سعدالدين إبراهيم

سمحت زيارة وزير الخارجية الأمريكى جون كيرى للقاهرة الأسبوع الماضى بخروج أعراض مرض عضال تعانى منه النخبة المصرية، حاكمة ومعارضة، فيما يتعلق بأوهام حجم النفوذ الذى تتمتع به الولايات المتحدة فى تشكيل الشأن السياسى المصرى الداخلى إلى العلن. وأعرض هنا لخمسة من أهم تلك الأوهام.   الوهم الأول: أمريكا لديها كروت كثيرة يمكن بها تغيير المعادلات السياسية المصرية الداخلية.   ليس صحيحا، تصور البعض أن المساعدات العسكرية 1.3 مليار دولار، والمساعدات غير عسكرية 250 مليون دولار، يمكن لها أن تجعل متخذى القرار فى مصر يعيدون حساباتهم طبقا لما يرضى واشنطن. خلال عصر حكم الرئيس حسنى مبارك، ورغم الانصياع المصرى لواشنطن فى أغلب القضايا الاقليمية، لم يتردد مبارك من سجن الدكتور سعدالدين إبراهيم (صاحب جنسية أمريكية)، ومن بعده الدكتور أيمن نور. احتجت واشنطن، واحتج رئيسها حينذاك جورج بوش، واشتد غضب أصدقاء المعارضين المصريين فى الكونجرس، إلا أن مبارك لم يرضخ، وفقط أفرج عنهما عندما ارتأى له ذلك. حجم الناتج المحلى الاجمالى لمصر بلغ 230 مليار دولار العام الماضى، لذا لا تمثل المساعدات اليوم قيمة كبيرة ولم يعد لها تأثير فى حجم الاقتصاد المصرى. عندما بدأ تدفق المساعدات الأمريكية عام 1981، كانت قيمتها السنوية تبلغ 5% من الناتج المحلى الإجمالى لمصر، وأصبحت نسبة تلك المساعدات أقل من ربع بالمائة 0.25 % عام 2012.   العملية السياسية المصرية هى نتاج لتوازنات وأحلاف ومفاوضات ليس لواشنطن ولا غيرها دخل بها. لقد طلب كيرى من المعارضة المشاركة فى الانتخابات، فهل ستشارك؟ وطلب كيرى من مرسى التوصل لحلول وسط وقبول شروط صندوق النقد، فهل يقبل؟ ••• الوهم الثانى: أمريكا تستطيع انتشال الاقتصاد المصرى من أزمته   لا تستطيع واشنطن بكل مساعداتها، ولا بكل نفوذها داخل صندوق النقد الدولى أن تنتشل مصر سريعا من أزمتها الاقتصادية. قبول مصر لشروط الصندوق يعنى سياسات تقشفية كبيرة وهذا سيكون له تكلفة سياسية مرتفعة على حكومة الرئيس محمد مرسى. سياسات الصندوق وإجماع واشنطن ترفضان الاعتراف بمبدأ «العدالة الاجتماعية»، وما يتبعه ذلك من ضرورة تطبيق سياسات اقتصادية مختلفة تهتم بالعمال وصغار الفلاحين.   من ناحية أخرى، لا تستطيع واشنطن الضغط على دول الخليج لتقديم مليارات الدولارات لمصر. أظهرت خبرة السنوات الماضية أنه ورغم خصوصية العلاقات الخليجية ــ الأمريكية، إلا أن للخليجيين حساباتهم التى لا تستطيع واشنطن معها الضغط عليهم فى الاتجاه المعاكس. الكويت لا تنسى لمبارك المشاركة فى تحريرها من الاحتلال العراقى، والاماراتيون مرتبطون عاطفيا بمبارك منذ أيام الشيخ زايد، وكذلك السعوديون. وهذا إضافة للتخوفات من تضخم التيارات السلفية الإخوانية المحلية.   ••• الوهم الثالث: مصر تستفيد كثيرا من علاقتها الخاصة بأمريكا   ليس صحيحا، ففى عالم السياسة لا تقدم الدول لبعضها البعض مساعدات مجانية أو بدون مقابل، فالمصالح هى ما يجمع بين الدول، وهذه المصالح قليلها مستمر ومستقر، وأكثرها متغير وغير ثابت. واختار حكام مصر أن تكون شريكا استراتيجيا لواشنطن منذ انتهاء حرب أكتوبر، وحتى الآن. وتوفر هذه الشراكة للولايات المتحدة مصدر قوة فريدا، فمصر تتمتع بموقع جيو استراتيجى مميز، وتتحكم فى واحد من أهم الممرات المائية فى العالم. ودفع ذلك مايك مولين، رئيس هيئة الأركان المشتركة الأسبق لتحذير الكونجرس من خطأ «تخفيض المساعدات العسكرية لمصر» مؤكدا أنها ذات قيمة عالية جدا لواشنطن، ولا تستطيع دولة أخرى تقوم بما تقوم به مصر من خدمة للمصالح الأمريكية فى الشرق الأوسط.   ولا يعرف الكثير من المسئولين المصريين ما هى مصالح القاهرة فى العلاقة الخاصة مع واشنطن.   ••• الوهم الرابع: علاقات جيدة مع إسرائيل تضمن رضاء واشنطن عن حكام مصر   ليس بالضرورة، فالإدارة الأمريكية تتبع مع الرئيس محمد مرسى نفس ما اتبعته مع المجلس العسكرى، وهو ما لا يختلف بدوره عما اتبعته مع نظام الرئيس السابق حسنى مبارك فيما يتعلق بالعلاقات الثلاثية التى تجمع مصر بإسرائيل وبالولايات المتحدة. التزام كل حكام مصر بمعاهدة السلام لم يمنحهم حصانة من توجيه الادارة الأمريكية انتقادات حادة بخصوص ملفات أخرى أقل أهمية مثل حقوق الانسان وضمان الحريات للأقليات والنساء.   نظام الرئيس مبارك احتفظ بعلاقات ممتازة مع إسرائيل، إلا أن ذلك لم يجنبه انتقادات أمريكية حادة على خلفية قضايا أخرى تتعلق بطبيعة حكمه الديكتاتورى، وموقفه من بعض القضايا الإقليمية مثل تقسيم السودان واستقبال الرئيس البشير فى القاهرة. موقف حكومة الرئيس مرسى من إسرائيل الواقعى لم يغفر له عندما طالب بالإفراج عن الشيخ عمر عبدالرحمن، ولم يشفع له عندما عارض التدخل الفرنسى فى دولة مالى.   ••• الوهم الخامس: أمريكا أتت بالرئيس محمد مرسى وتستطيع إزاحته إذا ما استدعت الضرورة   لم تشخصن واشنطن علاقاتها الاستراتيجية بأى فصيل سياسى فى مصر، لذا لم تتضرر العلاقة مع مصر من جراء التغير الذى حدث فى هوية حكامها خلال العامين الماضيين، سواء كان يحكم الرئيس مبارك، أو المجلس العسكرى أو الرئيس مرسى.   «الفائز الشرعى» كانت تلك هى كلمة السر داخل الإدارة الأمريكية أثناء تعاملها مع معضلة نتائج الانتخابات المصرية الرئاسية قبل إعلانها رسميا. وشهدت أروقة واشنطن وجهات نظر متناقضة بخصوص ما يجب عمله تجاه تطورات الأوضاع فى مصر خاصة بعدما تم الفرز فى اللجان الفرعية تحت إشراف قضائى، وتسليم نتيجة الفرز لمندوبى المرشحين. وكان لما أقدم عليه حزب الحرية والعدالة من إعلان النتائج بعد ساعات قليلة من إغلاق لجان التصويت، وإقدامه على نشر تفاصيل نتائج فرز اللجان الفرعية والعامة، وعرضها أمام الرأى العام المصرى والعالمى.   واشنطن لم تتدخل فى اختيار رئيس مصر، ولم تساعد أو تشارك فى ترجيح كفة اسم مرشح أو فريق على آخر. والحقيقة هى أنها لا تستطيع ذلك إن أرادت!   ••• وهكذا وبينما ترى واشنطن أن مصر والمصريين يصنعون واقعا جديدا يجب أن تتعامل معه بما يخدم مصالحها، نجد النخبة المصرية تنكر هذا الواقع وتنكر قدرة المصريين على صنعه، وتفضل أن تنغلق وتنفصل بنفسها على أوهامها.

Mentions Frequency Over time
Count of daily Articles over the past 30 Days.
سعدالدين إبراهيم
Sentiment Analysis
Sentiment analysis measures the overall tone (positive, negative, or neutral)
سعدالدين إبراهيم
Top Related Events
Count of Shared Articles
سعدالدين إبراهيم
Top Related Persons
Count of Shared Articles
سعدالدين إبراهيم
Top Related Locations
Count of Shared Articles
سعدالدين إبراهيم
Top Related Organizations
Count of Shared Articles
سعدالدين إبراهيم
Related Articles

الشروق

2013-03-08

سمحت زيارة وزير الخارجية الأمريكى جون كيرى للقاهرة الأسبوع الماضى بخروج أعراض مرض عضال تعانى منه النخبة المصرية، حاكمة ومعارضة، فيما يتعلق بأوهام حجم النفوذ الذى تتمتع به الولايات المتحدة فى تشكيل الشأن السياسى المصرى الداخلى إلى العلن. وأعرض هنا لخمسة من أهم تلك الأوهام.   الوهم الأول: أمريكا لديها كروت كثيرة يمكن بها تغيير المعادلات السياسية المصرية الداخلية.   ليس صحيحا، تصور البعض أن المساعدات العسكرية 1.3 مليار دولار، والمساعدات غير عسكرية 250 مليون دولار، يمكن لها أن تجعل متخذى القرار فى مصر يعيدون حساباتهم طبقا لما يرضى واشنطن. خلال عصر حكم الرئيس حسنى مبارك، ورغم الانصياع المصرى لواشنطن فى أغلب القضايا الاقليمية، لم يتردد مبارك من سجن الدكتور سعدالدين إبراهيم (صاحب جنسية أمريكية)، ومن بعده الدكتور أيمن نور. احتجت واشنطن، واحتج رئيسها حينذاك جورج بوش، واشتد غضب أصدقاء المعارضين المصريين فى الكونجرس، إلا أن مبارك لم يرضخ، وفقط أفرج عنهما عندما ارتأى له ذلك. حجم الناتج المحلى الاجمالى لمصر بلغ 230 مليار دولار العام الماضى، لذا لا تمثل المساعدات اليوم قيمة كبيرة ولم يعد لها تأثير فى حجم الاقتصاد المصرى. عندما بدأ تدفق المساعدات الأمريكية عام 1981، كانت قيمتها السنوية تبلغ 5% من الناتج المحلى الإجمالى لمصر، وأصبحت نسبة تلك المساعدات أقل من ربع بالمائة 0.25 % عام 2012.   العملية السياسية المصرية هى نتاج لتوازنات وأحلاف ومفاوضات ليس لواشنطن ولا غيرها دخل بها. لقد طلب كيرى من المعارضة المشاركة فى الانتخابات، فهل ستشارك؟ وطلب كيرى من مرسى التوصل لحلول وسط وقبول شروط صندوق النقد، فهل يقبل؟ ••• الوهم الثانى: أمريكا تستطيع انتشال الاقتصاد المصرى من أزمته   لا تستطيع واشنطن بكل مساعداتها، ولا بكل نفوذها داخل صندوق النقد الدولى أن تنتشل مصر سريعا من أزمتها الاقتصادية. قبول مصر لشروط الصندوق يعنى سياسات تقشفية كبيرة وهذا سيكون له تكلفة سياسية مرتفعة على حكومة الرئيس محمد مرسى. سياسات الصندوق وإجماع واشنطن ترفضان الاعتراف بمبدأ «العدالة الاجتماعية»، وما يتبعه ذلك من ضرورة تطبيق سياسات اقتصادية مختلفة تهتم بالعمال وصغار الفلاحين.   من ناحية أخرى، لا تستطيع واشنطن الضغط على دول الخليج لتقديم مليارات الدولارات لمصر. أظهرت خبرة السنوات الماضية أنه ورغم خصوصية العلاقات الخليجية ــ الأمريكية، إلا أن للخليجيين حساباتهم التى لا تستطيع واشنطن معها الضغط عليهم فى الاتجاه المعاكس. الكويت لا تنسى لمبارك المشاركة فى تحريرها من الاحتلال العراقى، والاماراتيون مرتبطون عاطفيا بمبارك منذ أيام الشيخ زايد، وكذلك السعوديون. وهذا إضافة للتخوفات من تضخم التيارات السلفية الإخوانية المحلية.   ••• الوهم الثالث: مصر تستفيد كثيرا من علاقتها الخاصة بأمريكا   ليس صحيحا، ففى عالم السياسة لا تقدم الدول لبعضها البعض مساعدات مجانية أو بدون مقابل، فالمصالح هى ما يجمع بين الدول، وهذه المصالح قليلها مستمر ومستقر، وأكثرها متغير وغير ثابت. واختار حكام مصر أن تكون شريكا استراتيجيا لواشنطن منذ انتهاء حرب أكتوبر، وحتى الآن. وتوفر هذه الشراكة للولايات المتحدة مصدر قوة فريدا، فمصر تتمتع بموقع جيو استراتيجى مميز، وتتحكم فى واحد من أهم الممرات المائية فى العالم. ودفع ذلك مايك مولين، رئيس هيئة الأركان المشتركة الأسبق لتحذير الكونجرس من خطأ «تخفيض المساعدات العسكرية لمصر» مؤكدا أنها ذات قيمة عالية جدا لواشنطن، ولا تستطيع دولة أخرى تقوم بما تقوم به مصر من خدمة للمصالح الأمريكية فى الشرق الأوسط.   ولا يعرف الكثير من المسئولين المصريين ما هى مصالح القاهرة فى العلاقة الخاصة مع واشنطن.   ••• الوهم الرابع: علاقات جيدة مع إسرائيل تضمن رضاء واشنطن عن حكام مصر   ليس بالضرورة، فالإدارة الأمريكية تتبع مع الرئيس محمد مرسى نفس ما اتبعته مع المجلس العسكرى، وهو ما لا يختلف بدوره عما اتبعته مع نظام الرئيس السابق حسنى مبارك فيما يتعلق بالعلاقات الثلاثية التى تجمع مصر بإسرائيل وبالولايات المتحدة. التزام كل حكام مصر بمعاهدة السلام لم يمنحهم حصانة من توجيه الادارة الأمريكية انتقادات حادة بخصوص ملفات أخرى أقل أهمية مثل حقوق الانسان وضمان الحريات للأقليات والنساء.   نظام الرئيس مبارك احتفظ بعلاقات ممتازة مع إسرائيل، إلا أن ذلك لم يجنبه انتقادات أمريكية حادة على خلفية قضايا أخرى تتعلق بطبيعة حكمه الديكتاتورى، وموقفه من بعض القضايا الإقليمية مثل تقسيم السودان واستقبال الرئيس البشير فى القاهرة. موقف حكومة الرئيس مرسى من إسرائيل الواقعى لم يغفر له عندما طالب بالإفراج عن الشيخ عمر عبدالرحمن، ولم يشفع له عندما عارض التدخل الفرنسى فى دولة مالى.   ••• الوهم الخامس: أمريكا أتت بالرئيس محمد مرسى وتستطيع إزاحته إذا ما استدعت الضرورة   لم تشخصن واشنطن علاقاتها الاستراتيجية بأى فصيل سياسى فى مصر، لذا لم تتضرر العلاقة مع مصر من جراء التغير الذى حدث فى هوية حكامها خلال العامين الماضيين، سواء كان يحكم الرئيس مبارك، أو المجلس العسكرى أو الرئيس مرسى.   «الفائز الشرعى» كانت تلك هى كلمة السر داخل الإدارة الأمريكية أثناء تعاملها مع معضلة نتائج الانتخابات المصرية الرئاسية قبل إعلانها رسميا. وشهدت أروقة واشنطن وجهات نظر متناقضة بخصوص ما يجب عمله تجاه تطورات الأوضاع فى مصر خاصة بعدما تم الفرز فى اللجان الفرعية تحت إشراف قضائى، وتسليم نتيجة الفرز لمندوبى المرشحين. وكان لما أقدم عليه حزب الحرية والعدالة من إعلان النتائج بعد ساعات قليلة من إغلاق لجان التصويت، وإقدامه على نشر تفاصيل نتائج فرز اللجان الفرعية والعامة، وعرضها أمام الرأى العام المصرى والعالمى.   واشنطن لم تتدخل فى اختيار رئيس مصر، ولم تساعد أو تشارك فى ترجيح كفة اسم مرشح أو فريق على آخر. والحقيقة هى أنها لا تستطيع ذلك إن أرادت!   ••• وهكذا وبينما ترى واشنطن أن مصر والمصريين يصنعون واقعا جديدا يجب أن تتعامل معه بما يخدم مصالحها، نجد النخبة المصرية تنكر هذا الواقع وتنكر قدرة المصريين على صنعه، وتفضل أن تنغلق وتنفصل بنفسها على أوهامها. ...قراءة المزيد

الكلمات المفتاحية المذكورة في المقال:

الشروق

2013-02-22

منحت ذكرى تنحى الرئيس الأسبق حسنى مبارك فرصة أخرى، وليست أخيرة، ليحكى البعض عن شهاداتهم حول الساعات الأخيرة داخل القصر الجمهورى. وخرج الدكتور حسام بدراوى ليقول فى أحد البرامج التليفزيونية إنه وخلال وجوده فى قصر الرئاسة خلال الأيام الأخيرة علم يقينا أن الولايات المتحدة كان لها دور بارز فى إجبار الرئيس السابق حسنى مبارك على التنحى، وأضاف أنه كانت هناك ترتيبات فى هذا الصدد بين جماعة الإخوان المسلمين والإدارة الأمريكية. وعلى نفس النحو سار خلال الأسابيع القليلة الماضية شخصيات سياسية وفكرية مهمة على غرار الأستاذ حسنين هيكل والدكتور سعدالدين إبراهيم، والدكتور محمد البرادعى.   وتعكس تلك التصورات توجهين صادمين، أولهما التقليل من دور وقوة ورغبة الشعب المصرى فيما جرى منذ 25 يناير وحتى الآن، وثانيهما مبالغة كبيرة فى حدود الدور الأمريكى تعكس بدورها عدم فهم أهداف واشنطن، ولا ديناميكيات صنع القرار فيما يتعلق بالشأن المصرى.   خرج الرئيس الأمريكى باراك أوباما فى أثناء خطاب حالة الاتحاد بهجومه على القيادة المصرية، وقوله «لا يمكننا افتراض أن نملى نحن مسار التغيير فى دول مثل مصر، لكن يمكننا وسنصر على احترام الحقوق الأساسية لجميع الناس»، وقبل ذلك خرجت السفيرة الأمريكية فى القاهرة مهاجمة القيادة المصرية الحاكمة بصورة واضحة فى خطابها أمام نادى روتارى الإسكندرية، واتهمتهم بغياب مهارات القيادة وعدم اتخاذ القرارات المناسبة»، ولم يكف ذلك لدحض هذه الأوهام، ومازالت الأوهام موجودة.   ●●●   عقب وقوع أحداث 11 سبتمبر 2001، أجرت لجنة حكومية مستقلة تحقيقات موسعة لمعرفة ماذا ولماذا وكيف ومن قام بالهجوم. وحاولت عدة دول عربية توظيف ما لها من نفوذ وممثلين فى العاصمة الأمريكية للعمل على تشوية سجل جماعة الإخوان المسلمين ووصمه بالإرهاب وأنها الجماعة «الأم لكل الجماعات الإرهابية». وعرفت واشنطن وجود لوبى مؤقت حركته عدة سفارات عربية، منها السعودية والمصرية والإماراتية بهدف إلصاق تنظيم القاعدة وأسامة بن لادن وأيمن الظواهرى بجماعة الإخوان المسلمين. ذلك فى الوقت الذى أقتنعت فيه الدوائر البحثية والفكرية أن غياب الديمقراطية ووجود الاستبداد ودعم واشنطن لهذه النظم الفاسدة هو سبب مهم لخلق بيئة يسهل منها خروج إرهابيين.   وخلال سنوات حكم الرئيس مبارك الأخيرة حاول النظام المصرى اقناع واشنطن بعدم وجود بديل لنظام حكمه. ولم تمانع واشنطن فى قبول هذا المنطق، وغضت واشنطن الطرف عن عمليات القبض المتكرر على كبار قادة جماعة الإخوان المسلمين، وتقديمهم للمحاكمات العسكرية، وسجنهم لسنوات طويلة. إلا أنها اختارت أن تستغل اعتقال بعض رموز التيار الليبرالى مثل الدكتور سعد الدين إبراهيم أو الدكتور أيمن نور للحصول على تنازلات مهمة من النظام المصرى فيما يتعلق بقضايا الأمن الإقليمى.   واليوم تمتلئ واشنطن بمراكز الأبحاث المعروف عنها التشهير المستمر بكل ما يصدر عن الاخوان المسلمين سواء كان خطأ أو صوابا. لذا لا يكاد يخلو أسبوع دون خروج دراسة أو عرض يندد بسلوكيات جماعة الإخوان والرئيس مرسى.   ●●●   تظهر البيانات الأمريكية عن الأيام الثمانية عشرة للثورة تطور الموقف الرسمى لإدارة أوباما طبقا لما أسفرت عنه تطورات الأحداث المتلاحقة داخل مصر. ولم تصدر الإدارة الأمريكية أى بيان يعبر عن تأييدها الكامل لمطالب الشعب المصرى بإنهاء حكم نظام الرئيس المصرى، وضرورة تنحيته وإيجاد قيادة بديلة.   طالبت واشنطن فقط النظام المصرى بكل شىء، إلا ما طالب به جموع المصريين، وهو «إسقاط النظام». وعندما اختار الرئيس مبارك اللواء عمر سليمان نائبا له، رحبت واشنطن وبدأت اتصالات مكثفة بين نائب الرئيس الأمريكى جو بيدن ونظيره المصرى للبحث فى «الانتقال المنضبط للسلطة». وسعدت واشنطن لهذا المخرج الذى لم يكن ليغير فى علاقاتها بالحليف الاستراتيجى المصرى شيئا.   وبعد تنحى مبارك أصبح الكونجرس أكثر الجهات عداء للإخوان داخل واشنطن حتى قبل وصول الرئيس مرسى للحكم. وعبر بعض أعضائه مرارا عن القلق من فكر جماعة الإخوان المسلمين، فقد ذكر السيناتور مارك كيرك فى أكثر من مناسبة ضرورة أن تقوم «الولايات المتحدة بما فى وسعها من أجل منع جماعة الإخوان المسلمين الراديكالية من الوصول لحكم مصر». ومنذ أسبوعين طالب عضو مجلس الشيوخ الأمريكى جيمس إنهوف بضرورة إيجاد نظام صديق للولايات المتحدة فى مصر بدلا من نظام الرئيس محمد مرسى المعادى.   ●●●   واقعية واشنطن وسعيها لتحقيق مصالحها يجعلها تحتفظ بعلاقات قوية مع من يحكم مصر، فهى تعاملت مع مبارك الديكتاتور ومع المجلس العسكرى ومع الرئيس مرسى الإخوانى بطرق لم تتغير فى جوهرها.   نعم جرت عدة اتصالات تليفونية بين الرئيس أوباما والدكتور محمد مرسى، ليس بصفته عضوا فى مجلس إرشاد جماعة الإخوان المسلمين، بل كرئيس دولة مهمة، كذلك قابل أوباما فى ديسمبر الماضى الدكتور عصام الحداد داخل البيت الأبيض، أيضا ليس بصفته الإخوانية، بل كمساعد للرئيس المصرى للشئون الدولية.   لا تضع واشنطن تصرفات حكام مصر فى سلة واحدة. تمتدح واشنطن رئيس مصر عندما يقوم بجهود تثنى هى عليها كما حدث أثناء عدوان غزة الأخير، وتنتقد نفس الرئيس عندما يعارض التدخل الغربى فى دولة مالى، أو يذكر قضية الشيخ عمر عبدالرحمن. إلا أن الأكيد أن هناك قلقا أمريكيا وارتباكا حقيقيا فى واشنطن فيما يتعلق بصعود ونجاح القوى الإسلامية فى أى انتخابات تشهدها المنطقة.   واشنطن لا تشخصن سياساتها أو أهدافها. وهى لم ولن تتدخل فى اختيار رئيس مصر، وهى لم تساعد أو تشارك فى ترجيح كفة اسم مرشح أو فريق على آخر، ولا تستطيع ذلك إن أرادت! لقد نجحت ثورة مصر فى فرض معادلة جديدة أصبحت فيها جموع الشعب المصرى أهم لاعب فى الحياة السياسية الجديدة خلال هذه المرحلة التاريخية. فيا شعب مصر لا تستخف بقوتك حتى وإن استخفت بك نخبك السياسية المختلفة. ...قراءة المزيد

الكلمات المفتاحية المذكورة في المقال:

الوطن

2018-04-20

قال الدكتور سعدالدين إبراهيم، رئيس مجلس أمناء مركز ابن خلدون للدراسات الإنمائية، إن زيارته لإسرائيل في 2 و3 يناير الماضي هي السبب المُعلن لرفض السلطات اللبنانية دخوله أرضيها، مُضيفًا أن لبنان لديها قانون يمنع التعامل مع الكيان الصهيوني في الأراضي المحتلة، وأن من يزور إسرائيل أو يتعامل معها لا يحق له دخول الأراضي اللبنانية. وأضاف إبراهيم في تصريحات لـ"الوطن": "كان لدينا في مصر قانونًا مماثلًا قبل زيارة الرئيس الراحل محمد أنور السادات لتل أبيب"، وأوضح أن لكل دولة الحق في سن القوانين المنظمة لأمورها الداخلية، قائلا: "الخطأ كان خطأي لأنني لم أتنبه إلى ذلك، وذهبت بحسن نية". وأشار "إبراهيم"، إلى أن خبر محاضرته في تل أبيب مطلع العام الجاري ذاع وانتشر في العالم العربي كله، مُرجحًا أن يكون حزب الله وراء منعه من دخول لبنان هذه المرة متعللًا بهذا القانون. كانت مصادر أمنية، أكدت إخلاء سبيل سعد الدين إبراهيم من مطار القاهرة، اليوم، بعد وصوله مرحلًا من لبنان. ...قراءة المزيد

الكلمات المفتاحية المذكورة في المقال:

الوطن

2016-03-31

تفقد الدكتور أيمن عبدالمنعم محافظ سوهاج، رفقة اللواء أحمد أبوالفتوح مدير أمن سوهاج، أمس الأربعاء، 15 حالة من طالبات مدرسة الطود والقلعاية الإعدادية المشتركة بمستشفى العسيرات المركزي، إثر إصابتهن بوعكة صحية عقب تناولهن سندوتشات من أحد العاملين بالمدرسة، واطمأن المحافظ على حالاتهن الصحية، حيث تبيّن إصابتهن ببعض التقلصات ولا توجد أعرض أخرى. وقرر المحافظ، وقف 11 مسؤولًا عن العمل بمدرسة الطود والقلعاية بالعسيرات لمدة 3 أشهر أو انتهاء التحقيقات أيهما أقرب وهم: عبدالرؤوف أحمد محمد، مدير مدرسة الطود والقلعاية الإعدادية المشتركة بالعسيرات التابعة لإدارة المنشأة التعليمية، وخليفة محمد عوض وكيل المدرسة، ومشرفي اليوم بالمدرسة كلا من محمد محمد عبدالعال، وحسن علي محمد، وكذلك محمد فايز إسماعيل مسؤول الأمن بالمدرسة، وعاملي المدرسة كلا من: حسن محمد عبدالله، والأمير متري سمعان، وكذلك حسين محمد عباس الموجه المالي والإداري لمدرستي الطود والقلعاية الابتدائية والإعدادية المشتركة، وحسين كمال عباس الموجه المالي والإداري التابع للمدرسة المذكورة، وكذلك أيضًا محمد حسين مسؤول الأسر المنتجة لمدرستي الطود والقلعاية الابتدائية والإعدادية المشتركة، وهشام أحمد عقيل مدير إدارة المدارس المنتجة بمديرية التربية والتعليم وتحويل الواقعة للنيابة العامة. كما قرر المحافظ استبعاد كلًا من صبري خالد عثمان، وأحمد مدير الإدارة التعليمية بالمنشأة، ورضوان محمد إبراهيم رضوان مدير مدرسة الطود والقلعاية الابتدائية المشتركة بالعسيرات التابعة لإدارة المنشأة التعليمية، وعبدالشافي سعدالدين إبراهيم العامل بالمدرسة، وكلف المحافظ مديرية التربية والتعليم بسوهاج باتخاذ اللازم وتدبير بدلًا من المستبعدين عن العمل، مؤكدًا أنّ صحة وحياة التلاميذ وأطفال سوهاج خط أحمر لا تهاون فيه. ...قراءة المزيد

الكلمات المفتاحية المذكورة في المقال:

الوطن

2018-04-01

أثار تقرير صادر عن مركز ابن خلدون للدراسيات الإنمائية حول الانتخابات الرئاسية المنتهية الأسبوع الماضي، حالة من الغضب والهجوم على الدكتور سعدالدين إبراهيم، مؤسس المركز، واتهمه حقوقيون وسياسيون بأنه «مضلل»، وممول من جماعة الإخوان الإرهابية، لأن التقرير قال إن الانتخابات ليست نزيهة وأن النظام أطاح بالمرشحين قبل بدئها من الأساس، بالإضافة لعدد من الاتهامات التي وردت في التقرير. وقال الكاتب الصحفي مصطفى بكري، عضو مجلس النواب، إن الدكتور سعد الدين إبراهيم، لم يتوقف عن الإساءة للدولة المصرية عن طريق نشره للمغالطات، وسعيه الدائم لتشويه صورة بلاده أمام العالم. وأضاف بكري، في تصريحات لـ«الوطن»، أن سعد الدين إبراهيم لا يتوقف عن السعي وراء الدولارات أيًا كان مصدرها: «تحصل الدكتور سعدالدين إبراهيم على مبلغ 10 ملايين دولار من الشيخة موزة والدة أمير قطر، بهدف معلن هو تنمية الديمقراطية في العالم العربي، لكن الأمر لا يعدو كونه - نصباية - منه كما فعل مع الأمير الحسن بن طلال، ولي عهد المملكة الأردنية الأسبق" على حد قوله. وأكد بكري، أن البيان الصادر عن مركز ابن خلدون بخصوص الانتخابات الرئاسية يحوي مغالطات عديدة الهدف منها هو الحصول على التمويل الأجنبي من الدول المحرضة ضد مصر، كما سبق له الحصول 2 مليون دولار من المنحة الأمريكية الموجهة للدولة المصرية، وأعلن قبل ذلك تلقيه تمويلًا من جامعة حيفا الإسرائيلية، قائلًا: "التقرير مدفوع الأجر مقدمًا من جماعة الإخوان الإرهابية" على حد قول النائب مصطفى بكري. وقال محمد عبدالنعيم، رئيس المنظمة المتحدة الوطنية لحقوق الإنسان، إن التقرير يفتقد إلى الضوابط والفنيات المتبعة في عمل المجتمع المدني، مضيفًا لـ«الوطن»: "مركز ابن خلدون لم يحصل على تصريح الهيئة الوطنية للانتخابات بالمتابعة من الأساس، والتقرير يعبر عن حالة من الثأر لعدم التصريح له". وأشار عبدالنعيم، إلى أن مثل هذه التقارير لن تضر بالدولة المصرية في شيء طالما المنظمات المحلية والدولية المشهود لها بالنزاهة قالت كلمتها، وأصدرت تقاريرها بأن العملية الانتخابية مرت في سلاسة ويسر، ودون وجود تجاوزات من قبل حملات المرشحين، أو تدخل من قبل الجهاز الإداري للدولة. في المقابل، قال الدكتور سعدالدين إبراهيم، في تصريحات لـ«الوطن»، إنه أصبح معتادًا على الهجوم عليه بشراسة عقب أي خطوة أو كلمة تصدر عنه، مضيفًا: "هناك عدد من المحامين والشخصيات العامة يبحثون عن الشهرة أيا كانت الطريق إليها، ويتخذون من رغبتهم تلك سلوكًا هجوميًا على أي شخص لديه وجه نظر مختلفة عن ما تروجه وسائل الإعلام". ...قراءة المزيد

الكلمات المفتاحية المذكورة في المقال:

اليوم السابع

2017-01-15

قررت محكمة القضاء الإدارى بمجلس الدولة الدائرة الثانية مستعجل، برئاسة المستشار سامى عبد الحميد، نائب رئيس مجلس الدولة، تأجيل الدعوى المقامة من سمير صبرى المحامى إلى جلسة 23 إبريل المقبل.    وطالبت الدعوى رقم ١٠٤٣٧ لسنة ٦٩ ق، بسحب ترخيص وإغلاق مركز "ابن خلدون" للدراسات الإنمائية، الذى يديره سعدالدين إبراهيم رئيس مجلس الأمناء.   وجاء فى الدعوى، "أن سعدالدين إبراهيم، هو المأذون الذى وثق العلاقة الزوجية القذرة بين جماعة الإخوان الإرهابية وأمريكا، والغريب أنه يفتخر بذلك، وأنه فور خروجه من السجن عام 2003، تلقى وقتها مكالمة تهنئة من الإرهابى عصام العريان، طالبه فيها بضرورة تنظيم لقاءات بين قيادات الجماعة وعدد من الدبلوماسيين فى الغرب".   وأضاف صبرى فى دعواه، أن سعد الدين يفتخر بأنه تلقى طلبًا من عدد من القيادات السلفية، لمساعدتهم فى فتح قنوات تواصل مع أمريكا، عندما فشلوا فى الاستفادة من وصول الإخوان للسلطة، أثناء تولى محمد مرسى للحكم، ثم قال إن جماعة الإخوان عقدت صفقة مع الولايات المتحدة الأمريكية بعد وصولها للحكم، تقضى بدعم أمريكا للجماعة مقابل التزام الإخوان باتفاقية كامب ديفيد، والحفاظ على أمن إسرائيل ورفض التعامل مع إيران، مع تخصيص مساحة فى سيناء لتهجير الفلسطينيين إليها، وتابع صبرى: "يخرج سعد الدين على الشعب المصرى العظيم، قائلًا فى خساسة، إن سعدالدين توسط لدى الحكومة الحالية، من أجل الإفراج عن قيادات الإخوان، الذين أُلقى القبض عليهم، ثم أدلى بتصريحات حول زيارته إلى جزيرة قطر". ...قراءة المزيد

الكلمات المفتاحية المذكورة في المقال: