بني أمية
الدستور
2025-02-01
يحل الكاتب الأكاديمي التونسي الدكتور نزار شقرون، في ضيافة ، في فعالية جديدة من فعاليات دورته السادسة والخمسين، والتي تقام تحت عنوان “اقرأ.. في البدء كان الكلمة”. وتنظم دار صفصافة للنشر، بجناحها بمعرض القاهرة للكتاب، في الثالثة وحتي الرابعة عصر اليوم السبت، لقاء مع الكاتب الدكتور نزار شقرون، لمناقشة عمله المسرحي الصادر حديثا عن الدار تحت عنوان “اليوم الأخير من سيرة جميل وبثينة”. وفي تقديمه للكتاب، يذهب نزار شقرون إلى: “في حديث الأربعاء، لطه حسين، من رؤية للغزل العربي أيام بني أمية ما يظل صداه حيا إلي اليوم، ولعل ذلك النسغ الذي أعمل به تفكيره في موضوع خلع عليه الأقدمون القداسة ما يزال قابلا للتوليد والنمو. وبقدر ما تورط بعض الكتاب في صياغة ”رواية" و"قراءة" لشعر الغزل وشعرائه تعبر عن وفائهم لسردية السلف، فإن طه حسين جاهر بعقله ونقده ليضع تلك السردية علي محك زمنه، وهو في ذلك لم يخرج عن صراط من سبقه فحسب، بل تباين في مقاربته مع من عاصره أيضًا من حماة المعبد انطلاقًا من رؤيته للأدب العربي، إنه لم يتوقف عن القول: “أنا لا أفهم الأدب العربي كما كان يفهمه القدماء، وكما لا يزال يفهمه أنصار القديم من أدباء اليوم، وأنا لا أحكم علي الضواهر الأدبية كما كان يحكم عليها القدماء، وكما لا يزال يحكم عليها شيوخ الأدب في أيامنا، وإنما أفهم الأدب العربي وأحكم على ظواهره كما ينبغي أن يفهمه ويحكم علي ظواهره رجل يعيش في القرن العشرين، ويفهم كما يفهم أهل هذا القرن، ويطمع في مثل ما يطمع أهل هذا القرن”. كان إعلانه الأدبي ــ طه حسين ــ عما حفلت به أمهات الكتب من ظواهر الأدب موقفا مبثوثا في جميع قراءاته ونظراته، فلم يتعامل مع المرويات بالقبول الساذج، ولم يسلم تفكيره للجام السلف، فقد شكك في الروايات وحكم العقل والنقد فيها". وتستمر فعاليات الدورة السادسة والخمسين، لـ معرض القاهرة للكتاب 2025، حتى 5 فبراير 2025، بمركز مصر الدولي للمؤتمرات في التجمع الخامس تحت شعار “اقرأ.. في البدء كان الكلمة”. ويشارك في دورة معرض القاهرة للكتاب 2025، حوالي 80 دولة و1300 دار نشر و6 آلاف عارض، ما يعكس حرص مختلف الجهات الثقافية على المشاركة فى هذا العرس الثقافى الكبير. كما يشهد معرض القاهرة للكتاب 2025 عقد لقاءات بين الكتاب والمفكرين ومناقشة القضايا الثقافية والاجتماعية، بمشاركة العديد من مؤسسات الدولة والمجتمع المدنى. ويضم المعرض أيضًا، مناقشة الترجمة فى زمن الذكاء الاصطناعى، بشراكة أولى مع اتحاد الناشرين الدولى والعرب والمصريين، وكذلك رقمنة المحتوى الثقافى، على أن تنطلق الكثير من الخدمات الإلكترونية والبرامج المهنية والعديد من المبادرات، من أبرزها مبادرة المليون كتاب. وتحل سلطنة عُمان ضيف شرف للدورة الـ56 في معرض القاهرة للكتاب 2025، خطوة تعكس عمق العلاقات الثقافية والتاريخية بين مصر وعُمان، وتفتح آفاقًا جديدة للتعاون الثقافي بين البلدين. ...قراءة المزيد
الكلمات المفتاحية المذكورة في المقال:
الدستور
2025-01-30
ترصد رواية النار والعنقاء حقبة زمنية مهمة فى تاريخ العرب حيث أفول دولة بنى أمية وصعود دولة العباسيين. أمّا النار فنعرفها وأمّا العنقاء فهو طائر كانت تقول العرب إنه يتخطف الناس رغم أنهم لم يروه من قبل فهو من المستحيلات الأربعة، واختار الكاتب وليد سيف النار والعنقاء تأكيدا على الجحيم المصحوب بالمستحيل. وتنقسم الرواية إلى جزئين الأول: وهو الذى نحن بصدد الكتابة عنه الٱن يحمل عنوان فرعيا "الرايات السود " والمقصود بها رايات العباسيين، أما الثانى يحمل عنوان "صقر قريش " والجزئين كانا عملا دراميا واحدا باسم صقر قريش تم انتاجه عام 2002 بطولة جمال سليمان وتيم حسن ومحمد مفتاح ونخبة من الفنانين العرب وكان المسلسل من اخراج الراحل حاتم على. وهنا نقف على أمرين: الأول فيكمن فى انتهاج الكاتب وليد سيف فى توثيق تاريخ العرب فى أعمال درامية تجسد ملامح هذه الحقب بحلوها ومرها دون تحيز، وأما الثانى وهو جديد فى حقيقة الأمر بأن وليد سيف يقلب المعادلة فيحول أعماله الدرامية إلى أعمال أدبية. واعتمد وليد سيف فى روايته النار والعنقاء "الرايات السود " على 3 خطوط، الأول فهو خط الخلافة الأموية فى حكم هشام بن عبد الملك بن مروان وما تلاه من أمراء حتى أفول الدولة وأما الخط الثانى فهو خط العباسيين بقيادة محمد بن على العباسى الذى كان يخطط ويدبر بليل لهدم خلافة بنى أمية وإقامة دولة العباسيين. فى نفس الخط صعود أبو محمد الخرسانى الذى بدأ عاملا فى محل لصناعة السروج، ثم علا شأنه بارساله إلى الشام ليكون فى خدمة محمد بن على العباسى ثم تنامى دوره حتى صار حاكما لخراسان، أما الخط الثالث فكان فى الأندلس حيث الصراعات المحتدمة بين أمراء العرب من قيسية ويمنية وربعية وصراعهم على الحكم فى وقت أفول دولة بنى أمية. ...قراءة المزيد
الكلمات المفتاحية المذكورة في المقال:
مصراوي
2024-12-18
كـتب- علي شبل: هل الأحداث الحالية بالوطن العربي من علامات الساعة؟.. سؤال طرحه الإعلامي مصعب العباسي، عبر برنامجه "علامة استفهام"، عبر فضائية الشمس، تسبب في حالة من النقاش والجدل الفقهي بين الدكتور أحمد كريمة، أستاذ الشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر، والشيخ هاني الصالحي الداعية الإسلامي. في البداية، أجاب الدكتور أحمد كريمة، أستاذ الشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر، على السؤال: "هل الأحداث الحالية والصراعات الموجودة في العالم من علامات الساعة؟"، قائلًا إنه لم يثبت بالدليل القطعي، ولا يوجد آية ولا حديث نبوي صحيح، تقول إن الصراعات في المنطقة بداية لقيام الساعة. وفي مداخلة أشارت إلى تفجر الجدل، أكد الشيخ هاني الصالحي، الداعية الإسلامي، أن الأحداث الحالية بسوريا وغزة والعالم بشكل عام تعتبر تمهيدا لعلامات الساعة، فما يحدث في المنطقة على وجه الخصوص ليس عليه دليل ولا نص من الكتاب والسنة النبوية بأن الساعة قريبة، لكنها أحداث تمهد لعلامات الساعة. واتفق كريمة والصالحي على أن الدجال من علامات الساعة، وكذلك المهدي المنتظر، حيث وردت بهما أدلة شرعية في أحاديث متواترة عن النبي صلى الله عليه وسلم، إلا أن الدكتور أحمد كريمة لفت إلى أن اسمه المهدي فقط، وكلمة المنتظر من ثقافة وادعاء الشيعة. أوضح الدكتور أحمد كريمة علامات الساعة، مستشهدا بقوله تعالى في الآية 18 من سورة محمد:" فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلا السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً فَقَدْ جَاءَ أَشْرَاطُهَا"، قائلًا: مبعث النبى صلى الله عليه وسلم نفسه علامة من علامات الساعة حتى يتنبه الإنسان دائما بأن الساعة قد قربت فيستعد. وقال أستاذ الشريعة الإسلامية، إن من علامات الساعة أيضًا، نصر الروم على الفرس، وهذا حدث، ومنازعة غرمان بني أميه على الحكم وهذا حدث، وخروج الدواعش. وأضاف كريمة أن غربة الإسلام من علامات الساعة أيضًا وخروج المهدي، وخروج الدجال، ونزول عيسى ابن مريم، وخروج ليأجوج ومأجوج. السؤال السابق وجهه الإعلامي مصعب العباسي الدكتور كريمة، ليرد مؤكدا أن الدجال من علامات الساعة، إلا أن مسألة وجوده على جزيرة أو هيئته فهي أمور غير ثابتة ولا مؤكدة، الله أعلم بها، وهنا تدخل الداعية هاني الصالحي، ليوجه نقده لحديث العالم الأزهري بأنه ينفي وجود الدجال، فانفعل الشيخ كريمة متهما إياه بأنه يتبنى فكر غلاة السلفية، ليقول كريمة: "لم أنف ظهور الدجال، ولكن ما أنفيه هو ثبوت شكله وتواجده الآن وهذا الطرح غير مؤكد في الدين". وهدد الدكتور أحمد كريمة، بمغادرة الحلقة، بسبب الأفكار غير الصحيحة التي تنشر من قبل الداعية الإسلامي، قائلًا: "هناك بعض الأشخاص تتحدث عن الدين وهم لا يعلمون شيئا عن الدين، وينشرون أشياء غير صحيحة". اقرأ أيضًا: ...قراءة المزيد
الكلمات المفتاحية المذكورة في المقال:
اليوم السابع
2024-12-16
يضم متحف الفن الإسلامي بباب الخلق؛ أكثر من 100 ألف قطعة أثرية تعود للحضارة الإسلامية. فكرة إنشاء متحف للفنون و بدأت في عصر الخديوي اسماعيل وبالتحديد في سنة 1869م، وفي سنة 1880م قام "" بجمع التحف الأثرية التي تعود إلى العصر الإسلامي وتم بناء مبنى صغير في صحن أطلق عليه اسم المتحف العربي تحت إدارة فرانتز باشا. وفي عهد الخديوي عباس حلمي الثاني تم افتتاح المبنى الحالي للمتحف بميدان باب الخلق في عهد تحت اسم دار الآثار العربية في 28 ديسمبر سنة 1903م، وقد تم تصميم واجهته على نسق واجهات العمارة المملوكية إلى أن تم تغيير اسم الدار عام 1952م إلى "متحف الفن الإسلامي". يضم المتحف أكثر من 100 ألف قطعة أثرية تعود للحضارة الإسلامية لعل أهمها مصحف شريف مكتوب على جلد غزال بالخط الكوفي يرجع للعصر الأموي، وإبريق مصنوع من البرونز المصبوب ينسب إلي الخليفة الأموي "مروان بن محمد" آخر خلفاء بني أمية، قدر من الخزف المعروف باسم خزف الفيوم يرجع للعصر الفاطمي، دينار من الذهب باسم السلطان المملوكي الظاهر بيبرس، ومفتاح باب الكعبة يرجع إلى العصر المملوكي باسم السلطان الملك الأشرف شعبان بن السلطان الناصر حسن من البرونز المكفت بالفضة. كما يضم مشكاة من الزجاج المموه بالمينا ترجع إلى العصر المملوكي باسم الأمير شيخو الناصري، نسيج من الحرير المزخرف بكتابات بخط الثلث نصها «لا إله إلا الله محمد رسول الله» مكررة في أشرطة متموجة ترجع إلى العصر العثماني اسُتخدمت كجزء من غطاء قبر الرسول صلى الله عليه وسلم، أو ربما اسُتخدمت كجزء من الستارة الداخلية للكعبة المشرفة، وباب من الخشب المصفح بالفضة يرجع إلى عصر أسرة محمد علي. ...قراءة المزيد
الكلمات المفتاحية المذكورة في المقال:
اليوم السابع
2021-10-12
لا يوجد فى التاريخ الإسلامى أقسى من كربلاء، واليوم تمر ذكرى انتهائها حسب التاريخ الميلادى فى سنة 680 ميلادية، كانت نهاية حزينة جدا تركت أثرها الدامى على تاريخ المسلمين وعلى أرواحهم أيضا، حيث استشهد الإمام الحسين وكثيرون من أهل بيته. كان الإمام الحسين ابن على بن أبى طالب، رضى الله عن آل بيته أجمعين رجلا طيبا، والطيبة هنا ليس معناها السذاجة، لا لكن معناها سلامة النية، وسلامة النية قيمة عظيمة وفى الوقت نفسه خطيرة، قيمتها فى كونها من سمات أهل الخير، ومن سمات الذين تربوا على العهد وعلى أن الكلمة لها معنى واحد. وفى الوقت نفسه فإن الطيبة هى سيف على رقبة أهلها، يستغله الأعداء فينصبون شباكهم وينتظرون، يشعلون النيران بالقرب من الحمى ويتربصون، وبكل مكر الدنيا يشعلون الحرائق. لقد كان الحسين بن على ضحية لبحثه عن الحق، والحق لا يحتمل التلون والتبدل، لقد كان أمام معضلة صعبة هى سلامته فى مقابل أن يصبح يزيد بن معاوية أميرا للمومنين، وهى أمر صعب كيف يصبح يزيد كذلك فى حضرة أبناء الصحابة الكبار من الحسين وعبد الله بن الزبير وعبد الله بن عمر وغيرهم الكثير، فهذا لا يصح، فلا هو أسبقهم فى الدين ولا أبرزهم فى الحرب ولا أورعهم فى تقوى الله، لذا فإن إعلان الامام الحسين رفضه مبايعة يزيد هو الصواب، حتى لو قال له البعض هادن فإن السيف فى يد بنى أمية. إن الإمام الحسين ناداه قدره، فصدق دعوة الآخرين فى مدينة الكوفة وغيرها، ولم يسمع كلام أخيه محمد بن الحنفية الذى خرج خلفه يريد عودته، يقول له حسبما تذكر كتب التراث، يا أخى أنت أحب الناس إلى وأعزهم على، ولست أدخر النصيحة لأحد من الخلق أحق بها منك، تنح ببيعتك عن يزيد بن معاوية وعن الأمصار ما استطعت، ثم أبعث رسلك إلى الناس فادعهم إلى نفسك، فإن بايعوا لك حمدنا الله على ذلك، وإن أجمع الناس على غيرك لم ينقص الله بذلك دينك ولا عقلك، ويذهب به مروءتك ولا فضلك، إنى أخاف أن تدخل مصرا من هذه الأمصار وتأتى جماعة من الناس فيختلفون بينهم فمنهم طائفة معك، وأخرى عليك فيقتلون فتكون لأول الأسنة، فإذا خير هذه الأمة كلها نفسا وأبا وأما، أضيعها دما وأذلها أهلا". لن نلوم الإمام الحسين على شىء، ومثله لا يلام أبدا، وليس خطأه أن الناس خذلوه، فقد خذلوا أنفسهم بداية، أما طيبته وسلامة نيته فقد أدخلته فى دروب الخلود، حيث صار على امتداد التاريخ رمزا للحق، وذنبا لا تغفره الأمة لنفسها أبدا، ظل رمزا لطيب القلب سليم النية الحالم بدنيا يحكمها المنطق. ...قراءة المزيد
الكلمات المفتاحية المذكورة في المقال:
اليوم السابع
2022-09-10
شهد التاريخ الإسلامي العديد من الأحداث الكبرى، كان أصعبها على النفس هو مقتل الإمام الحسين بن على، رضى الله عنه، وهو ما يعد كارثة مكتملة الأركان في التاريخ، ليس لها ما يبررها، لكن هذه الكارثة سبقتها أحداث أخطر منها موت مسلم بن عقيل سفير الإمام الحسين إلى أهل الكوفة. تمر، اليوم، ذكرى استشهاد مسلم بن عقيل، الذى قتل على يد أنصار يزيد بن معاوية فى 10 سبتمبر من عام 680م، وكان الحسين قد أرسله إلى أهل الكوفة لأخذ البيعة منهم. وتقول الكتب إن مسلم بن عقيل هو أول من استشهد من أصحاب الحسين بن على فى الكوفة، وقد عرف فيما بعد بأنه "سفير الحسين". بعث الإمام الحسين رضوان الله عليه، مسلم ابن عمه سفيرًا للكوفة وبعث معه رسالة قال فيها "وقد بعثت لكم أخى وابن عمّي، وثقتى من أهل بيتى"، وكانت مهمة مسلم التى عهد بها إليه هى أخذ البيعة من الناس والتعرف على مجريات الأحداث هناك. عندما علم بنى أمية بوجود مسلم بن عقيل وأنه يدعو الناس لاتباع الحسين، كالعادة اتخذوا موقفا عنيفا هو السعى لقتل مسلم بن عقيل، وبالتالى دس بنو أمية على "مسلم" حتى عرفوا مكانه، فخرج الرجال المدججين بالسلاح ضد رجل واحد، فحاصروه فى الكوفة، بينما هو وحيد لا مأمن له، وعندما عثروا عليه ظل يقاومهم وحده، ولما أجهدتهم بسالته طلب منه قائدهم محمد بن الأشعث أن يتوقف عن القتال ويمنحونه الأمان، فألقوا القبض عليه، وبعد ذلك تنكروا لهذا الوعد وألقوا به من فوق قصر بن زياد فاشتشهد، وظل التاريخ محتفظا له بمكانته. ...قراءة المزيد
الكلمات المفتاحية المذكورة في المقال:
اليوم السابع
2022-12-28
رحل الخليفة المعتصم فى سنة 227 هجرية، وقد حقق الكثير من الإنجازات فى فترة حكمه معظمها تتعلق بالحروب، فما الذى يقوله التراث الإسلامى؟ يقول كتاب البداية والنهاية لـ الحافظ بن كثير تحت عنوان "وهذه ترجمة المعتصم بن هارون". هو أمير المؤمنين، أبو إسحاق، محمد المعتصم بن هارون الرشيد بن المهدي بن المنصور، العباسي، يقال له: المثمن لأنه: ثامن ولد العباس. وإنه ثامن الخلفاء من ذريته. ومنها: أنه فتح ثمان فتوحات. ومنها: أنه أقام في الخلافة ثماني سنين وثمانية أشهر وثمانية أيام، وقيل: ويومين. وأنه ولد سنة ثمانين ومائة في شعبان وهو الشهر الثامن من السنة. وأنه توفي وله من العمر ثمانية وأربعون سنة. ومنها: أنه خلَّف ثمانية بنين وثماني بنات. ومنها: أنه دخل بغداد من الشام في مستهل رمضان سنة ثمان عشرة ومائتين بعد استكمال ثمانية أشهر من السنة بعد موت أخيه المأمون. قالوا: وكان أميا لا يحسن الكتابة، وكان سبب ذلك أنه كان يتردد معه إلى الكتاب غلام فمات الغلام فقال له أبوه الرشيد: ما فعل غلامك؟ قال: مات فاستراح من الكتاب. فقال الرشيد: وقد بلغ منك كراهة الكتاب إلى أن تجعل الموت راحة منه؟ والله يا بني لا تذهب بعد اليوم إلى الكتاب. فتركوه فكان أميا، وقيل: بل كان يكتب كتابة ضعيفة. وقد أسند الخطيب من طريقه عن آبائه حديثين منكرين أحدهما: في ذم بني أمية ومدح بني العباس من الخلفاء، والثاني: في النهي عن الحجامة يوم الخميس. وذكر بسنده عن المعتصم أن ملك الروم كتب إليه كتابا يتهدده فيه فقال للكاتب: اكتب: قد قرأت كتابك وفهمت خطابك والجواب ما ترى لا ما تسمع، وسيعلم الكفار لمن عقبى الدار. قال الخطيب: غزا المعتصم بلاد الروم في سنة ثلاث وعشرين ومائتين، فأنكى نكاية عظيمة في العدو، وفتح عمورية، وقتل من أهلها ثلاثين ألفا، وسبى مثلهم، وكان في سبيه ستون بطريقا، وطرح النار في عمورية في سائر نواحيها فأحرقها، وجاء بنائبها إلى العراق، وجاء ببابها أيضا معه، وهو منصوب حتى الآن على أحد أبواب دار الخلافة مما يلي المسجد الجامع في القصر. وروي عن أحمد بن أبي داؤد القاضي أنه قال: ربما أخرج المعتصم ساعده إلي وقال لي: عض يا أبا عبد الله بكل ما تقدر عليه. فأقول: إنه لا تطيب نفسي يا أمير المؤمنين أن أعض ساعدك. فيقول: إنه لا يضرني. فأكدم بكل ما أقدر عليه فلا يؤثر ذلك في يده. ومرَّ يوما في خلافة أخيه بمخيم الجند فإذا امرأة تقول: ابني ابني. فقال لها: ما شأنك؟ فقالت: ابني أخذه صاحب هذه الخيمة. فجاء إليه المعتصم فقال له: أطلق هذا الصبي، فامتنع عليه فقبض على جسده بيده فسمع صوت عظامه من تحت يده، ثم أرسله فسقط ميتا وأمر بإخراج الصبي إلى أمه. ولما ولي الخلافة كان شهما وله همة عالية في الحرب، ومهابة عظيمة في القلوب، وإنما كانت نهمته في الإنفاق في الحرب لا في البناء ولا في غيره. وقال أحمد أبي داؤد: تصدق المعتصم على يدي ووهب ما قيمته مائة ألف ألف درهم. وقال غيره: كان المعتصم إذا غضب لا يبالي من قتل ولا ما فعل. وقال إسحاق بن إبراهيم الموصلي: دخلت يوما على المعتصم وعنده قيِّنة له تغنيه. فقال لي: كيف تراها؟ فقلت له: أراها تقهره بحذق، وتجتله برفق، ولا تخرج من شيء إلا إلى أحسن منه، وفي صوتها قطع شذور، أحسن من نظم الدر على النحور. فقال: والله لصفتك لها أحسن منها ومن غنائها. ثم قال لابنه هارون الواثق ولي عهده من بعده: اسمع هذا الكلام. وقد استخدم المعتصم من الأتراك خلقا عظيما كان له من المماليك الترك قريب من عشرين ألفا، وملك من آلات الحرب والدواب ما لم يتفق لغيره. ولما حضرته الوفاة جعل يقول: {حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ} [الأنعام: 44] . وقال: لو علمت أن عمري قصير ما فعلت. وقال: إني أحدث هذا الخلق، وجعل يقول: ذهبت الحيل فلاحيلة. وروي عنه أنه قال في مرض موته: اللهم إني أخافك من قِبَلي ولا أخافك من قِبَلك، وأرجوك من قِبَلك ولا أرجوك من قِبَلي. كانت وفاته بسر من رأى في يوم الخميس ضحى لسبعة عشرة ليلة خلت من ربيع الأول من هذه السنة - أعني: سنة سبع وعشرين ومائتين -. وكان مولده يوم الاثنين لعشر خلون من شعبان سنة ثمانين ومائة. وولي الخلافة في رجب سنة ثمان عشرة ومائتين. وكان أبيض أصهب اللحية طويلا مربوعا مشرب اللون، أمه أم ولد اسمها: ماردة. وهو أحد أولاد ستة من أولاد الرشيد، كل منهم اسمه: محمد، وهم: أبو إسحاق محمد المعتصم، وأبو العباس محمد الأمين، وأبو عيسى محمد، وأبو أحمد، وأبو يعقوب، وأبو أيوب. قاله هشام بن الكلبي: وقد ولي الخلافة بعده ولده هارون الواثق. وقد ذكر ابن جرير أن وزيره محمد بن عبد الملك بن الزيات رثاه فقال: قد فلتُ إذ غيبوك واصطفقت * عليك أيدي التراب والطين اذهب فنعم الحفيظ كنت على الـ * ـدنيا ونعم الظهير للدين لا جبر الله أمة فقدت * مثلك إلا بمثل هارون ...قراءة المزيد
الكلمات المفتاحية المذكورة في المقال:
اليوم السابع
2022-04-11
يرتبط شهر رمضان المبارك، في أذهان المصريين بالعديد من الطقوس الاجتماعية والدينية، حيث تتميز أيام "شهر الصيام" فى مصر بالكثير من الطقوس المميزة، التى دائماً تعطى للمحروسة طابعًا خاصًا بها خلال الشهر الكريم، ومنها "القطايف" التى تعد أحد أطباق الحلوى المعروفة في الشهر الفضيل. كما حظيت الكنافة والقطايف بمكانة مهمة فى التراث العربى والشعبى، وكانت – ولا تزال – من عناصر فولكلور الطعام فى مائدة شهر رمضان، ومنذ يوم العيد يصبح هذا الطبق نوعا ما غريبا عن موائدنا العربية، ويبدأ موسم القطايف بالانحسار والزوال فى انتظار عودة الشهر الكريم. تضاربت الحكايات أصل القطايف كذلك، فبعض المصادر تعيدها إلى العصر الأموي، والبعض الآخر يعيد أصلها إلى العصر العباسي، ويدعم هذا الرأي إشارات إلى أبيات شعرية ترجع إلى العصر العباسي. لله در قطائف محشوة ** من فستق دعت النواظر واليدا شبهتها لما بدت في صحنها ** بحقاق عاج قد حشين زبرجدا بينما يروي ابن إياس في كتابه "بدائع الزهور" أنها اشتهرت في زمن المماليك في عصر قنصوة الغوري في مصر، وتختلف الروايات حول تسميتها، فيقال إنها سميت بهذا الاسم لأنسها يشبه القطيفة، ويقال إن الناس "يقتطفونها" من الأطباق؛ حينئذٍ سميت بالقطائف. أيا كان التسمية، فالثابت أنها اكتسبت شهرتها الواسعة في مصر وارتباطها بشهر رمضان في العصرين المملوكي والفاطمي. وظهرت نماذج من الجلبت في المرحلة النهائية من الجراثيم، وظهرت الصورة على الورق. وقيل بأنه يرجع تاريخ صنعها إلى العهد المملوكي؛ حيث كان يتنافس صنَّاع الحلوى لتقديم ما هو أطيب، فابتكر أحدهم فطيرة محشوة بالمكسرات وقدمها بشكل جميل مزين ليقطفها الضيوف ومن هنا اشتق اسمها (القطايف). وقد عرف فى الوسط الثاقفى بوجود عداوة بين الكنافة والقطايف، كما ذكر فى الثقافة العربية وخصوصًا في الشعر، حيث تغنى بها شعراء بني أمية ومن جاء بعدهم ومنهم ابن الرومي الذي عُرف بعشقه للكنافة والقطايف، وسجَّل جانبا من هذا العشق في أشعاره، كما تغنى بها أبوالحسين الجزار أحد عشاق الكنافة والقطايف فى الشعر العربي إبان الدولة الأموية. ...قراءة المزيد
الكلمات المفتاحية المذكورة في المقال:
اليوم السابع
2020-07-09
شعار الهلال شعار قديم استُخدم منذ آلاف السنين، لكنه لم يكن معروفاً في العهد النبوي ولا عهد خلفائه الراشدين، بل ولا في عهد بني أمية أو بنى العباس. وهو في الأصل له علاقة بالأديان الوثنية القديمة التي كانت تقوم على تقديس الأجرام السماوية مثل الشمس والقمر والنجوم، ويرجع استخدام شعار الهلال والنجمة كرمز للإسلام إلى الأتراك الأوغوز ودولتهم التي تعرف بالامبراطورية العثمانية وإلي الديانة التنغيرية التركية وهي ديانة وثنية تُعبد فيها السماء ورموزها. فهذا الشعار له معنى وتاريخ وأصل وثني استعماري تركي أي أن الشعار في الأعلام التركية وباقي التركمان وفي الدول التي استعمرها العثمانيون لا ترمز للإسلام ولكن ترمز للتركمان ديانتهم الوثنية التنغرية، كما يُقال أن أول من استخدم الهلال كرمز لهم هم البيزنطيون في إشارة إلى إمبراطوريتهم، وهو رمز إله القمر الموجود في الأساطير الرومانية القديمة، فيما تقول روايات أُخرى أن سبب استخدامهم لهذا الرمز هو انتصار البيزنطيين على إحدى القبائل في بداية أحد الشهور القمرية وهذا الوقت هو الذي يكون فيه القمر على شكل هلال. وبعد الحروب الإسلامية التي خاضها المسلمون مع البيزنطيين انتقل إليهم هذا الشعار وأصبح رمزاً للدولة العثمانية. في الهلال والنجمة عبارة عن علامات مقدسة عند الأتراك القدامى الذين عبدوا السماء وهو ما يعرف بالديانة التنكرية. كما أن شعار الهلال والنجمة القومية هو الشعار القومي التركي، كما تستخدمه بعض التنظيمات الارهابية المتطرفة مثل الذئاب الرمادية وهي منظمة تركية يمينية متطرفة، تعتبر الذراع المسلح غير الرسمي لحزب الحركة القومية، والتي تعارض أي تسوية سياسية مع الأكراد. أما في التاريخ الإسلامي فلم يرد أن الرسول صلى الله عليه وسلم أو الخلفاء الراشدون قد استخدموا هذه الرموز، بل كانت راياتهم ذات لون واحد ولا تحتوي على كتابة أو رموز، ولكن الحُكم العثماني والذي استمر لعدد من القرون استطاع أن يُؤثر على العالم الإسلامي، فاتخذ الهلال رمزاً للإسلام، ويرى الكثير من علماء الدين أنه شعار مرفوض ولا يجب العمل به نظراً لشبهة أصوله التي تدُل على عبادة الوثن وأنه يجب عدم الوقوع في مثل هذه الضلالة، لكن ومع هذا فلا زال رمز الهلال يوضع على مآذن المساجد، لأن علماء آخرون قد أجازوا استخدام هذا الرمز، فالهلال كان ولا زال مرجعاً لمعرفة الوقت لدى المُسلمين. ولعل أقوى دليل على أن شعار الهلال والنجمة شعار قومي تركي وليس ديني إسلامي، هو أن مصطفى كمال أتاتورك الذي سعى لمحو أي علاقة لتركيا بالإسلام بدءا من استخدام الحروف اللاتينية بدلاً من العربية إلى استخدام القبعة الأوروبية بدل الطربوش لم يقترب من شعار الهلال والنجمة، لأنه يعتبره رمزا قوميا للأتراك وليس رمزا دينيا على الإطلاق. ...قراءة المزيد
الكلمات المفتاحية المذكورة في المقال:
اليوم السابع
2023-05-14
صدر حديثًا عن مكتبة الأسرة، بالهيئة المصرية العامة للكتاب، كتاب "الحب المثالي عند العرب" للدكتور يوسف خليف. في مقدمة الكتاب يقول يوسف خليف: «يخطئ من يظن أن الحب العذرى ظاهرة انفردت بها البادية العربية في العصر الأموى وحده، أو أنه لون من ألوان الحب اختصت به قبيلة عذرة من بين القبائل العربية كلها، فإن من يتتبع الشعر العربى منذ أقدم عصوره يلاحظ أن هذا اللون من الحب قديم قدَمَ هذا الشعر، وأن جذور هذا الحب تمتد إلى العصر الجاهلي، فقد عرف المجتمع الجاهلي طائفة من الشعراء العشاق أطلق عليهم الرواة اسم "المتيمين"، وربطوا بين كل واحد منهم وصاحبة له، عرف بها، وعاش لها، ومات من أجلها، ووهب حياته وفنه لحبها. ولم تكن حياة هؤلاء المتيمين و شعرهم سوى صورة مماثلة أشد المماثلة لحياة العذريين الأمويين وشعرهم، بحيث يستحيل القول بأن هذا الحب لم يظهر إلا في أيام بني أمية. فالحياة الأموية لم تكن هي التي خلقت هذا الحب من عدم، أو أوجدته لأول مرة في تاريخ العرب ولكنها البادية العربية منذ أقدم عصورها هي التي خلقته أوجدته، ثم كانت الحياة الأموية هي التي بعثته وجددته، ونفخت فيه من روحها فعاد خلقاً جديداً كما خلقته البادي القديمة أول مرة، ثم مضت تطبعه بطوابعها الإسلامية الجديدة فاكتملت له سماته المميزة، واستقرت تقاليده ومقوماته التي اكتسب معها صورته الأخيرة وشكله النهائي الثابت، فالحب العذرى ليس حباً أموياً، ولا حبا انفردت به علمها وحدها، ولكنه حب البادية العربية في جميع عصورها. وتابع: «هذه هي الفكرة الأساسية التى أحاول في هذه الصفحات أن أعرضها، محاولا إزالة وهم مستقر في أذهان كثير من الباحثين في الأدب العربي، وتصحيح خطأ شائع في أبحاثنا الأدبية وهو أن الحب العذرى ظاهرة أموية خالصة منبتة الصلة ما قبلها. ومنذ البداية لست مع الذين يذهبون إلى أن هذا الحب دخلته الأسطورة وتعمقته حتى أحالته نتاجاً أسطوريا خالصة، أو مجموعة من الأقاصيص نسجتها مخيلة الرواة، وصاغتها أخيلة السمار، فهذا وهم آخر يغفل طبيعة البيئة التي ظهر فيها هذا الحب. ...قراءة المزيد
الكلمات المفتاحية المذكورة في المقال:
الوطن
2016-06-14
ثالث الخلفاء الراشدين وأحد العشرة المبشرين بالجنة ومن السابقين للإسلام، كان غنياً، شريفاً، ومن أحكم قريش عقلا وأفضلهم رأيا، ومحبوباً من قبلهم، ولم يسجد لأي صنم طوال حياته، ولم يشرب الخمر لا في الجاهلية ولا في الإسلام. لُقِّب عثمان بن عفان بـ"ذي النورين" لأنه تزوَّج اثنتين من بنات النبي محمد، حيث تزوج من رقية ثم بعد وفاتها تزوج من أم كلثوم، ووُلد "عثمان" في الطائف في عام 576 ميلاديا بعد "عام الفيل" بـ6 سنوات وأسلمت والدته وماتت في خلافته، وكان أحد الذين حملوها إلى قبرها، أما أبوه فمات في الجاهلية. علم عثمان معارف العرب في الجاهلية من الأنساب والأمثال وأخبار الأيام، ورحل للشام والحبشة، وعاشر أقواماً غير العرب وعرف من أحوالهم وأطوارهم ما ليس يعرفه غيره من قومه، حيث اهتم بالتجارة التي ورثها عن والده، ونمت ثرواته، وأصبح يعد من رجالات بني أمية الذين لهم مكانة في قريش كلها، كان كريما جوادا وأحد كبار الأثرياء ونال مكانة مرموقة في قومه، ومحبة كبيرة. اعتبر عثمان أول مهاجر لأرض الحبشة لحفظ الإسلام والذي تبعه سائر المهاجرين لأرض الحبشة، وهاجر الهجرة الثانية للمدينة المنورة، حيث وثق فيه رسول الله وحبه وأكرمه لحيائه وأخلاقه وحسن عشرته وما كان يبذله من المال لنصرة المسلمين والذين آمنوا بالله، وبشّره بالجنة كأبي بكر وعمر وعلي وبقية العشرة، وأخبره بأنه سيموت شهيدا. بويع عثمان للخلافة بعد الشورى التي تمت عقب وفاة عمر بن الخطاب سنة 23 هجريا واستمرت خلافته نحو 12 عاماً نجح فيهم في جمع القرآن وعمل توسعة للمسجد الحرام والمسجد النبوي، وفتحت في عهده عدد من البلدان وتوسعت الدولة الإسلامية، فنجح في فتح أرمينية وخراسان وكرمان وسجستان وإفريقية وقبرص وأنشأ أول أسطول بحري إسلامي لحماية الشواطئ الإسلامية من هجمات البيزنطيين. أسلم بن عفان في عمر الـ34 عندما دعاه أبو بكر الصديق للإسلام قائلاً له "ويحك يا عثمان واللَّه إنك لرجل حازم ما يخفى عليك الحق من الباطل، هذه الأوثان التي يعبدها قومك، أليست حجارة صماء لا تسمع ولا تبصر ولا تضر ولا تنفع؟ فقال: بلى واللَّه إنها كذلك. قال أبو بكر: هذا محمد بن عبد الله قد بعثه اللَّه برسالته إلى جميع خلقه، فهل لك أن تأتيه وتسمع منه؟ فقال: نعم"، وحينها مرَّ رسول اللَّه فقال: "يا عثمان أجب اللَّه إلى جنته فإني رسول اللَّه إليك وإلى جميع خلقه"، قال: "فواللَّه ما ملكت حين سمعت قوله أن أسلمت، وشهدت أن لا إله إلا اللَّه وحده لا شريك له، وأن محمداً عبد الله ورسوله". في عهد أبي بكر الصديق كان عثمان من الصحابة وأهل الشورى الذين يؤخذ رأيهم في كبرى المسائل في خلافة أبي بكر، وكان عمر بن الخطاب للحزامة والشدائد، وعثمان بن عفان للرفق والأناة، وكان عمر وزيراً للخلافة في عهد الصديق، أما عثمان فكان أمينها العام، وكان رأيه مقدماً عند الصديق؛ فبعد أن قضى أبو بكر على حركة الردة، أراد أن يغزو الروم، فقام في الناس يستشيرهم، فقال الألباب ما عندهم، ثم استزادهم أبو بكر فقال: ما ترون؟ فقال عثمان: "إني أرى أنك ناصح لأهل هذا الدين، شفيق عليهم، فإذا رأيت رأيا لعامتهم صلاحا، فاعزم على إمضائه فإنك غير ظنين". في إحدى فترات خلافة أبي بكر الصديق حدث قحط وأزمة اقتصادية، وعن ابن عباس قال: "قحط المطر على عهد أبي بكر الصديق، فاجتمع الناس إلى أبي بكر فقالوا: السماء لم تمطر، والأرض لم تنبت، والناس في شدة شديدة، فقال أبو بكر: انصرفوا واصبروا، فإنكم لا تمسون حتى يفرج الله الكريم عنكم، قال: فما لبثنا أن جاء أجراء عثمان من الشام، فجاءته مائة راحلة بُرًّا فاجتمع الناس إلى باب عثمان، فقرعوا عليه الباب، فخرج إليهم عثمان في ملأ من الناس، فقال: ما تشاؤون؟ قالوا: الزمان قد قحط؛ السماء لا تمطر، والأرض لا تنبت، والناس في شدة شديدة، وقد بلغنا أن عندك طعاما، فبعنا حتى نوسع على فقراء المسلمين، فقال عثمان: حبًّا وكرامة ادخلوا فاشتروا، فدخل التجار، فإذا الطعام موضوع في دار عثمان، فقال: يا معشر التجار كم تربحونني على شرائي من الشام؟ قالوا: للعشرة اثنا عشر، قال عثمان: قد زادني، قالوا: للعشرة خمسة عشر، قال عثمان: قد زادني، قال التجار: يا أبا عمرو، ما بقي بالمدينة تجار غيرنا، فمن زادك؟ قال: زادني الله بكل درهم عشرة، أعندكم زيادة؟ قالوا: اللهم لا، قال: فإني أشهد الله أني قد جعلت هذا الطعام صدقة على فقراء المسلمين"، فقال ابن عباس: "فرأيت من ليلتي رسول الله في المنام وهو على برذون أبلق (الذي فيه سواد وبياض) عليه حُلَّة من نور، في رجليه نعلان من نور، وبيده قصبة من نور، وهو مستعجل، فقلت: يا رسول الله، قد اشتد شوقي إليك وإلى كلامك فأين تبادر؟ قال: "يا ابن عباس، إن عثمان قد تصدق بصدقة، وإن الله قد قبلها منه وزوجه عروسا في الجنة، وقد دعينا إلى عرسه". وفي عهد عمر بن الخطاب كان عثمان ذا مكانة عند عمر، فإذا أراد الناس أن يسألوا عمر في مسألة طلبوا الأمر من عثمان أو عبد الرحمن بن عوف، وإذا لم يقدر هذان على الأمر طلبوا ذلك من العباس وكانت مكانة عثمان في خلافة عمر بن الخطاب كمكانة الوزير من الخليفة، فقد جاء في بعض الروايات بأنه هو الذي أشار على عمر بفكرة الديوان وكتابة التاريخ، وكان ممن أيدوا رأي عمر في عدم تقسيم أرض الفتوح على الفاتحين وإبقائها فيئًا للمسلمين وللذرية من بعدهم، ولما اتسعت الفتوحات وكثرت الأموال جمع عمر ناسا من أصحاب رسول الله ليستشيرهم في هذا المال، فقال عثمان: "أرى مالا كثيراً يسع الناس، وإن لم يحصوا حتى يعرف من أخذ منهم ممن لم يأخذ خشيت أن ينتشر الأمر، فعمل عمر برأي عثمان، وتم تدوين الدواوين". عندما تولى عثمان الخلافة ولى على قضاء المدينة علي بن أبي طالب، وزيد بن ثابت، والسائب بن يزيد، ويذكر البعض أن عثمان لم يترك للقضاة الاستقلال بالفصل في القضايا، كما كان الحال في عهد عمر، بل كان ينظر في الخصومات بنفسه، ويستشير هؤلاء وغيرهم من الصحابة فيما يحكم به، فإن وافق رأيهم رأيَه أمضاه، وإن لم يوافق رأيهم رأيه نظر في الأمر بعد ذلك، وهذا يعني أن عثمان قد أعفى القضاة الثلاثة في المدينة من ولاية القضاء وأبقاهم مستشارين له في كل شجار يرفع إليه مع استشارة آخرين، ويرى بعضهم أنه لم يثبت نص صريح يفيد الإعفاء، ولكنه تحمل عنهم النظر في كثير من القضايا الكبيرة مع استشارتهم فيها. في النصف الثاني من خلافة عثمان التي استمرت لمدة اثنتي عشرة سنة، ظهرت أحداث الفتنة التي أدت إلى استشهاده، كان ذلك في يوم الجمعة الموافق 18 من شهر ذي الحجة سنة 35 هـ، وعمره 82 سنة، ودفن في البقيع بالمدينة المنورة. ...قراءة المزيد
الكلمات المفتاحية المذكورة في المقال:
الوطن
2018-05-19
ثالث الخلفاء الراشدين وأحد العشرة المبشرين بالجنة ومن السابقين للإسلام، كان غنياً، شريفاً، ومن أحكم قريش عقلا وأفضلهم رأيا، ومحبوباً من قبلهم، ولم يسجد لأي صنم طوال حياته، ولم يشرب الخمر لا في الجاهلية ولا في الإسلام. لُقِّب عثمان بن عفان بـ"ذي النورين" لأنه تزوَّج اثنتين من بنات النبي محمد، حيث تزوج من رقية ثم بعد وفاتها تزوج من أم كلثوم، ووُلد "عثمان" في الطائف في عام 576 ميلاديا بعد "عام الفيل" بـ6 سنوات وأسلمت والدته وماتت في خلافته، وكان أحد الذين حملوها إلى قبرها، أما أبوه فمات في الجاهلية. علم عثمان معارف العرب في الجاهلية من الأنساب والأمثال وأخبار الأيام، ورحل للشام والحبشة، وعاشر أقواماً غير العرب وعرف من أحوالهم وأطوارهم ما ليس يعرفه غيره من قومه، حيث اهتم بالتجارة التي ورثها عن والده، ونمت ثرواته، وأصبح يعد من رجالات بني أمية الذين لهم مكانة في قريش كلها، كان كريما جوادا وأحد كبار الأثرياء ونال مكانة مرموقة في قومه، ومحبة كبيرة. اعتبر عثمان أول مهاجر لأرض الحبشة لحفظ الإسلام والذي تبعه سائر المهاجرين لأرض الحبشة، وهاجر الهجرة الثانية للمدينة المنورة، حيث وثق فيه رسول الله وحبه وأكرمه لحيائه وأخلاقه وحسن عشرته وما كان يبذله من المال لنصرة المسلمين والذين آمنوا بالله، وبشّره بالجنة كأبي بكر وعمر وعلي وبقية العشرة، وأخبره بأنه سيموت شهيدا. بويع عثمان للخلافة بعد الشورى التي تمت عقب وفاة عمر بن الخطاب سنة 23 هجريا واستمرت خلافته نحو 12 عاماً نجح فيهم في جمع القرآن وعمل توسعة للمسجد الحرام والمسجد النبوي، وفتحت في عهده عدد من البلدان وتوسعت الدولة الإسلامية، فنجح في فتح أرمينية وخراسان وكرمان وسجستان وإفريقية وقبرص وأنشأ أول أسطول بحري إسلامي لحماية الشواطئ الإسلامية من هجمات البيزنطيين. أسلم بن عفان في عمر الـ34 عندما دعاه أبو بكر الصديق للإسلام قائلاً له "ويحك يا عثمان واللَّه إنك لرجل حازم ما يخفى عليك الحق من الباطل، هذه الأوثان التي يعبدها قومك، أليست حجارة صماء لا تسمع ولا تبصر ولا تضر ولا تنفع؟ فقال: بلى واللَّه إنها كذلك. قال أبو بكر: هذا محمد بن عبد الله قد بعثه اللَّه برسالته إلى جميع خلقه، فهل لك أن تأتيه وتسمع منه؟ فقال: نعم"، وحينها مرَّ رسول اللَّه فقال: "يا عثمان أجب اللَّه إلى جنته فإني رسول اللَّه إليك وإلى جميع خلقه"، قال: "فواللَّه ما ملكت حين سمعت قوله أن أسلمت، وشهدت أن لا إله إلا اللَّه وحده لا شريك له، وأن محمداً عبد الله ورسوله". في عهد أبي بكر الصديق كان عثمان من الصحابة وأهل الشورى الذين يؤخذ رأيهم في كبرى المسائل في خلافة أبي بكر، وكان عمر بن الخطاب للحزامة والشدائد، وعثمان بن عفان للرفق والأناة، وكان عمر وزيراً للخلافة في عهد الصديق، أما عثمان فكان أمينها العام، وكان رأيه مقدماً عند الصديق؛ فبعد أن قضى أبو بكر على حركة الردة، أراد أن يغزو الروم، فقام في الناس يستشيرهم، فقال الألباب ما عندهم، ثم استزادهم أبو بكر فقال: ما ترون؟ فقال عثمان: "إني أرى أنك ناصح لأهل هذا الدين، شفيق عليهم، فإذا رأيت رأيا لعامتهم صلاحا، فاعزم على إمضائه فإنك غير ظنين". في إحدى فترات خلافة أبي بكر الصديق حدث قحط وأزمة اقتصادية، وعن ابن عباس قال: "قحط المطر على عهد أبي بكر الصديق، فاجتمع الناس إلى أبي بكر فقالوا: السماء لم تمطر، والأرض لم تنبت، والناس في شدة شديدة، فقال أبو بكر: انصرفوا واصبروا، فإنكم لا تمسون حتى يفرج الله الكريم عنكم، قال: فما لبثنا أن جاء أجراء عثمان من الشام، فجاءته مائة راحلة بُرًّا فاجتمع الناس إلى باب عثمان، فقرعوا عليه الباب، فخرج إليهم عثمان في ملأ من الناس، فقال: ما تشاؤون؟ قالوا: الزمان قد قحط؛ السماء لا تمطر، والأرض لا تنبت، والناس في شدة شديدة، وقد بلغنا أن عندك طعاما، فبعنا حتى نوسع على فقراء المسلمين، فقال عثمان: حبًّا وكرامة ادخلوا فاشتروا، فدخل التجار، فإذا الطعام موضوع في دار عثمان، فقال: يا معشر التجار كم تربحونني على شرائي من الشام؟ قالوا: للعشرة اثنا عشر، قال عثمان: قد زادني، قالوا: للعشرة خمسة عشر، قال عثمان: قد زادني، قال التجار: يا أبا عمرو، ما بقي بالمدينة تجار غيرنا، فمن زادك؟ قال: زادني الله بكل درهم عشرة، أعندكم زيادة؟ قالوا: اللهم لا، قال: فإني أشهد الله أني قد جعلت هذا الطعام صدقة على فقراء المسلمين"، فقال ابن عباس: "فرأيت من ليلتي رسول الله في المنام وهو على برذون أبلق (الذي فيه سواد وبياض) عليه حُلَّة من نور، في رجليه نعلان من نور، وبيده قصبة من نور، وهو مستعجل، فقلت: يا رسول الله، قد اشتد شوقي إليك وإلى كلامك فأين تبادر؟ قال: "يا ابن عباس، إن عثمان قد تصدق بصدقة، وإن الله قد قبلها منه وزوجه عروسا في الجنة، وقد دعينا إلى عرسه". وفي عهد عمر بن الخطاب كان عثمان ذا مكانة عند عمر، فإذا أراد الناس أن يسألوا عمر في مسألة طلبوا الأمر من عثمان أو عبد الرحمن بن عوف، وإذا لم يقدر هذان على الأمر طلبوا ذلك من العباس وكانت مكانة عثمان في خلافة عمر بن الخطاب كمكانة الوزير من الخليفة، فقد جاء في بعض الروايات بأنه هو الذي أشار على عمر بفكرة الديوان وكتابة التاريخ، وكان ممن أيدوا رأي عمر في عدم تقسيم أرض الفتوح على الفاتحين وإبقائها فيئًا للمسلمين وللذرية من بعدهم، ولما اتسعت الفتوحات وكثرت الأموال جمع عمر ناسا من أصحاب رسول الله ليستشيرهم في هذا المال، فقال عثمان: "أرى مالا كثيراً يسع الناس، وإن لم يحصوا حتى يعرف من أخذ منهم ممن لم يأخذ خشيت أن ينتشر الأمر، فعمل عمر برأي عثمان، وتم تدوين الدواوين". عندما تولى عثمان الخلافة ولى على قضاء المدينة علي بن أبي طالب، وزيد بن ثابت، والسائب بن يزيد، ويذكر البعض أن عثمان لم يترك للقضاة الاستقلال بالفصل في القضايا، كما كان الحال في عهد عمر، بل كان ينظر في الخصومات بنفسه، ويستشير هؤلاء وغيرهم من الصحابة فيما يحكم به، فإن وافق رأيهم رأيَه أمضاه، وإن لم يوافق رأيهم رأيه نظر في الأمر بعد ذلك، وهذا يعني أن عثمان قد أعفى القضاة الثلاثة في المدينة من ولاية القضاء وأبقاهم مستشارين له في كل شجار يرفع إليه مع استشارة آخرين، ويرى بعضهم أنه لم يثبت نص صريح يفيد الإعفاء، ولكنه تحمل عنهم النظر في كثير من القضايا الكبيرة مع استشارتهم فيها. في النصف الثاني من خلافة عثمان التي استمرت لمدة اثنتي عشرة سنة، ظهرت أحداث الفتنة التي أدت إلى استشهاده، كان ذلك في يوم الجمعة الموافق 18 من شهر ذي الحجة سنة 35 هـ، وعمره 82 سنة، ودفن في البقيع بالمدينة المنورة ...قراءة المزيد
الكلمات المفتاحية المذكورة في المقال:
اليوم السابع
2015-06-05
أكد الشيخ ياسر برهامى، نائب رئيس الدعوة السلفية، أن استدلال الإخوان بثبات الحسين وابن الزبير- رضى الله عنهما- فى مواجهة بنى أمية على صحة ما يفعله أعضاء الإخوان، هو استدلال خاطئ.وقال برهامى فى بيان له على موقعه الرسمى، إن الحسين رضى الله عنه فى أول خروجه ظنَّ أن المصلحة فى خروجه أرجح مِن المفسدة، والصحابة نهوه عن الخروج وحذروه "ولم يخرجوا معه"، وقد تبيَّن صحة وجهة نظرهم، وأن الصواب كان معهم فى ذلك، وأنه مجتهد مخطئ- رضى الله عنه-، ومع ذلك فهل دعا "الحسين"- رضى الله عنه- العامة إلى مصادمة جنود "يزيد" وهم محيطون بهم؟!، وهل قام أنصاره بتفجير المصالح العامة "أو هدمها فى زمنهم"، أو تعطيل الطرق والسعى إلى أن لا يجد الناس كفايتهم؛ لينهار الاقتصاد؟!، وهل كان أتباع الحسين- رضى الله عنه- يبحثون عن جنود "يزيد" فى أى مكان ويقتلونهم، أو يحرقون الأموال العامة والخاصة؟!وتابع: إنما دخل "ابن الزبير"- رضى الله عنهما- على أمه أسماء بنت أبى بكر- رضى الله عنهما- يستشيرها فى الاستسلام الذى يعقبه القتل أو الاستمرار الذى يعقبه التمثيل به؛ فقد علم أنه مقتول على أى حال بعد أن انسحبتْ عنه الجنود، ولم يعد ممكنًا خيار المسالمة التى يعقبها استمرار الدولة والدعوة، وحفظ الدماء والأعراض والأموال كما كان معروضًا على الإخوان! بل هذا الذى ذكرناه هو الذى طلبَه "الحسين"- رضى الله عنه- مِن قـَتَلَتِه أن يتركوه يرجع إلى مكة، أو يذهب للثغور، أو يذهب إلى "يزيد" فيضع يده فى يده"؛ فهل كان هذا هو الذى طلبتموه؟!.واستطرد: أما هدم الدولة؛ فأنتم تعلمون أن المقصود الدخول فى الفوضى والاقتتال الداخلى الذى ينتهى بالقضاء على الإسلاميين أولاً مع "خسائر هائلة" للمجتمع كله فى "الأرواح، والأعراض، والأموال" وهدم الدعوة قبْل الدولة، وبالقطع لم يكن هذا حال "ابن الزبير" وبنى أمية، فالتنافس الذى كان بينهم لا تنهدم معه الدولة ولا الدعوة، ومع ذلك كان ابن عمر ينهى ابن الزبير- رضى الله عنهم- وهو "الحاكم الشرعى" عن القتال، وينهى العامة عن القتال والمشاركة فيه!. ...قراءة المزيد
الكلمات المفتاحية المذكورة في المقال: