لورانس داريل

لورانس جورج داريل (بالإنجليزية: Lawrence George Durrell)‏ (27 فبراير 1912 - 7 نوفمبر 1990)، هو روائي وشاعر وكاتب لأدب الرحلات بريطاني. ولد في الهند واشتهر...

Mentions Frequency Over time
This chart displays the number of articles mentioning لورانس داريل over the past 30 days.
Sentiment Analysis
This chart shows the distribution of sentiment in articles mentioning لورانس داريل. Sentiment analysis helps understand whether the coverage is mostly positive, negative, or neutral.
Top Related Events
Events are most frequently mentioned in connection with لورانس داريل
Top Related Persons
Persons are most frequently mentioned in connection with لورانس داريل
Top Related Locations
Locations are most frequently mentioned in connection with لورانس داريل
Top Related Organizations
Organizations are most frequently mentioned in connection with لورانس داريل
Related Articles

الشروق

2024-04-26

حسب علمى فإن فيلم «حياتى أنت» إخراج يوسف معلوف 1952 هو أول فيلم مصرى تدور أحداثه على لسان البطل الذى يحكى ما حدث له فى الماضى وحتى تزوج حبيبته إلهام، هذا النوع من الحكى هو أسلوب أدبى أقرب إلى الاعترافات يعنى فيه الحكاء أنه يعرف تفاصيل الحدوتة من وجهة نظره هو، أى أنه يجهل الجوانب الأخرى التى لم يشهدها، وعليه أن يصدق، أو لا يصدق ما يحكى له وما تحكى له من تفاصيل يقولها الآخرون حول نفس الحدوتة لأن لكل منهم وجهة نظره التى تتقابل أو يتم المواجهة فيما بينها، قد حاول بعض السينمائيين التغلب على هذا الأمر، فقام أندريه كياد بصنع فيلم باسم الحياة الزوجية حكى كل من الزوجين الوقائع بوجهة نظره هو وعلى المشاهد أن يحدد ماذا حدث بالضبط، أغلب الروايات التى تدور على لسان أبطالها تتسم بهذه السمات التى ذكرناها، وأبرزها على الإطلاق «رباعية الإسكندرية» للبريطانى لورانس داريل الذى جعل روايته تدور من خلال أربع وجهات نظر أو على لسان أربعة أشخاص، ولكن عندما تحولت هذه الرباعية إلى فيلم سينمائى 1969 كانت تحمل وجهة نظر واحدة من الأربعة، كما حدث هذا أيضا فى رباعية الرجل الذى فقد ظله لفتحى غانم التى تحولت أيضا إلى فيلم أخرجه كمال الشيخ يحمل وجهة نظر شخص واحد وهو المخرج، بالنسبة لفيلم حياتى أنت بطولة كمال الشناوى وشكرى سرحان وشادية، ومنى، فإن سمير هو الذى يحكى ماذا حدث له وكيف تعرف على إلهام، وكيف عمل عند والدها، وخلال أحداث الفيلم فإن سمير لا يكف عن أن يحكى لنا تفاصيل ليس فى حاجة إلى تفسير من خلال الحوار أو التمثيل، بما يعنى أنه يحكى الفواصل من وجهة نظره غير المحايدة، وهذا الأمر أرق بعض المخرجين الذين كانوا يجعلون أبطالهم يحكون تفاصيل القصص، وحسب علمى فإن يوسف عيسى الذى كتب الاسم قد كتب قصة أقرب إلى الروايات الفرنسية، وقد قام صلاح أبو سيف بالالتزام بأن تقوم التلميذة نادية لطفى بحكى ما يدور فى بيتها فى فيلم لا أنام الذى يحمل وجهة نظرها وحدها، فهى الوحيدة التى تعلم الحقيقة وتبلغها لنا، وهذا الفيلم والرواية مأخوذان عن رواية «صباح الخير أيتها الأحزان» تأليف فرنزواز ساجان التى تحولت إلى فيلم من إخراج أوطو بريمنجر الذى لم يجعل الأحداث تدور أبدا على لسان الابنة المراهقة.وفى السينما الحديثة فإن داوود عبد السيد قدم هذا النوع من الكتابة السينمائية النادرة فى فيلمه «أرض الخوف»، والحقيقة أن يوسف عيسى صاحب الميول الأدبية قد كسى ما يكتبه بالجدية، وجعلنا نشعر أننا نقرأ رواية عن طريق الصورة، باعتبار أن يوسف معلوف كان اهتم فى المقام الأول بالسينما الكوميدية الخفيفة؛ حيث إن أغلب أفلامه تجمع بين الثلاثى إسماعيل يس، شادية، كمال الشناوى، ومنها: «فى الهوا سوا، مغامرات إسماعيل يس، الهوا مالوش دوا»، وإننى واثق أن أحدا لم يكتب عن هذا الفيلم بالمنظور الذى نقصده اليوم، فهو لا يعرض إلا قليلا على القنوات السينمائية، ويمكن التعرف على هذا الفيلم من مناظير أخرى مثل اشتراك هذا الثالوث الممثل معا فى أفلام أخرى كثيرة، أى أنهم كانوا يعملون معا فى المضمون وبعيدا عن هذا الفيلم فإن يوسف معلوف قد أخرج أفلاما كثيرة لشكرى سرحان أيضا لكمال الشناوى، ولأن حياتى أنت لم يأخذ حقه فإننى أدعوا القراء لمشاهدته بعين مختلفة إذا كانوا قد تابعوه فى مرات سابقة، ولا شك أن الأمر سيختلف كأننا نشاهد فيلما جديدا. ...قراءة المزيد

الكلمات المفتاحية المذكورة في المقال:

الشروق

2024-03-24

المباني التراثية بالإسكندرية ثروة فريدة تحكي حقبا وعصورا قديمة، البعض مازال قائما وموثقا في سجل التراث، والبعض الآخر زحف له التدهور والإهمال. وقال الدكتور أحمد عبد الفتاح مدير عام متاحف وآثار الإسكندرية الأسبق، إن مدينة الإسكندرية تملك تراثا لا يقدر بثمن سواء قصور أو فيلا أو عمائر فخمة، وكانت في أزهى ملامحها ما قبل عام 1952، وبعد ذلك تدهور الحال حيث أصبح ملاك العقارات التراثية يأخذون إيجارا زهيدا من ساكنيه، وفي نفس الوقت أهملت الصيانة والترميم التي تتكلف مبالغ طائلة وكانت النتيجة هدم معظم المباني التراثية. وأضاف عبدالفتاح، في تصريحات صحفية خاصة لـ"الشروق"، أن معظم المباني التراثية في الإسكندرية ليس لها أكواد وهي التي تتضمن تفاصيل كل ما يتعلق المبني التراثي من حيث عمره وحالته ونوع الخطورة التي يتعرض لها. وأشار إلى أن هناك مباني وعقارات تراثية يجب الحفاظ عليها وصيانتها، أهمها في منطقة بحري بحي الجمرك من الأحياء الشعبية التي تحتفظ حتى الآن بعناصر معمارية وطرز هندسية في عقاراتها التراثية خاصة التي توجد على الكورنيش قريبة من طرز المدينة التركية، وتوجد مباني تراثية أخرى في منطقة الحضرة القبلية، وتوجد في منطقة محرم بك ومنطقة امبروزو بقايا قصور وأخرى مغلقة تغمرها الأشجار وفي شارع المأمون. وتابع أن الفيلل والعقارات التراثية الأكثر حظا من حيث الحفاظ عليها وصيانتها هي بمنطقة الحي اليوناني الروماني، وبها أشهر متحف حاليا وهو المتحف اليوناني الروماني، والحي اللاتيني وبه القنصلية السعودية. وأوضح أن في تلك المناطق بها فيلل وقصور تراثية لا تعوض ومن حسن حظها أنه تسكنها الآن إما جهات حكومية كمبني النقل البحري أو مباني قنصلية دبلوماسية أو بنوك، وبالتالي لا يمكن هدمها. ولفت إلى أن من أهم القصور التي هدمت أمبرون في محرم بك، وكان يسكنها الكاتب البريطاني لورانس داريل، وفيلا أجيون في منطقة بابور المياه، متابعا أن فيلا مثل التي يسكنها أكاديمية السادات تحتاج إلى صيانة، وبيت فنان الشعب سيد درويش بكوم الدكة يعاني أيضا الإهمال. وأشار مدير عام متاحف وآثار الإسكندرية الأسبق، إلى أنه يمكن إنقاذ ما تبقى من تراث من خلال الدولة، حيث يمكن تكرار تجربة قصر البارون في القاهرة التي قامت الدولة بشراء مبناه، لافتا إلى أنه على سبيل المثال أقنع القنصل الصيني بالإسكندرية ود تشينج بشراء القصر الذي يوجد به حاليا القنصلية الصينية. وأضاف أن شارع فؤاد أول شارع في العالم وليس له مثيل في تخطيطه، وكان الشارع الوحيد المضاء بالمشاعل أيام البطالمة. وتابع: "يعتبر شارعا صفية زغلول وسعد زغلول شارعين عالميين، والعقارات خلف مبنى الغرفة التجارية التي تزينها الأكاليل وتتوسطها ميدالية على الطراز الفرنسي وصامدة رغم عوامل التعرية". وأضاف: "أيضا من المناطق الشعبية اللبان والفراهدة وحجر النووية، وتتميز بيوتها أنها على الطراز الإيطالي والفرنسي، حيث كان يسكنها الفرنسيين والإيطاليين، وبعض المباني بمحطة مصر ذات نوافذ هي نسخة طبق الأصل من نوافذ منازل موجودة في جنوب فرنسا". وأشار إلى الفلل التراثية بمنطقة كفر عبده وعددها 38 فيلا منها الفيلل الملكية الأميرة فوزية والأميرة فايزة. وناشد مدير عام متاحف وآثار الإسكندرية الأسبق، اللواء محمد الشريف محافظ الإسكندرية إنشاء مجلس أعلى للتراث السكندري يتضمن التراث والآثار وأساتذة التاريخ والأحياء والهندسة، والعمل فيه يكون دون مقابل؛ لتوثيق المباني التراثية كلها بمدينة الإسكندرية، ورصد الحالة التراثية وتصورها، وإنقاذ ما يمكن إنقاذه، والحفاظ على ما تبقى من كنوز، والمطالبة بقانون يجرم المساس بهذا التراث. ...قراءة المزيد

الكلمات المفتاحية المذكورة في المقال:

الوطن

2017-12-29

قال الفنان فاروق حسنى، وزير الثقافة الأسبق، إنه يتمنى أن يعيد الرئيس عبدالفتاح السيسى النظر فى افتتاح «المتحف الكبير» جزئياً حتى لا نكرر خطأ افتتاح متحف الحضارة «سراً»، حسب تعبيره، مشيراً إلى أن اعتراضه على هدم عمارة «راقودة»، ذات الطابع التاريخى فى الإسكندرية تحديداً، كان بمثابة «صرخة» على الحالة المتردية التى وصلت لها المبانى التراثية، وأن 90% من هذا الإرث الحضارى بالإسكندرية انمحى تماماً. وأضاف «حسنى»، فى حوار لـ«الوطن»، أنه يتواصل مع الرئيس الأسبق حسنى مبارك من حين إلى آخر، ويرى أنه أصاب أكثر مما أخطأ لكن «مبارك» مقتنع بما فعله وهو يشعر بـ«اكتفاء ذاتى»، منوهاً بأنه كان على صلة شخصية مع الأسرة الحاكمة فى قطر لكن هذه العلاقة انقطعت تماماً منذ فض «اعتصام رابعة العدوية».. وإلى نص الحوار: رغم حالة العزلة التى فرضتها على نفسك خلال السنوات الأخيرة إلا أنك عبرت عن غضبك لهدم عمارة «راقودة» فى الإسكندرية.. لماذا؟ - غضبى كان بمثابة صرخة ضد ما يحدث لتراثنا، ولو كنت مسئولاً لكنت حولت هذا العقار التاريخى إلى عمارة باريسية يتم تأجيرها، لدينا ثقافة المكسب الجشع وعمل كتل خرسانية لا تتماشى مع البيئة المحيطة وللأسف ما يحدث خسارة له ولنا وللبيئة المحيطة بنا. وزير الثقافة الأسبق: أتمنى أن يعيد الرئيس «السيسى» النظر فى افتتاح «المتحف الكبير» جزئياً.. حتى لا نكرر خطأ افتتاح متحف الحضارة «سراً» ولماذا كان رد فعلك على ما حدث لعمارة «راقودة» تحديداً؟ - لأننى رأيتها قبل يومين من بدء هدمها، وحمدت الله أنها لا تزال محتفظة بقيمتها الجمالية، وكان هذا بالنسبة لى أعظم منظر يطل على البحر لأفاجأ بعدها بأيام بخبر بدء هدمها، ولم تكن عمارة «راقودة» هى الضحية الوحيدة فقبلها هدمت فيلا «أمبرون» فى حى محرم بك، والتى شيدت على الطراز الإيطالى عام 1920، وكانت ملكاً لعائلة «أمبرون» الإيطالية التى حضرت من إيطاليا فى أواخر القرن الـ19، وعاش الكاتب الإنجليزى الشهير لورانس داريل، الذى رشح مرتين لجائزة «نوبل» للأدب، فى شقة فى هذه العمارة لسنوات طويلة. «دبى» أصبح لديها أكبر مبنى للأوبرا.. والسعودية دخلت المنافسة ولديها الآن خطة لتطوير المواطن.. فأين نحن وقد كنا «الرواد» فى العالم العربى؟.. وانتخابات رئاسة اليونيسكو «فيها لعب كتير» والمنظمة أداة فى يد الدول العظمى.. و90% من الإرث الحضارى بالإسكندرية انمحى تماماً.. وأسأل نفسى الآن: لمصلحة من؟ ومن «أقوى» من الدولة؟.. ومسئولو الأحياء أصبحوا أغنى فئة فى مصر الآن.. والشاهد على ذلك «العشوائيات» التى حلت محل كل قصر.. و«أغانى المهرجانات» أطلقوا عليها بالخطأ اسم «فن» والقبح ينتشر فى كل مكان وهل لغضبك هذا علاقة بأنك سكندرى المولد؟ - بالطبع، لقد شهدت تلك المدينة ذكريات طفولتى وشبابى، والآن لا أستطيع السير فيها أو رؤيتها بعدما لحق بها من تدمير بصرى متكامل، خاصة فى المنطقة من محطة الرمل إلى المنتزه، وأتذكر وأنا فى الكلية كنت فى رحلة إلى معبد أبوسمبل وكان معنا 4 سيدات بلجيكيات، فسيدة منهن قالت لى «يجب أن أزور كورنيش الإسكندرية بشكل خاص فمن يأتى إلى مصر ولم يزر الإسكندرية فكأنه لم يزر مصر». وبالفعل نظمت لهذه السيدة رحلة إلى هناك، وكان الاندهاش والإعجاب على وجهها خاصة بإرثنا المعمارى، وللأسف حين أتذكر ذلك وأنا أسير فى الإسكندرية الآن أكتشف أن 90% من هذا الإرث الحضارى انمحى تماماً، والسؤال الآن: نحن ضد من؟ ولماذا؟ ولمصلحة من؟ ومن أقوى من الدولة؟ هل هم رجال الأعمال المستغلون أم رجال الدولة من مسئولى الأحياء الذين أصبحوا أغنى فئة فى مصر الآن، والدليل الشاهد على ذلك أمامنا هو هذه العشوائيات التى حلت محل كل فيلا وقصر تم هدمها، وحل محلها مبنى قبيح يحمل كل سمات القبح. وهناك أحياء مثل «بحرى» من مكتبة الإسكندرية وحتى قلعة قايتباى «وابور المياه» وشارع السلطان حسين المنشية.. كلها مبانٍ كلاسيكية حديثة وتحمل سمات عبقرية، وهناك ولدت وكنت أجلس وأنا طفل انبهر بروعة العمارة، اللافت أنهم تركوا الواجهة وقضوا على كل ما خلفها وحلت محلها عمارات شاهقة، وقديماً كانت مئذنة جامع «المرسى أبوالعباس» هى الأعلى، الآن أصبحت متقزمة أمام العمارات الشاهقة، والأمر لا يتوقف عند مبانٍ يبلغ عمرها مئات السنين، بل يتخطاه إلى آثار يونانية ورومانية، فقد أصبح من المعتاد حين يجد صاحب الأرض شواهد أثرية أن يقوم بـ«التكتيم» على الأمر حتى لا تعرف وزارة الآثار وتمنعه من البناء، وكثير من المبانى ذهبت هباء بتلك الطريقة، لأن الإسكندرية الأصلية تحت الأرض وليست فوقها. والشاهد على كلامى أن الدولة حالياً تعمل على مستقبل كبير ورائع، ولكن هذا لا يعنى إهمال الماضى، من يملك قطعة من الماس لا يترك الذهب. وما الحل من وجهة نظرك؟ - يجب أن نعيد النظر فى القوانين والتشريعات المتعلقة بحماية المبانى ذات الطراز المعمارى المتفرد، فهناك حيلة يقوم بها أصحاب تلك العمائر هى -فى الأصل- حيلة فرعونية، حين كان المصرى القديم يرغب فى فصل قطعة حجر ضخمة لعمل مسلة مثلاً، كان يقوم بوضع قطع خشبية داخل ثقوب حول الحجر ثم يقوم بملء الثقوب بالمياه لتنتفش الأخشاب وتفصل الحجر، والآن تستخدم نفس الحيلة توضع الأخشاب حول المبنى حتى يصبح آيلاً للسقوط وبذلك يخرج من قوائم «التنسيق الحضارى» ويمكن هدمه. ويجب منع هؤلاء من إعادة البناء مرة أخرى، وأن تغلظ العقوبة لهم، وهو ما يرجعنا إلى نقطة تغيير القوانين، خاصة قانون 144 لجهاز التنسيق الحضارى، لأنه غير كافٍ، فحين تم وضع هذا القانون وإنشاء الجهاز وضعنا فى الحسبان ليس فقط العمائر ولكن الطرق والأرصفة والإضاءة فى كل شارع وحتى نوع الأشجار الملائمة لكل منها، حيث اخترنا أنواعاً تناسب جو مصر شديد الحرارة صيفاً، لذا يجب أن تكون الأشجار متلاحمة وأن تحمى المارة من الشمس صيفاً، وتتساقط أوراقها شتاء للسماح بدخول أشعة الشمس للبيوت، كما اخترنا شجر الكافور فى الشوارع المتسعة والنخيل للجيزة، فى محاولة لأن نجعل منها مدينة ذات طابع خاص يختلف عن طابع القاهرة. وفى بعض المناطق اخترنا فيها شجيرات تكون بمثابة سور يمنع المرور بدلاً من استخدام الأسلاك الشائكة والكتل الخرسانية، كل ذلك كان مخططاً له بدقة. وحين أنشأنا الجهاز كانت وزارة الآثار مجرد «مجلس أعلى» يتبع وزارة الثقافة، وكنت كوزير ثقافة أستطيع تطبيق بعض بنود الآثار على المبانى التراثية، وهو ما لم يعد متاحاً الآن، لذلك نحتاج إلى تغيير القانون 144 وجعله جزءاً من قانون حماية الآثار، بحيث يطبق القانون على المبانى التراثية والمبانى الأثرية على السواء. حين يجد أى صاحب «أرض مبانٍ» شواهد أثرية يقوم بـ«التكتيم» على الأمر حتى لا تعلم وزارة الآثار وتمنعه من البناء.. وشعرت بالغضب بعد قرار هدم عمارة «راقودة» التاريخية بالإسكندرية ولو كنت مسئولاً لحولتها إلى عمارة باريسية يتم تأجيرها ولماذا الحل فى قانون الآثار؟ - لأن قانون الآثار صارم، وكنت حين أرى أى محاولة للتعدى على مبنى تراثى أصدر قراراً ملزماً بتسجيله كأثر، وبذلك يسرى عليه قانون حماية الآثار وهو ما نفتقده الآن، فوزارة الآثار تخشى الأعباء الإضافية عليها فى ظل عدم وجود ميزانية كافية لديها، وخشية أن يتم مساءلتها عن ترميم تلك المبانى، ولكن مسئولى الآثار لا يعون أنه مع الزمن يمكنهم إعادة صياغة تلك المناطق طبقاً لما تحويه من مبانٍ، وتكون لدينا مناطق كاملة ذات طراز معمارى متفرد بعيداً عن العشوائية وماذا عن دور الأحياء والمحافظين الذين تركوا الأمر حتى استفحل؟ - لا أعفى أحداً من المسئولية، وأتعجب لماذا لا يكون المحافظ أستاذ تخطيط عمرانى يفهم ما معنى المدينة، فكل مدينة لها مواصفات، أعنى أننا نواجه الإرهاب ونحتاج لعسكريين ورجال أمن، ولكن لماذا لا يكون مديرو الأمن أو نواب المحافظين رجال أمن صارمين فيما يتفرغ المحافظ للتخطيط فقط؟، ويكون ذلك فى كل المحافظات، فالمحافظة هى تاريخ أمة، بمعنى أن ما فيها هو بصمات زمن، ويجب أن يكون هناك تنافس بين المحافظات طبقاً لما تحويه كل محافظة من إرث معمارى ضخم يجب أن نظهر أمام العالم بصورة من يحمى التراث ويحافظ عليه ويبنى للمستقبل. رغم أن منصب الوزير كان بالنسبة لى بمثابة «سجن» حقيقى إلا أننى كنت حريصاً أيام الوزارة على تشجيع الشباب.. واتهمونى بأننى ضالع فى قضايا فساد لكن التحقيقات برأتنى وأكدت أن «حسابى» 1.5 مليون جنيه حصيلة بيع لوحاتى.. وحين كنت فى المنصب كان يقال إن لوحاتى تباع لأننى وزير.. وظلت اللوحات تباع بأسعار كبيرة بعد خروجى من الوزارة لماذا لا يكون الحل فى قانون خاص يغلظ العقوبة بمعرفة جهاز التنسيق الحضارى بدلاً من الوضع الحالى حيث إن مهمته استشارية؟ - يجب أن يحول جهاز التنسيق الحضارى إلى وزارة تتعاون مع وزارة البيئة، بما تضمه الأخيرة من محميات تحتاج لدراسات كاملة يضطلع بها «التنسيق الحضارى» لتطوير تلك المحميات، وعمل تنمية بيئية مستدامة فى المحافظات، فمن المؤذى ما نراه الآن من ارتفاعات للأرصفة وألوان عفى عليها الزمن لم تتغير بالرغم من عدم ملاءمتها البيئية، وتعتبر باباً للفساد، لأن تلك الألوان سرعان ما تتسخ وتحتاج لإعادة الطلاء، وهكذا دواليك كل فترة. فى ظل سيناريو الإهمال الذى نشهده تم تسليم بعض المبانى التراثية لملاكها وبعضها كانت تشغله قطاعات الوزارة وتم هدمها.. كيف كنت تقف فى وجه ذلك؟ - فيلا مكتب وزير الثقافة الشهيرة على نيل الزمالك ليست ملك وزارة الثقافة وهى مملوكة لرجل أعمال عربى، وعقب أن توليت الوزارة طلب هذا الشخص مقابلتى وحدثنى عن نيته هدم الفيلا لبناء أبراج سكنية شاهقة مكانها، على أن يخصص لنا طابقاً كاملاً فى مكان آخر وعقب مغادرته مكتبى طلبت من أمين «المجلس الأعلى للآثار» تسجيل المبنى كأثر، حتى لا نشارك فى محو جزء جديد من ذاكرتنا وتراثنا، وبذلك لا يحق له هدم المبنى حتى لو استرده بالقانون من الوزارة. يجرى العمل حالياً فى مشاريع منها المتحف المصرى الكبير وقصر عائشة فهمى فكيف ترى تلك المشروعات؟ - لقد وضعنا دراسات دقيقة لكل مشروع من هذه المشروعات على حدة، وقامت الشركات بتنفيذها كما كنا نأمل تماماً، وعلى الرغم من خفض النفقات ظل المفهوم الأساسى موجوداً، وآمل أن يضم قصر عائشة فهمى كل فترة معرضاً مهماً، فلماذا لا يكون هناك معرض لفنانى الشرق؟ ويتم تحويل القاعة السفلية إلى معارض للشباب مع عمل ندوات وعروض فنية فى الحديقة مثلاً؟ أما بالنسبة لمشروع المتحف الكبير فأنا لا أرى سبباً لافتتاحه جزئياً فى 2018، فأنا ضد تلك الفكرة تماماً، لأنه بمثابة قوة ضاربة مهولة للسياحة المصرية، وسيكون افتتاحه كاملاً أكبر دعاية للسياحة المصرية، لذا أرجو من الرئيس «السيسى» أن يعيد النظر فى افتتاح المتحف جزئياً حتى لا نكرر خطأ افتتاح متحف الحضارة الذى افتتح فى السر، بالرغم من كونه متحفاً عظيماً، وقد سئلت من المسئولين فى الإمارات حين كنت أحضر افتتاح متحف لوفر أبوظبى عن «متحف الحضارة» وهل حقاً افتتحناه؟ فكان ردى بالإيجاب، وهو ما أثار تعجب الحضور الذين استهجنوا أن يفتتح متحف صمم ليحوى حضارة 8 آلاف سنة من عصور ما قبل التاريخ وحتى العصر الحديث بتلك الطريقة السرية، وبهذا الشكل غير المعلن عنه، فيما افتتح متحف اللوفر أبوظبى، الذى يحوى 600 قطعة فقط فى احتفالات لا مثيل لها، إن مصر عظيمة وحضارتها أعظم لا تستحق منا ذلك. وهل زرت معرض الحرف فى متحف الحضارة؟ - لا لم أزره، وآخر عهدى به حين تركت الوزارة عام 2011، حين سلمت مبانيه مكتملة، وكان ما ينقصه هو سيناريو العرض المتحفى فقط. دافع مسئولو وزارة الآثار عن فكرة الافتتاح الجزئى للمتحف بعدم وجود تمويل.. فما رأيك؟ - هذا يمكن أن يسمى مولوداً يعانى من الابتسار، وكأنه طفل بلا أيدٍ أو أرجل، ليست تلك حضارة مصر المكونة من 30 أسرة، أين الأسر الأولى؟ أين الرعامسة؟ أين الدولة القديمة؟ أين تحتمس وحتشبسوت وكل هؤلاء الملوك العظام؟ إن «توت عنخ آمون» الشهير فى العالم أجمع مجرد ملك من ملوك الأسرة الـ18 بين 30 أسرة. ويجب حين نقرر افتتاح مشروع عملاق بهذا الحجم أن يكون الافتتاح بـ«فهم» وليس بعدم فهم، أما مسألة التمويل فهى تحتاج فقط إلى اتصالات مكثفة بالمجموعة الأوروبية، وتأكدوا أنهم سيمولون هذا المشروع الضخم فوراً، وطالما أن الرئيس عبدالفتاح السيسى يوليه الاهتمام الدائم فما المانع أن نؤجل الافتتاح سنتين لحين الانتهاء من المتحف كاملاً؟ وأؤكد أنه سيفتتح فى أقل من عامين، وسيكون إضافة لا تقل عن المشروعات الحالية من طرق ومدن، كما سيكون بمثابة مشروع عظيم بكل المقاييس. طلقت السياسة بـ«التلاتة» وأصبحت متفرغاً لفنى فقط.. وصلتى بالأسرة الحاكمة فى قطر انقطعت منذ «اعتصام رابعة» وهل بلغت رسالتك تلك للمشرف العام على المتحف المصرى الكبير يوم زيارته؟ - بالفعل قلت له ذلك، والحقيقة أننى وجدت العمل فى المشروع يجرى على قدم وساق، المعامل بكامل طاقتها كما تركناها بل وأكثر، كما تم زيادة مساحة المتحف بضم الأرض التى كنت أرغب فى ضمها، وأرجو ألا نرتكب أخطاء، وأن نعيد النظر وأن نقوم باتخاذ قرارات صحيحة، وفى حالتنا تلك فإن القرارات الصحيحة هى اكتمال بناء المتحف، وانتظار أن يتم الافتتاح بعد أن يكتمل المشروع نهائياً كما قلت. هناك شكوى دائمة من عدم وجود مصادر لتمويل المشروعات الثقافية والأثرية فى ظل الوضع الاقتصادى الحالى كيف كنت تواجه ذلك؟ - لم أكن أعتد بميزانية الدولة، فهى «ضئيلة جداً» بالنسبة لمصروفات الوزارة، وأنا خلقت ميزانية للوزارة، من خلال توفير ميزانيتها من أنشطتها الخاصة، وكنا لا نهتم أو نعتمد اعتماداً كبيراً على الدولة. لم أكن أخشى الاستعانة بالأقوياء.. وكل من استعنت بهم فى المناصب القيادية أصبحوا «وزراء ثقافة» بعد أن غادرت منصبى.. وكنا نعمل بمبدأ «الوطن باقٍ ونحن زائلون».. وأتواصل مع الرئيس «مبارك» من حين لآخر.. وأرى أنه أصاب أكثر مما أخطأ لكنه مقتنع بما فعله ويشعر بـ«اكتفاء ذاتى».. والسيدة «سوزان» قدمت الكثير للثقافة والمرأة والطفل كيف ترى المشهد الثقافى حالياً وهى فترة تشبه تلك التى مررتم بها فى التسعينات ونجحتم وقتها فى القضاء على الإرهاب؟ - أعتقد أن الثقافة هى المادة الرئيسية للإعلام، لذا يجب أن تعد وزارة الثقافة برامج خصيصاً للتليفزيون، أما خارج التليفزيون وعلى الوزارة أن تتبنى على وجه السرعة عمل تطبيق إلكترونى على الهواتف المحمولة يحوى كل أنشطة الوزارة وإصداراتها من كتب ودواوين ومسرحيات وندوات ومعارض فنون تشكيلية وأنشطة للطفل ومترجمات وحفلات وغيرها، ففى جيب كل منا أكثر من هاتف محمول، ومعنى ذلك أن الثقافة أفكار قبل أن تكون تمويلاً مالياً. لكن الملكية الفكرية للكتاب والملحنين والمؤلفين هى ما يعيق مثل هذا التطبيق.. كيف نتغلب على تلك العقبة؟ - هذا فى معظمه إنتاج وزارة الثقافة، وحين منح لوزارة الثقافة أصبح ملكاً للدولة، ومن حقها التعامل معه كما يحلو لها لخدمة المجتمع المصرى. وهل يستطيع تطبيق على الهاتف المحمول مواجهة فكر «داعشى» متطرف رسخ فى عقول مئات الشباب؟ - من ترسخ لديهم مثل تلك الأفكار أصبح من الصعب انتزاعها، ولدى كل منهم «المفتى الخاص» به والخطيب الخاص به، وهؤلاء يعرفون مداخل كل شاب، وكل شاب يذهب للمنطقة التى تستفز لديه النزعات الدينية، وهؤلاء يقرأون القرآن الكريم دون أن يعوا معانيه، وهو ما أراه يومياً وأتحدى أياً من هؤلاء ممن يقرأون القرآن بصوت مرتفع أن يفسر لى ما يقرأه، فالعقيدة تترسخ داخل كل واحد منا، فمثل هؤلاء كيف ستؤثر فيهم وزارة ثقافة بقصر ثقافة ثابت هنا أو هناك؟ إن قصر الثقافة لا يجذب الشباب مثل الخطيب فى الزاوية ولمواجهة مثل تلك الأفكار الراسخة لدى هؤلاء الشباب نحتاج إلى تعاون وثيق بين وزارات «الثقافة والتنمية والشباب والأوقاف»، وقبل كل هذا بل وعلى رأسهم وزارة التعليم، فى منظومة ثقافية واحدة لمواجهة الإرهاب، بأن نعيد للمدارس فرق الكشافة والمسرح والفنون التشكيلية. تتحدث عن عودة أنشطة كانت موجودة فهل تشعر أننا نتراجع إلى الوراء؟ - بالطبع، وهل هذا يحتاج إلى وقفة تأمل، لقد وقع فى يدى كتاب صادر عن وزارة المعارف العمومية سنة 1937 باسم الوزير على زكى العرابى، يحوى خطة الوزارة فى المدارس للعام 1937 - 1938، يوجه فيه الوزير المدارس للخطة التى تحوى فى السنين الإلزامية الأولى 3 حصص للرسم أسبوعياً، وحصة واحدة للأخلاق وحصة للتربية الوطنية، بدءاً من الصف الثالث، وحصة لمبادئ العلوم والصحة. والسؤال هو: أين نحن من هذا الذى كان يطبق فى ثلاثينات القرن الماضى؟ الواقع أنه حينما اختفت كل تلك الأنشطة حين كنت وزيراً للثقافة، كنت حريصاً على عمل أنشطة ثقافية للتوعية بأهمية التراث والتاريخ والآثار وكيف نحافظ عليها، إن كل ما نأمل فيه هو التفوق وهو لا يتأتى ألا بقناعة تامة بأن المستقبل أفضل، فكل ما يقدم حاليا لا يحوى تلك النظرة التحفيزية التى تعطينا الأمل فى الغد، أنا كفنان أحتاج إلى الحافز، والكاتب يحتاج الحافز أيضاً، والطالب كذلك، قديماً كان هناك كم كبير من المثقفين والكتاب والشعراء والملحنين، أين اختفت تلك القامات الكبيرة من مصر؟ لماذا تراجعنا وتركنا الساحة للتطرف؟ الآن أصبح لدى دبى أكبر مبنى للأوبرا والسعودية دخلت إلى ميدان التنافس، وأصبح لديها خطة لتطوير المواطن، وهو الهدف والأمل، فأين نحن من كل ذلك ونحن كنا الرواد فى العالم العربى؟! وأزيدك من الشعر بيتاً كما يقولون، لقد أصبحت كبرى قاعات المزادات مثل «كريستى» «وسوزبى» تتنافس فيما بينها لفتح أسواق جديدة لها فى الإمارات والسعودية، ولقد تحولت تلك الدول إلى سوق للفن فى منطقة الشرق الأوسط، وأنا نفسى أقمت عدة معارض فى الإمارات والسعودية وكان هناك إقبال لم أكن أتوقعه من الشباب الذين لم يحرصوا على الزيارة فقط بل واقتناء اللوحات أيضاً، ما أريد قوله إننا تركنا أبناءنا سنين طويلة حتى تشبعوا بالسلوكيات السلبية والألفاظ الخارجة وأصبح تقويمهم من الصعوبة بمكان فيما وضعت دول الخليج صناعة النشء على قمة أولوياتها الوطنية. هل أسهم الفن الهابط فى الوصول إلى هذه الحالة المتردية؟ - بالتأكيد، انظرى إلى ما يُعرض فى التليفزيون حالياً تحت مسمى «الواقعية»، إذا كانت تلك هى الواقعية فماذا تطلقون على ما كان يقدمه صلاح أبوسيف وكمال الشيخ، إن صناع السينما والإعلام يتحججون بأن هذا ما هو موجود فى الشارع المصرى الآن، ولهؤلاء أقول: إن الواقعية ليست أن تقدموا ما بالشارع بل أن تصلحوا ما فيه، حتى لا تعاد الكرة ونصبح داخل دائرة مفرغة من الألفاظ غير اللائقة على لسان الممثلين بدعوى أنها «فن». وهل استمعت لأى من الأغانى المنتشرة حالياً، التى يطلق عليها «أغانى المهرجانات»؟ - مرة واحدة قام أحد الأشخاص بتشغيل أغنية من أغانى المهرجانات تلك لأسمعها، والحقيقة أننى لم أجد ما أعلق به على هذا الذى أطلقوا عليه خطأ اسم «فن»، ولكن للأسف فإن القبح ينتشر فى كل مكان. لو كنت وزيراً للثقافة الآن ما القرار الذى كنت ستتخذه فوراً تجاه محاربة هذا القبح؟ - على الرغم من أن منصب الوزير كان بالنسبة لى بمثابة «سجن» بمعنى الكلمة، فإننى كنت حريصاً أيام الوزارة على تشجيع الشباب وتشجيع الفن الجميل، لقد منحنا الشباب مراكز الإبداع فى «القاهرة التاريخية» ومنها بيوت الست وسيلة وزينب خاتون وغيرها، وكنا نحاول احتواء الشباب وتفريغ طاقاتهم الإبداعية فى ما هو مفيد وجميل. وما المواصفات التى يجب أن تكون فى وزير الثقافة أو الآثار من وجهة نظرك؟ - أن يكون خادماً للثقافة وليس وزيراً، وأحد حماة الإرث الثقافى، ولا بد أن يكون لديه خيال خصب لا ينضب، وفكر إدارى لا يخشى الأقوياء، بل يستعين بهم فى المناصب القيادية بالوزارة وهو ما كنت أطبقه، فالواقع أن كل من استعنت بهم فى المناصب القيادية أصبحوا وزراء للثقافة بعد أن غادرت منصبى، وإن كان بعضهم تميزوا فقط فى المواقع التى وضعتهم فيها وفشلوا كوزراء، كنت وما زالت أؤمن بالتخصص لذا كنت أرفض أن توكل لى وزارات أخرى مثل «الإعلام والسياحة»، وكنت على ثقة أن ذلك سيقلل من نجاحى، لذا حين توليت وزارة الإعلام قلت لزكريا عزمى بلغ الرئيس «مبارك» أن ذلك سيكون لفترة محددة، ولحين عودة الرئيس من ألمانيا، ولم أذهب لوزارة الإعلام بل أدرتها من مكتبى فى وزارة الثقافة، وكنت أرى أن هناك من هم أقدر منى فى ذلك الوقت يصلحون لتولى مهمة وزارة الإعلام، وذكرتهم بالاسم، الخلاصة نحتاج إلى التروى فى اختيار الشخصيات المسئولة عن الإبداع فى مصر. وهل لا بد بالضرورة أن يتولى وزارة «الآثار» أثرى؟ - أنا لم أكن أثرياً، وأعتقد أنى نجحت فى إدارة ملف الآثار وقتها، صحيح أنى درست الآثار فى متحف «اللوفر» الفرنسى لمدة 4 سنوات، وأنا أصلاً خريج كلية «فنون جميلة»، وأعتقد أننى بالتقادم أصبحت أثرياً، فالآثار من تماثيل إلى جداريات إلى معابد هى فى النهاية فن، والمهم ليس الدراسة ولكن المهم هو الإدارة، والآثار علم وإدارة معاً، ويمكن أن يكون الوزراء علماء لكنهم يفشلون فى الإدارة، والعكس صحيح أيضاً. وأعتقد أنه يجب أن يعى مسئول كبير مثل وزير الآثار دوره بالضبط، وأن يستعين بقائد إدارى أثرى وأن يتم إعطاء سلطات الوزير للأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، ومن ثم التفرغ للخيال وإتمام المسائل الكبيرة، فمثلاً حين قررت أن أقيم متحفاً يحتوى على كل عصور الحضارة المصرية، كان مقرراً أن يقام على الأرض المقامة عليها دار الأوبرا الحالية، وبالفعل خططنا لذلك وبعدها دعانى وزير الداخلية على الغداء بمنطقة الفسطاط، ولأنى سكندرى لم أكن على دراية بتلك المنطقة، وحين وصلت هناك وجدت أرضاً فضاء غاية فى الروعة محاطة بالمخلفات، وبجوارها بحيرة «عين الصيرة» تطل على مشهد خلاب لقلعة صلاح الدين، وقتها قررت إقامة متحف الحضارة فى تلك المنطقة، وسألت عن ملاك الأرض فعرفت أنها أرض حكومية أصلاً، فخاطبت مجلس الوزراء وطلبت 26 فداناً لإقامة المتحف، وتمت الموافقة وتعديل الرسومات وبدأ الحلم يتحقق خلال أيام. كيف ترى حال المهرجانات حالياً؟ - لكل وزير ثقافة رؤيته الخاصة، ولكنى أتعجب من مطالب البعض بإلغاء المهرجانات توفيراً للنفقات أو بحجة أننا لا نحتاجها وأنها عفى عليها الزمن، وأن نكتفى بالأنشطة الموجهة للشباب فقط، إن مصر تحتاج إلى كل الأنشطة، وليس معنى أن شخصاً أصابه «الصداع» مثلاً أن نقطع رأسه بدلاً من علاجه، إن هذا موت، ونحن نحتاج إلى كل نور جديد بدلاً من إطفاء نور مشتعل بالفعل، ونحن نتعامل مع بشر وليس جماد، وداخل كل شاب طاقة إذا لم يجد ما يستغله فيها سيتجه إلى التطرف، ومن ثم تنقلب هذه الطاقة إلى عنف وتشدد. طالتكم العديد من الشائعات.. ما أكثر شائعة أضرتك؟ - لقد كنا نعمل لمصلحة الوطن وليس لصالح الأشخاص، ولقد كنت على إيمان بأن الوطن باق، ونحن زائلون، وبالرغم من ذلك كله كيلت لنا اتهامات بالفساد، وهو أكثر ما أثر فى نفسى، وبعد عشرات التحقيقات ثبتت براءتنا، ولم يجدوا لدىّ سوى مليون ونصف المليون جنيه من عملى الفنى، حتى إن صديقتى العزيزة الصحفية نعم الباز قالت لى «كسفتنا بالمليون ونص التى تملكها». هل تتواصل مع الرئيس الأسبق حسنى مبارك وزوجته وأبنائه حالياً؟ - نعم أتواصل مع الرئيس مبارك وأسرته من حين إلى آخر، وأسأل دائماً عما إذا كانوا بصحة جيدة، إن مبارك فعل ما فعله، وقام بما قام به، وأصاب أكثر مما أخطأ ولكنه مقتنع بما فعله، ويشعر باكتفاء ذاتى، وكل واحد فينا يشعر أيضاً بالاكتفاء الذاتى. أما السيدة سوزان مبارك فقد تواصلت معها وقمت بالاتصال بها أكثر من مرة، ولا أريد أن أقتحم حياتها، وأنا فى الحقيقة أرى أنها سيدة فاضلة قدمت الكثير جداً مما يصعب حصره، وهناك كتاب عما قدمته وزارة الثقافة فى 4 سنوات بين عامى 98 و2002 وما قدمناه نحن أيضاً، وما قدمته حقاً هو عشرات المشروعات الأثرية والثقافية، هذا بخلاف ما قدمته للمرأة والطفل. لماذا إذن يجرى الهجوم عليها وعلى المشروعات الثقافية التى تبنتها رغم أنها قدمت الكثير كما تقول؟ - أهم ما قدمته السيدة سوزان مبارك كان مشروع «القراءة للجميع»، ويحوى فلسفة جميلة بالإضافة إلى مكتبة الأسرة فهى كانت القائدة لهذا المشروع، وقدمت لنا التمويل اللازم، وأحضرت لنا مبالغ كبيرة حتى نرتقى بمستوى الكتب التى تستحق أن تكون موجودة، وهى كتب عظيمة وأمهات كتب وموسوعات تاريخية وثقافية، كما قدمنا أشياء كثيرة مثل المركز القومى للترجمة وترجمنا 6 آلاف كتاب من 30 لغة، وهناك أعمال كثيرة «واللى يدور هيلاقى». مرت العام الماضى 10 سنوات على حريق قصر ثقافة بنى سويف، هل ترى أنه عمل إرهابى كما قال وزير الثقافة الحالى حلمى النمنم؟ - الحادث كان عفوياً تماماً، وإلا لماذا قدمت استقالتى إذا كان حادثاً إرهابياً، وأنا أدنت من ماتوا من نقاد ومسرحيين قبل أن أدين المسئولين فى القاهرة، فقد كان ينبغى على من حضروا العرض أن يوقفوا العرض فور اكتشافهم وجود 120 شمعة فى غرفة صغيرة قابلة للاشتعال، والقول إن العمل إرهابى نوع من أنواع السياسية، والسياسة أغلبها قدح، وأنا أعلم أنى كنت سأهاجم فى كل الحالات إن أجدت أو أخفقت، لذا قررت أن أباشر عملى، وما يبقى هو العمل فقط. لماذا لم تتوسع فى عمل دور أوبرا فى الأقاليم؟ - إذا كانت الدولة التى اخترعت هذا الفن لا تُنشئ إلا دار أوبرا واحدة فى العاصمة، فالأوبرا لها شروط، وليس كل أوبرا مسرح نطلق عليها أوبرا، هذا فن وله شروط، وأعرف أن من حق الأقاليم أن تشهد كل أنواع الفنون، ولكن لكل منطقة سماتها، وما يتماشى مع عاداتها وتقاليدها. ما إن تُذكر قصور الثقافة حتى تتهم بأنك قمت بفتح الباب لتعيين من لا يحملون أى شهادات، وأن بعض قصور الثقافة هى فى الأصل «دورات مياه عمومية»، تم تحويلها لقصور ثقافة ما ردك؟ - هذا كذب وافتراء، وعلى من يقول ذلك أن يطلع على كتيب إنجازات الوزارة فى قصور الثقافة الذى تم إصداره لرصد ما أنشأنا خلال أربع سنوات فقط، فى كل القرى والنجوع والمدن من إسكندرية لمرسى مطروح لسيناء لقنا وأسوان، وقد أنشأت 150 مكتبة فى القرى والنجوع، وكنت أضع خطة سنوية لعمل 15 مكتبة سنوياً، منها مكتبة سوهاج الهرمية، مكتبة الإسماعيلية الضخمة، أما ما يقال عن مكتبات دورات المياه فهى مكتبات قديمة ولم تنشئها وزارة الثقافة ولم نرغب فى إغلاقها، وأقمنا إلى جوارها المزيد لتكون طاقة نور جديدة، وكنا نعين من فيها من المناطق المحيطة بقصر الثقافة، ولم أخضع يوماً لأعضاء مجلس الشعب، وأعين من لا يحملون شهادات كما يقال «مش أنا اللى أعمل كده». وما رأيك فى الانتقادات التى وجهها وزراء الآثار للتوسع فى افتتاح المتاحف فى الأقاليم واعتبروها «تركة ثقيلة»؟ - المتحف حماية للآثار وجامعة للمنطقة والإقليم الذى ينشأ فيه، وحينما تسلمت منصب وزير الثقافة كان لى خطة وضعتها منذ طُلب منى أن أتولى المجلس الأعلى للثقافة وأنا شاب. لماذا يُهاجم فاروق حسنى؟ - لا أدرى، وأنا عن نفسى عمرى ما هاجمت وزيراً سابقاً وهذا من الشرف والأمانة لأنى أعمل دون النظر خلفى، من ينظر خلفه يسقط على وجهه، وأنا كنت حريصاً على ألا «أسقط». لا يمكن أن نكون مع فاروق حسنى دون أن نسأله، ما الخبرات التى استخلصتها من معركة «اليونيسكو» التى خضتها؟ - اقتنعت تماماً أن اليونيسكو أداة سياسية فى يد الدول العظمى، وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية، فيجب أن ننساها وننسى منصب مدير اليونيسكو، وفى رأيى أصبح منصباً ليس ذا قيمة، لأن المؤسسة الدولية لا تملك أموالاً لتمويل المشروعات، وكل ما يملكونه الخبراء من جنسيات مختلفة وفى تخصصات مختلفة، وكنت أطلب منهم المساعدة فى بعض الأمور، واستطعنا وضع أسس حقيقية للترميم، وكلنا نذكر «هيصة طلاء قلعة صلاح الدين الأيوبى» وأبوالهول، كل ذلك كان جريمة شنعاء، وكل ذلك تم تصحيحه. لو لم تطرح فرنسا مرشحها فى الدقائق الأخيرة قبل غلق باب الترشح لـ«اليونيسكو» هل تعتقد أن حظوظ مصر كانت ستكون أفضل؟ - الانتخابات فيها «لعب كثير» ولا يمكن توقع نتائجها، والدليل أننى كنت حاصلاً على 22 صوتاً، والبلغارية التى أصبحت رئيسة فيما بعد كانت حاصلة على 6 أصوات، واستمر الوضع حتى المراحل الأخيرة حتى تدخلت الولايات المتحدة الأمريكية فى اللحظات الأخيرة وانقلبت الآية، وهذه الانتخابات «كلام صورى». وكيف نستطيع إدارة أزمة القدس ثقافياً؟ - ما يحدث الآن سياسياً هو محاولات حميدة، ولا يمكن الآن الدخول فى حرب، كما لا يمكن لإسرائيل أيضاً خوض معارك، فالرابح مثله مثل الخاسر سيخسر الكثير، لا الولايات المتحدة يمكنها القيام بحرب على روسيا أو الصين، الأسلحة تطورت، ومن معه بـ100 مليون دولار أسلحة مثل من معه 70 مليون دولار، الأمر أبعد من ذلك وسياسى أكثر، ويحتاج إلى تفكير أكثر، الخلاف غير دائم والوفاق غير دائم. يحوى مكتبك عشرات الأعمال واللوحات لكبار فنانى مصر والعالم ومنحوتات مهمة ألم تفكر فى تحويل المكان إلى متحف؟ - بدأنا بالفعل خطوات تحويل المكان لمتحف سيطلق عليه متحف «فاروق حسنى»، كما سننشئ مؤسسة ثقافية فنية سنطلق عليها نفس الاسم، تقدم أنشطة ثقافية وفنية ومنحاً لشباب الفنانين، وسيكون المتحف مفتوحاً للجميع وسيحوى أعمالى وأعمالاً نادرة لمحمود سعيد، وراغب عياد وأحمد عثمان، ومنحوتات لآدم حنين، بخلاف عشرات الأسماء العالمية. حدثنا عن معرضك الفنى المرتقب؟ - فى فبراير المقبل سيكون معرضى فى إحدى قاعات التجمع الخامس، وسيكون مفاجأة تحوى خلاصة زمن، بما فيه، حيث يحوى نحو 55 عملاً. هل ما زلت على صلة شخصية مع الأسرة الحاكمة فى قطر؟ - لا، لقد انقطعت العلاقة تماماً منذ فض «اعتصام رابعة العدوية». إذا ما عُرض عليك منصب فى الحكومة الحالية هل تقبل؟ - طلقت السياسة بالتلاتة، وأنا الآن متفرغ لفنى فقط، فبعد 30 عاماً أستطيع القول إن ما اكتسبته من منصبى هو الجماهيرية، ولقد كنت معروفاً من قبل ولكن ذلك كان على مستوى النخبة، وحين كنت فى المنصب كان يقال إن لوحاتى تباع لأنى وزير، وظلت لوحاتى تباع بأسعار كبيرة بعد خروجى من الوزارة، الخلاصة أن الوزارة أخذت منى أكثر مما أعطتنى، والنكران أكثر ما يحزننى. ...قراءة المزيد

الكلمات المفتاحية المذكورة في المقال:

الوطن

2018-06-27

فرق شاسع بين شواطئ الإسكندرية فى ذاكرة السينما وفى واقعنا الحالى، فالطبيعة الساحرة والشواطئ الأنيقة التى كانت مقصداً للأجانب من مختلف الجنسيات، باتت مرتعاً للرحلات الشعبية وتشهد اعتداءات بشرية مستمرة، الأمر الذى تداركه المسئولون مؤخراً. وطالب على المانسترلى، رئيس غرفة شركات السياحة بالإسكندرية، بضرورة إنشاء شواطئ خاصة للأجانب، لتنشيط سياحة الإسكندرية. تمتاز مدينة الإسكندرية بطبيعتها البحرية الساحرة وموقعها على حوض البحر المتوسط، الذى أضفى على شواطئها السمة العالمية منذ قديم الأزل، يشهد على ذلك كتابات الروائيين القدامى مثل لورانس داريل، واصفاً جمال شواطئها ومياهها الزرقاء، بحسب سوزان عمر، عضو اللجنة الثقافية فى نقابة المرشدين السياحيين بالإسكندرية. دعوات لإنشاء مصايف خاصة للأجانب لتنشيط السياحة فى المدينة على مدار القرنين التاسع عشر والعشرين، كان العديد من شواطئ الإسكندرية مملوكة للمحافظة (البلدية)، والبعض الآخر للأجانب، لذا حمل الكثير منها أسماء أوروبية، وفقاً لـ«سوزان»، مثل شاطئ «ستانلى»، نسبة إلى أحد الأجانب المقيمين فى المدينة، شاطئ «جليم» و«نابولى» نسبة إلى مواطن سكندرى يونانى «جليمونابولى» كان يشغل منصب نائب القنصل اليونانى بالإسكندرية، شاطئ «كامب شيزار»، نسبة إلى وجود معسكر رومانى. كما حملت بعض الشواطئ أسماء عربية منها شاطئ «رشدى»، نسبة إلى حسين باشا رشدى، رئيس وزراء مصر الأسبق، وشاطئ «المنتزه»، الذى يُعتبر من أكثر شواطئ المدينة ثراء وفخامة نتيجة لوقوعه قرب القصور الملكية. «سوزان» أضافت أن الإسكندرية بدأت تستعيد مكانتها باعتبارها عاصمة للسياحة العربية ومركزاً للإشعاع الحضارى، وفوزها باستضافة مؤتمر المجلس القومى للمتاحف عام ٢٠٢٢، يستدعى إنشاء عدد من الفنادق العالمية على شواطئها، وسيتم تطوير مطار برج العرب لتسيير عدد منتظم من الرحلات بين مصر واليونان أسبوعياً. بهيرة خيرالله، من أبناء الإسكندرية، تحكى عن مشاهداتها لمحافظتها فى فترة الستينات: «إسكندرية كان فيها جاليات كتيرة من اليونان وإيطاليا، بخلاف اليهود المصريين، وكان ليهم نشاط تجارى كبير، يتمثل فى محلات داوود عدس، وبنزيون وشالون فير وغيرها، ومعظم الشواطئ كانت أسماؤها أجنبية زى جليم، سان ستيفانو، ميامى وكامب شيزار». تأسف «بهيرة» على حال شواطئ الإسكندرية فى الفترة الأخيرة: «زمان كانت عريضة، تكفى أعداداً كبيرة من الناس، على عكس الآن، البحر طغى على الرمال، وده ظاهر بقوة فى شواطئ سيدى بشر وميامى والمندرة، وبالتالى بتكون مكدسة بالبشر فى شهور الصيف». ...قراءة المزيد

الكلمات المفتاحية المذكورة في المقال:

الوطن

2023-01-01

قال الكاتب الكبير إبراهيم عبد المجيد، إن كتابة الثلاثية ليست قرارا من الكاتب في كل الأحوال، لكن موضوع وروح وشخصيات الرواية، هي التي تصنعها، مشيرا إلى ثلاثية الشهيرة عن مدينة الإسكندرية التي يعشقها، موضحا أن تأثر بأديب نوبل نجيب محفوظ في وقت مبكر جدا، إذ بدأ قراءته وهو في الثالثة عشر من عمره، وأحب بسببه فن الرواية، فذهب إليها أو أخذته. وأضاف «عبد المجيد» في حوار لـ«الوطن»، أنه ممن يؤمنون بوحدة الفنون، وشعرية القصة والرواية تأتي من الإيجاز، والصورة للمكان والزمان والمشاعر، وتعدد لغات الشخصيات، وليس مجرد الحكي المباشر.  - لماذ ثلاثية عن الإسكندرية.. البعض يرى أنك ذهبت لكتابتها تحريضا من نجيب محفوظ ومن قبله لورانس داريل صاحب الرباعية الشهيرة؟ الثلاثيات موجودة في العالم من قبل نجيب محفوظ، ومن قبل رباعية لورانس داريل، الذي يجعل الرواية ثلاثية هو موضوعها، ومكانها وزمانها، بالنسبة لي، لم أكن في البداية أفكر أن أكتب ثلاثية، لكن بعد أن انتهيت من «لا أحد ينام في الاسكندرية»، أدركت أني أكتب عن فترة كانت فيها الإسكندرية مدينة العالم، أثناء الحرب العالمية الثانية، وسألت نفسي ماذا جرى للمدينة؟ فجاء الجزء الثاني «طيور العنبر»، عن خروج الجاليات الأجنبية أو إخراجهم بعد العدوان الثلاثي عام 1956. والسياسة الاقتصادية بعد ذلك، التي مهدت للتأميم تحت عنوان «التمصير»، حيث صارت الدولة المصرية تشتري أكثر من خمسين بالمائة من أسهم الشركات في البورصة، ليكون لها الحق في التصرف، وهي سياسة بدأت عام 1957، وهذا يعني خروج الكثير من أصحاب الأعمال من الجاليات الأجنبية، وحين حدث التأميم عام 1961، كان من بقي قليلين، صارت المدينة مصرية لكن فقدت روحها العالمي. ثم سألت نفسي، هل ظلت المدينة مصرية؟ وطبعا معروف أنها صارت وهابية سلفية بداية من زمن السادات فجاء الجزء الثالث «الإسكندرية في غيمة»، صارت ثلاثية عن المدينة في ثلاث نقط تحول كبرى في تاريخها، ومنذ عامين، نشرت ثلاثية جديدة هي «الهروب من الذاكرة»، أحداثها في القاهرة والصحراء الغربية، وطريق الهروب من مصر عبرها إلى إسبانيا مرورا بليبيا، وتونس والجزائر والمغرب. لكنها ليست عن مدينة، الذي جعلها ثلاثية هو مصائر شخصياتها بعد خروجهم من السجون، من بقي في القاهرة ومن غادر البلاد، هي ثلاثية عن الزمن، وليس عن المكان، فالثلاثية ليست قرارا من الكاتب في كل الأحوال، لكنه موضوع وروح وشخصيات الرواية هي التي تصنعها. - إلى أي مدى ترى تماثل في تجربتك الإبداعية وتجربة نجيب محفوظ.. وهل الصدفة وحدها التي لعبت دور في أن كلاكما يكون خريج  دارس فلسفة وكلاكما كتب ثلاثية وكلاكما كتب قصة تحت عنوان واحد «تحت المظلة»؟ طبعا الصدفة هي التي جعلتني من مواليد برج القوس مثله، لكن دخولي قسم الفلسفة كان بتأثير من قراءاتي له، وقراءاتي عن تاريخ المذاهب الأدبية، أدركت من قراءاتي الأفق الفلسفي للروايات، فقررت أن التحق بقسم الفسلفة، لأعرف قضايا الوجود التي قرأت فيها كثيرا، لكن أن تدرسها وتتناقش فيها مع أساتذة في الكلية أمر جميل، تأثري بنجيب محفوظ مبكر جدا، فلقد بدأت قراءته وأنا في الثالثة عشر من عمري، وأحببت بسببه فن الرواية، فذهبت إليها أو أخذتني. أما «تحت المظلة 2000»، وهو عنوان قصتي القصيرة، فلقد كانت حلما رأيته وقمت من النوم كتبته قبل أن أنساه، ولأنه كان غامضا وسيرياليا أشبه بالكابوس، أسميتها «تحت المظلة 2000»، في إشارة مني إلى قصة «تحت المظلة» لنجيب محفوظ، التي كنت قرأتها قبل هذا الحلم بثلاثين سنة، لكنها استيقظت معه وأنا اكتبه، هو الحلم الذي ذكرني بقصته العجيبة. من يطالع أعمالك الإبداعية يلحظ أن الشعرية تطغى عليها.. هل يرجع هذا لتسريب أشواقك للشعر عبر الرواية؟ أنا قارئ للشعر أكثر من الرواية، كذلك كنت يوما قارئا للمسرح أكثر من الرواية، ومشاهد للسينما أكثر من الرواية، وحياتي مع الموسيقى وسماعها أكثر من كل شيء، أنا ممن يؤمنون بوحدة الفنون، وشعرية القصة والرواية تأتي من الإيجاز والصورة للمكان والزمان والمشاعر، وتعدد لغات الشخصيات، وليس مجرد الحكي المباشر. هذا فهمي للشعر في القصة، ومحاولتي أن يكون مرشدي في الكتابة، فبالليل مثلا على الشاطئ وحيدا، تتأمل أو تتذكر تأتي العبارات طويلة، بينما لو كنت تركب قطارا، تأتي الجمل قصيرة مع سرعة القطار، وفي الأحلام تتداخل الصور والأحداث، بينما في الحقيقة تختلف وهكذا، هذا فهمي للشعرية في الرواية، وليس كما يفهم البعض أنها محسنات لغوية. - في مسيرتك لم تكتفِ فقط بالكتابة للرواية والقصة.. بل ذهبت إلى الكتابة الصحفية والنقدية.. هل يرجع ذلك لسد فجوة ما في ساحة النقد سواء فني أو أدبي؟  لا.. ليس لسد فجوة في النقد، النقاد موجودون دائما، على العكس أنا لا أحب أن أزاحمهم، لكن المسالة ببساطة أني في بداية حياتي الأدبية، وجدت أن القصص وحدها لا تأتيك كل يوم، ولا كل أسبوع ولا حتى كل شهر، فوجدت الكتابة عن الكتب التي اقرأها، أو حوارات كنت أقوم بها مع كتاب سبقوني في الحياة، مصدرا للدخل أسرع، أستطيع به الابتعاد عن العمل الوظيفي المنظم واتفرغ للكتابة. هذا من ناحية، من ناحية أخرى، أنا من الجيل أو الأجيال التي ترى أن المبدع ليس منفصلا عما حوله في المجتمع، من أحداث وقضايا سياسية، لذلك كتبت تقريبا في كل شيء عن حياتنا المصرية. - ماذا عن دور الترجمة في مشوارك الإبداعي؟ الترجمة فتحت لي أبواب السفر في العالم، وزيارة لما كنت أحلم به من بلاد، وأتاحت لي مقابلة شخصيات مهمة من المفكرين أو من القراء البعيدين. - ثمة جملة للكاتب الراحل يحيى حقي يشير فيها إلى ضرورة تعلم الكتاب لغة ثانية ويتعجب من فقدان أغلب المصريين القراءة للأعمال بلغتها الأصلية.. كيف ترى ذلك؟ يحيى حقي ابن الفترة الليبرالية، التي كان الطالب ينتهي فيها من دراسته الابتدائية، فيكون قرأ الفلسفة بالإنجليزية، ويتعلم في المرحلة الثانوية -لم تكن هناك مرحلة إعدادية- لغة أخرى كالفرنسية وحوله الجاليات الأجنبية، يتعلم منها في الحياة أكثر من لغة، للأسف التعليم في مصر بعد 1952، جعل الانجليزية لغة ثانوية، مع أنها من قبل لم تفسد العربية مثلا. هل أفسدت العقاد أو طه حسين أو من تشاء من أعلام ذلك الزمن؟ أنا أحببت اللغة الإنجليزية من أساتذتي في المرحلة الإعدادية. ووجدت أنها باب لقراءة ما استطيع من الأدب العالمي، قبل أن أنتظر ترجمته، علمت نفسي الإنجليزية وكنت في المرحلة الثانوية اترجم لنفسي الروايات الإنجليزية المبسطة في كراسات صغيرة، ضاعت مع الزمن للأسف، فهي حافلة بالذكريات، وفتحت لي أبواب قراءة أجمل، لكن في النهاية الكتابة موهبة، يمكن أن يتقنها أي موهوب إذا كانت موهبته عظيمة، وإن ظل تعلم لغة أخرى مهما لكنه أمر اختياري، ليس عدم تعلمها سببا في ضعف الموهبة لكنه يثريها بالتأكيد. - ماذا عن دور وسائل التواصل الاجتماعي في تمرير شغفك اليومي بكل ما تريد؟ بالنسبة لمن هم في عمري، ضاقت بهم الصحة والعمر عن الخروج إلى المقاهي، أصبحت وسائل التواصل هي المقهى، الذي أطل منه على العالم، كما أنها تجعلني أرى شبابا وكبارا يثيرون قضايا يمكن أن يجعلني العمر لا أنتبه إليها، كما أنها صارت وسيلة تواصل مهمة لا يمكن تجاهلها، خرجت منها برواية «في كل أسبوع يوم جمعة»، وأصبح تويتر وفيسبوك أحد وسائل الشخصيات في الحياة في الروايات الأخرى. تقريبا لا تخلو رواية بعد «في كل أسبوع يوم جمعة»، من تراسل بالإيميلات أو التغريدات بين أشخاصها، هذا هو العصر، ووسائل التواصل إحدى تجيلياته، ولا يجب أن أغيب عنه. - ترى أنها أضافت لمشوارك ولاسم إبراهيم عبد المجيد رغم أن هناك بعض الكتاب مقاطعين لها؟ بالنسبة لي، أضافت الكثير كما أسلفت، هي تضيع الوقت حقا، لكن مثلي لا عمل منظم له، رجل متقاعد يملك اليوم كله، فلماذا يبتعد عنها؟ حتى رغم الأكاذيب التي فيها، فهي ملمح رئيسي في حياتنا العصرية. - وبالنسبة للصعوبات التي واجهها جيلكم في مراحل الحياة المختلفة؟ المصاعب كثيرة، أولها أن جيلي بدأ حياته شابا مع هزيمة 1967 فأحس بالضياع مبكرا، لكن الحياة لم تكن صعبة، لقد كان العمل والحصول عليه سهلا، وكان هناك من الكبار الكثيرون يسعدون بالكاتب الموهوب، مثل رجاء النقاش والدكتور عبد القادر القط  والدكتور علي الراعي والدكتور شكري عياد والدكتور صلاح فضل وأسماء كثيرة أحبوا أعمالي فتشجعت، لكن الصعوبات كانت حولنا من أمة تتراجع عن تاريخها الحديث. - كيف لعب «جيل الستينيات» دورا في رؤيتك لمستقبل الكاتب والمبدع المصري وقناعاته؟ أهمية جيل الستينيات بالنسبة لي، أنهم جعلوا التجديد في شكل الكتابة موجة عامة، صحيح سبقهم كتاب كثيرون، مثل يحيى حقي ونجيب محفوظ ويوسف الشاروني ويوسف إدريس وبدر الديب وإدوار الخراط ومحمد حافظ رجب وغيرهم، لكن جيل الستينيات كان حالة عامة، وليسوا واحدا يأتي بعد واحد، فصاروا ظاهرة، رغم أنها مسبوقة، وكنت أنا مغرما بالتجديد في الكتابة، فأدركت أني في الطريق الصحيح، لا أكثر ولا أقل. - البعض يرى أن المشهد الثقافي المصري والعربي يعاني من حالة الكاتب النجم والشاعر النجم.. أهذا صحيح؟ على العكس.. انتهى عصر النجم الوحيد، ففي مصر وكل بلد عربي، أعدادا من الكتاب المجيدين، يتصدرون المشهد وليس كاتبا واحدا. - كيف استقبلت وجود شارع يحمل اسمك بإحدى قرى محافظة الجيزة؟ ضحكت طبعا لأنه بالتاكيد يحمل اسم شخص من العائلات هناك وليس اسمي. - لو رشح الأستاذ إبراهيم عبد المجيد كاتب عربي لنيل نوبل.. من يكون؟ كثيرون والله من مصر والعالم العربي يستحقونها. - ماذا تمثل الجوائز بالنسبة لحضرتك؟ سعادة القراء بها أهم مافيها والحمد لله دائما ما أجد هذه السعادة، قيمة الجوائز الآن لا تصمد أمام التوحش في الأسعار في مصر، لكن قيمتها المعنوية رائعة، وربنا يكفي الفائزين شرّ المرض. ...قراءة المزيد

الكلمات المفتاحية المذكورة في المقال: