-12

حاورها الفيلسوف الفرنسى الأشهر «جان بول سارتر» فى تجربة «كمشيش» التى ذهب إليها يسأل ويستقصى عما قرأ وسمع. لعله فوجئ بالسيدة الريفية الشابة تسأله وتستقصى منه حقيقة موقفه من القضية الفلسطينية وعذابات شعبها. أسئلتها كإجاباتها أوحت بأن هناك شيئا جديدا يولد فى مصر وأعطت رسالة من عمق ريفها بوحدة المصير العربى. لم يكن «سارتر» وحده من اهتم بقصة الصراع بين الفلاحين والإقطاع فى «كمشيش»، فقد تدفق على تلك القرية المصرية صحفيون وسياسيون ومفكرون غربيون يحاورون أهلها ويحاولون أن يقرأوا فيها ما قد يحدث فى مصر غدا. كانت تجربة «كمشيش» مثيرة بصراعاتها وملهمة برسائلها فى ستينيات القرن الماضى وبدت «شاهندة مقلد» رمزا لقضية فلاحيها. فى عام (١٩٦٦) اغتيل زوجها «صلاح حسين»، وكان الاغتيال تعبيرا عن ضراوة الصراع بين حركة فلاحية ناشئة وإقطاع يطل من جديد بالرصاص. انحاز «جمال عبدالناصر» إلى فلاحى «كمشيش» وتحدث فى خطاب علنى عما جرى ودلالاته، مشيرا أكثر من مرة إلى أن ذلك يحدث داخل دائرة «أنور السادات». بعد رحيله انقلبت المعادلات بالكامل، وتولى «السادات» بنفسه التنكيل بـ«كمشيش» ونفيت «شاهندة» خارج قريتها مع فلاحين آخرين لثلاث سنوات كاملة، كما جرى هدم النصب التذكارى لـ«صلاح حسين» كأنه حذف من الذاكرة لأى معنى. وكان ذلك تعبيرا عن خلل فادح فى بنية «نظام يوليو» سمح بتقويضه من داخله. بفضل يوليو اكتسب الفلاحون المصريون حقوقا لا مثيل لها فى تاريخهم كله ومن ثغرات نظامها السياسى جرى الانقضاض على إنجازاتها واحدا إثر آخر. رغم الانقلابات الحادة فى السياسات والتوجهات أثبتت «شاهندة» قدرتها على الصمود. وهبت نفسها بالكامل لقضية الفلاحين، لم تهادن للحظة ولا خلعت ملابس الحداد السوداء مرة واحدة على مدى نصف قرن. بأى قراءة منصفة فإنها الشخصية النسائية المصرية الأبرز فى النصف القرن الأخير من حيث حجم الدور ومنسوب الإلهام. لم يكن لديها سوى «القوة الأخلاقية» فى طلب الحق بالحياة والأرض. وقد اجتازت اختبارات الزمن بانفتاحها على قضايا وطنها وأمتها واستعدادها الدائم لدفع أثمان مواقفها. فى السبعينيات غنى باسمها «الشيخ إمام» من شعر «أحمد فؤاد نجم» «يا شاهندة وخبرينى» على نسق «يا بهية وخبرينى» لطلب الحقيقة ممن يؤتمن ويوثق فى روايته. لم يكن السؤال لـ«شاهندة» عمن قتل «صلاح حسين»، فالقصة ليست غامضة كحال «بهية» و«ياسين» فى الرواية الشعبية. هو سؤال يحمل إجابته فى دعوتها أن تخبر وتروى وقائع التنكيل فى سجن القناطر الخيرية وأن تخبر وتبشر بانفراج قريب. بتعبير «نجم» نفسه ترمز «بهية» «أم طرحة وجلابية» إلى مصر. رغم أنها كانت فى مطلع شبابها نظر إليها كـ«أم لجيل جديد»، ورغم أن تجربتها بالكاد غادرت بدايتها اكتسبت رمزية مبكرة. وقد حاولت بقدر ما تستطيع أن تحافظ على صورتها، المرأة الريفية القوية الملتزمة بقضايا وطنها وأمتها، دون صخب الادعاء. شاركت فى كل الفعاليات الوطنية لدعم روح المقاومة بعد نكسة «يونيو» ومقاومة التطبيع بعد اتفاقيتى «كامب ديفيد» ولا توجد معركة واحدة تخلفت عنها. انضمت إلى «اللجنة القومية لمناهضة التطبيع» التى قادتها الناقدة الأدبية الراحلة الدكتورة «لطيفة الزيات» بذات الحماس الذى دعاها إلى زيارات جبهة القتال. قدرتها على الثبات أمام المحن أكسبتها روح المقاتل الذى لا يطلب لنفسه شيئا. كان الفرح ضنينا عليها، فقد استشهد زوجها على يد الإقطاع واستشهد شقيقها على جبهات القتال واغتيل أحد أنجالها فى ظروف غامضة بالعاصمة الروسية موسكو، وعانت طويلا من التنكيل والتشهير والمرض. مع ذلك صمدت وقاومت وواصلت العطاء حتى النهاية فانضمت إلى ثورة «يناير» وتقدمت الصفوف فى «يونيو». بدت محاولة تكميم فمها باليد أمام قصر «الاتحادية» إشارة رمزية إلى أن حكم جماعة الإخوان إلى زوال وكل شىء قد انتهى. بالنظر إلى التاريخ المصرى الحديث فإن قصة «شاهندة مقلد» لم تولد فى «كمشيش» ولا انتهت على سرير مرض بأحد المستشفيات القاهرية. قيمة دورها أنه يتصل عند الجذور بالحركة الوطنية الحديثة التى ولدت تحت صدمة «دنشواى» عام (١٩٠٦). رغم أن (٦٠) سنة تفصل بين إعدام وجلد فلاحين فى «دنشواى» واغتيال «صلاح حسين» فى «كمشيش» إلا أن الجذر واحد. فى«دنشواى» نصبت المشانق بعد محاكمات هزلية انتهكت كل قيم العدالة ‫لأربعة من الفلاحين أبرزهم «زهران» على مشهد من أهالى القرية ونال الجلد اثنى عشر آخرين.‬‬‬ ‬كما تحول «زهران» إلى فكرة أبت الموت وألهمت أدباء وفنانين اكتسب «صلاح حسين» رمزية مقاربة. الرموز فى التاريخ يصنعها ناسها بحاجتهم إلى ما يلهم العزيمة أو إرادات التغيير. ‫«‬رمزية زهران» تحولت إلى طاقة وطنية جارفة ترفض الإذلال والتنكيل بالمصريين، وكان رجلا شجاعا تقدم إلى مشنقته بلا وجل.‬‬ وقد كان دور الزعيم الوطنى الشاب «مصطفى كامل» حاسما فى بلورة مشاعر الغضب العام ووضعها فى سياق إعادة الروح للحركة الوطنية المصرية التى تراجعت بقسوة بعد هزيمة الثورة العرابية. تحت صدمة«دنشواى» تبدت القضية الوطنية وأخذت مداها. لم يرحم التاريخ الذين حاكموا أهلها وحكموا عليهم بالشنق والجلد، فـ«إبراهيم الهلباوى» أفضل من أنجبت المحاكم المصرية من محامين خسر سمعته وتقوضت شعبيته، و«أحمد فتحى زغلول» بدت سيرته عبئا على شقيقه الزعيم الوطنى «سعد زغلول» الذى تصدر تاليا الحركة الوطنية المصرية، و«بطرس باشا غالى» نالته الاتهامات القاسية حتى اغتياله. بقدر آخر وفى ظروف مختلفة تحولت «رمزية صلاح حسين» إلى طاقة اجتماعية جديدة لفتت الانتباه إلى قضايا الفلاحين وحقوقهم المهدرة. ليست مصادفة أن أغلب القيادات الفلاحية، التى تستحق هذه الصفة، تأثرت بتجربة «كمشيش» وقدرتها على بناء الكوادر الكفؤة من حقبة إلى أخرى. ولا يشك أحد فى الدور الملهم الذى لعبته «شاهندة» فى اتصال التاريخ عند الجذور، من «دنشواى» إلى «كمشيش» إلى المستقبل.

قراءة المزيد

المصري اليوم

2024-01-04

في مدينة الزرعان بالجزائر، ولد المفكر والروائي والفيلسوف الفرنسي ألبير كامو، في السابع من نوفمبر عام 1913، إبان الاحتلال الفرنسي، وقد ولد لإحدي عائلات المستوطنات الفرنسية هناك، وكانت أمه تعود لأصول إسبانية وقد توفي والده في الحرب العالمية الأولي. وعاش كامو في ظروف من الفقر والعوز هناك، وأثناء دراسته الثانوية بالجزائر أصيب بالدرن «السل»،وكان قد عمل أثناء سنوات دراسته في أعمال يدوية بسيطة، وحصل على إجازته في الفلسفة في عام 1935، وفي العام التالي قدم بحثه عن الأفلاطونية الجديدة، وكان قبل حصوله على إجازته في الفلسفة قد التحق بالحزب الشيوعي الفرنسي. وفي عام 1936 شارك في نشاطات شيوعية جزائرية تنادي باستقلال الجزائر، مما أثار حفيظة رفاقه في الحزب الشيوعي الفرنسي. وكان كامو قد عمل بشكل متقطع في المسرح والصحافة وقد كتب في الصحافة عن الظروف والأوضاع الإنسانية السيئة للعرب مما كلفه وظيفته، وفي الفترة الأولي من الحرب العالمية الثانية كان من دعاة السلام، وفي 1942 ومع انتقاله إلى بوردو كتب رائعتيه «الغريب» و«أسطورة سيزيف» ثم التقي جان بول سارتر في افتتاح مسرحية الثاني «الذباب»، ونشأت بينهما علاقة حميمة، ثم قام بجولة أمريكية ليحاضر عن الوجودية وفي عام 1949عادت إليه آثار مرض السل فقضي عامين في مصحة.وفي عام 1951 نشر كتابه «التمرد» الذي استقبل استقبالًا قاسيا أدي لعزلته، وفي 1956 وحينما كان يكتب لصحيفة«الإكسبريس» حصل على جائزة نوبل للآداب، ولكامو أيضًا «الطاعون»، وقد توفي «زي النهارده» في4 يناير 1960 في حادث سيارة.

قراءة المزيد

اليوم السابع

2021-04-15

وقعت فى يوم 15 أبريل العديد من الأحداث المهمة التى غيرت خريطة العالم، حيث ولد فى مثل هذا اليوم العديد من نجوم الفن والسياسة والأدب وفى شتى المجالات، ورحل أيضًا عن شخصيات أدبية وسياسة وفنية بارزة، كما يصادف اليوم الاحتفال بمناسبات سنوية بشكل دورى، وهذا ما نستعرضه خلال التقرير التالى.   الأحداث المهمة فى تاريخ العالم 1517 - إعدام السلطان طومان باى آخر سلاطين الدولة المملوكية، وكان ذلك إيذانًا بانتهاء العهد المملوكى وبداية تبعية مصر للدولة العثمانية. 1865 - اغتيال الرئيس الأمريكى أبراهام لينكون برصاصة أطلقها عليه جون ويلكس بوث فى "مسرح نورد" فى واشنطن حيث كان يشاهد مع زوجته عرضًا مسرحيًّا. 1912 - غرق السفينة آر إم إس تيتانيك بعد اصطدامها بجبل جليدى فى المحيط الأطلسى. مواليد 1452 - ليوناردو دا فينشى،  رسام إيطالى وأحد فنانى عصر النهضة. 1839 - يعقوب صنوع، رائد من رواد المسرح المصرى والصحافة المصرية الساخرة. 1892 - محمد القصبجى،  ملحن مصرى. 1895 - زينب صدقى،  ممثلة مصرية. 1905 - عبد الفتاح القصرى، ممثل مصرى. 1910 - أمينة رزق، ممثلة مصرية. 1911 - الشيخ محمد متولى الشعراوى. 1937 - خيرية أحمد، ممثلة مصرية. 1938 - كلاوديا كاردينالى، ممثلة إيطالية. 1955 - دودى الفايد، رجل أعمال مصرى،  توفى فى حادث سير فى نفق ألما بباريس مع الليدى ديانا سبينسر. 1974 - أيمن بهجت قمر، ملحن مصرى. 1978 - محمد نجاتى،  ممثل مصرى. 1990 - إيما واتسون، ممثلة إنجليزية. وفيات 1517 - طومان باى،  سلطان مملوكى. 1888 - ماثيو أرنولد، شاعر إنجليزى. 1980 - جان بول سارتر، كاتب وفيلسوف فرنسى حاصل على جائزة نوبل فى الأدب عام 1964.

قراءة المزيد

الكلمات المفتاحية المذكورة في المقال:

اليوم السابع

2017-09-02

صدر حديثًا عن المركز القومى للترجمة، ضمن سلسلة ميراث الترجمة، كتاب تحت عنوان "الذباب أو.. الندم"، لجان بول سارتر، ترجمة وتقديم  محمد القصاص. ويقول الكاتب إن الحرية البشرية لعنة فادحة للإنسان، ولكن دون هذه اللعنة لا تكون للإنسان كرامة بشرية، هكذا رأى جان بول سارتر فى كتابه "الذباب أو الندم". هذا هو الأساس الذى تقوم عليه الأخلاق السرترية فى جوهرها كما عرضتها مسرحية الذباب، حيث يرى سارتر أن المبادئ الخلقية ليست من صنع قوة خفية أيا كانت، وإنما اللإنسان هو الذى يصنع القيمة الخاصة به. فيقول سارتر إن الإنسان حر، على الأقل، بالنسبة لما يحيط به من كائنات، وليس ألعوبة فى يد أية قوة تأتية من خارجه، أى قوة منفصلة عنه، الإنسان حر طليق مستقل الإرادة لا يقيده قيد من الطبيعة أو مما فوق الطبيعة، ومن ثم كان المستقبل أمامه مفتوحا يستطيع أن يشكله كما يشاء، ولو كانت هناك قوة أخرى تقرر له من أمر مستقبله كل شىء، وتعرف عن مستقبلة كل شىء، لأغلق أمامه هذا المستقبل، وأصبح الوجود بالنسبة إليه كشبكة الصائد.  الذباب أو الندم

قراءة المزيد

الكلمات المفتاحية المذكورة في المقال:

اليوم السابع

2022-09-26

تحل اليوم ذكرى ميلاد الفيلسوف الألمانى الشهير مارتن هيدجر الذى ولد 26 سبتمبر من عام 1889 بجنوب ألمانيا، والذى يعد أحد أهم منظرى الوجودية فى العالم. وقد تميز هيدجر مع جان بول سارتر بتأثيرهما الكبير على المدارس الفلسفية فى القرن العشرين ومن أهمها الوجودية، والتأويليات، وفلسفة النقض أو التفكيكية، وما بعد الحداثة، ومن أهم إنجازاته أنه أعاد توجيه الفلسفة الغربية بعيداً عن الأسئلة الميتافيزيقية واللاهوتية. كانت الفلسفة الوجودية محور بحث هيدجر، حيث ركز على فكرة الوجود والعدم، وقد قال عن الحياة: "إنها الحياة التى يجد المرء نفسه سائرًا فيها نحو الموت"، وهو بذلك يعبر عن فكره إزاء التجربة الإنسانية بوجه عام، غير أن ما شغل تفكير مارتن هيدجر ليس الموت وإنما العدم فقد اعتبر القلق شعورا كامنا داخل الإنسان، وأن محور هذا القلق هو العدم، حيث أكد دائما عبر كتبه أن الإنسان يقلق لكونه يدرك أنه محكوم فى النهاية بالموت الذى هو العدم نفسه، والقلق هذا هو ليس الخوف، إذ يفرق بين الاثنين بشكل واضح: فى الخوف يستطيع الإنسان أن يحدد موضوع خوفه والذى يأتى من خطر معروف، أما القلق فإن موضعه وأسبابه تكون غير مفهومة، منشأ القلق عند هايدجر ليس الشعور بالذنب بعد ارتكاب خطيئة ما كما عند كيركيجارد، وإنما منشأه هو الخوف من العدم وعن ذلك قال :"وما القلق إلا حالة الخوف المطلق أمام العراء المطلق". من أشهر كتبه الوجود والزمان، دروب موصدة، ما الذى يسمى فكرا؟، المفاهيم الأساسية فى الميتافيزيقا؟، نداء الحقيقة، فى ماهية الحرية الإنسانية، نيتشه.  

قراءة المزيد