نهر الدون
نهر الدون (بالروسية: Дон) هو نهر يبلغ طوله 1870 كم...
الشروق
2025-05-06
تلقيت دعوة كريمة من مكتبة الإسكندرية لإلقاء محاضرة فى موسمها الثقافى. وقد اخترت أن أتحدث عن الأبعاد الجغرافية والتاريخية والثقافية للإسلام فى تلك الدولة المهمة فى عالمنا المعاصر.وخلال إعدادى للمحاضرة استعنت بعدد من الكتب من بينها كتاب صدر عن اللغة الروسية فى عام 2015، وتوليتُ نقله للعربية فى 2016، وذلك بعد أن التقيت مؤلفه: د.رفيق محمدشين. ومؤلف الكتاب يعمل رئيسًا للجامعة الإسلامية الروسية ومقرها مدينة قازان عاصمة جمهورية تترستان، وهى جامعة حكومية ذات سمعة مرموقة. وفى المقال الحالى قطوف مما جاء فى هذا الكتاب المهم. البداية مع مملكة الخزر ترتبط الصفحات الأولى من تاريخ الإسلام فى منطقة الفولجا بخانية الخزر، تلك الدولة القوية التى تألفت من القبائل التركية فيما بين القرنين السابع والتاسع الميلاديين. كانت أراضى دولة الخزر فى البداية تضم سفوح جبال شمال القوقاز والسهول الشاسعة بين ساحل بحر قزوين والفولجا الأدنى فى الشرق وخط نهر الدون فى الغرب، ولكن تدريجيا خضعت جميع مناطق الفولجا الوسطى والدنيا لنفوذ دولة الخزر، وفى الشمال امتد نفوذها حتى نهر أكا، وفى الغرب وفى سنوات أوج قوة الإمبراطورية وصلت لنهر دنيبر، كما كانت تنتمى لها ولوقت طويل مناطق بحر آزوف وجزء كبير من شبه جزيرة القرم وضفتى مضيق كيرتش. وكانت قبائل الألان والشركس وغيرها من شعوب شمال القوقاز يُعطون الجزية للخزر، ودفعت بولجاريا الفولجية وروسيا كييف الجزية أيضًا فى أوقات مختلفة. تأسست عاصمة الخزر الأولى فى مدينة بيلينجير ثم سمندر، وتقعان إلى الجنوب من نهر تيريك فى القوقاز الشمالى. لكن فى منتصف القرن الثامن انتقلت العاصمة إلى مدينة إتِل إلى الشمال قليلا من مدينة أستراخان الحالية، عند مصب الفولجا فى البحر الأسود. شكَّل الخزر والبلغار والبورتاس والمجريون المكون الرئيس الناطق بالتركية لدولة الخزر متعددة الأعراق. وكان اليهود مجموعة ليست كبيرة العدد لكنها ذات تأثير ملحوظ فى دولة الخزر، وقد جاء اليهود هنا بعد نفيهم فى بداية القرن الثامن من بيزنطة. وكان لدى ممثلى مختلف الديانات الأخرى إمكانية تحقيق مسائلهم الدينية، أى أن الخزر ذات الإدارة اليهودية كانت متعددة الأديان والهويات. بدأ انتشار الإسلام فى بلاد الخزر فى القرن السابع، وذلك بفضل الدعاة والتجار العرب. ومع ذلك ظل الإسلام لفترة طويلة هنا ديناً للطبقات الدنيا والتجار العرب والخوارزميين، وكان العامل الإيجابى لتعزيز الإسلام فى دولة الخانية هو انتقال عدد كبير من خوارزمى وسط آسيا للعيش فى مدن الخزر، وبنوا فى عاصمة الإمبراطورية مساجد ومدارس دينية. وذكر المسعودى أن منارة المسجد الجامع تجاوزت علوًا قصر الخاقان القريب منه.فى القرن العاشر أصبح الإسلام جزءًا لا يتجزأ من النسيج الدينى لدولة الخزر، التى ظلت فيها السلطة فى أيدى أتباع الديانة اليهودية. ومعظم من زار دولة الخزر فى ذلك الوقت أو كتب عنها وجده بلدًا تنتشر به علامات الإسلام فى كل مكان. كتب أبوإسحاق الاصطخرى الجغرافى البارز يقول: «وفى مدينة إتِل أكثر من ثمانية آلاف مسلم، وثلاثين مسجدًا.. الملك عندهم يهودى، وبجانبه أربعة آلاف شخص. اليهود هم النسبة الأقل من السكان، والأغلبية من المسلمين والمسيحيين، وهناك القليل من الوثنيين».فى منتصف القرن العاشر فقد الخزر السيطرة على روسيا كييف وبلغاريا الفولجية وخسروا ساحل مضيق كيرتش. وأدت مقاومة محاربى البشناق القادمين من أعماق آسيا، والمواجهات مع روسيا الكييفية -التى كانت فى أوج قوتها- إلى استنزاف قوة تلك الإمبراطورية التى سرعان ما انهارت. بولجاريا الكبرى فى توقيت متزامن مع تطور مملكة الخزر، منذ القرن السابع، كانت هناك قوة أخرى موازية تتمثل فى خانيات القبائل التركية التى نشأت فى سهوب البحر الأسود وحاولت تأليف اتحاد قوى عرف باسم «بولجاريا الكبرى» ضم القبائل البولجارية، التى كانت تعيش فى سهوب كوبان والبحر الأسود، ما أدى إلى ظهور اتحاد سياسى عرقى. كان البولجار الأوائل وثنيين عند قدومهم لمنطقة الفولجا والأورال، وكانت العقيدة الأساسية هى التنجرية. ويعد تقديس الشمس والقمر والرعد والأشجار السامقة من السمات المميزة لتلك العبادة التى ترى فى «التنجر» سيدا للعالم العلوى. واتسم الوضع الدينى فى المنطقة فى تلك الفترة بالتعقيد. لم يدم الاتحاد البولجارى طويلًا وتفكك إلى خمس إمارات: أولًا: أراضى نهر الدانوب الأدنى (والتى تمثلها اليوم دولة بلغاريا المشهورة فى جنوب شرق أوروبا، وعاصمتها صوفيا). ثانيًا: بانونيا، إقليم فى وسط أوروبا، إلى الشرق من النمسا وشمال سلوفينيا وكرواتيا.ثالثًا: أراضى نهر الدون (شرق أوكرانيا وجنوب غرب روسيا)رابعًا: شمال القوقاز خامسًا: أراضى نهر الفولجا الأوسط (بولجار الفولجا) ويهمنا من بين هذه الإمارات، الإمارة الأخيرة فى نهر الفولجا، لما لها من تأثير كبير على تاريخ العلاقات بين العالمين الآسيوى والأوروبى وعلاقات المشرق العربى بالغرب الأوروبى وروسيا. لماذا انتشر الإسلام فى نهر الفولجا؟ يرتبط انتشار الإسلام بين البولجار بملك شهير فى مطلع القرن العاشر الميلادى اسمه ألموش شيلكى، وكان الدافع السياسى فى اعتناق الإسلام هو تحقيق الاستقلال عن دولة الخزر. كان ألموش وغيره من قادة القبائل التركية الأوغرية فى منطقة الفولجا والأورال تابعين لخاقان الخزر، ويدفعون له الجزية فى شكل فراء، وكان ابن ألموش رهينة فى عاصمة خانية الخزر إتِــِل.السؤال الوجيه الذى يطرحه الكتاب الذى بين أيدينا هو: لماذا من بين جميع أديان العالم انتشر الإسلام فى منطقة الفولجا؟يبدو أن المسيحية لم تجذب البلغار بشكل كاف، حيث كانت بيزنطة -الدولة المسيحية القريبة آنذاك- فى تحالف مع الخزر، وليس لديها أى تأثير فعال على منطقة الفولجا. ومن ناحية أخرى لعبت العلاقات التجارية والاقتصادية المتنامية بين منطقة الفولجا ودول آسيا الوسطى -خوارزم ودولة السامان- دورًا خاصًا فى اختيار الإسلام ديانة. كان التجار المسلمون يحصلون على السلع الشمالية متجاوزين دولة الخزر بفضل الطريق التجارى المباشر المؤدى إلى حوض الفولجا الأوسط.وهكذا، فإن الإسلام فى منطقة الفولجا جاء من آسيا الوسطى وبخارى، والتاريخ الدقيق لاعتناق ألموش للإسلام غير معروف، لكن يمكن أن يُعزى إلى العقد الأول من القرن العاشر. يقول الرحالة العربى الشهير بن رُسته الذى ترجع كتاباته لأعوام 903 -913م: «يدين ملك البولجار بالإسلام، ويدين معظم شعبه بالإسلام، وفى القرى توجد مدارسهم ومساجدهم بمؤذنيها وأئمتها».كان الحدث الأهم الذى شهد التأكيد على الإسلام كديانة فى بلغاريا هو تبادل السفارات بين ألموش والخليفة العباسى المقتدر بالله فى بغداد عام 922 ميلادية.ولعبت السفارة التى أرسلها الخليفة العباسى بقيادة بن فضلان دورًا حاسمًا فى الاعتراف الدبلوماسى ببلغاريا الفولجية كبلد مسلم، وكذلك أعطت دفعة قوية لانتشار الإسلام بين البلغار وفتحت للعالم المتحضر بلدا ضخما، ووسعت حدود العالم الإسلامى حتى حوض نهر الفولجا الأوسط. منذ ذلك الوقت أخذ الدبلوماسيون والمؤرخون ينظرون باهتمام للعملية السياسية فى أوروبا الشرقية، حيث ظهرت دولة بولجار الإسلامية فى أقصى الشمال، وهى الحليف الوحيد والطبيعى لأى بلد شرقى له مصالح فى منطقة الفولجا، كما أنها شريك تجارى يمكن الاعتماد عليه لجميع تجار بيع السلع الشمالية.فى المقال المقبل نكمل رحلتنا مع الكتاب ونبدأ فيه من موجات الصدام بين بولجاريا وإمارة الروس فى القرن العاشر الميلادى. ...قراءة المزيد
الكلمات المفتاحية المذكورة في المقال:
اليوم السابع
2023-06-25
أكدت دول فرنسا وبولندا وبريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية وألمانيا التزامها وتصميمها على دعم أوكرانيا. وبحسب بيان صحفى صدر عن الرئاسة الفرنسية، فقد جاء ذلك خلال مباحثات أجراها الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون مع نظيره البولندى أندريه دودا، ثم مع نظيره الأمريكى جو بايدن، والمستشار الألمانى أولاف شولتس، وكذلك مع رئيس الوزراء البريطانى ريشى سوناك. وناقش القادة التأثيرات المحتملة للأحداث الجارية فى روسيا على الصراع الروسى ـــ الأوكرانى. وكانت الخدمة الصحفية للرئاسة البيلاروسية قد أعلنت قبول مؤسس مجموعة "فاجنر" الخاصة يفجينى بريجوجين، اقتراح للرئيس البيلاروسى ألكسندر لوكاشينكو، بوقف تحركات مسلحى المجموعة فى روسيا، وبدء إلغاء التصعيد واتخاذ مزيد من الخطوات لتهدئة التوترات. يُذكر أن قوات "فاجنر" استولت خلال الساعات الماضية، على مقر المنطقة العسكرية الجنوبية فى مقاطعة روستوف على نهر الدون. ووصف الرئيس الروسى فلاديمير بوتين تصرفات المتمردين بأنها مغامرة إجرامية وطعنة فى ظهر روسيا وخيانة. ...قراءة المزيد
الكلمات المفتاحية المذكورة في المقال:
اليوم السابع
2023-07-13
قال نائب وزير الداخلية البيلاروسي، نيكولاي كاربينكوف، الأربعاء، إن قوات بلاده الخاصة ستجري تدريبات مشتركة مع مقاتلي "فاغنر" في بيلاروس للاستفادة من "خبراتهم الثمينة". وأوضح كاربينكوف، الذي يشغل منصب القائد العام للقوات البيلاروسية الداخلية، في حديث لوكالة "سبوتنيك الروسية": "نتفاوض مع ممثلي فاغنر الذين سيتشاركون مع قواتنا التدريب القتالي، ويزودونهم بخبراتهم القتالية التي لا تقدر بثمن، حيث سيدربون مجموعات الاستجابة السريعة "SOBR" التابعة للشرطة ووحدة مكافحة الإرهاب الخاصة "ألماز" Almaz". وفي وقت مبكر من صباح يوم السبت 24 يونيو، استولت قوات مجموعة "فاغنر" العسكرية الخاصة على مقر المنطقة العسكرية الجنوبية في مقاطعة روستوف على نهر الدون. ووصف الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، تصرفات المتمردين بأنها مغامرة إجرامية وطعنة في ظهر روسيا وخيانة، كما فتح جهاز الأمن الفيدرالي الروسي قضية ضد مؤسس "فاغنر"، يفغيني بريغوجين، بموجب تهمة تنظيم "عصيان مسلح". وفي وقت لاحق، أعلنت الخدمة الصحفية لرئيس بيلاروس عن قبول مؤسس مجموعة "فاغنر"، يفغيني بريغوجين، اقتراح لوكاشينكو بوقف تحركات مسلحي المجموعة في روسيا واتخاذ مزيد من الخطوات لتهدئة التوترات. وأشارت إلى أن الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، أطلع نظيره البيلاروسي على الوضع في جنوب روسيا مع شركة "فاغنر" العسكرية الخاصة، واتفق الزعيمان على العمل المشترك. وتلا ذلك إعلان بريغوجين الشخصي عن وقف تحرك قواته باتجاه موسكو، مؤكدا أنها عادت أدراجها وتغادر في الاتجاه المعاكس، عائدة إلى معسكراتها في خطوط التماس. وفي وقت لاحق، وضع الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، مقاتلي مجموعة فاغنر أمام 3 خيارات لا رابع لها، وهي إما التعاقد مع الجيش الروسي، أو ترك السلاح والعودة إلى عائلاتهم وأصدقائهم أو السفر إلى بيلاروس. ...قراءة المزيد
الكلمات المفتاحية المذكورة في المقال:
اليوم السابع
2023-06-24
نشرت وزارة الدفاع الروسية صورة معبرة للجنود الروس بعنوان "التماسك والوحدة"، وذلك عقب فترة وجيزة من إعلان التهدئة مع قوات "فاجنر" التى أعلنت التمرد اليوم، بحسب "روسيا اليوم". أول تعليق من وزارة الدفاع الروسية عقب التهدئة مع مجموعة مكتب الرئيس البيلاروسى: بريجوجين يقبل اقتراح لوكاشينكو تهدئة الوضع وكانت هذه الصورة أول ما تنشره الوزارة عقب التهدئة، كدليل على أن وحدة وتماسك القوات الروسية أقوى من أي فتن وخلافات يحلم أعداء روسيا أن تدب في صفوفها. وأعلنت الخدمة الصحفية لرئيس بيلاروس، اليوم السبت، عن قبول مؤسس مجموعة "فاجنر" يفغيني بريغوجين، اقتراح لوكاشينكو وقف تحركات مسلحي المجموعة في روسيا، واتخاذ مزيد من الخطوات لتهدئة التوترات. وأشارت الخدمة الصحفية إلى أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أطلع صباح اليوم، نظيره البيلاروسي على الوضع في جنوب روسيا مع شركة "فاغنر" العسكرية الخاصة، واتفق الزعيمان على العمل المشترك. وتلا ذلك إعلان بريجوجن الشخصى عن وقف تحرك قواته باتجاه موسكو، مؤكدا أنها استدارت وتغادر الآن فى الاتجاه المعاكس، عائدة إلى معسكراتها فى خطوط التماس. وفي وقت مبكر من صباح السبت، استولت قوات مجموعة "فاجنر" العسكرية الخاصة، على مقر المنطقة العسكرية الجنوبية في مقاطعة روستوف على نهر الدون. ووصف الرئيس الروسى فلاديمير بوتين تصرفات المتمردين بأنها مغامرة إجرامية وطعنة في ظهر روسيا وخيانة. كما فتح جهاز الأمن الفيدرالى الروسى قضية ضد مؤسس "فاجنر" يفجينى بريجوجين بموجب تهمة تنظيم "عصيان مسلح". ...قراءة المزيد
الكلمات المفتاحية المذكورة في المقال:
اليوم السابع
2023-06-30
حرباً لا تتوقف، وقتال لا ينقطع تشهده الحرب الأوكرانية على صعيد الميدان وفى أروقة الدبلوماسية، وكذلك على صعيد التخابر والتجسس بين موسكو وكييف.. فبين صفوف الجنود والآليات العسكرية، وخلف الخطوط خلايا تم انتقاء عناصرها بعناية ليكونوا بمثابة "جنرالات الظل" بينهم من تسلل فى مهام نوعية لخدمة بلاده ، ومن ضمنهم من اختار طريق العمالة وانضم لصفوف "الطابور الخامس" ، ليتنافسوا فى جمع معلومات كانت على مدار تلك الحرب الممتدة صيداً ثمينا مهد طريق لعمليات عسكرية ناجحة ، أو حال دون تقدم ميدانى غير مدروس. "مهندس روستوف".. جاسوس فى قلب قلاع الصناعات العسكرية الروسية وفى نهاية مايو الماضى، وفى وقت توارت فيه مبادرات السلام وارتفع الحديث عن تعثر الحسم الروسى أمام "الهجوم المضاد" الذى حشد الغرب لترجيح كفة أوكرانيا من خلاله ، أعلنت هيئة الأمن الفيدرالية الروسية اعتقال مهندس ومصمم فى إحدى شركات الصناعات الدفاعية الروسية جراء تعاونه مع المخابرات العسكرية الأوكرانية. ذكر مركز العلاقات العامة بالهيئة، فى بيان له ، أن هيئة الأمن الفيدرالية قامت بتوثيق واعتراض الأنشطة غير القانونية لمهندس ومصمم بإحدى مؤسسات المجمع الصناعى العسكرى فى "روستوف" على نهر الدون. وأشار المركز إلى أن المواطن الروسى المتهم قام من فبراير إلى إبريل الماضيين، فى إطار المراسلات على شبكة الإنترنت، بمراسلة موظف بمديرية المخابرات الرئيسية التابعة لوزارة الدفاع الأوكرانية ونقل المتهم له معلومات استباقية حول مواقع المؤسسات الصناعية الدفاعية، وكذلك أنظمة الدفاع الجوى، ومواقع تمركز أفراد القوات المسلحة الروسية فى إقليم روستوف على نهر الدون. وشدد على أن دائرة التحقيق فى هيئة الأمن الفيدرالية الروسية قد رفعت قضية جنائية بموجب المادة 275 من قانون العقوبات الروسى بتهمة "الخيانة العظمى"، التجسس، حيث يواجه المهندس الروسى عقوبة بالسجن مدى الحياة. الحنين إلى روسيا.. أزمة هوية فى قلب كييف المهندس الجاسوس لم يكن الأول فى حرب الجواسيس ، خاصة لتشابك المشهد الروسى ـ الأوكرانى لدرجة يمكن اعتبارها "أزمة هوية".. ففى تقرير لمجلة فورين بوليسى الأمريكية يناير الماضى من داخل الأراضى الأوكرانية ، قال مواطنون أغلبهم مسنين ، إنهم يرون العيش تحت إدارة روسية أفضل ، وهو ما اعتبرته المجلة بمثابة قناعة تغذى فكر كثيرين فى تعاونهم مع الروس خلال الحرب. وفى التقرير تحدثت عجوز سبعينية لم تكشف عن هويتها قرب مستشفى خيرسون الرئيسى بأوكرانيا عن مشاعرها حيال الصراع الدائر وقالت: "الوضع كان أفضل عندما كان الروس هنا، والقرم جزء من روسيا"، وتابعت كلامها وهى تشيد بالرئيس الروسى فلاديمير بوتين، لتعكس بما لا يدع مجالًا لشك مشاعر لا تستطيع كييف إنكارها بشكل واضح. ومع الاختلاف فى تصنيف الولاءات المتعددة ما بين مشاعر صادقة أم عمالة، نقل تقرير فورين بوليسى عن رائد أوكرانى من اللواء الميكانيكى 59، سيرجى تسيهوتسكى إن "أى شخص" يمكن أن يكون عميلًا روسيا أو خائنًا ولا يهم العمر أو الخلفيات. وتابع: "العملاء الرئيسيين خرجوا من خيرسون، لكن بقى الكثيرون غيرهم". وأشارت التقرير إلى أن المخبرين والخونة والعملاء دعموا روسيا فى محاربة أوكرانيا منذ البداية، وساعدوا فى تحديد مواقع الأهداف فى جميع أنحاء البلاد، وتمكنوا من التسلل إلى الحكومة، وقد اعتقل الآلاف منهم العام الماضى وفتحت مئات القضايا ضدهم أمام المحاكم. ورغم ما أجرى من تغييرات جذرية منذ بداية الحرب العام الماضى فإن التقرير يرى أن النفوذ الروسى لا يزال متجذرا فى أجزاء واسعة من أوكرانيا، ولا تزال أيديولوجية الكرملين تعتبر أوكرانيا إلى حد كبير جزءا تاريخيا من روسيا. وفى وقت سابق، اعترف المتحدث باسم جهاز الأمن الأوكرانى أرتيم ديختيارينكو بأن الجهاز نفسه يحتاج إلى "تطهير من العملاء والخونة"، وقال: "من المؤسف أن هناك عملاء معادون فى أعلى المناصب وبين كبار المسؤولين. ونقل التقرير عن إيرينا فيدوريف رئيسة تحرير "تشيسنو" (Chesno) -وهى منظمة سياسية غير ربحية مقرها كييف- قولها إن "عملاء الروس موجودون فى كل مكان، فى الحكومة والنظام القضائى والكنيسة، وهم أعضاء فى البرلمان وقضاة وقساوسة ومدنيون بالطبع". كنائس فى دائرة الشك حديث فيدوريف عن ولاء الكنائس داخل أوكرانيا لم يكن وليد اللحظة، فمنذ بداية الحرب الأوكرانية، كان ملف الدين من بين أكثر الملفات الشائكة، حيث يتواجد فى بلد الصراع نحو 30 مليونا من الأرثوذكس مقسمين بين الكنيسة الأرثوذكسية الأوكرانية التابعة لبطريركية موسكو، وبين اثنتين من الكنائس الأرثوذكسية الأخرى، إحداهما الكنيسة الأرثوذكسية الأوكرانية المستقلة. وفى ليلة عيد الميلاد الماضى، أشاد الرئيس الروسى فلادمير بوتين بالكنيسة الأرثوذكسية الروسية لدعمها قوات بلاده التى تقاتل فى أوكرانيا. وأصدر الكرملين هذه الرسالة بعد أن حضر الرئيس الروسى قداس عيد الميلاد للكنيسة الأرثوذكسية بمفرده داخل كاتدرائية فى الكرملين بدل الانضمام إلى المصلين فى احتفال عام. وأوضح بوتين أنه يعد الكنيسة الأرثوذكسية الروسية قوة مهمة لتحقيق الاستقرار فى المجتمع فى وقت يشهد "صداما تاريخيا" بين روسيا والغرب بسبب أوكرانيا وقضايا أخرى. وقال بوتين أنه "من دواعى سرورى أن أشير إلى المساهمة البناءة الضخمة التى تقدمها الكنيسة الأرثوذكسية الروسية والطوائف المسيحية الأخرى فى روسيا من أجل توحيد المجتمع والحفاظ على ذاكرتنا التاريخية وتعليم الشباب وتعزيز مؤسسة الأسرة". وفى تقرير منفصل اعتبرت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية الكنائس الأرثوذكسية فى أوكرانيا بمثابة "أدوات تجسس"، ونقلت عن مسئولين أوكرانيين قولهم إنهم أقدموا على اتخاذ إجراءات صارمة ضد أحد أفرع الكنيسة الأرثوذكسية الروسية الذى يصفونه بأنه قوة تخريبية تنفذ أوامر الكرملين. وذكر التقرير أن رئيس دير لإحدى الكنائس الأرثوذكسية فى شرق أوكرانيا كان فى مهمة دينية على ما يبدو، وعندما اندلعت الحرب ظل بجانب رعيته وزار مستشفى للصلاة مع الجنود الجرحى. ولكن فى واقع الأمر -وفقا لسجلات المحكمة- كان رئيس الدير واسمه أندريه بافلينكو يعمل بهمة ونشاط لقتل الجنود والناشطين الأوكرانيين، بمن فيهم كاهن من كنيسة أرثوذكسية منافسة فى مدينته، سيفيرودونيتسك. وورد فى الأدلة التى قُدمت أثناء مثوله أمام محكمة أوكرانية أن بافلينكو كتب إلى ضابط روسى فى مارس الماضى أنه يجب قتل كاهن تلك الكنيسة. وأظهرت تلك الأدلة أن بافلينكو أرسل إلى الجيش الروسى قوائم بأسماء أشخاص لاعتقالهم بمجرد احتلال المدينة. ورغم أن بافلينكو قد أُدين فى المحكمة اعتباره جاسوسا، فإنه سُلِّم إلى روسيا فى عملية تبادل للأسرى. ولم تكن تلك حالة معزولة، وفق تقرير "نيويورك تايمز"، ففى نوفمبر الماضى اعتقلت السلطات الأوكرانية أكثر من 30 من رجال الدين والراهبات من إحدى الأذرع الأوكرانية للكنيسة الأرثوذكسية الروسية، للاشتباه بهم. وتشكل الكنيسة الموالية لروسيا -وهى إحدى الكنائس الأرثوذكسية الكبرى فى البلاد- "تهديدا تخريبيا فريدا"، حسب توصيف أجهزة الأمن الأوكرانية. وتعد هذه الكنيسة من الكيانات التى تغلغل فيها قساوسة ورهبان وراهبات ساعدوا روسيا فى حربها على أوكرانيا، وفق تقرير "نيويورك تايمز". وأوضحت الصحيفة أن السلطات شنّت فى الأيام الأخيرة سلسلة من العمليات لتفتيش الكنائس والأديرة، وإصدار مراسيم وسنّ قوانين تقيد نشاط الكنيسة الموالية لروسيا التى يطلق عليها اسم مربك هو "الكنيسة الأرثوذكسية الأوكرانية التابعة لبطريركية موسكو". وكان الرئيس الأوكرانى فولوديمير زيلينسكى قد طلب من برلمان بلاده فى ديسمبر الماضى حظر أى كنيسة تخضع لروسيا. وأثارت الإجراءات الصارمة التى اتخذتها أوكرانيا ضد الكنيسة الأرثوذكسية احتجاجات قوية من الكنيسة والحكومة الروسية التى وصفتها بأنها اعتداء على الحرية الدينية. ويقول زيلينسكى -وهو يهودى الديانة- إن الحملة لا علاقة لها بالحريات الدينية التى يجادلون أنها لا تنطبق على أعمال التجسس أو إثارة الفتنة أو التخريب أو الخيانة. ووصفت الكنيسة الأرثوذكسية الأوكرانية، فى أوائل ديسمبر، اتهام قساوستها وكهنتها بالتعاون مع روسيا بأنها "لم تثبت صحتها ولا أساس لها". وأشارت الصحيفة إلى أن الكنيسة الموالية لروسيا، والتى لا تزال تمثل ملايين الأوكرانيين، تصر على أنها قطعت العلاقات مع السلطة الكنسية الروسية منذ بداية الحرب. وتابعت فى تقريرها أن الأدلة على معاملة الكنائس على أنها أدوات لتحقيق المآرب الروسية أمر شائع، فقد كشفت عمليات التفتيش عن أموال طائلة وأعلام دول سابقة كانت تابعة لروسيا فى شرق أوكرانيا، ومنشورات طبعها الجيش الروسى لتوزيعها فى "الأراضى المحتلة". محاولات لتطهير الجبهة الداخلية وقبل عام، حاول النظام الأوكرانى الإقدام على محاولات تطهير للجبهة الداخلية، حيث أقر البرلمان إقالة رئيس الأجهزة الأمنية إيفان باكانوف، والنائبة العامة إيرينا فينيديكتوفا باقتراح من رئيس البلاد فولوديمير زيلينسكى بسبب عجزهما عن مكافحة الجواسيس والمتعاونين مع روسيا. وكان زيلينسكى قال أنه سيستغنى عن رئيس الأجهزة الأمنية والنائبة العامة لعدم كفاية الجهود التى يبذلانها فى مكافحة الجواسيس. وقال الرئيس الأوكرانى "قررتُ إعادة النظر فى بعض المسؤولين داخل إدارة الأجهزة الأمنية"، فى حين اشتبه بارتكاب 3 من كبار المسؤولين فى هذه المؤسسة الخيانة العظمى فى الأشهر الأخيرة. وقال أندريه سميرنوف، نائب رئيس مكتب الرئاسة الأوكرانية فى تصريحات متلفزة حيها إن أوكرانيا سوف تستمر فى تحديد هوية الأشخاص الذين "يعملون لصالح العدو، والذين يسربون معلومات للعدو. ومنذ قرار البرلمان الأوكرانى، وحتى الآن، تتوالى الإقالات من حين إلى آخر فى صفوف القيادات الأوكرانية، لكن يبدوا أن الاختراقات الداخلية لا تزال بحاجة إلى المزيد، وهو ما عكسته حادثة مقتل وزير الداخلية الأوكرانى وقيادات أمنية عصر الأربعاء الماضى، بعد تحطم طائرته أعلى مبنى يضم حضانة أطفال فى ضواحى العاصمة كييف، لأسباب لا تزال مجهولة، وتعليق مبهم للمتحدث باسم قيادة القوات الجوية الأوكرانية، الذى قال أنه من السابق لأوانه الحديث عن أسباب تحطم المروحية، موضحا أن التحقيق سيستغرق وقتا. ...قراءة المزيد
الكلمات المفتاحية المذكورة في المقال: