رغدة البهى
نشر مركز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة مقالا للكاتبة رغدة البهى، تناولت فيه محاولات ترامب لتقويض الدولة العميقة، والتحديات التى تحول دون تحقيق هدفه... نعرض من المقال ما يلى:يعد مفهوم الدولة العميقة دليلا على أحد التحديات الجوهرية التى تقوض السياسات الداخلية الأمريكية، ويمثل رغبة الرؤساء الأمريكيين فى إعادة توجيه الجهاز البيروقراطى وإحكام سيطرتهم عليه. واتساقا مع هذا المعنى، وضع الرئيس دونالد ترامب نفسه فى مواجهة مع مؤسسات السلطة التنفيذية وموظفيها، على نحو أسفر عن تصدر مفهومين صدارة المشهد الداخلى الأمريكى، هما: السلطة التنفيذية الموحّدة، والدولة العميقة، ويستند الأول إلى شخصنة السلطة الرئاسية لتتجاوز حدود المنطق وسيادة القانون، فيما يشير الثانى - فى أحد معانيه - إلى المؤامرات المدبّرة الرامية إلى تقويض السلطة الدستورية للرئيس المنتخب.بيد أن دلالات الدولة العميقة، فى السياق الأمريكى، تتجاوز المعنى السابق، لتشمل شبكة معقدة من المناصب الرفيعة والقيادات الحكومية غير المنتخبة فى مؤسسات عدة، مثل الجيش والاستخبارات والقضاء، والتى تتحكم فى مقاليد الحكم، ويزداد نفوذ شاغليها غير المبرر فى السياسات العامة، والذى ينعكس فيما يتم تمريره أو تعطيله من قرارات رسمية، بما يقلّص دور الرئيس المنتخب إلى حد كبير. وفى معنى متصل، فإن الدولة العميقة تشير إلى الآلاف من خبراء الرأى والموظفين الحكوميين غير السياسيين ممن قوضوا سلطة ترامب فى ولايته الأولى، وحالوا بينه وبين فرض رؤيته وسياساته، ومن أمثلتهم جيف سيشنز، الذى رفض الانخراط فى تحقيقات التدخل الروسى فى الانتخابات الرئاسية 2016، وجيم ماتيس، الذى استقال بسبب خلافات حول قرارات ترامب الاستراتيجية مثل الانسحاب من سوريا، وغيرها.تعددت جهود وسياسات ترامب الرامية إلى استئصال شأفة الدولة العميقة وتفكيك جذورها عبر تقليص حجم وفعالية الحكومة الفدرالية مترامية الأطراف من خلال الحد من مواردها وتقليل أعداد العاملين بها. وهى السياسات التى وجدت جذورها فى ولايته الأولى، وتكررت الدعوة لها فى حملته الانتخابية العام الماضى، وتجد طريقها إلى التطبيق فى ولايته الثانية. فقد أصدر ترامب فى ولايته الأولى أمرا تنفيذيا عرف باسم «الجدول F» أو (Schedule F)، والذى كان من شأنه عزل «البيروقراطيين المارقين» وتجريد موظفى الخدمة المدنية غير الموالين للرئيس من الحماية لتسهيل عملية فصلهم واستبدال آخرين بهم يعبرون صراحة عن ولائهم لترامب عند تعيينهم. فيما استهل ترامب ولايته الثانية بأمر تنفيذى يجيز إجراء مراجعات شاملة لأجهزة الاستخبارات الأمريكية وغيرها من الوكالات؛ لتصحيح «سوء السلوك السابق» من خلال إجراءات مناسبة. إن رغبة ترامب فى تقويض الدولة العميقة، ومنح الموظفين المشرفين على إدارة التنوع فى المؤسسات الحكومية إجازة مفتوحة، وتعيين الموالين له فى أعقاب إعادة تصنيف الآلاف من موظفى الخدمة المدنية؛ تأتى فى إطار جملة من السياقات والعوامل، منها: سيطرة الحزب الديمقراطى ونخبته الليبرالية بشكل منفرد وغير رسمى على مقاليد الحكم خلال فترة الرئيس السابق جو بايدن من جهة، ورغبة مؤيدى ترامب فى رئاسة حازمة تلبى تطلعاتهم من جهة أخرى، وتطبيق أحد أهم الدروس المستخلصة من ولاية ترامب الأولى والمتمثل فى اختيار شخصيات تتسم بالولاء المطلق له بغض النظر عن كفاءتها للحيلولة دون أى مقاومة محتملة لسياساته المثيرة للجدل.• • •فى اتجاه مضاد للتحليلات التى تدفع بقدرة الرئيس الأمريكى على التصدى للدولة العميقة من خلال سياساته السالف ذكرها، تبرز ثلاثة اتجاهات تشكّك فى قدرته تلك، وهو ما يتضح على النحو التالى:أولا: استمرار الدولة العميقة بأشكال أخرى: يتأسس هذا الاتجاه على صعوبة إصلاح الحكومة الفيدرالية، ولاسيما أن الدولة العميقة لا تنبع من داخل البيروقراطية الفيدرالية، بل تنبع من «دولة المقاولين» التى تتكون من شركات عملاقة ذات ثراء مالى وحماية سياسية بقيادة شركات المقاولات الدفاعية الكبرى وحكومات الولايات والمنظمات غير الربحية المدعومة من دافعى الضرائب وأعضاء الكونجرس من كلا الحزبين الديمقراطى والجمهورى؛ ومن ثم فإن مواطنى وداعمى تلك الدولة العميقة هم السبب الحقيقى فى الإنفاق الفيدرالى المتزايد وعجز الميزانية الفيدرالية فى ظل تشعب البرامج الفيدرالية واستخدام أموال الضرائب لتوظيف ملايين الأشخاص فى القطاع الخاص، وهم السبب الحقيقى وراء الهدر والاحتيال لا البيروقراطيين. كما تذهب أكبر عقود الدولة العميقة الحقيقية إلى الشركات العملاقة التابعة للمجمع الصناعى العسكرى عبر وزارة الدفاع الأمريكية؛ مما يجعلها أحد أبرز مظاهر الاحتكار وأحد أسباب ضعف الرقابة الفدرالية.ثانيا: التداعيات السلبية لسياسات ترامب على نفسه: يدفع هذا الاتجاه بأن سياسات ترامب لتقويض الدولة العميقة ستقوضه هو نتيجة جملة من الأسباب، منها أن القيادات التى يعيّنها تمس الدور القيادى العالمى فى سياق دولى أكثر تعقيدا من مثيله فى فترته الرئاسية الأولى. وعليه، فإنها لا تتناسب مع التوترات الجيوستراتيجية العالمية فى منطقة الشرق الأوسط أو فى القارة الأوروبية، كما لا تتسق والتوترات المتصاعدة مع الصين فى ظل منافسة دولية محتدمة معها. فلا شك أن الاستعاضة عن خبراء الاستخبارات ذوى الخبرة سيخلّف عواقب سلبية على المدى الطويل فى الوقت الذى تحتاج فيه الولايات المتحدة إلى مجتمع استخبارات ذى كفاءة وفعالية. بعبارة أخرى، فإن سياسات ترامب فى مواجهة الدولة العميقة ستسفر عن تقويض إن لم يكن «هدم» أجهزة الاستخبارات الأمريكية؛ لأن تلك السياسات تتأسس على تحكم الولاءات فى عمل تلك الأجهزة، وهى القناعة التى تقوض أحد أهم أسس عملها، والمتمثل فى تغليب المصلحة على الولاء من خلال إمداد الرئيس بأفضل المعلومات الاستخباراتية المتاحة. كما يسهل التشكيك فى كفاءة كثير من الشخصيات التى عينها، ومنها مديرة الاستخبارات الوطنية، الديمقراطية السابقة تولسى غابارد، التى دافعت عن بشار الأسد، واتهمت ترامب بالسعى إلى حرب مع إيران؛ لذا يشير سجلها ومواقفها السياسية المعلنة إلى الطابع الانتقائى الذى ستمارسه عند تقييم المعلومات الاستخباراتية؛ فتستمع إلى ما يتفق مع نسقها العقدى، وترفض ما يتناقض مع رؤيتها وسياساتها.ثالثا: تسييس الدولة العميقة لأغراض وظيفية: دفعت بعض التحليلات بعدم وجود ما يسمى الدولة العميقة، وأن مزاعم ترامب بشأنها هى محاولة للمتاجرة والزج بنظرية المؤامرة فى قلب السياسة الأمريكية لتصفية الخصوم وخلق ثقافتى الصمت والخوف اللتين قد تؤثران فى الأداء الوظيفى لمختلف الأجهزة الرسمية. وقد تكون تلك المزاعم مجرد البداية للنيل من معارضى الإدارة الأمريكية الحالية، ما يأذن ببداية عهد جديد للولايات المتحدة ونظام حكمها؛ فتوزع المناصب وفقا للأهواء وليس الكفاءات. وبناءً على ذلك، فى المستقبل القريب، ستتضح أهداف ترامب من سياساته تلك، وما إن كان تسييسها يهدف إلى ردع موظفى الخدمة المدنية كى لا يتصدوا لأجندته المتطرفة، أم إلى إعادة ترتيب الجهاز البيروقراطى وتسخيره فى خدمته، وتحويل الحكومة الفدرالية إلى وسيلة لإحكام السيطرة واستهداف الخصوم وتصفية الحسابات وملاحقة المعارضين واستفزاز المؤسسات التقليدية.• • •ختاما، ينفذ الرئيس ترامب وعده بملاحقة أعدائه وإسقاط أنصار الدولة العميقة الذين عارضوه سلفا وتسببوا فى ملاحقته قضائيا، وهو ما بدأ بالفعل بعد ساعات قليلة من أدائه اليمين الدستورية كرئيس للولايات المتحدة فى ولايته الثانية. ونتيجة لذلك، تثير سياسات ترامب فى مواجهة الدولة العميقة تساؤلات جدية عن قدرة أنصاره على إدارة مؤسسات ضخمة ومعقدة، ودورهم فى تسييس أكبر المؤسسات التى يفترض استقلاليتها عن السلطة السياسية؛ فى إساءة استخدام واضحة للسلطة، وفى تحويل متعمد للمؤسسات إلى أدوات سياسية. النص الأصلى:
الشروق
2025-03-31
نشر مركز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة مقالا للكاتبة رغدة البهى، تناولت فيه محاولات ترامب لتقويض الدولة العميقة، والتحديات التى تحول دون تحقيق هدفه... نعرض من المقال ما يلى:يعد مفهوم الدولة العميقة دليلا على أحد التحديات الجوهرية التى تقوض السياسات الداخلية الأمريكية، ويمثل رغبة الرؤساء الأمريكيين فى إعادة توجيه الجهاز البيروقراطى وإحكام سيطرتهم عليه. واتساقا مع هذا المعنى، وضع الرئيس دونالد ترامب نفسه فى مواجهة مع مؤسسات السلطة التنفيذية وموظفيها، على نحو أسفر عن تصدر مفهومين صدارة المشهد الداخلى الأمريكى، هما: السلطة التنفيذية الموحّدة، والدولة العميقة، ويستند الأول إلى شخصنة السلطة الرئاسية لتتجاوز حدود المنطق وسيادة القانون، فيما يشير الثانى - فى أحد معانيه - إلى المؤامرات المدبّرة الرامية إلى تقويض السلطة الدستورية للرئيس المنتخب.بيد أن دلالات الدولة العميقة، فى السياق الأمريكى، تتجاوز المعنى السابق، لتشمل شبكة معقدة من المناصب الرفيعة والقيادات الحكومية غير المنتخبة فى مؤسسات عدة، مثل الجيش والاستخبارات والقضاء، والتى تتحكم فى مقاليد الحكم، ويزداد نفوذ شاغليها غير المبرر فى السياسات العامة، والذى ينعكس فيما يتم تمريره أو تعطيله من قرارات رسمية، بما يقلّص دور الرئيس المنتخب إلى حد كبير. وفى معنى متصل، فإن الدولة العميقة تشير إلى الآلاف من خبراء الرأى والموظفين الحكوميين غير السياسيين ممن قوضوا سلطة ترامب فى ولايته الأولى، وحالوا بينه وبين فرض رؤيته وسياساته، ومن أمثلتهم جيف سيشنز، الذى رفض الانخراط فى تحقيقات التدخل الروسى فى الانتخابات الرئاسية 2016، وجيم ماتيس، الذى استقال بسبب خلافات حول قرارات ترامب الاستراتيجية مثل الانسحاب من سوريا، وغيرها.تعددت جهود وسياسات ترامب الرامية إلى استئصال شأفة الدولة العميقة وتفكيك جذورها عبر تقليص حجم وفعالية الحكومة الفدرالية مترامية الأطراف من خلال الحد من مواردها وتقليل أعداد العاملين بها. وهى السياسات التى وجدت جذورها فى ولايته الأولى، وتكررت الدعوة لها فى حملته الانتخابية العام الماضى، وتجد طريقها إلى التطبيق فى ولايته الثانية. فقد أصدر ترامب فى ولايته الأولى أمرا تنفيذيا عرف باسم «الجدول F» أو (Schedule F)، والذى كان من شأنه عزل «البيروقراطيين المارقين» وتجريد موظفى الخدمة المدنية غير الموالين للرئيس من الحماية لتسهيل عملية فصلهم واستبدال آخرين بهم يعبرون صراحة عن ولائهم لترامب عند تعيينهم. فيما استهل ترامب ولايته الثانية بأمر تنفيذى يجيز إجراء مراجعات شاملة لأجهزة الاستخبارات الأمريكية وغيرها من الوكالات؛ لتصحيح «سوء السلوك السابق» من خلال إجراءات مناسبة. إن رغبة ترامب فى تقويض الدولة العميقة، ومنح الموظفين المشرفين على إدارة التنوع فى المؤسسات الحكومية إجازة مفتوحة، وتعيين الموالين له فى أعقاب إعادة تصنيف الآلاف من موظفى الخدمة المدنية؛ تأتى فى إطار جملة من السياقات والعوامل، منها: سيطرة الحزب الديمقراطى ونخبته الليبرالية بشكل منفرد وغير رسمى على مقاليد الحكم خلال فترة الرئيس السابق جو بايدن من جهة، ورغبة مؤيدى ترامب فى رئاسة حازمة تلبى تطلعاتهم من جهة أخرى، وتطبيق أحد أهم الدروس المستخلصة من ولاية ترامب الأولى والمتمثل فى اختيار شخصيات تتسم بالولاء المطلق له بغض النظر عن كفاءتها للحيلولة دون أى مقاومة محتملة لسياساته المثيرة للجدل.• • •فى اتجاه مضاد للتحليلات التى تدفع بقدرة الرئيس الأمريكى على التصدى للدولة العميقة من خلال سياساته السالف ذكرها، تبرز ثلاثة اتجاهات تشكّك فى قدرته تلك، وهو ما يتضح على النحو التالى:أولا: استمرار الدولة العميقة بأشكال أخرى: يتأسس هذا الاتجاه على صعوبة إصلاح الحكومة الفيدرالية، ولاسيما أن الدولة العميقة لا تنبع من داخل البيروقراطية الفيدرالية، بل تنبع من «دولة المقاولين» التى تتكون من شركات عملاقة ذات ثراء مالى وحماية سياسية بقيادة شركات المقاولات الدفاعية الكبرى وحكومات الولايات والمنظمات غير الربحية المدعومة من دافعى الضرائب وأعضاء الكونجرس من كلا الحزبين الديمقراطى والجمهورى؛ ومن ثم فإن مواطنى وداعمى تلك الدولة العميقة هم السبب الحقيقى فى الإنفاق الفيدرالى المتزايد وعجز الميزانية الفيدرالية فى ظل تشعب البرامج الفيدرالية واستخدام أموال الضرائب لتوظيف ملايين الأشخاص فى القطاع الخاص، وهم السبب الحقيقى وراء الهدر والاحتيال لا البيروقراطيين. كما تذهب أكبر عقود الدولة العميقة الحقيقية إلى الشركات العملاقة التابعة للمجمع الصناعى العسكرى عبر وزارة الدفاع الأمريكية؛ مما يجعلها أحد أبرز مظاهر الاحتكار وأحد أسباب ضعف الرقابة الفدرالية.ثانيا: التداعيات السلبية لسياسات ترامب على نفسه: يدفع هذا الاتجاه بأن سياسات ترامب لتقويض الدولة العميقة ستقوضه هو نتيجة جملة من الأسباب، منها أن القيادات التى يعيّنها تمس الدور القيادى العالمى فى سياق دولى أكثر تعقيدا من مثيله فى فترته الرئاسية الأولى. وعليه، فإنها لا تتناسب مع التوترات الجيوستراتيجية العالمية فى منطقة الشرق الأوسط أو فى القارة الأوروبية، كما لا تتسق والتوترات المتصاعدة مع الصين فى ظل منافسة دولية محتدمة معها. فلا شك أن الاستعاضة عن خبراء الاستخبارات ذوى الخبرة سيخلّف عواقب سلبية على المدى الطويل فى الوقت الذى تحتاج فيه الولايات المتحدة إلى مجتمع استخبارات ذى كفاءة وفعالية. بعبارة أخرى، فإن سياسات ترامب فى مواجهة الدولة العميقة ستسفر عن تقويض إن لم يكن «هدم» أجهزة الاستخبارات الأمريكية؛ لأن تلك السياسات تتأسس على تحكم الولاءات فى عمل تلك الأجهزة، وهى القناعة التى تقوض أحد أهم أسس عملها، والمتمثل فى تغليب المصلحة على الولاء من خلال إمداد الرئيس بأفضل المعلومات الاستخباراتية المتاحة. كما يسهل التشكيك فى كفاءة كثير من الشخصيات التى عينها، ومنها مديرة الاستخبارات الوطنية، الديمقراطية السابقة تولسى غابارد، التى دافعت عن بشار الأسد، واتهمت ترامب بالسعى إلى حرب مع إيران؛ لذا يشير سجلها ومواقفها السياسية المعلنة إلى الطابع الانتقائى الذى ستمارسه عند تقييم المعلومات الاستخباراتية؛ فتستمع إلى ما يتفق مع نسقها العقدى، وترفض ما يتناقض مع رؤيتها وسياساتها.ثالثا: تسييس الدولة العميقة لأغراض وظيفية: دفعت بعض التحليلات بعدم وجود ما يسمى الدولة العميقة، وأن مزاعم ترامب بشأنها هى محاولة للمتاجرة والزج بنظرية المؤامرة فى قلب السياسة الأمريكية لتصفية الخصوم وخلق ثقافتى الصمت والخوف اللتين قد تؤثران فى الأداء الوظيفى لمختلف الأجهزة الرسمية. وقد تكون تلك المزاعم مجرد البداية للنيل من معارضى الإدارة الأمريكية الحالية، ما يأذن ببداية عهد جديد للولايات المتحدة ونظام حكمها؛ فتوزع المناصب وفقا للأهواء وليس الكفاءات. وبناءً على ذلك، فى المستقبل القريب، ستتضح أهداف ترامب من سياساته تلك، وما إن كان تسييسها يهدف إلى ردع موظفى الخدمة المدنية كى لا يتصدوا لأجندته المتطرفة، أم إلى إعادة ترتيب الجهاز البيروقراطى وتسخيره فى خدمته، وتحويل الحكومة الفدرالية إلى وسيلة لإحكام السيطرة واستهداف الخصوم وتصفية الحسابات وملاحقة المعارضين واستفزاز المؤسسات التقليدية.• • •ختاما، ينفذ الرئيس ترامب وعده بملاحقة أعدائه وإسقاط أنصار الدولة العميقة الذين عارضوه سلفا وتسببوا فى ملاحقته قضائيا، وهو ما بدأ بالفعل بعد ساعات قليلة من أدائه اليمين الدستورية كرئيس للولايات المتحدة فى ولايته الثانية. ونتيجة لذلك، تثير سياسات ترامب فى مواجهة الدولة العميقة تساؤلات جدية عن قدرة أنصاره على إدارة مؤسسات ضخمة ومعقدة، ودورهم فى تسييس أكبر المؤسسات التى يفترض استقلاليتها عن السلطة السياسية؛ فى إساءة استخدام واضحة للسلطة، وفى تحويل متعمد للمؤسسات إلى أدوات سياسية. النص الأصلى: ...قراءة المزيد
الكلمات المفتاحية المذكورة في المقال:
الشروق
2023-04-12
نشر المركز المصرى للفكر والدراسات الاستراتيجية مقالا للكاتبة رغدة البهى، تناولت فيه محاولات كندا والاتحاد الأوروبى والولايات المتحدة فرض قيود على استخدام تطبيق تيك توك، كما فسرت مخاوفهم الدافعة لحظره... نعرض من المقال ما يلى.تتصاعد حدة الأزمة التى يواجهها تطبيق «تيك توك» عالميًا بعد أن حظرته بريطانيا من الأجهزة الحكومية الرسمية، بالتوازى مع قيود مماثلة فرضتها كندا والاتحاد الأوروبى والولايات المتحدة، وذلك على الرغم من جهود شركة «بايت دانس» (المالكة للتطبيق) التى عزلت بيانات المستخدمين والمستخدمات فى الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبى عن عملياتها العالمية من ناحية، ودأبت على التأكيد على سلامة بياناتهم ورفضها ونفيها تسليم تلك المعلومات إلى الحكومة الصينية من ناحية ثانية.عوامل مُفسرةتدور مخاوف مختلف الدول من تطبيق «تيك توك» حول: استخدامه لأغراض التجسس، وانتهاك خصوصية المستخدمين والمستخدمات، وجمع بيانات استخبارية عنهم لصالح الحزب الشيوعى الصينى، وتزايد إمكانية إتاحة بيانات هؤلاء المستخدمين والمستخدمات للحكومة الصينية فى ظل الترابط بين الشركة المالكة له والاستخبارات الصينية، بجانب تعدد المخاطر الأمنية للتطبيق الذى يهدد الأمن القومى لكثير من الدول بعد أن تحول إلى أداة فى يد الصين، ناهينا عن القوانين الوطنية التى قضت بوجوب تسليم الشركات الصينية للبيانات التى تطلبها منها الحكومة الصينية والتى قد تستخدمها لنشر معلومات مضللة، وأيضًا إقرار شركة «بايت دانس» بأن بعض الموظفين فى الصين يمكنهم الوصول إلى بيانات المستخدمات والمستخدمين الأوروبيين.فلا شك أن البيانات أضحت هى «نفط القرن الحادى والعشرين»، ولكونها السلعة الاقتصادية الأبرز، تُثار التساؤلات عن مصير البيانات الشخصية التى يَجمعها التطبيق (مثل: الموقع الجغرافى، ونشاط المستخدمين والمستخدِمات، وبريدهم الإلكترونى، ونوع أجهزتهم الإلكترونية المستخدمة، والتطبيقات الأخرى الموجودة على أجهزتهم، وغير ذلك). وهو ما تتزايد خطورته فى ظل تعقب خوارزميته لما يشاهده المستخدمون والمستخدمات ومقدار الوقت الذى يقضونه لمشاهدة كل مقطع فيديو، لتحديد المحتوى الأكثر تفضيلًا لهم من خلال الوقوف على أنماط سلوكهم. وهو ما دفع البعض للقول إن الهدف من جمع تلك البيانات يتمثل فى الأغراض التسويقية، بينما دفع آخرون بإمكانية بيعها لحكومات أخرى. وهو ما قاد بدوره إلى مخاوف أمنية دفعت كثيرا من الدول للتحقيق فى حجم البيانات التى تمكن التطبيق من جمعها للوقوف على مصيرها المحتمل.كما لا يمكن التقليل من شأن ما خلُصت إليه لجنة التجارة الفيدرالية ووزارة العدل الأمريكية من استنتاجات تؤكد فشل التطبيق فى الالتزام بقوانين خصوصية الأطفال ما يستوجب حظره فى الداخل الأمريكى. وقد سبق أن طالب «مركز الديمقراطية الرقمية»، بجانب «حملة من أجل طفولة خالية من التجارة» منذ سنوات عدة لجنة التجارة الفيدرالية بالنظر فى فشل التطبيق فى حذف مقاطع الفيديو ومعلومات المستخدمات والمستخدمين الشخصية ممن يبلغون من العمر 13 عامًا أو أقل. فمع تنامى أعداد صغار السن المستخدمين للتطبيق، دفعت بعض الدول ــ لا سيما الهند والبرازيل وبعض الدول العربية ــ بتعرض المراهقات والمراهقين وصغار السن لبعض الفيديوهات الخارجة وغير اللائقة التى تتنافى مع القيم المجتمعية.كما يبرز ــ فى هذا الإطار ــ خطورة بعض التحديات التى يروج لها التطبيق والتى نجم عن كثير منها إصابات بالغة؛ فقد تسبب تحدى «كيكى» فى موت بعض المستخدمين على خلفية رقصهم خارج سياراتهم، كما تسبب تحدى (Oh Nanana) فى كسر كاحل إحدى المستخدمات البريطانيات على خلفية أدائها لبعض الحركات الراقصة على أنغام الأغنية نفسها ما استلزم إجراء جراحة لها. كما تسبب تحدى Skullbreaker فى إصابات بالغة بلغت إلى حد ارتجاج المخ والشلل والوفاة على خلفية محاولة شخصين عرقلة الثالث أثناء قفزه، كما تسبب تحدى «تناول قطعة من الحلوى بداخلها مادة حارة للغاية» فى تسمم ما لا يقل عن 57 طالبًا بإحدى المدارس الثانوية بالمكسيك.بيد أنه تجدر الإشارة إلى اختلاف مخاوف بعض دول الشرق الأوسط (مثل الأردن التى حظرت التطبيق بعد أن نشر فيديوهات تحرض على القتل والفوضى خلال الاحتجاجات التى شهدتها المملكة فى ديسمبر 2022 على خلفية ارتفاع أسعار المحروقات) أو جنوب آسيا (مثل الهند التى حظرت التطبيق بسبب تصاعد التوتر مع الصين) من ناحية، ومخاوف بعض الدول الأوروبية والولايات المتحدة من ناحية ثانية. إذ تدور مخاوف الأخيرة بالأساس حول الاعتبارات الأمنية جراء تأثير الحكومة الصينية المحتمل فى التطبيق، وبخاصة بعد أن ثبت قيامه بجمع معلومات عن بعض الصحفيين الغربيين كما أظهرت مراسلاته الرسمية؛ حيث تمكن التطبيق من رصد أماكن هؤلاء الصحفيين وتحديد طبيعة المعلومات التى يتلقونها، ما أكد أن كثيرًا من مخاوف الدول الغربية فى محلها؛ ذلك أن استخدام التطبيق يمكنه من معرفة مكان المستخدمين وما يبحثون عنه وأهم تفضيلاتهم.دلالات وتداعياتنظرًا تعدد المبررات والمخاوف التى تتفاقم سوءًا فى ظل افتقار عدد من الدول إلى قانون يكفل حماية خصوصية البيانات الوطنية وأنظمة المستخدمين والمستخدِمات، يتحتم على كثير من الدول وفى مقدمتها الولايات المتحدة الاختيار بين الاستجابة لمخاوفها الأمنية من ناحية، وتلبية متطلبات حرية الرأى والتعبير من ناحية ثانية، وكذا الاختيار بين استرضاء «جيل الألفية» من ناحية، و«الجيل زد» من ناحية ثانية. فلا شك أن الأول (ممن تتراوح أعمارهم بين 27 إلى 42 سنة) أقل ارتباطًا بالتطبيق وأقل استخدامًا له بالمقارنة بالثانى (ممن تتراوح أعمارهم بين 18 و26 سنة)؛ إذ يرى الأخير أن تطبيق تيك توك لا يعدو كونه مصدرًا للترفيه والعائد الاقتصادى ومنصة للتحديات المميزة، ووسيلة للشراكة التجارية بين المستخدمين والعلامات التجارية المرموقة.وقد خلص استطلاع الرأى الذى أجرته شركة (Social Sphere, Inc) فى 22 مارس 2023 ــ على 1607 ناخبًا مسجلًا تراوحت أعمارهم بين 18 و42 عامًا ــ إلى أن «جيل الألفية» يفضل حظر التطبيق فى الداخل الأمريكى بنسبة تتراوح بين 34 ــ 49% بالنظر إلى استخدامه فى عملية جمع البيانات والترويج للدعاية الصينية ونشر معلومات مضللة، وإن عارض «الجيل زد» ذلك الحظر بنسبة تتراوح بين 34 ــ 53%. كما خلص إلى أن ناخبى «الجيل زد» و«جيل الألفية» ينظرون إلى التطبيق بصورة إيجابية (بنسبة بلغت 66% و46% على الترتيب).ويسلط ذلك الاستطلاع الضوء على التداعيات المحتملة لحظر التطبيق التى قد تشمل حدوث رد فعل عنيف فى أوساط المستخدمين الشباب وجماعات الحقوق المدنية فى الداخل الأمريكى، ناهينا عن ردود أفعال الصين المحتملة والحاسمة على الحظر الأمريكى بعد أن دفعت بعض التحليلات بأن الموقف الأمريكى من التطبيق لا يعدو كونه حلقة جديدة من حلقات «الحرب البادرة التكنولوجية» التى بات على إثرها التطبيق فى قلب المواجهة السياسية بين الدولتين، وبخاصة وأن جهود الإدارة الأمريكية تأخذ شكل «البيع الصينى القسرى» للتطبيق ما قد يقوض ثقة المستثمرين عالميًا مع تأثر المعلنين والأنشطة ومختلف الشركات التجارية التى قد تواجه خسائر ضخمة محتملة.وقد يدفع ذلك الصين إلى تبنى سياسات مماثلة فى حق مختلف الشركات التكنولوجية العاملة على أراضيها. وقد تطال التداعيات المحتملة الشركات التكنولوجية الأمريكية وفى مقدمتها شركة «أوراكل» التى تُعد شركة «بايت دانس» أحد أكبر عملائها، وشركة «أبل» عملاق التكنولوجيا الأمريكية التى تُصنع معظم هواتفها وأجهزتها فى الصين (وإن نقلت بعض خطوط الإنتاج خارج البلاد فى ظل تصاعد حدة التوتر بين واشنطن وبكين)، بجانب شركة «بايت دانس» نفسها (المملوكة لمؤسسيها بنسبة 20٪، ولموظفيها بنسبة 20٪، وللمستثمرين العالميين بنسبة 60٪).• • •تعرض تطبيق «تيك توك» لهجمة عالمية شرسة غير مسبوقة على الرغم من نهم غيره من التطبيقات ووسائل التواصل الاجتماعى لبيانات المستخدمين والمستخدمات نفسها التى يجمعها، وهو ما يمكن معه القول إن الحظر التام له لن يقدم حلًا سحريًا لمخاوف الدول الأمنية منه بالضرورة، ولن يحول أيضًا دون إدمان المستخدمين ــ لا سيما الشباب ــ لوسائل التواصل الاجتماعى ممن يرجح اتجاههم لتطبيقات أخرى يأتى «إنستجرام» فى مقدمتها (بعد أن أتاح خاصية «الريلز» التى تتشابه مع أسلوب «تيك توك»)، كما لن ينجو الحظر بالضرورة من بعض الدعوات القضائية التى قد تلاحقه لأنه يقوض حرية تدفق المعلومات، ليظل الحل الأمثل هو رفع الوعى بمخاطر وسائل التواصل الاجتماعى وأهداف الشركات المالكة لها من ناحية، وتعزيز خصوصية المستخدمين والمستخدمات بقوانين فاعلة تكفل حماية بياناتهم وتحول دون وصول الشركات المحلية والأجنبية إليها من ناحية ثانية.النص الأصلى: ...قراءة المزيد
الكلمات المفتاحية المذكورة في المقال:
الشروق
2023-02-20
نشر المركز المصرى للفكر والدراسات الاستراتيجية مقالا للكاتبة رغدة البهى تناولت فيه الاستخدامات المتعددة لتطبيق «ChatGPT» ــ وهو برنامج اتصال نصى عبر الانترنت ــ والإشكاليات التى قد تنجم عن استخدام هذا التطبيق... نعرض من المقال ما يلى.منذ إطلاقه فى أواخر نوفمبر 2022، وُصف تطبيق/ روبوت الدردشة أو الـ Chatbot الذى أُطلق عليه «اسم تشات جى بى تى» ChatGPT بأنه أفضل ما طرح من نوعه على الإطلاق، لا سيما فى ظل قدرته على الإجابة عن جميع الأسئلة المطروحة عليه اعتمادا على الذكاء الاصطناعى، ليبدو الأمر على شاكلة التحدث مع إنسان بشرى شديد الذكاء.يعد تطبيق (ChatGPT) بمثابة طفرة فى عالم الدردشة، وهو ما يتجلى بصورة خاصة فى استخداماته المتعددة؛ إذ يمكن للمستخدمين أن يتواصلوا من خلاله مع بعضهم البعض أو قد يطرحوا عليه بعض التساؤلات أو ينخرطوا معه فى مناقشات أو يطلبوا منه كتابة أكواد برمجية أو حل المسائل الرياضية أو كتابة واجبات مدرسية أو تأليف قصائد شعرية أو غير ذلك. وبشكل عام، يمكن القول إن استخدامات التطبيق تشمل ما يلى:1ــ الكتابة وتحرير النصوص: يقوم التطبيق باكتشاف الأخطاء النحوية واللغوية فى الجمل التى يكتبها المستخدمون؛ إذ يمكنه التمييز بين الماضى والحاضر والمستقبل، بل وتحديد المخاطب فى الجملة؛ ليتحول إلى آلية للتأكد من خلو نص ما من الأخطاء، ووسيلة لإيجاد مرادفات عدة للكلمة الواحدة، بجانب التحقق من أصالة نص ما وخلوه من السرقة العلمية. كما يمكن ــ من خلال بعض الكلمات المفتاحية أو بعض النصوص المكتوبة ــ تقديم عدد لا نهائى من الصور التى يمكن من خلالها خلق تصميمات مبتكرة. كما يمكن الاستعانة بالتطبيق فى كتابة الرسائل الإلكترونية الرسمية وغير الرسمية من خلال إيجاد محتوى مناسب، بل واختيار صيغة تتلاءم مع احتياجات المستخدم، وتتضمن النقاط التى يرغب فى كتابتها.2ــ الدعاية والتسويق: يوفر التطبيق حملات إعلانية وطرقا إبداعية عدة تُمكّن المستخدمين من الترويج لحساباتهم على منصات التواصل الاجتماعى، ليدعم بذلك صنّاع المحتوى من خلال أفكار مبتكرة تُسوّق أعمالهم.3ــ البحث عن المعلومات ومستجدات الأحداث: يمكن من خلال التطبيق معرفة أحدث ما توصل إليه الذكاء الاصطناعى من تقنيات لتشخيص أعراض الأمراض وعلاجها، بجانب معرفة أخبار العالم المختلفة والعاجلة، كما يوفر مقالات أكاديمية وغير أكاديمية فى شتى الموضوعات، بجانب الاستشارات النفسية اللازمة للمستخدم بمجرد مشاركته حالته النفسية ومشاعره وما يفكر فيه.4ــ التصميم والبرمجة: يمتاز التطبيق بقدرته على استخدام مبادئ التصميم (UX/UI) ولغات البرمجة وأدوات تطوير المواقع، ويمكنه تقديم استشارات ذات الصلة بتصميم وتطوير مواقع الويب، بجانب اختبار فعالية البرمجيات المكتوبة من خلال تحديد الثغرات الموجودة فى النظام وتقديم إرشادات لتعديل الخطأ؛ إذ يمكنه كتابة دوال كاملة مع شرح كل كود وحل المشكلات البرمجية.وعليه، يمكن القول إن استخدامات التطبيق تطال التحليل اللغوى للنصوص الإلكترونية، بجانب مجالات الدعم الفنى من خلال الإجابة عن الأسئلة المعقدة وتقديم إرشادات تسهم فى حل المشكلات من خلال إنشاء استجابات نصية واقعية تفيد فى مجالات خدمة العملاء وإنشاء المحتوى لا سيما فى ظل قدرته على التعامل مع مجموعة واسعة من الموضوعات وأنماط الكتابة بما فى ذلك الرسائل الإلكترونية، والقصص، والأشعار، والأوامر البرمجية، وكتابة البحوث والمقالات، وغير ذلك.• • •فى اتجاه مضاد لمميزات التطبيق التى تشمل: تعدد استخداماته، وقدرته على التعلم الذاتى، والتكيف مع تعدد مصادر معلوماته لكونه نموذجا للشبكة العصبية الذكية التى يمكن تدريبها، وبراعته فى إنشاء استجابات نصية دقيقة، والتحدث الطبيعى الذى يشبه التحدث الإنسانى، والتعامل مع العديد من اللغات، فإنه يواجه تحديات عدة على شاكلة كل النماذج العصبية الذكية كأخطاء التشغيل التى قد يترتب عليها: تقديم إجابات غير صحيحة، والتعليقات غير المناسبة على الأسئلة المطروحة، والخطأ فى التحليل اللغوى. وهى الأخطاء التى نبهت إليها الشركة المنتجة للتطبيق بالقول إنه قد يعطى إجابات خاطئة أو تعليمات ضارة أو محتوى متحيز، وقد يقدم أيضا إجابات تبدو معقولة لكنها غير صحيحة.وبشكل عام، يمكن الوقوف على أبرز الآثار والإشكاليات التى قد تنجم عن ذلك التطبيق، وذلك على النحو التالى:1ــ منافسة الشركات التكنولوجية: يعتبر التطبيق نقلة نوعية على صعيد محركات البحث التوليدية، على نحو يقلص الفارق بين المحتويين الواقعى والآلى، ولذا دفعت كثير من التحليلات بأنه ينذر بنهاية شركة «جوجل»، لأنه يعطى المستخدم شعورا بالتحدث إلى متخصص/خبير الأمر الذى لا يقدمه محرك البحث التقليدى من ناحية، ولأنه يغنى المستخدم عن تصفح عشرات الصفحات والمواقع الإلكترونية وصولا لمعلومة ما من ناحية ثانية، ولأنه يقدم إجابات للمستخدمين دون الاتصال بالإنترنت بالضرورة من ناحية ثالثة. وفى المقابل، هناك من يدفع باستمرار صدارة محرك البحث «جوجل»، لأنه يعطى المستخدم قائمة من المواقع التى قد تفيده فى بحثه ليقرر بنفسه ماهية النتيجة التى توصل لها ويتأكد من صحتها وبالتبعية يتفادى المعلومات المضللة. بيد أن شركة «جوجل» نفسها تستشعر تهديدا عبر عنه أحد مسئوليها التنفيذيين لصحيفة «ذا تايمز» بقوله «إن التطبيق قد يشكل تهديدا على عمل محركها البحثى الذى يعتمد بشكل كبير على عائدات الإعلانات والتجارة الإلكترونية».2ــ التأثير فى هيكل الوظائف: يؤثر الذكاء الاصطناعى بشكل عام فى مختلف المهن والوظائف، ومن المتوقع أن يؤثر تطبيق (ChatGPT) بشكل خاص مستقبلا فى العاملين فى مجال المعلومات وخدمة العملاء والبرمجة وكتابة الإعلانات وأعمال السكرتارية. فخلال العقود القليلة الماضية، تسارع التحول من مجتمع الآلات إلى مجتمع المعلومات فى ظل تطورات تكنولوجية متسارعة بقيادة الذكاء الاصطناعى، وهى التطورات التى تزايدت معها المخاوف على مستقبل البشرية.3ــ افتقاد الأصالة والضوابط الأخلاقية: دفعت «ليندا بريس» فى مقالها المعنون: « ChatGPT معضلة الذكاء الاصطناعى وتحدى العدالة» بأن التطبيق يفتقر ــ بطبيعة الحال ــ إلى «الضمير» أو «النوايا» أو «الضوابط الأخلاقية»؛ فهو مجرد نموذج رياضى يعتمد على الأنماط اللغوية، وبالتالى فإن ردوده واستجابته ليست أصلية بالمعنى الإنسانى للكلمة، فهى عبارة عن مجموعات من العبارات والكلمات التى تدرب التطبيق عليها سلفا دون أن يكون له أى دور فى توليدها أو استحداثها من العدم. كما أنه يفتقر إلى القدرة على تطبيق المعايير الأخلاقية فى إجاباته، لأنه لا يفهم ماهية تلك المعايير.4ــ تأثر العملية التعليمية: تشير قدرة التطبيق على إنتاج محتوى فائق الجودة ودعم منظومة الابتكار إلى تداعياته المحتملة على قطاع التعليم؛ فقد يستخدمه الطلاب فى كتابة أبحاث وظائفهم وأبحاثهم العلمية، ولذا تتزايد أهمية التفرقة بين نص كتبه الطالب بنفسه وآخر قدمه روبوت المحادثة. ومن المتوقع أن يصاحب ذلك تحولات عدة على صعيد منهجية التدريس حال انتشر التطبيق على نطاق واسع مع التركيز على التعلم الآلى وكيفية استخدام التقنيات التكنولوجية لتحليل البيانات واتخاذ القرارات.5ــ تزايد العشوائية واحتمالات الخطأ: يمكن للذكاء الاصطناعى معالجة كميات كبيرة من البيانات والوثائق بسرعة وبدقة مع تحديد الأنماط والعلاقات التى قد يصعب على البشر ملاحظتها؛ بيد أن المعلومات على إطلاقها لا تخلو من تحيزات كامنة، وهى محملة بتوجهات أصحابها، بيد أن الذكاء الاصطناعى قد يكرس بدوره تلك التحيزات ويعظم من أوجه عدم المساواة وصولا إلى قرارات خاطئة. وتتزايد خطورة ذلك بالنظر إلى صعوبة فهم كيفية وصول الذكاء الاصطناعى إلى قراراته، ما يقوض من إمكانية مراجعتها وتقييمها من ناحية، وينذر بأخطاء محتملة ومعلومات غير دقيقة من ناحية ثانية، وهو ما يعنى فى مجمله تزايد أهمية تقييم العنصر البشرى للمعلومات المقدمة.ختاما، تتعدد الآمال المعقودة على التطبيق إلى حد الدفع باستثمارات مكثفة فى مجال روبوتات المحادثة المعتمدة على تقنيات الذكاء الاصطناعى إلى حد تحدى بعض الشركات التكنولوجية الرائدة والاضطلاع ببعض الوظائف والأعمال البشرية. وفى اتجاه مضاد لذلك، وبالنظر إلى درجة تطوره الراهنة، قد يكون من المبكر الثقة فى أصالة وحكمة وقدرات التطبيق الأمر الذى أقرته الشركة المنتجة له، بيد أنه بلا شك يكشف ملامح محتملة لمستقبل صناعة المحتوى والتأليف والكتابة الإبداعية. النص الأصلي ...قراءة المزيد
الكلمات المفتاحية المذكورة في المقال:
الشروق
2023-01-20
نشر المركز المصرى للفكر والدراسات الاستراتيجية مقالا للكاتبة رغدة البهى تناولت فيه ضرورة الاهتمام بزيادة الاستثمار فى تدابير الأمن السيبرانى لمجابهة خطر قرصنة وتسليع بيانات المستخدمين... نعرض من المقال ما يلى: مع ضخامة حجم البيانات المتداولة عالميا فى اليوم الواحد، وفى اتجاه مضاد للإقرار الدولى لمبادئ الخصوصية من ناحية، وتسارع وتيرة سياسات توطين البيانات من ناحية ثانية، تزايدت ــ فى المقابل ــ عمليات تسريب البيانات وتسليعها وطرحها للبيع على منتديات القرصنة والشبكة السوداء فى عام 2022 والأيام الأولى من عام 2023 على نحو يدلل على تصاعد وتعدد مخاطر أمن البيانات عالميا من ناحية، وتحول بيانات المستخدمين إلى هدف ثمين وسلعة رائجة مقترنة بجملة من الجرائم المصاحبة ومنها السرقة والابتزاز وغير ذلك من ناحية ثانية، وتزايد أهمية الإجراءات والتدابير الأمنية الاحترازية لتأمين سلامة البيانات من ناحية ثالثة. تعددت حالات تسريب البيانات طيلة العام الماضى وفى الأيام القليلة من بداية العام الحالى، وهى الحالات التى يمكن الوقوف على بعض الأمثلة البارزة لها، وذلك على النحو التالى: 1ــ وسائل التواصل الاجتماعى: فى إبريل 2022، تسرب نحو 487 مليون رقم من أرقام الهواتف الشخصية لمستخدمى تطبيق «واتساب» فى 84 دولة على الشبكة السوداء، وقد عُرضت جميعها للبيع على منتدى قرصنة مشهور، وقد كان من بينها 94 مليون رقم لمستخدمى التطبيق فى الدول العربية، بما فى ذلك 34 مليون رقم لمستخدمين مصريين. 2ــ تطبيقات التخزين السحابى: تعرض تطبيق (iCloud) للتخزين السحابى التابع لشركة «أبل» لتسريب عدة فيديوهات وصور تابعة لعدد من المستخدمين فى نوفمبر 2022، وهو ما أرجعته الشركة إلى عطل فنى طال مستخدمى هواتف «آيفون 13 برو» و«14 برو». وعلى خلفيته، تحولت مقاطع الفيديو على التطبيق إلى اللون الأسود ما جعلها غير قابلة للمشاهدة عند الحفظ أو التنزيل، وقد ظهر على أخرى خطوط سوداء مع تثبيت صورة واحدة من مصادر غير معروفة قد تكون تابعة لحسابات أخرى على التطبيق. 3ــ الخدمات الحكومية: تعرض (البريد الملكى البريطانى (Royal Mail فى نوفمبر 2022 إلى خرق للبيانات ومن ثم خلل فى خدمة شحن الطرود المعروفة باسم Click & Drop، ما مكّن العملاء من رؤية معلومات وطلبات وتفاصيل المستخدمين الآخرين. ولاحتواء ذلك، أوقفت الشركة خدمات البريد كإجراء وقائى دون الكشف عن سبب الخلل الذى أصاب خدماتها. 4ــ الشركات الخاصة: فتحت شركة «أوبر» للنقل الذكى فى سبتمبر 2022 تحقيقا فى خرق بيانات العملاء جراء خلل فى حساب. «سلاك» المخصص لتبادل المحادثات بين العملاء والشركة، وبموجبه تمكن المخترق من السيطرة على أنظمة الشركة الداخلية وقواعد بياناتها. وعلى إثر ذلك، أوقفت الشركة الخدمة بعد أن تراجعت أسهمها بنسبة 5%. وقد هدد المخترق بتسريب رمز مصدر الشركة بعد أن أوضح أنه اخترق الشركة بدافع التسلية، وإن تسبب اختراقه فى استيلائه على خدمات الويب التى تقدمها الشركة وكذا بعض بياناتها المالية الداخلية. 5ــ البنوك المصرفية: سُربت بيانات نحو مليون وربع بطاقة بنكية على الشبكة المظلمة فى أكتوبر 2022 على سوق يُعرف باسم (BidenCash)، وهى البيانات الشخصية التى شملت: عناوين البريد الإلكترونى، وأرقام هواتف العملاء وعناوينهم. وقد أرجع خبراء الأمن السيبرانى حدوث ذلك إلى بيانات التسجيل الموجودة فى صفحات الشراء على عدد من مواقع التجارة الإلكترونية المخترقة. يمكن الوقوف على أبرز دلالات تزايد عدد عمليات تسريب البيانات كما سبق توضيحه من خلال جملة من النقاط، وذلك على النحو التالى: 1ــ تزايد حالات الابتزاز بالتبعية: عادة ما يستهدف القراصنة والمتسللون بيانات بعض الأفراد الأكثر نفوذا وثراء أو المؤسسات الكبرى التى تخشى على سمعتها / قيمتها السوقية أو الجهات التى يمكنها دفع مقابل مادى ضخم للحيلولة دون نشر بياناتها. وكلما زادت حساسية البيانات، زادت احتمالات ابتزاز أصحابها. وهو ما يعنى أن تسريبها قد يستتبع بالضرورة ارتكاب جرائم أخرى منها بيعها على الشبكة السوداء أو إلى الصحف الوطنية / المؤسسات الإعلامية. 2ــ عالمية الطابع والانتشار: قد تطال عمليات تسريب البيانات جميع الدول بصرف النظر عن مدى تقدمها، وكذا جميع الشركات بصرف النظر عن حجمها. ففى الصين على سبيل المثال، شهد شهر يوليو 2022 تسريب معلومات مليار مواطن من إحدى قواعد البيانات التابعة لشرطة شنغهاى، بل وبيع أكثر من 23 تيرابايت من البيانات مقابل 10 بيتكوين (أى نحو 200 ألف دولار) فى أحد منتديات القرصنة. 3ــ تنامى أهمية البيانات عالميا: على شاكلة مختلف البرامج ومنصات الفيديو، تتعرض البيانات للقرصنة والاختراق، ومع تزايد الاعتماد عليها من قبل الأفراد والشركات، يزداد استهدافها بالتبعية. بيد أن المدى العالمى الواسع لحالات تسريب البيانات (التى شملت: الخدمات الحكومية، وكبريات الشركات التكنولوجية، وسلاسل الإمداد العالمية، وغير ذلك) إنما يعكس أهميتها القصوى على نحو يدلل على تحولها إلى نفط القرن الحادى والعشرين؛ فقد أضحت البيانات هى عصب الاقتصاد العالمى، وإحدى أهم ركائز التنمية الاقتصادية. كما أنها عماد عمليات التحول الرقمى والبوابة الرئيسية للاقتصاد الرقمى العالمى. 4ــ ضعف آليات الحماية: على الرغم من تعدد قوانين حماية الخصوصية، فإنها لا تردع المتسللين والقراصنة ولا سيما مع صعوبة الكشف عن هويتهم بسبب تقنيات التشويش المتقدمة متعددة الأشكال على سبيل المثال. بيد أن فعالية تلك القوانين إنما تنصرف فى أغلب الأحوال إلى الحالات التى تتكبد فيها الشركات التكنولوجية الكبرى غرامات مالية جراء تسريب بيانات مستخدميها. ولهذا السبب طرح أحد القراصنة على «إيلون ماسك» شراء بيانات «تويتر» المُسربة حصريا حتى يتفادى دفع غرامة ضخمة. 5ــ تزايد أهمية توطين البيانات: إن تعدد حالات تسريب البيانات التى تستهدف وسائل التواصل الاجتماعى بصفة خاصة يعكس أهمية توطين البيانات بمعنى تخزين ومعالجة البيانات على خوادم وطنية عوضا عن الخوادم الموجودة فى الخارج ضمانا لخلق بيئة آمنة لتداول المعلومات فى الفضاء السيبرانى، وهو ما يتطلب فى المقام الأول إيجاد بدائل وطنية للتواصل الاجتماعى. ختاما، تتزايد أهمية الحماية الفائقة لبيانات المستخدمين التى أضحت هى الكنز الأكبر لوسائل التواصل الاجتماعى التى تقدم خدمات مجانية للمستخدمين دون أن يشعروا بأنهم هم الثمن المدفوع مقابلها. إذ لا يمكن للمستخدمين بأى حالٍ من الأحوال الوقوف على مصير بياناتهم، ولن يدركوا عدد الشركات والمؤسسات والوكالات الحكومية والقراصنة التى تسعى خلفها. ولذا، تتزايد أهمية الاستثمار فى تدابير الأمن السيبرانى ونشر الوعى بأهمية حماية البيانات وتوطينها ولا سيما مع تعدد التحديات التى تواجهها. النص الاصلي ...قراءة المزيد
الكلمات المفتاحية المذكورة في المقال:
الشروق
2022-08-04
نشر المركز المصرى للفكر والدراسات الاستراتيجية مقالا للكاتبة رغدة البهى بتاريخ 3 أغسطس تناولت فيه التجهيزات الإسرائيلية لإنشاء القبة السيبرانية ودور تلك القبة فى تعزيز أمن إسرائيل.. نعرض من المقال ما يلى.تزداد الهجمات السيبرانية التى تستهدف إسرائيل ضراوة؛ لتشمل البيانات والمنشآت العسكرية، بالإضافة إلى البنية التحتية الحرجة والخدمات المدنية. كما تواجه إسرائيل عددا واسعا من الخصوم فى المجال السيبرانى، سواء كانوا دولا أو فاعلين من غير الدول. ومن ثم لم يعد الاستثمار فى تدابير الدفاع السيبرانى لحماية الأمن القومى الإسرائيلى وما يتصل بمقدرات إسرائيل التكنولوجية (من: خطوط الاتصال، وشبكات، وبنية تحتية مدنية، وأنظمة عسكرية... إلخ) ترفا أو رفاهية. ومن هنا، تتجلى أهمية «القبة السيبرانية «(CyberــDome) الإسرائيلية التى لا تقل فى أهميتها عن الدور الذى تلعبه شركات الاتصالات الإسرائيلية كونها أحد خطوط الدفاع السيبرانى بسبب امتلاكها لقواعد بيانات خاصة بعدد كبير من المستخدمين من ناحية، واضطلاعها بمسئولية تأمين جميع اتصالات الأفراد مع الحفاظ على سريتهم وخصوصياتهم من ناحية ثانية. الماهية والسماتيتمثل الهدف من تلك «القبة» فى رصد الهجمات السيبرانية المحتملة والدفاع عن الدولة الإسرائيلية وحماية مرافقها الحيوية، ولا سيما تلك التى تُدار إلكترونيا من خلال نموذج مطور يتحول عن المهاجم صوب الجبهة الداخلية المدنية، بهدف تعزيز الحماية اللازمة لمختلف المرافق الإسرائيلية عبر آليات استباقية تُقلل من حدة ووتيرة الهجمات السيبرانية، وذلك على شاكلة نظام الدفاع الجوى الإسرائيلى المعروف باسم «القبة الحديدية».وعليه، يمكن القول إن تلك «القبة السيبرانية» هى عبارة عن: نهج استباقى جديد موسع للتنبؤ وصد الهجمات السيبرانية على مستوى الدولة بأكملها دون أن يقتصر على قطاع أو مجال بعينه أو البنى التحتية الحساسة والمهمة فحسب، كما أنها نهج تشاركى يستلزم تضافر جهود مختلف الدول وشركات الدفاع السيبرانى والأوساط الأكاديمية والحكومة الإسرائيلية والهيئات الأمنية لتعزيز القدرات السيبرانية الإسرائيلية باستخدام البيانات الضخمة والذكاء الاصطناعى بهدف الارتقاء بمستوى الأمن السيبرانى فى البلاد من خلال تنفيذ آليات جديدة تقلل الضرر الناجم عن الهجمات السيبرانية على نطاق واسع.إذ من المفترض أن تتصدى «القبة السيبرانية» لمختلف الهجمات على الشبكات الإسرائيلية، بما فى ذلك الأنظمة التى يديرها الأفراد أو الحكومة أو الجيش أو القطاع الخاص أو غير ذلك. ومن المفترض أيضا أن تعمل على: تحديد التهديدات، وحماية الأنظمة من مختلف المخاطر السيبرانية، والحد من خطورة التهديدات السيبرانية داخل مختلف الشبكات، وشن هجمات انتقامية مضادة ضد المهاجمين والقراصنة من قبل القيادة الإلكترونية لجيش الدفاع الإسرائيلى. وهو ما يعنى أن «القبة السيبرانية» لن تبادر هى بشن هجمات سيبرانية استباقية على أهدافها، بل ستزود جيش الدفاع الإسرائيلى بمعلومات دقيقة حول طبيعة المهاجم ومكان تواجده إما لإحباط هجومه بشكل استباقى إن أمكن، وإما لتوجيه هجمات سيبرانية انتقامية ضد المتسللين الذين حاولوا اختراق الشبكات الإسرائيلية.ومن شأن «القبة السيبرانية» ــ بالمعنى السابق ــ أن تُعزز التعاون بين الحكومة الإسرائيلية وجيش الدفاع الإسرائيلى من ناحية، وشركات الإنترنت ومختلف الشركات التكنولوجية ليس فقط فى الداخل الإسرائيلى بل فى الخارج أيضا من ناحية ثانية.• • •وفى هذا الإطار، أطلقت الحكومة الإسرائيلية مبادرة جديدة تطبق بموجبها وزارة الاتصالات والهيئة الوطنية الإسرائيلية للأمن الإلكترونى لوائح جديدة من أجل العمل بمعايير إلزامية وموحدة يتعين بموجبها أن تضع الشركات خططا لحماية شبكات الاتصالات باستخدام مزيج من آليات المراقبة والتحكم للحماية من الهجمات السيبرانية مع الحفاظ على خصوصية مختلف القطاعات والجهات. وبموجب تلك التعليمات الحكومية، ستكون شركات الاتصالات الإسرائيلية الكبرى مطالبة بتنفيذ خطط مفصلة لتحديد ومنع الهجمات السيبرانية المستقبلية التى تستهدف شبكاتها، كما سيُطلب منها تطوير آليات مراقبة لتقديم صورة فعلية عن جهود الأمن السيبرانى المتخذة مع ضمان الخصوصية وسلامة البيانات التى تم جمعها، بجانب شراء أحدث القدرات التكنولوجية لتحديد الهجمات السيبرانية المحتملة واحتوائها والتعافى منها. الدوافع الإسرائيليةيمكن إجمال الدوافع والأسباب التى تدفع إسرائيل لتطوير «القبة السيبرانية» فى النقاط التالية:1ــ تكرار الهجمات السيبرانية: تعرضت إسرائيل لعدد كبير من الهجمات السيبرانية فى الأعوام القليلة الماضية؛ وقد شهد العام الجارى فحسب تعطل جميع مواقع الوزارات الحكومية الإسرائيلية فى 14 مارس 2022، بما فى ذلك الموقع الإلكترونى لكل من: وزارة الداخلية، والصحة، والقضاء، والرفاه، ومكتب رئيس الوزراء. كما تعرض عدد من المواقع الحكومية الإسرائيلية لهجمات سيبرانية من قبل قراصنة استهدفوا مواقع حكومية وإعلامية وخوادم إسرائيلية، ونشروا رسالة حذروا فيها من الحرب الإلكترونية الإيرانية ضد تل أبيب فى 20 إبريل 2022، وقد سبق ذلك بيوم واحد تعطل موقع القناتين التاسعة و«كان 11» فى التلفزيون الإسرائيلى، بالإضافة إلى موقع هيئة المطارات الإسرائيلية.2ــ تعزيز تدابير الدفاع السيبرانى: سبق أن قال «هندل» فى مؤتمر صحفى: «نحاول فرض المعيار الصحيح على شركات الاتصالات من أجل حماية إسرائيل». فتبعا للبيانات الرسمية الإسرائيلية، تصدت إسرائيل لنحو 1500 هجوم مختلف على جبهتها الداخلية. ووفقا لشركة «تشيك بوينت» الرائدة فى مجال الأمن السيبرانى، فإن هناك قفزة سنوية نسبتها 137% فى متوسط الهجمات الأسبوعية على الشركات الإسرائيلية، وقد وصل عدد هذه الهجمات إلى 1500 هجوم أسبوعيا فى الأشهر الثلاثة الأولى من عام 2022 فحسب. كما أكد «بورتنوى» أن البلاد شهدت زيادة حادة فى الهجمات التى تحاول إسقاط المواقع الإلكترونية، واتهم الإيرانيين بشن كثير منها.3ــ مجابهة إيران: يرى «بورتنوى» أن إيران قد أصبحت لاعبا رئيسا فى الفضاء السيبرانى جنبا إلى جنب مع حماس وحزب الله؛ وقد قال نصًا: «نراهم، ونعرف كيف يعملون، ونحن نتواجد هناك». وما يدلل على ذلك التحذير السنوى الذى صدر فى مايو 2022 من الهجمات السيبرانية المحتملة بمناسبة يوم القدس فى إيران ونهاية شهر رمضان المبارك؛ فقد طالت بعض الهجمات السيبرانية الإيرانية السالفة محطات وقود ووسائل إعلام إسرائيلية. كما سبق أن كشفت صحيفة «معاريف» العبرية عن تهديدات أطلقها مجموعة من القراصنة الإيرانيين ضد شخصيات عسكرية إسرائيلية، وقد تبنت ذات المجموعة الهجوم على أنظمة الإنذار فى مدينتى القدس وإيلات وسط مخاوف من تضرر البنية التحتية الإسرائيلية. وفى سياق متصل، قال «بيبنيت» فى «الأسبوع السيبرانى» إنه «عندما يتعلق الأمر بأعدائنا، وخاصة إيران، فإن موقفى بشكل عام هو أننا لا نعمل على خلق الدمار والإرهاب.. سياستى هى أنك إذا عبثت مع إسرائيل، فسوف تدفع الثمن؛ لن تتمكن من إيذاء إسرائيل من خلال الوكلاء سواء حزب الله أو حركة حماس معتقدا أنه يمكنك الإفلات من العقاب».5ــ تأمين شركات الاتصال: قد تكون شركات الاتصالات طرفا فاعلا فى تدابير الدفاع السيبرانى فى بعض الأحيان، وقد تكون عرضة للهجمات السيبرانية فى أحيان أخرى؛ فقد تستخدم كبوابة للقراصنة الذين يسعون إلى التسلل وإصابة الأصول الاستراتيجية الإسرائيلية.6ــ رفع قدرات القطاع الخاص السيبرانية: تهدف إسرائيل إلى ملاحقة المهاجمين فى ملاذاتهم الآمنة الرقمية لا سيما مع إفلاتهم من العقاب فى هجمات سالفة من ناحية، وإيجاد بروتوكولات للأمن السيبرانى للبنية التحتية مع استخدامها من قبل الجمهور بالمعنى الواسع من ناحية ثانية، وتوسيع أدوات ومهارات القطاع الخاص من ناحية ثالثة، وتأمين سلاسل التوريد من ناحية رابعة. إذ تدرك إسرائيل أهمية دعم الشركات الصغيرة لفهم طبيعة التهديدات السيبرانية والتصدى لها بالتوازى مع بناء القدرات اللازمة للدفاع عنها على نحو يسهم فى تعزيز الدفاع السيبرانى الوطنى.• • •ختاما، تعكس السياسات الإسرائيلية فى مجال الدفاع السيبرانى بشكل عام، وإنشاء «القبة السيبرانية» بشكل خاص كيف تغيرت ساحة الحرب فى نظر إسرائيل؛ وهو ما يحتم على السلطات المحلية والحكومة المركزية الاستعداد لها من خلال تدابير عدة تفرض مد أواصر التعاون بين مختلف الفاعلين الوطنيين فى الداخل، بل والاستعانة بالشركات التكنولوجية الكبرى فى الخارج أيضا.النص الأصلى ...قراءة المزيد
الكلمات المفتاحية المذكورة في المقال:
اليوم السابع
2019-10-28
أطلق المركز المصرى للفكر والدراسات الاستراتيجية، خدمة جديدة للفيديو يشارك فيها نخبة من خبراء المركز من مختلف التخصصات بالتعليق والتحليل على أحداث الساعة فى مصر والشرق الأوسط والعالم بشكل دورى. تعتمد خدمة الفيديو الجديدة على تقديم محتوى أكثر عمقا للجمهور العام والمهتمين بمتابعة الشأن الداخلى والخارجى فى صورة تعليق قصير لا تتجاوز مدته ثلاثة دقائق، ويوفر المركز المصرى للفكر والدراسات الاستراتيجية هذا الخدمة لكافة المواقع الالكترونية فى مصر وخارجها بهدف تعميم الفائدة من وجود نخبة من أهم الباحثين والخبراء داخل المركز. وتضم قائمة الخبراء فى المركز المصرى أسماء بارزة فى مقدمتهم الدكتور عبد المنعم سعيد رئيس الهيئة الاستشارية والدكتور خالد عكاشة مدير عام المركز واللواء محمد إبراهيم والدكتور محمد مجاهد الزيات والدكتورة نهى بكر والدكتور محمد كمال والدكتور جمال عبدالجواد والسفير عزمى خليفة والدكتور حسن ابو طالب والدكتور محمد كمال أعضاء الهيئة الاستشارية والخبراء المعروفين الدكتور محمد فايز فرحات والدكتور صبحى عسيله والدكتور توفيق اكليمندوس والدكتور دلال محمود والدكتور خالد حنفى والدكتورة رغدة البهى والدكتور أحمد امل والأساتذة مجدى صبحى وأحمد عليبة وسعيد عكاشة وعزت إبراهيم. كما ينتظر أن يدعو المركز كافة الخبراء المعنيين بالقضايا المصرية والعربية والدولية للمشاركة فى الخدمة الجديدة التى تسعى إلى تلبية تطلعات المتابعين للمواقع الإلكترونية ومواقع التواصل الإجتماعى، فضلا عن التواصل مع مراكز بحثية فى العالم العربى وعلى المستوى الدولى لإبرام شراكات خاصة فى هذا الخصوص. ويقدم المركز المصرى للدراسات الاستراتيجية عبر الخدمة الجديدة مجموعة كبيرة من شباب الباحثين ينتظر أن يقدموا إسهامات واسعة فيما يتعلق بالقضايا المختلفة. ...قراءة المزيد
الكلمات المفتاحية المذكورة في المقال:
اليوم السابع
2020-08-18
تناولت دراسة صادرة عن وحدة الأمن السيبرانى بالمركز المصرى للفكر والدراسات الاستراتيجية واقعة اختراق حسابات عدد من المشاهير على شبكة التواصل الاجتماعى تويتر فى يوليو الماضى . وأشارت الدراسة التى أعدتها الدكتورة رغدة البهى إلى أن هذا الاختراق يُظهر مدى ضعف منصات وسائل الإعلام الاجتماعية، لا سيما مع اقتراب الانتخابات الرئاسية الأمريكية، ما جدد المخاوف من تدخلاتٍ روسيةٍ وصينيةٍ محتملةٍ، ما يقوض الديمقراطية الأمريكية، لافتة إلى أنه مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية الأمريكية، تبرز التساؤلات عن إمكانية الاعتماد على "تويتر" فى الفترة التى تسبق التصويت، فقد جدّد هذا الهجوم التساؤل عن قوة وسائل التواصل الاجتماعى بشكلٍ عامٍ، و"تويتر" بشكلٍ خاصٍ؛ إذ يملك الأخير تأثيرًا كبيرًا بشكلٍ غير متناسبٍ على وسائل الإعلام والمستثمرين وصناع السياسات، فمن خلاله، يُعلن الرؤساء عن قراراتهم ومواقفهم وأخبارهم. وأشارت الدراسة إلى ما وصفته بتزايد الضغوط التى قد تتعرض لها الشركات التكنولوجية على المدى القريب؛ فقد تمكن الهجوم من تقويض سمعة شركة "تويتر" بعد أن استولى القراصنة على حسابات المستخدمين على الرغم من إعدادات الأمان وهو الأمر الذى ألمح إليه عددٌ من الشخصيات البارزة مثل "ويليام ديكسون - رئيس المنتدى الاقتصادى العالمي- بقوله: “سمعة تويتر هى تكلفة هذا الهجوم السيبراني"، ولمواجهة تلك الضغوط، يتحتم على تلك الشركات تعزيز المرونة السيبرانية لتكون قادرةً على حماية مستخدمو وسائل التواصل الاجتماعى فى جميع أنحاء العالم”. كانت شبكة تويتر اعلنت فى يوليو الماضى عن اختراق حسابات “باراك أوباما” (الرئيس الأمريكى السابق)، والملياردير “بيل جيتس” (مؤسس مايكروسوفت)، و”إيلون موسك” (مؤسس تسلا). ...قراءة المزيد
الكلمات المفتاحية المذكورة في المقال: