العربية الجنوبية
هذه تحويلة من اسم يحتوي على ال التعريف إلى الصيغة النكرة «المستهدفة بالتحويلة».
اليوم السابع
2020-05-14
نواصل مع المفكر العربى الكبير جواد على قراء تاريخ المنطقة العربية وذلك من خلال كتابه المهم "المفصل فى تاريخ العرب قبل الإسلام" ونتوقف اليوم عند شعب مكة الذى تفاوت مستواهم الاجتماعى بين أغنياء ومعدمين. يقول جواد على: كان أهل مكة بين غنى مُتْخَم وفقير معدم، وبين الجماعتين طبقة نستطيع أن نقول: إنها كانت متوسطة. وأغنياء مكة، هم أصحاب المال، وقد تمكنوا من تكثيره بإعمال ما عندهم من مال بالاتجار وبإقراضه للمحتاج إليه، وبإعماله بالزراعة، واستغلاله بكل الطرق المربحة التي يرون أنها تنفحهم بالأرباح. وقد تمكن هؤلاء الأغنياء من بسط سلطانهم على قبائل الحجاز، ومن تكوين صلات وثيقة مع أصحاب المال فى العربية الجنوبية وفي العراق وبلاد الشام، بحيث كانوا يتصافقون في التجارة ويشاركونهم فى الأعمال، حتى صاروا من أشهر تجار جزيرة العرب فى القرن السادس للميلاد. ويظهر مما جاء في القرآن الكريم أن بعض هؤلاء الأغنياء كان قاسيًا، لم تدخل الرحمة ولا الشفقة قلبه. فكان يقسو على المحتاج، فلا يقرضه المال إلا بربا فاحش وكان يشتط عليه. وكان بعضهم لا يتورعون من أكل أموال اليتيم والضعيف، طمعًا في زيادة ثرائه، وكان يستغل رقيقه استغلالًا شنيعًا، حتى إنه كان يكره فتياته على البغاء ليستولى على ما يأتين به من مال، وفي ذلك نزل النهي عنه في الإسلام: {وَلا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا لِتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا}. قال "الطبري": "كانوا في الجاهلية يكرهون إماءهم على الزنا، يأخذون أجورهن. فقال الله: لا تكرهوهن على الزنا من أجل المنالة في الدنيا، ومن يكرههن، فإن الله من بعد إكراههن غفور رحيم لهن، يعني: إذا أكرهن" وقال: "كانوا يأمرون ولائدهم يباغين، يفعلن ذلك، فيصبن فيأتينهم بكسبهن"، وروي أن هذه الآية نزلت فى حق "عبد الله بن أبى سلول". وكان من أغنياء مكة من يأكل بصحاف من ذهب وفضة، ويشرب بآنية من ذهب وفضة ومن بلور، ويأكل على طريقة الروم والفرس بسكاكين وشوكات مصنوعة من ذهب أو من فضة، على حين كان أكثر أهل مكة فقراء لا يملكون شيئًا، وكانوا يلبسون الحرير، ويتحلون بالخواتم المصنوعة من الذهب، تزينها أحجار كريمة، ولعل هذا الإسراف والتبذير كانا في جملة العوامل التي أدت إلى منع المسلمين من استعمال الأوانى المصنوعة من الذهب والفضة للأكل والشرب، ومن صدور النهي من استعمال الحرير للرجال. ...قراءة المزيد
الكلمات المفتاحية المذكورة في المقال:
اليوم السابع
2020-05-12
نواصل مع المفكر العربى الكبير "جواد على" قراءة التاريخ العربى قبل الإسلام، وذلك من خلال كتابه المهم "المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام" وكنا قد وصلنا إلى منطقة مكة، واليوم نناقش: من أين تكتسب "مكة" رزقها؟ يقول جواد على: ومكة كما ذكرت بلد فى وادٍ غير ذى زرع، لذلك كان عماد حياة أهلها التجارة، والأموال التى تجبى من القوافل القادمة من الشام إلى اليمن والصاعدة من اليمن إلى الشام، وما ينفقه الحجيج القادمون فى المواسم المقدسة، للتقرب إلى الأصنام، وهناك مورد آخر درَّ على أثرياء هذه المدينة المقدسة ربحًا كبيرًا، هو الربا الذى كانوا يتقاضونه من إيداع أموالهم إلى المحتاجين إليها، من تجار ورجال قبائل. ولقد استفادت مكة كثيرًا من التدهور السياسى الذى حل باليمن، ومن تقلص سلطان التبابعة، وظهور ملوك وأمراء متنافسين، إذ أبعد هذا الوضع خطر الحكومات اليمانية الكبيرة عنها، وكانت تطمع فيها وفى الحجاز، لأن الحجاز قنطرة بين بلاد الشام واليمن، ومن يستولى عليه يتصل ببلاد الشام وبموانئ البحر الأبيض المهمة، وأعطى تدهور الأوضاع فى العربية الجنوبية أهل مكة فرصة ثمينة عرفوا الاستفادة منها, فصاروا الواسطة فى نقل التجارة من العربية الجنوبية إلى بلاد الشام، وبالعكس، وسعى تجار مكة جهد إمكانهم لاتخاذ موقف حياد تجاه الروم والفرس والحبش، فلم يتحزبوا لأحد، ولم يتحاملوا على طرف، وقوَّوْا مركزهم بعقد أحلاف بينهم وبين سادات القبائل، وتوددوا إليهم بتقديم الألطاف والمال إليهم؛ ليشتروا بذلك قلوبهم. وقد نجحوا فى ذلك، واستفادوا من هذه السياسة كثيرًا. وفى القرآن إشارة إلى تجارة مكة، وإلى نشاط أهلها ومتاجرتهم مع الشام واليمن: {لِإِيلافِ قُرَيْشٍ، إِيلافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ}، قال المفسرون: إن رحلة الشتاء كانت إلى اليمن، أما رحلة الصيف فكانت إلى بلاد الشام، وإنهم كانوا يجمعون ثروة طائلة من الرحلتين تدرُّ على قريش خيرًا كثيرًا، وتعوضهم عن فقر بلادهم. ويظهر أن أهل هذه المدينة كانوا يسهمون جميعًا فى الاتجار، فيقدم المكى المتمكن كل ما يتمكن تقديمه من مال ليستغله ويأتيه برزق يعيش عليه؛ ولذلك يعد رجوع القافلة آمنة مطمئنة بُشرى وسرورًا للجميع. وقد أدى نشاط بعض أسر مكة فى التجارة إلى حصولها على ثروات كبيرة طائلة، وقد أسهم رجل واحد من أهل هذه المدينة هو "أبو أحيحة", بثلاثين ألف دينار فى رأس مال القافلة التى تولى قيادتها أبو سفيان. ومبلغ مثل هذا ليس بشيء قليل بالقياس إلى الوضع المالى فى تلك الأيام, كذلك كان "عبد الله بن جدعان" و"الوليد بن المغيرة المخزومي" من أثرياء مكة، وقد اشتهر بنو مخزوم بالثروة والمال. وكانت لأسر مكة تجارات خاصة مع العراق وبلاد الشام واليمن ومواضع من جزيرة العرب، تجارات لا علاقة لها برحلتى الشتاء والصيف، وكان لبعضها تجارة مع الأنبار والحيرة فى العراق، وكان لبعض آخر تجارة مع "بصرى" و"غزة" وأذرعات فى بلاد الشام، وكان لآخرين تجارة مع بلاد اليمن, وكان للأسر الغنية الثرية اتصال تجارى مع كل هذه المواضع, وتعاملت مع كل الأماكن المذكورة، ولها وكلاء يبيعون لها ويشترون, كما كانت هى تتوكل لتجار العراق وبلاد الشام واليمن، وتجنى من هذا التعامل أرباحًا طيبة. ...قراءة المزيد
الكلمات المفتاحية المذكورة في المقال:
اليوم السابع
2020-02-26
نواصل قراءة التاريخ العربى قبل الإسلام مع المفكر العربى الكبير جواد على (1907- 1987) وذلك من خلال كتابه المهم "المفصل فى تاريخ العرب) ونتوقف عن قوم (أميم). يقول جواد على "وجعل الأخباريون "أميمًا" فى طبقة طسم وجديس، وقالوا إنهم من نسل "لاوذ بن عمليق"، أو "لوذ بن بن نوح"، أو ما شابه ذلك من شجرات نسب. وكان من شعوبهم على زعم أهل الأخبار "وبار بن أميم"، نزلوا برمل "عالج" بين اليمامة والشحر، وانهارت عليهم الرمال فأهلكتهم. ويزعم أهل الأخبار أن ديار "أميم" كانت بأرض فارس، ولذلك زعم بعض نسّابة الفرس أنهم من "أميم"، وأن "كيومرت" الذى ينسبون إليه هو ابن أميم بن لاوذ ولا نعرف من أمر أميم شيئا غير هذه النتف، ولم يذكر الأخباريون كيف عدّوهم من طبقة العرب الأولى إذا كانت ديارهم بأرض فارس، ولم يشرحوا لنا كذلك كيف وصلوا نسب "وبار" بأميم، وما العلاقة بينهما. وقد ذكر الهمدانى أن وبار هو شقيق "كيومرت" ويقال "جيومرت"، وقد أولدهما "أميم" وبوبار عرفت أرض "وبار"، وهى أرض أميم. وجاء فى جغرفيا "بطلميوس" اسم شعب عربى دُعِى "lobaritai" "jobaritae" "jobabitae"، على أنه من شعوب العربية الجنوبية، ويسكن على مقربة من أرض قبيلة أخرى دعاها sachalitae، وتقطن عند خليج يدعى باسمها "sinus sachalits"، وهذا الاسم قريب جدًّا من اسم "وبار"، لذلك ذهب المستشرقون إلى أن "jobaritae"، وهو شعب وبار أو "بنو وبار". غير أن هنالك عددًا من العلماء يرون أن الاسم الأصلى الذى ورد فى جغرافيا بطلميوس هو "يوباب"، غير أن النساخ قد أخطئوا فى النسخ فحرفوا حرف الباء "b"، الثانى فى هذا الاسم وصيّروه راء "R"، فصار الاسم بعد هذا الحريف "jobabitae"5. فالشعب الذى قصده بطلميوس -على حد قول هؤلاء- هو "يوباب" أو يباب"، إلا أنه لا يوجد هنالك دليل قوى يثبت حدوث هذا التحريف. وفى موضع ليس ببعيد عن هذا المكان الذى ذكره بطلميوس تقع أرض وبار الشهيرة، وهى بين رمال يبرين واليمن "ما بين نجران وحضرموت وما بين مهرة والشحر"، أو ما بين الشحر إلى تخوم صنعاء، وقيل: "قرية وبار كانت لبنى وبار، وبين رمال بنى سعد وبين الشحر ومهرة"، والنسبة إليها. ...قراءة المزيد
الكلمات المفتاحية المذكورة في المقال:
اليوم السابع
2020-05-05
نواصل مع المفكر العربى الكبير جواد على (1907- 1987) وذلك من خلال كتابه المهم "المفصل فى تاريخ العرب قبل الإسلام" قراءة أيام العرب وقبائلهم، واليوم نتوقف مع تاريخ مكة. يقول جواد على: مكة بلد فى وادٍ غير ذى زرع، تشرف عليها جبال جُرْد، فتزيد فى قسوة مناخه، ليس بها ماء غير ماء زمزم، وهى بئر محفورة، وآبار أخرى مجة حفرها أصحاب البيوت، أما مياه جارية وعيون غزيرة، على ما نرى فى أماكن أخرى، فليس لها وجود بهذا المعنى هناك، وكل ما كان يحدث نزول سيول، قد تكون ثقيلة قوية، تهبط عليها من شعاب الهضاب والجبال، فتنزل بها أضرارًا فادحة وخسائر كبيرة، وقد تصل إلى الحرم فتؤثر فيه، وقد تسقط البيوت، فتكون السيول نقمة، لا رحمة تسعف وتغيث أهل البيت الحرام. لذلك لم تصلح أرض مكة لأن تكون أرضًا ذات نخيل وزرع وحب، فاضطر سكانها إلى استيراد ما يحتاجون إليه من الأطراف والخارج، وأن يكتفوا فى حياتهم بالتعيش مما يكسبونه من الحجاج، وأن يضيفوا إلى ذلك تجارة تسعفهم وتغنيهم، وتضمن لهم معاشهم، وأمانًا وسلمًا يحفظ لهم حياتهم، فلا يطمع فيهم طامع، ولا ينغص عيشهم منغص: "وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَدًا آمِنًا وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ". ويعود الفضل فى بقاء مكة وبقاء أهلها بها إلى موقعها الجغرافى، فهى عقدة تتجمع بها القوافل التى ترد من العربية الجنوبية تريد بلاد الشام، أو القادمة من بلاد الشام تريد العربية الجنوبية، والتى كان لا بد من أن تستريح فى هذا المكان، لينفض رجالها عن أنفسهم غبار السفر، وليتزودوا ما فيه من رزق، ثم ما لبث أهلها أن اقتبسوا من رجال القوافل سر السفر وفائدته، فسافروا أنفسهم على هيئة قوافل، تتولى نقل التجارة لأهل مكة وللتجار الآخرين من مكة المكرمة. فلما كان القرن السادس للميلاد، احتكر تجار مكة التجارة فى العربية الغربية، وسيطروا على حركة النقل فى الطرق المهمة التى تربط اليمن ببلاد الشام وبالعراق. وللبيت فضل كبير على أهل مكة، وبفضله يقصدها الناس من كل أنحاء العالم حتى اليوم للحج إليه. وقد عرف البيت بـ"الكعبة"؛ لأنه مكعب على خلقة الكعب، ويقال له: "البيت العتيق" و"قادس" و"بادر"، وعرفت الكعبة بـ"القرية القديمة" كذلك. وبمكة جبل يطل عليها، يقال له: جبل "أبى قبيس"، ذكر بعض أهل الأخبار أنه سُمِّى "أبا قبيس" برجل حداد، لأنه أول من بنى فيه، وكان يسمى "الأمين" لأن الركن كان مستودعًا فيه، وأمامه جبل آخر، وبين الجبلين وادٍ، فيه نمت مكة ونبتت، فصارت محصورة بين سلسلتين من مرتفعات. وقد سكن الناس جبل "أبى قبيس" قبل سكنهم بطحاء مكة؛ وذلك لأنه موضع مرتفع ولا خطر على من يسكنه من إغراق السيول له، وقد سكنته "بنو جرهم"، ويذكر أهل الأخبار أنه إنما سمى "قبيسًا" بـ"قبيس بن شالخ" رجل من جرهم, كان فى أيام "عمرو بن مضاض ويظهر أنه كان من المواضع المقدسة عند الجاهليين، فقد كان نُسَّاك مكة وزهادها ومن يتحنف ويتحنث ويترهب من أهلها فى الجاهلية يصعده ويعتكف فيه، ولعله كان مقام الطبقة المترفة الغنية من أهل مكة قبل نزوح "قريش" إلى الوادى، وسكنها المسجد الحرام المحيط بالبيت. ويظهر من سكوت أهل الأخبار عن الإشارة إلى وجود أُطم أو حصون فى مكة للدفاع عنها، أن هذه المدينة الآمنة لم تكن ذات حصون وبروج ولا سور يقيها من احتمال غزو الأعراب أو أى عدو لها، ويظهر أن ذلك إنما كان بسبب أن مكة لم تكن قبل أيام "قصي" فى هذا الوادى الذى يتمركزه "البيت"، بل كانت على المرتفعات المشرفة عليه. أما الوادى، فكان حرمًا آمنًا يغطيه الشجر الذى أنبتته السيول ورعته الطبيعة بعنايتها، ولم يكن ذا دور ولا سكن ثابت متصل بالأرض، بل كان سكن من يأوى إليه بيوت الخيام، وأما أهل المرتفعات فكانوا، إذا داهمهم عدو أو جاءهم غزو، اعتصموا برءوس المرتفعات المشرفة على الدروب، وقاوموا العدو والغزو منها، وبذلك يصير من الصعب على من يطمع فيهم الوصول إليهم، ويضطر عندئذ إلى التراجع عنهم، فحمتهم الطبيعة بنفسها ورعتهم بهذه الرؤوس الجبلية التى أقامتها على مشارف الأودية والطرق، فلما أسكن "قصى" أهل الوادى فى بيوت ثابتة مبنية، وجاء ببعض من كان يسكن الظواهر لنزول الوادى، بقى من فضل السكن فى ظواهر مكة، أى: على المرتفعات، يقوم بمهمة الأخشبان أبو قبيس، وهو الجبل المشرف على الصفا، وهو ما بين حرف أجياد الصغير المشرف على الصفا إلى السويداء التى تلى الخندمة، وكان يسمى فى الجاهلية الأمين، والأخشب الآخر الجبل الذى يقال له الأحمر، وكان يسمى فى الجاهلية الأعرف، وهو الجبل المشرف وجهه على قعيقعان". ...قراءة المزيد
الكلمات المفتاحية المذكورة في المقال: